کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
6- باب كيفيّة شهادته عليه السّلام و غسله و كفنه و دفنه
الأخبار: الأصحاب:
1- عيون أخبار الرضا: تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن سليمان بن جعفر البصري، عن عمر بن واقد، قال: إنّ هارون الرشيد لمّا ضاق صدره ممّا كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر عليه السّلام، و ما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته، و اختلافهم في السرّ إليه بالليل و النهار، خشيه على نفسه و ملكه، ففكّر في قتله بالسمّ.
فدعا برطب فأكل منه، ثمّ أخذ صينيّة 16609 فوضع فيها عشرين رطبة، و أخذ سلكا فعرّكه 16610 بالسمّ، و أدخله في سمّ الخياط، و أخذ رطبة من ذلك الرطب فأقبل يردّد إليها ذلك السمّ بذلك الخيط، حتّى علم أنّه قد حصل السمّ فيها، فاستكثر منه، ثمّ ردّها في ذلك الرطب و قال لخادم له: احمل هذه الصينيّة إلى موسى بن جعفر و قل له: إنّ أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب و تنغّص 16611 لك به، و هو يقسم عليك بحقّه لمّا أكلتها عن آخر رطبة، فإنّي اخترتها لك بيدي؛ و لا تتركه يبقي منها شيئا و لا يطعم منها أحدا.
فأتاه بها الخادم و أبلغه الرسالة، فقال له: ائتني بخلال 16612 . فناوله خلالا، و قام بإزائه و هو يأكل من الرطب.
و كان للرشيد كلبة تعزّ عليه فجذبت نفسها و خرجت تجرّ سلاسلها من ذهب و جوهر، حتّى حاذت موسى بن جعفر عليه السّلام، فبادر بالخلال إلى الرطبة المسمومة، و رمى بها إلى الكلبة فأكلتها، و لم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض و عوت و تهرّت 16613
قطعة قطعة، و استوفى عليه السّلام باقي الرطب.
و حمل الغلام الصينيّة حتّى صار بها إلى الرشيد، فقال له: قد أكل الرطب عن آخره؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين.
قال: فكيف رأيته؟ قال: ما أنكرت منه شيئا يا أمير المؤمنين.
قال: ثمّ ورد عليه خبر الكلبة و أنّها قد تهرّت و ماتت، فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا، و استعظمه، و وقف على الكلبة فوجدها متهرّئة بالسمّ، فأحضر الخادم و دعا له بسيف و نطع 16614 و قال له: لتصدقني عن خبر الرطب أو لأقتلنّك؟
فقال: يا أمير المؤمنين إنّي حملت الرطب إلى موسى بن جعفر عليه السّلام و أبلغته سلامك، و قمت بإزائه، فطلب منّي خلالا، فدفعته إليه، فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة و يأكلها، حتّى مرّت الكلبة، فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب، فرمى بها فأكلتها الكلبة، و أكل هو باقي الرطب، فكان ما ترى يا أمير المؤمنين.
فقال الرشيد: ما ربحنا من موسى إلّا أنّا أطعمناه جيّد الرطب، و ضيّعنا سمّنا، و قتلنا كلبتنا، ما في موسى حيلة.
ثمّ إنّ سيّدنا موسى عليه السّلام دعا بالمسيّب و ذلك قبل وفاته بثلاثة أيّام- و كان موكّلا به- فقال له: يا مسيّب. فقال: لبّيك يا مولاي.
قال: إنّي ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة، مدينة جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لأعهد إلى عليّ ابني ما عهده إليّ أبي، و أجعله وصيي و خليفتي، و آمره بأمري.
قال المسيّب: فقلت: يا مولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب و أقفالها، و الحرس معي على الأبواب؟
فقال: يا مسيّب ضعف يقينك في اللّه عزّ و جل و فينا؟ فقلت: لا يا سيدي.
قال: فمه؟ قلت: يا سيدي ادع اللّه أن يثبّتني. فقال: اللّهم ثبّته.
ثمّ قال: إنّي أدعو اللّه عزّ و جل باسمه العظيم الذي دعا به آصف حتّى جاء
بسرير بلقيس، فوضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه إليه حتّى يجمع بيني و بين عليّ ابني بالمدينة.
قال المسيّب: فسمعته عليه السّلام يدعو، ففقدته عن مصلّاه، فلم أزل قائما على قدميّ حتّى رأيته قد عاد إلى مكانه، و أعاد الحديد إلى رجليه، فخررت للّه ساجدا لوجهي شكرا على ما أنعم به عليّ من معرفته.
فقال لي: ارفع رأسك يا مسيّب، و اعلم أنّي راحل إلى اللّه عزّ و جل في ثالث هذا اليوم.
