کتابخانه روایات شیعه
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد
«فمن حاجّك فيه» 17652 الآية. فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الحسن و الحسين عليهما السلام- فكانا ابنيه- و دعا فاطمة عليها السلام فكانت- في هذا الموضع- نساءه، و دعا أمير المؤمنين عليه السلام، فكان نفسه بحكم اللّه عزّ و جلّ. فثبت أنّه ليس أحد من خلق اللّه سبحانه و تعالى أجلّ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أفضل، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بحكم اللّه عزّ و جلّ.
قال: فقال له المأمون: أ ليس قد ذكر اللّه تعالى الأبناء بلفظ الجمع، و إنّما دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ابنيه خاصّة، و ذكر النساء بلفظ الجمع، و إنّما دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ابنته وحدها، فألا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه و يكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره، فلا يكون لأمير المؤمنين عليه السلام ما ذكرت من الفضل؟
قال: فقال له الرضا عليه السلام: ليس يصحّ ما ذكرت يا أمير المؤمنين، و ذلك أنّ الداعي إنّما يكون داعيا لغيره، كما أنّ الآمر آمر لغيره، و لا يصحّ أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة، كما لا يكون آمرا لها في الحقيقة، و إذا لم يدع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا في المباهلة إلّا أمير المؤمنين عليه السلام 17653 فقد ثبت أنّه نفسه الّتي عنى اللّه تعالى في كتابه، و جعل حكمه ذلك في تنزيله. قال: فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال. 17654
3- باب آخر ما أجاب عليه السلام المأمون في فضل العترة الطاهرة صلوات اللّه عليهم أجمعين
الأخبار: الأصحاب:
1- كتاب العيون، و المحاسن: روى السيّد المرتضى- رضي اللّه عنه- في هذا الكتاب عن شيخه المفيد- رحمه اللّه- قال:
روي أنّه لمّا سار المأمون إلى خراسان و كان معه الرضا عليّ بن موسى عليهما السلام فبينا هما يسيران إذ قال له المأمون:
يا أبا الحسن إنّي فكّرت في شيء، فنتج لي الفكر الصواب فيه: فكّرت في أمرنا و أمركم، و نسبنا و نسبكم، فوجدت الفضيلة فيه واحدة، و رأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى و العصبيّة.
فقال له أبو الحسن الرضا عليه السلام: إنّ لهذا الكلام جوابا، إن شئت ذكرته لك، و إن شئت أمسكت.
فقال له المأمون: إنّي لم أقله إلّا لأعلم ما عندك فيه.
قال له الرضا عليه السلام: أنشدك اللّه يا أمير المؤمنين لو أنّ اللّه تعالى بعث نبيّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله فخرج علينا من وراء أكمة من هذه الآكام يخطب إليك ابنتك أ كنت مزوّجه إيّاها؟
فقال: يا سبحان اللّه، و هل أحد يرغب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
فقال له الرضا عليه السلام: أ فتراه يحلّ له أن يخطب إليّ؟
قال: فسكت المأمون هنيئة، ثمّ قال:
أنتم و اللّه أمسّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رحما. 17655
12- أبواب: إحضار المأمون أصحاب المقالات في مجلسه و جواب الرضا عليه السلام عن مسائلهم
1- باب ما قاله عليه السلام في مجلس المأمون في حضور علماء خراسان و العراق في فضل العترة الطاهرة
الأخبار: الأصحاب:
1- عيون أخبار الرضا: عليّ بن الحسين بن شاذويه و جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحميري، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت، قال:
حضر الرضا عليه السلام مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان، فقال المأمون:
أخبروني عن معنى هذه الآية «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا» 17656 ؟
فقالت العلماء: أراد اللّه عزّ و جلّ بذلك الامّة كلّها.
فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟
فقال الرضا عليه السلام: لا أقول كما قالوا، و لكنّي أقول:
أراد اللّه عزّ و جلّ بذلك العترة الطاهرة.
