کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 79

تابوت من ذهب الى بلاد الروم و كان بنى بعد سنتين من ملكه مدينة باصبهان سمّاها «جي» فأسرف كفرة بني اسرائيل في قتل المؤمنين و تعذيبهم فدعوا اللّه أن يخرجهم من بينهم و يبعد بين أقطارهم فبعث اللّه إليهم ملائكة فسيرهم على الماء و معهم الكتاب المنزل على موسى عليه السّلام.

و ملك عند ذلك (أشبح بن اشبحان) مائتي سنة و ستين سنة، و في احدى و خمسين سنة من ملكه‏

بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏

فقال العالم عليه السّلام: ان امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا، و المحرّر للمسجد و خدمة العلماء و قال في خبر آخر ان اللّه أوحى الى عمران اني أهب لك ابنا يبرئ الاكمه و الأبرص و يحيي الموتى باذني.

فلما ولدت امرأته بنتا و هي مريم قالت انّي وضعتها انثى و ليس الذكر كالانثى- تريد أن الانثى لا تكون نبيا مرسلا.

و انما كان الوعد لعمران بعيسى عليه السّلام من ابنته مريم فنشأت مريم أحسن نشوء و لزمت العبادة و الصلاة في الكنائس و البيع مع العلماء و أحصنت .. لم ترغب في أحد من الرجال و كان زكريا قد كفلها في حياته فكان إذا دخل إليها و هي في المحراب وجد عندها رزقا.

قال: يا مريم انّى لك هذا قالت هو من عند اللّه.

قال: كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء و فاكهة الشتاء في الصيف و روي انّه كان الرزق علما من العلوم و روي انّه حمل مريم كان ثلاث ساعات و روي سبع ساعات من النهار و روي تسعة أيام و ان جبرئيل عليه السّلام أتاها بسبع تمرات من العجوة و هي الصرفان فأكلتها فحملت بعيسى و روي ان جبرئيل عليه السّلام نفخ في جيبها و قد دخلت الى المغتسل للتطهير فخرجت و قد انتفخ بطنها فخافت من حالتها و من زكريا فخرجت هاربة على وجهها و ان نساء بني اسرائيل و من كان يتعبّد معها رأوا بطنها فشتمنها و نتفن شعرها و خمشن وجهها فأنطق اللّه المسيح عليه السّلام في بطنها فقال و حق النبي المبعوث بعدي في آخر الزمان لئن أخرجني اللّه من بطن أمي مريم لأقيمن عليكن الحد.

و مضت مريم على وجهها حتى أتت قرية في غربي الكوفة يقال لها «بشوشا»

اثبات الوصية، ص: 80

و يروى (بانقيا) و هي اليوم تعرف بالنخيلة. و فيها عظام هود و شعيب و صالح و عدّة من الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام فاشتد بها الطلق فاستندت الى جذع نخلة نخرة قد سقط رأسها فولدته فاخضرت النخلة من وقتها و أثمرت و أينعت و سقط منها على مريم رطب جني، و كان فيما روي في كانون من زمان الشتاء فلذلك تطعم النفساء التمر و الرطب.

و اشتد خوفها من زكريا و من خالتها و كانت امها حنة قد ماتت و كفلتها ايساع حتى قالت‏ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا و روي انّها قالت يا ليتني قبل أن أرى في بني اسرائيل ما قد رأيت من الافتتان بسبي و باتهامهم لي إشفاقا منهم فناداها عيسى عليه السّلام‏ أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا يعني نفسه و «هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا» ثم ضرب برجله فانبعث من تحت رجله عين ماء جار فقال لها «كلي‏ وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً» أي صمتا «فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا»

فطابت نفسها و أكلت و شربت ثم حملته و رجعت الى الشام و كان مجيئها من الشام الى الكوفة و رجوعها في ثلاثة أيام فلقيها زكريا عليه السّلام و معه خالتها فكلّماها فأشارت إليه ان كلمهما فانطقه اللّه حتى‏ «قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا» إلى قوله‏ «وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» فطابت نفس زكريا و ايساع خالتها و ظهرت حجّتهم عند أهل بيتهم و عند الناس.