قال: فبكيت، فقال لي: لا تبك يا مسيّب فإنّ عليّا ابني هو إمامك و مولاك بعدي، فاستمسك بولايته، فإنّك لا تضلّ ما لزمته. فقلت: الحمد للّه.
قال: ثمّ إنّ سيّدي عليه السّلام دعاني في ليلة اليوم الثالث، فقال لي: إنّي على ما عرّفتك من الرحيل إلى اللّه عزّ و جلّ، فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها، و رأيتني قد انتفخت و ارتفع بطني، و اصفرّ لوني و احمرّ و اخضرّ و تلوّن ألوانا، فخبّر الطاغية بوفاتي، فإذا رأيت بي هذا الحدث، فإيّاك أن تظهر عليه أحدا، و لا على من عندي إلّا بعد وفاتي. قال المسيّب بن زهير: فلم أزل أرقب وعده حتّى دعا عليه السّلام بالشربة فشربها، ثمّ دعاني فقال لي: يا مسيّب إنّ هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنّه يتولّى غسلي و دفني، و هيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا.
فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش، فألحدوني بها و لا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرّجات، و لا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبرّكوا به، فإنّ كلّ تربة لنا محرّمة إلّا تربة جدّي الحسين بن علي عليهما السلام، فإنّ اللّه عزّ و جل جعلها شفاء لشيعتنا و أوليائنا.
قال: ثمّ رأيت شخصا أشبه الأشخاص به عليه السّلام جالسا إلى جانبه، و كان عهدي بسيّدي الرضا عليه السّلام و هو غلام، فأردت سؤاله، فصاح بي سيّدي موسى عليه السّلام، و قال لي: أ ليس قد نهيتك يا مسيّب؟. فلم أزل صابرا حتى مضى، و غاب الشخص.
ثمّ أنهيت الخبر إلى الرشيد فوافى السندي بن شاهك، فو اللّه لقد رأيتهم بعيني و هم
يظنّون أنّهم يغسّلونه، فلا تصل أيديهم إليه، و يظنّون أنّهم يحنّطونه و يكفّنونه و أراهم لا يصنعون به شيئا، و رأيت ذلك الشخص يتولّى غسله و تحنيطه و تكفينه، و هو يظهر المعاونة لهم، و هم لا يعرفونه.
فلمّا فرغ من أمره، قال لي ذلك الشخص: يا مسيّب مهما شككت فيه فلا تشكّنّ فيّ، فإنّي إمامك و مولاك و حجّة اللّه عليك بعد أبي.
يا مسيّب مثلي مثل يوسف الصدّيق عليه السّلام، و مثلهم مثل إخوته حين دخلوا عليه فعرفهم و هم له منكرون.
ثمّ حمل عليه السّلام حتى دفن في مقابر قريش، و لم يرفع قبره أكثر ممّا أمر به، ثمّ رفعوا قبره بعد ذلك و بنوا عليه. 16615 *
* استدراك
1- مشارق أنوار اليقين: عن أحمد البزّاز قال: إنّ الرشيد لما أحضر موسى عليه السّلام إلى بغداد فكّر في قتله، فلمّا كان قبل قتله بيومين، قال للمسيّب، و كان من الحرّاس عليه لكنه كان من أوليائه، و كان الرشيد قد سلّم موسى عليه السّلام إلى السندي بن شاهك و أمره أن يقيّده بثلاثة قيود من الحديد وزنها ثلاثين رطلا، قال: فاستدعى
2- غيبة الطوسي: اليقطيني قال: أخبرتني رحيم أمّ ولد الحسين بن علي بن يقطين- و كانت امرأة حرّة فاضلة قد حجّت نيفا و عشرين حجّة- عن سعيد مولاه- و كان يخدمه في الحبس و يختلف في حوائجه- أنّه حضر حين مات كما يموت الناس من قوّة إلى ضعف إلى أن قضى عليه السّلام. 16616
3- كمال الدين، و عيون أخبار الرضا: الطالقاني، عن أحمد بن محمد بن عامر، عن الحسن بن محمّد القطعي، عن الحسن بن علي النخّاس العدل، عن الحسن بن عبد الواحد الخزّاز، عن عليّ بن جعفر بن عمر، عن عمر بن واقد، قال:
أرسل إليّ السندي بن شاهك في بعض الليل و أنا ببغداد يستحضرني، فخشيت أن المسيّب نصف الليل و قال: إنّي ظاعن عنك في هذه الليلة إلى المدينة لأعهد إلى من بها عهدا يعمل به بعدي.
فقال المسيّب: يا مولاي كيف أفتح لك الأبواب و الحرس قيّام؟
فقال: ما عليك. ثمّ أشار بيده إلى القصور المشيّدة و الأبواب العالية، و الدور المرتفعة، فصارت أرضا.
ثم قال لي: يا مسيّب كن على هيئتك فإني راجع إليك بعد ساعة.