ثمّ استدلّ عليه السلام بالآيات و الروايات، إلى أن قال المأمون و العلماء:
جزاكم اللّه أهل بيت نبيّكم عن [هذه] الامّة خيرا، فما نجد الشرح و البيان فيما اشتبه علينا إلّا عندكم. 17657
2- باب مقالاته عليه السلام في مجلس المأمون مع الجاثليق و رأس الجالوت، و رؤساء الصابئين و الهربذ الأكبر و غيرهم، و احتجاجاته عليه السلام عليهم
الأخبار: الأصحاب:
1- عيون أخبار الرضا: جعفر بن عليّ بن أحمد الفقيه القمّي، عن الحسن بن محمّد بن عليّ بن صدقة، عن محمّد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاريّ، قال: حدّثني من سمع الحسن بن محمّد النوفليّ ثمّ الهاشميّ، يقول:
لما قدم عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام على المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل: الجاثليق 17658 ، و رأس الجالوت 17659 ، و رؤساء الصابئين 17660 ، و الهربذ الأكبر 17661 ، و أصحاب زرادشت 17662 ، و نسطاس الروميّ 17663 ، و المتكلّمين، ليسمع كلامه، و كلامهم، فجمعهم
الفضل بن سهل، ثمّ أعلم المأمون باجتماعهم، فقال: أدخلهم عليّ.
ففعل فرحّب بهم المأمون، ثمّ قال لهم: إنّي إنّما جمعتكم لخير، و أحببت أن تناظروا ابن عمّي هذا المدنيّ القادم عليّ، فإذا كان بكرة فاغدوا عليّ و لا يتخلّف منكم أحد.
فقالوا: السمع و الطاعة يا أمير المؤمنين نحن مبكّرون إن شاء اللّه تعالى.
قال الحسن بن محمّد النوفليّ: فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام إذ دخل علينا ياسر [الخادم]، و كان يتولّى أمر أبي الحسن عليه السلام فقال [له]:
يا سيّدي إنّ أمير المؤمنين يقرؤك السلام و يقول:
فداك أخوك إنّه اجتمع إليّ أصحاب المقالات، و أهل الأديان و المتكلّمون من جميع الملل، فرأيك في البكور إلينا إن أحببت كلامهم، و إن كرهت ذلك فلا تتجشّم، و إن أحببت أن نصير إليك، خفّ ذلك علينا.
فقال أبو الحسن عليه السلام: أبلغه السلام، و قل له:
قد علمت ما أردت، و أنا صائر إليك بكرة إن شاء اللّه تعالى.
قال الحسن بن محمّد النوفليّ: فلمّا مضى ياسر، التفت إلينا ثمّ قال لي:
يا نوفليّ أنت عراقيّ و رقّة العراقيّ غير غليظة، فما عندك في جمع ابن عمّك علينا أهل الشرك و أصحاب المقالات؟
فقلت: جعلت فداك يريد الامتحان و يحبّ أن يعرف ما عندك، و لقد بنى على أساس غير وثيق البنيان، و بئس و اللّه ما بنى.
فقال لي: و ما بناؤه في هذا الباب؟
قلت: إنّ أصحاب الكلام و البدع خلاف العلماء، و ذلك أنّ العالم لا ينكر غير المنكر، و أصحاب المقالات و المتكلّمون و أهل الشرك أصحاب إنكار و مباهتة، إن احتججت عليهم بأنّ اللّه تعالى واحد، قالوا: صحّح وحدانيّته، و إن قلت: إنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قالوا: أثبت رسالته، ثمّ يباهتون الرجل و هو يبطل عليهم بحجّته، و يغالطونه: حتّى يترك قوله، فاحذرهم، جعلت فداك.
قال: فتبسّم عليه السلام ثمّ قال: يا نوفلي أ فتخاف أن يقطعوا عليّ حجّتي؟
قلت: لا و اللّه، ما خفت عليك قطّ، و إنّي لأرجو أن يظفرك اللّه بهم إن شاء اللّه تعالى. فقال [لي]: يا نوفلي أ تحبّ أن تعلم متى يندم المأمون؟
قلت: نعم. قال: إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم، و على أهل الإنجيل بإنجيلهم، و على أهل الزبور بزبورهم و على الصابئين بعبرانيّتهم، و على أهل الهرابذة بفارسيّتهم، و على أهل الروم بروميّتهم، و على أصحاب المقالات بلغاتهم، فإذا قطعت كلّ صنف و دحضت حجّته، و ترك مقالته و رجع إلى قولي، علم المأمون أنّ الموضع الّذي هو بسبيله ليس بمستحقّ له، فعند ذلك تكون الندامة منه، و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.