فأقبلت الى منزلها و قد حملت عيسى عليه السّلام على صدرها فخرج من عواتق القرية سبعون عاتقا فقلن لها قد «جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا» ... الآية، فأشارت إليه، فقال عيسى عليه السّلام لهن:

يا ويلكن ا تفترين على أمي، اني عبد اللّه ... إلى قوله‏ «ما دُمْتُ حَيًّا»

و تكلّم بالحكمة ثم صمت بعد ذلك الى أن أذن اللّه له بالكلام و روي انّه بعد ذلك بسبع سنين و روي بعد أربع سنين فأوتي الحكمة فأخبرهم بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم.

و روي أن إبليس مضى في طلبه في وقت ولادته فلما وجده وجد الملائكة قد حفّت به فذهب ليدنو فصاحت به فقال: من أبوه؟ فقالوا له: مثله كمثل آدم. فقال: و اللّه لأضلّن به أربعة أخماس الخلق.

اثبات الوصية، ص: 81

ثم نشأ و أرسله اللّه عز و جل و كان مربوع الخلق الى الحمرة و البياض سبط الشعر كان رأسه يقطر من غير ماء يصيبه و كانت شريعته التوحيد شريعة نوح و إبراهيم و موسى فأنزل اللّه عليه الإنجيل و أخذ عليه ميثاق الأنبياء بتحليل الحلال و تحريم الحرام و الأمر و النهي و الإنجيل مواعظ و أمثال ليس فيه قصص و لا حدود و لا فرائض و لا مواريث و أنزل اللّه عليه تخفيفا ممّا كان في التوراة و هو قوله‏ «وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» فآمن به المؤمنون بالحجج و كذّبه بنو اسرائيل فافترقوا فيه فرقا يختلفون فيه حتى قال بعضهم انّه إله و قال بعضهم انّه ابن اللّه جلّ اللّه و تعالى فاقشعرت الأرض و تشوّك الشجر من ذلك الزمان.

ثم أحيا الموتى و أبرأ الاكمه و الأبرص باذن اللّه.

و روي انّه لم يحي إلّا ميتا واحدا و انّه قام خطيبا في بني اسرائيل فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال يا بني اسرائيل لا تأكلوا حتى تجوعوا فاذا جعتم فكلوا و لا تشبعوا فانّكم إذا شبعتم غلظت رقابكم سمنت جنوبكم و نسيتم ربّكم. انّي أصبحت فيكم ادامي الجوع و طعامي ما تنبت الأرض للوحوش و البهائم، و سراجي القمر، و فراشي التراب، و وسادي الحجر، ليس لي بيت يخرب و لا مال يتلف، و لا ولد يموت، و لا امرأة تحزن، و كان صلّى اللّه عليه قد بعث بالسياحة و التقشف فمر و هو يسيح في الأرض بقوم يبكون فقال من أي شي‏ء يبكي هؤلاء القوم؟ قالوا له على ذنوبهم فقال عليه السّلام يتركونها يغفر اللّه لهم.

و اتبعه الحواريون و كانوا اثني عشر رجلا و هم التلاميذ و وجّه الى البلدان بالرسل و دعاهم الى التوحيد فاتصل به ان ملكا في بعض البلدان يأكل الناس هو و أهل مملكته و انّهم يسمنون الناس و يغذونهم بأغذية تزول بها أفهامهم حتى يسمنوا ثم يأكلونهم فأمر المسيح عليه السّلام أحد خواصّه أن يرسل ببعض ثقاته إليهم ينذرهم و يحذّرهم فوجّه إليهم و كان بينه و بينهم مسيرة ثلاثة أشهر فلما دخل الى مدينتهم اتاهم ابليس فأغراهم به حتى أخذوه فحبسوه في الموضع الذي يسمنون فيه الناس و سقوه ما كانوا يسقونهم فمكث على عادته و كانت العادة أن يخرجوا الرجل بعد شهر من محبسه فيذبحوه فلما مضى للرجل سبعة و عشرون يوما قال المسيح للمرسل به ادرك أخاك فانّه لم يبق من أيامه إلّا

اثبات الوصية، ص: 82

ثلاثة أيام فخرج الرجل مبادرا حتى صار الى شاطئ البحر فوجد مركبا صغيرا فجلس فيه فقال له الملّاحون- و كان في المركب ثلاثة نفر- أين تريد؟.

فلم يخبرهم فلما ألحوا عليه عرّفهم الموضع الذي يريده فجعلوا يتضاحكون به و صاحب السكان من بينهم يهزأ منه و يقول كيف تبلغ مسيرة ثلاثة أشهر في يوم واحد.

