کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام عرض قتله على سائر جنده و فرسانه، فلم يقبله أحد منهم. فأرسل إلى عمّاله في بلاد الإفرنج يقول لهم: التمسوا [لي] قوما لا يعرفون اللّه و لا رسوله، فإنّي اريد [أن] أستعين على أمر.
فأرسلوا إليه قوما لا يعرفون من الإسلام و لا من لغة العرب شيئا، و كانوا خمسين رجلا. فلمّا دخلوا إليه أكرمهم و سألهم من ربّكم و من نبيّكم؟ فقالوا: لا نعرف لنا ربّا و لا نبيّا أبدا. فأدخلهم البيت الذي فيه الإمام عليه السّلام ليقتلوه، و الرشيد ينظر [إليهم] من روزنة البيت.
فلمّا رأوه، رموا أسلحتهم، و ارتعدت فرائصهم، و خرّوا سجّدا يبكون رحمة له.
فجعل الإمام عليه السّلام يمرّ يده على رءوسهم، و يخاطبهم بلغتهم، و هم يبكون.
فلمّا رأى الرشيد خشي الفتنة، و صاح بوزيره: أخرجهم. [فخرجوا] و هم يمشون القهقرى، إجلالا له. و ركبوا خيولهم و مضوا نحو بلادهم من غير استئذان. 16237
15- أبواب حبس هارون موسى بن جعفر و ما ظهر منه عليه السّلام من المعجزات و الحالات
1- باب حبس هارون إيّاه عليه السّلام
الأخبار: الأصحاب:
1- عيون أخبار الرضا عليه السّلام: ما جيلويه، عن عليّ، عن أبيه قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لمّا حبس الرشيد موسى بن جعفر عليه السّلام جنّ عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله، فجدّد موسى عليه السّلام طهوره و استقبل بوجهه القبلة و صلّى للّه عز و جل أربع ركعات، ثمّ دعا بهذه الدعوات، فقال:
«يا سيّدي نجّني من حبس هارون، و خلّصني من يده، يا مخلّص الشجر من بين رمل و طين، و يا مخلّص اللبن من بين فرث و دم، و يا مخلّص الولد من بين مشيمة و رحم، و يا مخلّص النار من بين الحديد و الحجر، و يا مخلّص الروح من بين الأحشاء و الأمعاء، خلّصني من يدي هارون».
قال: فلمّا دعا موسى عليه السّلام بهذه الدعوات أتى هارون رجل أسود في منامه، و بيده سيف قد سلّه، فوقف على رأس هارون و هو يقول: يا هارون أطلق عن موسى بن جعفر و إلّا ضربت علاوتك 16238 بسيفي هذا.
فخاف هارون من هيبته، ثمّ دعا الحاجب، فجاء الحاجب فقال له: اذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر.
قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن فقال: من ذا؟
قال: إنّ الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك، و أطلق عنه.
فصاح السجّان: يا موسى إنّ الخليفة يدعوك.
فقام موسى عليه السّلام مذعورا فزعا و هو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل إلّا لشرّ يريد بي. فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته فجاء إلى هارون و هو ترتعد فرائصه فقال: سلام على هارون. فردّ عليه السّلام.
ثم قال له هارون: ناشدتك باللّه هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟
فقال: نعم. قال: و ما هنّ؟
قال: جدّدت طهورا و صلّيت للّه عزّ و جل أربع ركعات، و رفعت طرفي إلى السماء و قلت: «يا سيدي خلّصني من يد هارون و شرّه».
و ذكر له ما كان من دعائه فقال هارون: قد استجاب اللّه دعوتك، يا حاجب أطلق عن هذا.
ثمّ دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا و حمله على فرسه، و أكرمه، و صيّره نديما لنفسه.
ثمّ قال: هات الكلمات. فعلّمه، فاطلق عنه و سلّمه إلى الحاجب ليسلّمه إلى الدار و يكون معه. فصار موسى بن جعفر عليه السّلام كريما شريفا عند هارون، و كان يدخل عليه في كل خميس إلى أن حبسه الثانية، فلم يطلق عنه حتّى سلّمه إلى السندي بن شاهك، و قتله بالسمّ.
أمالي الصدوق: مثله، إلى قوله «في كلّ يوم خميس».
أمالي الطوسي: الغضائري، عن الصدوق (مثله). 16239
المناقب لابن شهرآشوب: مرسلا مثله مع اختصار.
ثمّ قال: و في رواية الفضل بن الربيع أنّه قال: صر إلى حبسنا و أخرج موسى بن جعفر، و ادفع إليه ثلاثين ألف درهم، و اخلع عليه خمس خلع و احمله على ثلاث مراكب و خيّره: إمّا المقام معنا، أو الرحيل إلى أيّ بلاد أحبّ.
فلمّا عرض الخلع عليه أبى أن يقبلها. 16240
2- باب آخر في رؤياه النبي صلّى اللّه عليه و آله في الحبس و أمره بالصوم و بالصلاة و الدعاء.
الأخبار: الأصحاب:
1- عيون أخبار الرضا: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن عبيد اللّه بن صالح، قال: حدّثني حاجب الفضل بن الربيع، عن الفضل بن الربيع قال: كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواريي، فلمّا كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة، فراعني ذلك، فقالت الجارية: لعلّ هذا من الريح. فلم يمض إلّا يسيرا حتى رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح، و إذا مسرور الكبير قد دخل عليّ فقال لي: أجب الأمير. و لم يسلّم عليّ.
فيئست من نفسي و قلت: هذا مسرور دخل إليّ بلا إذن و لم يسلّم، ما هو إلّا القتل؛ و كنت جنبا فلم أجسر أن أسأله إنظاري حتى أغتسل.