فلمّا أصبحنا، أتانا الفضل بن سهل فقال له: جعلت فداك [إنّ] ابن عمّك ينتظرك، و قد اجتمع القوم، فما رأيك في إتيانه؟
فقال له الرضا عليه السلام: تقدّمني و أنا صائر إلى ناحيتكم إن شاء اللّه.
ثمّ توضّأ عليه السلام وضوءه للصلاة، و شرب شربة سويق، و سقانا منه، ثمّ خرج و خرجنا معه حتّى دخلنا على المأمون، فإذا المجلس غاصّ بأهله، و محمّد بن جعفر في جماعة [من] الطالبيّين و الهاشميّين، و القوّاد حضور.
فلمّا دخل الرضا عليه السلام، قام المأمون، و قام محمّد بن جعفر و جميع بني هاشم، فما زالوا وقوفا و الرضا عليه السلام جالس مع المأمون، حتّى أمرهم بالجلوس فجلسوا، فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدّثه ساعة. ثمّ التفت إلى الجاثليق، فقال:
يا جاثليق، هذا ابن عمّي عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السلام و هو من ولد فاطمة بنت نبيّنا و ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فاحبّ أن تكلّمه و تحاجّه و تنصفه، فقال الجاثليق:
يا أمير المؤمنين كيف احاجّ رجلا يحتجّ عليّ بكتاب أنا منكره، و نبيّ لا أومن به.
فقال [له] الرضا عليه السلام: يا نصرانيّ فإن احتججت عليك بإنجيلك أ تقرّ به؟
قال الجاثليق: و هل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل؟! نعم و اللّه اقرّ به على رغم
أنفي، ثمّ قرأ الرضا عليه السلام الإنجيل، و أثبت عليه أنّ نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله مذكور فيه، ثم أخبره بعدد حواريّ عيسى عليه السلام و أحوالهم، و احتجّ بحجج كثيرة أقرّ بها، ثمّ قرأ عليه كتاب شعيا و غيره، إلى أن قال الجاثليق:
ليسألك غيري، فلا و حقّ المسيح ما ظننت أنّ في علماء المسلمين مثلك.
فالتفت الرضا عليه السلام إلى رأس الجالوت، و احتجّ عليه بالتوراة و الزبور، و كتاب شعيا و حيقوق، حتّى افحم و لم يحر جوابا.
ثمّ دعا عليه السلام بالهربذ الأكبر و احتجّ عليه حتّى انقطع هربذ مكانه.
فقال الرضا عليه السلام: يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الإسلام و أراد أن يسأل فليسأل غير محتشم. فقام إليه عمران الصابئ، و كان واحدا من المتكلّمين، فقال:
يا عالم الناس، لو لا أنّك دعوت إلى مسألتك لم اقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة و البصرة و الشام و الجزيرة، و لقيت المتكلّمين، فلم أقع على أحد يثبت لي واحدا ليس غيره قائما بوحدانيّته، أ فتأذن [لي] أن أسألك؟
قال الرضا عليه السلام: إن كان في الجماعة عمران الصابئ فأنت هو. قال: أنا هو.
قال: سل يا عمران، و عليك بالنصفة و إيّاك و الخطل و الجور.
فقال: و اللّه يا سيّدي ما اريد إلّا أن تثبت لي شيئا أتعلّق به فلا أجوزه.
قال: سل عمّا بدا لك.
فازدحم الناس، و انضمّ، بعضهم إلى بعض، فاحتجّ الرضا عليه السلام و طال الكلام بينهما إلى الزوال، فالتفت الرضا عليه السلام إلى المأمون، فقال: الصلاة قد حضرت.
فقال عمران: يا سيّدي لا تقطع عليّ مسألتي فقد رقّ قلبي.
قال الرضا عليه السلام نصلّي و نعود، فنهض و نهض المأمون، فصلّى الرضا عليه السلام داخلا، و صلّى الناس خارجا خلف محمّد بن جعفر، ثمّ خرجا.
فعاد الرضا عليه السلام إلى مجلسه و دعا بعمران، فقال: سل يا عمران.