فاغتم و أوقع اللّه عليه السبات فانتبه و هو على باب المدينة فخرج من المركب فلما دنا من باب المدينة وجد المسيح عليه السّلام يطلع من السور فكلّمه و سأله من خبره فقال له الرجل أرى انّك كنت صاحب السكان في المركب ثم دخل الى المدينة و صار الى الملك فزجره و وعظه فأتاه ابليس فأغراه به فأخذوه و أدخلوه الى المجلس الذي يسمنون فيه فلما رآه صاحبه وثب إليه فسأله عن خبره فأمره بالخروج فقال له أين أخرج و انما أردت إذا خرجت أن أصير إليك. فقال: تنتظرني على باب المدينة.

فخرج و الحرس جلاس فلم يره منهم أحد.

و أغرى ابليس بالرجل و قال لهم هذا و أمثاله آفة الملوك و الوجه أن يعذّب حتى يرتدع به غيره و أشار أن يرجم بالحجارة و يسحب على الحصباء لوجهه و ساير جسده حتى يترضض فيألم جسده، ففعل به ذلك و غلظ عليه الأمر، فشكا الى اللّه عز و جل و قال يا ربّ ان كان أجلي قد قرب فاقبضني إليك و إلّا ففرّج عني فلم يبق فيّ موضع للصبر فأوحى اللّه إليه أن لك عندي منزلة لم تبلغها إلّا بالصبر على أغلظ المحن و قد فرّجت عنك و أمرت كلّ ما في المدينة بطاعتك فاخرج فخرج الى صنم لهم من حجارة فأمره أن ينبعث من سائره الماء فنبع الماء من عينيه و أنفه و أذنه و فمه و ساير أعضائه فغرق خلق من أهل المدينة، و علم الباقون السبب في غرقهم فصاروا إليه خاضعين طالبين، و آمنوا و نزلوا على حكمه و اتبعوه فأمر الصنم ان يبتلع الماء فابتلعه و بقي من مات بذلك العذاب مطروحا فأحياهم باذن اللّه جميعا فآمن به جميع أهل المدينة.

و كان المسيح صلّى اللّه عليه يبشّر الحواريين بالنبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله فيقولون هو منّا و نحن شيعته فكان في الانجيل لا يلي أمر الامّة رجل و فيهم من هو أعلم منه إلّا كان أمرهم إلى سفال.

اثبات الوصية، ص: 83

و روي أن الدنيا تمثّلت للمسيح في أحسن صورة، و روي في خبر آخر انّها تمثلت في صورة امرأة زرقاء شمطاء عجوز فقال لها: هل تزوجت؟ فقالت: كثيرا. فقال لها: فكلّ طلّقك؟ فقالت: بل كلّ قتلته. فقال لها: فويح لأزواجك الباقين كيف لم يعتبروا بالماضين.

و روي عنه عليه السّلام انّه قال: أوحى اللّه الى الدنيا: من خدمك فاستعبديه، و من خدمني فأخدميه.

و روي انّه عليه السّلام دعا الحواريين في يوم من الأيام ثم قام يخدمهم حتى يفعلوا مثله ثم يعلمونه الناس.

و مكث عليه السّلام في الأرض ثلاث و ثلاثين سنة و كان فيما أمر به الحواريين قوله: ارضوا بذي الدنيا مع سلامة دينكم كما رضي أهل الدنيا بذي الدين مع سلامة دينهم، و تحببوا الى اللّه ببغض أهل المعاصي و البعد منهم.

فقالوا: و من نجالس يا روح اللّه؟.

فقال: من يذكركم اللّه رؤيته، و يزيد في علمكم منطقه، و يرغبكم في الآخرة عمله.

ثم نزلت المائدة عليهم فأمر بتغطيتها و أن لا يأكل رجل منها شيئا حتى يأذن لهم، و مضى في بعض شأنه، فأكل منها رجل منهم فقال بعض الحواريين: يا روح اللّه قد أكل منهم رجل.

فقال له عيسى: أكلت منها؟.

فقال الرجل: لا.

فقال الحواريون: بلى يا روح اللّه لقد أكل منها.

فقال عليه السّلام للحواريين: صدق أخاك و كذب بصرك.

و روي في المائدة أخبار كثيرة يطول شرحها.

قال: و اشتد طلب اليهود له حتى هرب منهم ثم جمع أصحابه و أوصى الى شمعون و أمرهم بطاعته و سلّم إليه الاسم الأعظم و التابوت ثم قال للحواريين في تلك الليلة و قد جمعهم في بيت، أيّكم يكون رفيقي غدا في الجنّة على أن يتشبّه للقوم غدا في صورتي فيقتلوه؟.