فقال: يا مولاي أ لا أقطع لك الحديد؟ قال: فنفضه و إذا هو ملقى.
قال: ثمّ خطا خطوة فغاب عن عيني، ثم ارتفع البنيان كما كان.
قال المسيّب: فلم أزل قائما على قدمي حتى رأيت الأبنية و الجدران قد خرّت ساجدة إلى الأرض، و إذا بسيّدي قد أقبل و عاد إلى محبسه و أعاد الحديد إليه، فقلت:
يا سيّدي، أين قصدت؟
فقال: كل محبّ لنا في الأرض شرقا و غربا حتى الجنّ في البراري، و مختلف الملائكة. 16617
يكون ذلك لسوء يريده بي. فأوصيت عيالي بما احتجت إليه، و قلت: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ، ثمّ ركبت إليه.
فلمّا رآني مقبلا، قال: يا أبا حفص لعلّنا أرعبناك و أفزعناك؟
قلت: نعم.
قال: فليس هناك إلّا خير. قلت: فرسول تبعثه إلى منزلي يخبرهم خبري. فقال: نعم.
ثمّ قال: يا أبا حفص أ تدري لم أرسلت إليك؟ فقلت: لا. فقال: أ تعرف موسى بن جعفر؟ فقلت: إي و اللّه، إنّي لأعرفه، و بيني و بينه صداقة منذ دهر.
فقال: من هاهنا ببغداد يعرفه ممّن يقبل قوله؟ فسمّيت له أقواما، و وقع في نفسي أنّه عليه السّلام قد مات.
قال: فبعث و جاء بهم كما جاء بي، فقال: هل تعرفون قوما يعرفون موسى بن جعفر؟ فسمّوا له قوما، فجاء بهم، فأصبحنا و نحن في الدار نيّف و خمسون رجلا ممّن يعرف موسى بن جعفر عليه السّلام و قد صحبه.
قال: ثمّ قام فدخل و صلّينا، فخرج كاتبه و معه طومار، فكتب أسماءنا و منازلنا و أعمالنا و حلالنا، ثمّ دخل إلى السندي.
قال: فخرج السندي فضرب يده إليّ، فقال لي: قم يا أبا حفص، فنهضت و نهض أصحابنا و دخلنا، فقال لي: يا أبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر فكشفته فرأيته ميّتا، فبكيت و استرجعت.
ثمّ قال للقوم: انظروا إليه. فدنا واحد بعد واحد فنظروا إليه.
ثمّ قال: تشهدون كلّكم أنّ هذا موسى بن جعفر بن محمّد؟
فقلنا: نعم نشهد أنّه موسى بن جعفر بن محمّد. ثمّ قال: يا غلام اطرح على عورته منديلا و اكشفه. قال: ففعل.
فقال: أ ترون به أثرا تنكرونه؟ فقلنا: لا، ما نرى به شيئا و لا نراه إلّا ميّتا.
قال: فلا تبرحوا حتّى تغسّلوه و أكفّنه و أدفنه. قال: فلم نبرح حتّى غسّل و كفّن و حمل، فصلّى عليه السندي بن شاهك، و دفنّاه و رجعنا.
فكان عمر بن واقد يقول: ما أحد هو أعلم، بموسى بن جعفر عليه السّلام منّي، كيف
يقولون أنّه حيّ، و أنا دفنته؟ 16618
4- غيبة الطوسي: يونس بن عبد الرحمن، قال: حضر الحسين بن علي الرواسي جنازة أبي إبراهيم عليه السّلام.
فلمّا وضع على شفير القبر، إذا رسول من السندي بن شاهك قد أتى أبا المضا خليفته- و كان مع الجنازة-: أن اكشف وجهه للناس قبل أن تدفنه، حتّى يروه صحيحا لم يحدث به حدث.
قال: فكشف عن وجه مولاي، حتّى رأيته و عرفته، ثم غطّى وجهه و ادخل قبره صلّى اللّه عليه. 16619
5- كمال الدين و عيون أخبار الرضا: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن محمد بن صدقة العنبري، قال: لمّا توفّى أبو إبراهيم موسى بن جعفر عليه السّلام، جمع هارون الرشيد شيوخ الطالبيّة و بني العبّاس و سائر أهل المملكة و الحكّام.
و أحضر أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليه السّلام، فقال: هذا موسى بن جعفر قد مات حتف أنفه، و ما كان بيني و بينه ما أستغفر اللّه منه في أمره- يعني في قتله- فانظروا إليه.
فدخل عليه سبعون رجلا من شيعته، فنظروا إلى موسى بن جعفر عليه السّلام و ليس به أثر جراحة و لا خنق، و كان في رجله أثر الحنّاء.
فأخذه سليمان بن أبي جعفر فتولّى غسله و تكفينه و تحفّى و تحسّر في جنازته. 16620