فقالت لي الجارية لمّا رأت تحيّري و تبلّدي: ثق باللّه عزّ و جلّ و انهض.
فنهضت و لبست ثيابي، و خرجت معه حتى أتيت الدار فسلّمت على أمير المؤمنين و هو في مرقده، فردّ عليّ السلام، فسقطت.
فقال: تداخلك رعب؟! قلت: نعم يا أمير المؤمنين. فتركني ساعة حتى سكنت.
ثمّ قال لي: صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر بن محمد، و ادفع إليه ثلاثين ألف درهم، و اخلع عليه خمس خلع، و احمله على ثلاثة مراكب، و خيّره بين المقام معنا، أو الرحيل عنّا إلى أيّ بلد أراد و أحبّ.
فقلت: يا أمير المؤمنين تأمر بإطلاق موسى بن جعفر؟! قال: نعم.
فكرّرت ذلك عليه ثلاث مرّات فقال لي: نعم ويلك أ تريد أن أنكث العهد؟
فقلت: يا أمير المؤمنين و ما العهد؟
قال: بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني 16241 أسود ما رأيت من السودان أعظم منه، فقعد على صدري و قبض على حلقي و قال لي: «حبست موسى بن جعفر ظالما له» فقلت: فأنا اطلقه و أهب له، و أخلع عليه. فأخذ عليّ عهد اللّه عزّ و جلّ و ميثاقه، و قام من صدري و قد كادت نفسي تخرج.
فخرجت من عنده و وافيت موسى بن جعفر عليه السّلام و هو في حبسه فرأيته قائما يصلّي، فجلست حتى سلّم، ثمّ أبلغته سلام أمير المؤمنين، و أعلمته بالذي أمرني به في أمره، و إنّي قد أحضرت ما وصله به.
فقال: إن كنت أمرت بشيء غير هذا فافعله.
فقلت: لا و حق جدّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما أمرت إلّا بهذا.
فقال: لا حاجة لي في الخلع و الحملان و المال إذ كانت فيه حقوق الأمّة.
فقلت: ناشدتك باللّه أن لا تردّه فيغتاظ.
فقال: اعمل به ما أحببت. و أخذت بيده عليه السّلام و أخرجته من السجن. ثمّ قلت له: يا ابن رسول اللّه أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل؟ فقد وجب حقي عليك لبشارتي إيّاك، و لما أجراه اللّه عزّ و جل على يدي من هذا الأمر.
فقال عليه السّلام: رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله ليلة الأربعاء في النوم فقال لي: يا موسى أنت محبوس مظلوم.
فقلت: نعم يا رسول اللّه محبوس مظلوم. فكرّر عليّ ذلك ثلاثا.
ثمّ قال: «وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ» 16242
أصبح غدا صائما، و اتبعه بصيام الخميس و الجمعة، فإذا كان وقت الإفطار فصلّ اثنتي عشرة ركعة، تقرأ في كلّ ركعة «الحمد» و اثنتي عشرة مرّة « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ » فإذا صلّيت منها أربع ركعات فاسجد ثمّ قل:
«يا سابق الفوت، و يا سامع كل صوت، يا محيي العظام و هي رميم بعد الموت، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلّي على محمد عبدك و رسولك و على أهل بيته الطيّبين الطاهرين و أن تعجّل لي الفرج ممّا أنا فيه» ففعلت فكان الذي رأيت.
الاختصاص: حمدان بن الحسين النهاوندي، عن ابراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن أحمد بن إسماعيل، عن عبيد اللّه بن صالح (مثله) و فيه:
فبرزت إليه مرعوبا فقال لي: يا فضل أطلق موسى بن جعفر الساعة، وهب له ثمانين ألف درهم، و اخلع عليه خمس خلع، و احمله على خمسة من الظهر. 16243
3- باب آخر
الأخبار: الأصحاب:
1- مهج الدعوات: باسناد صحيح، عن عبد اللّه بن مالك الخزاعي قال:
دعاني هارون الرشيد فقال: يا عبد اللّه كيف أنت و موضع السرّ منك؟
فقلت: يا أمير المؤمنين ما أنا إلّا عبد من عبيدك.
فقال: امض إلى تلك الحجرة و خذ من فيها و احتفظ به إلى أن أسألك عنه.
قال: فدخلت فوجدت موسى بن جعفر عليه السّلام فلمّا رآني سلّمت عليه و حملته على دابّتي إلى منزلي فأدخلته داري و جعلته مع حرمي و أقفلت عليه و المفتاح معي، و كنت أتولّى خدمته.
و مضت الأيّام فلم أشعر إلّا برسول الرشيد يقول: أجب أمير المؤمنين.
فنهضت و دخلت عليه و هو جالس و عن يمينه فراش و عن يساره فراش، فسلّمت عليه فلم يردّ، غير أنّه قال: ما فعلت بالوديعة؟ فكأنّي لم أفهم ما قال، فقال: ما فعل صاحبك؟ فقلت: صالح.
فقال: امض إليه و ادفع إليه ثلاثة آلاف درهم و اصرفه إلى منزله و أهله.
فقمت و هممت بالانصراف فقال لي: أ تدري ما السبب في ذلك، و ما هو؟ قلت:
لا يا أمير المؤمنين.
قال: نمت على الفراش الذي عن يميني فرأيت في منامي قائلا يقول لي: «يا هارون أطلق موسى بن جعفر» فانتبهت فقلت: لعلّها لما في نفسي منه.
فقمت إلى هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعينه و هو يقول: «يا هارون أمرتك أن تطلق موسى بن جعفر فلم تفعل» فانتبهت و تعوّذت من الشيطان.