کتابخانه روایات شیعه
ثُمَّ نَهَضَ مُسْرِعاً مِنْ فَوْرِهِ- وَ كَانَتْ فِيهِ أَعْرَابِيَّةٌ- وَ تَبِعْتُهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَالَ: فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لِي قَبْلَهُ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا فُلَانُ (أَ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) 299 ؟ إِنَّ الَّذِي أَتَاكَ بِهِ فُلَانٌ الْحَقُّ، فَخُذْ بِهِ.
قَالَ: فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ فِيكَ.
فَقَالَ: ابْنِي مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِمَامُكَ وَ مَوْلَاكَ (مِنْ- خ) بَعْدِي، لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَهُ إِلَّا كَاذِبٌ وَ مُفْتَرٍ.
قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ- وَ كَانَ رَجُلًا 300 لَهُ قَبَالاتٌ يَتَقَبَّلُ بِهَا، وَ كَانَ يُحْسِنُ كَلَامَ النَّبْطِيَّةِ- فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: (رزقه) 301 .
قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ (رزقه) بِالنَّبْطِيَّةِ: خُذْ هَذَا، أَجَلْ خُذْهَا 302 ..
57 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ 303 ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْماً، وَ نَحْنُ عِنْدَهُ، لِعَبْدِ اللَّهِ:
اذْهَبْ فِي حَاجَةِ كَذَا وَ كَذَا، فَقَالَ لَهُ: وَجِّهْ فُلَاناً، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُنِي، وَ نَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، أَبَى اللَّهُ أَنْ لَا يُعْبَدَ، وَ إِنْ رَغِمَ أَنْفُكَ، يَا فَاجِرُ.
ثُمَّ دَعَا أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَنَا:
عَلَيْكُمْ بِهَذَا بَعْدِي، فَهُوَ- وَ اللَّهِ- صَاحِبُكُمْ 304 ..
58 وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْقُمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَلَقَدْ كَذَبَ عَلَى أَبِي عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَادَّعَى أَمْراً كَانَ لِلَّهِ سَخَطاً فِي السَّمَاءِ 305 .
14- باب ابطال إمامة إسماعيل بن جعفر
59 أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ، قَالَ: جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: تَعَالَ، حَتَّى أُرِيَكَ ابْنَ الرَّجُلِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ.
قَالَ: فَجَاءَ بِي 306 إِلَى قَوْمٍ يَشْرَبُونَ، فِيهِمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ مَغْمُوماً، فَجِئْتُ إِلَى الْحَجَرِ، فَإِذَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيْتِ، يَبْكِي، قَدْ بَلَّ أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ بِدُمُوعِهِ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَ أَسْنَدْتُ 307 فَإِذَا إِسْمَاعِيلُ جَالِسٌ مَعَ الْقَوْمِ، فَرَجَعْتُ، فَإِذَا هُوَ آخِذٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ قَدْ بَلَّهَا بِدُمُوعِهِ.
قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:
لَقَدِ ابْتُلِيَ ابْنِي بِشَيْطَانٍ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِهِ 308 .
15- بَابُ إِبْطَالِ إِمَامَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ
60 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ أَوْ غَيْرِهِ:
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِمَاماً؟
فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَ لَا أَهْلٌ لِذَلِكَ، وَ لَا مَوْضِعُ ذَاكَ 309 .
61 وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: لَمَّا مَضَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ارْتَحَلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَنْتَ الْإِمَامُ بَعْدَ أَبِيكَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ كَتَبُوا عَنْ أَبِيكَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً، وَ يَسْأَلُونَكَ؟
فَقَالَ لِي: سَلْ.
فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي كَمْ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ زَكَاةٍ؟ قَالَ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ.
فَقُلْتُ: فَفِي مِائَةٍ؟ فَقَالَ: دِرْهَمَيْنِ 310 وَ نِصْفٌ.
فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ جَالِسٌ، فَجَلَسْتُ مُقَابِلَهُ، وَ أَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: إِلَى أَيْنَ؟ إِلَى أَيْنَ؟
إِلَى الْمُرْجِئَةِ؟ إِلَى الْقَدَرِيَّةِ؟ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ؟
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِلَيَّ لَا إِلَى الْمُرْجِئَةِ، وَ لَا إِلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَ لَا إِلَى الْحَرُورِيَّةِ.
فَقُمْتُ، وَ قَبَّلْتُ رَأْسَهُ 311 ..
62 وَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنْتَ إِمَامٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتُ: إِنَّ الشِّيعَةَ تَرْوِي: أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ يَكُونُ عِنْدَهُ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَمَا عِنْدَكَ مِنْهُ؟
فَقَالَ: عِنْدِي رُمْحُهُ.
وَ لَمْ يُعْرَفْ لِرَسُولِ اللَّهِ رُمْحٌ 312 .
63 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ طَاهِرٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كَانَ يَلُومُ عَبْدَ اللَّهِ، وَ يُعَاتِبُهُ، وَ يَعِظُهُ 313 وَ يَقُولُ:
مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ أَخِيكَ؟ فَوَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَعْرِفُ النُّورَ فِي وَجْهِهِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَ لَيْسَ أَبِي وَ أَبُوهُ وَاحِداً، وَ أُمِّي وَ أُمُّهُ وَاحِدَةً؟ 314 فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ 315 مِنْ نَفْسِي، وَ أَنْتَ ابْنِي 316 .
64 وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، جَالِساً بِمِنًى، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَ عَبْدُ اللَّهِ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَا أَبَا بَصِيرٍ، هِيهِ الْآنَ.
فَلَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَسْأَلُنِي، وَ عَبْدُ اللَّهِ جَالِسٌ؟! فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: وَ مَا لِعَبْدِ اللَّهِ؟
قَالَ: مُرْجِئٌ صَغِيرٌ. 317 .
65 وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ 318 ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: كُفُّوا عَمَّا تَسْأَلُونَ 319 .
فَأَمَرَنَا بِالسُّكُوتِ، حَتَّى قَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَ إِنِّي لَبَرِيءٌ مِنْهُ، بَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ 320 !.
16- باب السبب الذي من أجله قيل بالوقف
66 أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ، قَالَ: مَاتَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ لَيْسَ مِنْ قُوَّامِهِ أَحَدٌ إِلَّا وَ عِنْدَهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ وُقُوفِهِمْ وَ جُحُودِهِمْ مَوْتَهُ، وَ كَانَ عِنْدَ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ سَبْعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَ كَانَ أَحَدُ الْقُوَّامِ عُثْمَانَ بْنَ عِيسَى وَ كَانَ يَكُونُ بِمِصْرَ، وَ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، وَ سِتٌّ مِنَ الْجَوَارِي.
قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِنَّ وَ فِي الْمَالِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ أَبَاكَ لَمْ يَمُتْ.
فَكَتَبَ اليه: «إِنَّ أَبِي قَدْ مَاتَ، وَ قَدِ اقْتَسَمْنَا مِيرَاثَهُ، وَ قَدْ صَحَّتِ الْأَخْبَارُ بِمَوْتِهِ» وَ احْتَجَّ عَلَيْهِ.