اثبات الوصية، ص: 84

فقال له شاب منهم: أنا يا روح اللّه.

فأمره بالجلوس في مجلسه الذي كان يجلس فيه فامتثل أمره و طرح عليه شبهه فدخل إليه اليهود فقتلوه و صلبوه فروي أن بعض الحواريين مر بشمعون عليه السّلام و هو تحت الخشبة يجمع ما يسقط من جلده و أعضائه فقال له: يا نبي اللّه إذا رآك الناس تفعل هذا افتتنوا.

فقال له: اني رأيت اللّه عز و جل قد أضلّ قوما و أحببت أن أزيدهم.

و كان فيما قاله المسيح عليه السّلام: اما انّكم ستفترقون بعدي ثلاث فرق، فرقتين تفتري على اللّه الكذب و هي في النار و فرقة مع شمعون صادقة على اللّه و هي في الجنّة.

و رفع اللّه جل و عز المسيح إليه من ساعته ثم صارت مريم عليها السّلام الى ملك اليهود فسألته أن يهب لها المصلوب ففعل فدفنته فخرجت هي و اختها لزيارة قبره فاذا المسيح جالس عند القبر فقالت لاختها: ما ترين الرجل الذي عند القبر؟ قالت: لا. فأمرتها أن ترجع و مضت الى المسيح عليه السّلام فأخبرها ان اللّه عز و جل قد رفعه إليه و أوصى بما أراد.

فرجعت قريرة العين.

ثم افترقت امته ثلاث فرق، فرقة قالوا ان اللّه عز و جل فينا فارتفع، و فرقة قالوا كان ابن اللّه فينا فرفعه اللّه. و فرقة مؤمنة مع شمعون.

و روي أن اللّه عز و جل أظهر دعوة المسيح عليه السّلام و هو ابن ثمان و عشرين سنة و عمره ثلاث و ثلاثون سنة.

و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز

و كان يفعل فعل المسيح يبرئ الاكمه و الأبرص و يحيي الموتى باذن اللّه و معه الشيعة الصديقون فمن آمن به كان مؤمنا و من جحده كان كافرا و من شك فيه كان ضالّا.

و وجّه (شمعون) عليه السّلام بالحواريين الى البلدان يدعون الناس و كان المسيح عليه السّلام و شمعون لا يبعثان الى الروم بأحد إلّا قتل. فقال شمعون لرجلين من أصحابه: اذهبا في وقت كذا و كذا الى بلد الروم فعجلا فذهبا قبل الوقت فأخذهما الملك و حبسهما فلما

اثبات الوصية، ص: 85

حضر الوقت مضى شمعون في صورة متطبب فكان لا يعالج أحدا إلّا أبرأه و غلب على الملك.

ثم ان الملك رأى رؤيا فقصّها على شمعون فقال شمعون: لعلّ في حبسك قوما مظلومين، فأمره بالنظر في أمور جميع الناس. فجلس الملك و جلس معه شمعون و أخذ ينظر في أمورهم حتى انتهى الى الرجلين فسألهما عن قصّتهما فعرّفاه انّهما رسل المسيح و انّهما يبرئان الاكمه و الأبرص فقال: احضر رجلا أعمى فأحضر من لم يبصر قط فوضع شمعون يده على عينيه ثم قال لهما أنا أبرئه قبلكما و نحى شمعون يده فأبصر الرجل ثم لم يزل يري الملك و أصحابه آية بعد آية و معجزة بعد معجزة الى أن أحيى ابنا كان للملك قد مات منذ سبع سنين فآمن الملك و جميع أهل مملكته و به عظموا أمر المسيح و قالوا فيه ما قالوا.

فلما حضرت شمعون الوفاة أوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و الحكمة و جميع مواريث الأنبياء يحيى بن زكريا ففعل و أوصى و سلّم إليه و مضى.

و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏

و كان من حديثه أن زكريا عليه السّلام دعا ربه فقال‏ «إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي» و أعني بني العمومة «وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا» «فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى‏ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً»

و حملت به امّه فلما ولد عليه السّلام غذي بانهار الجنة حتى فطم ثم انزل به الى أبويه فكان يضي‏ء البيت لنوره ثم نشأ و بعثه اللّه عز و جل بالحكمة و اتاه زيادة على ما سلم إليه شمعون خمس كلمات و أمره يضربهن مثلا لقومه‏ فقال يحيى بن زكريا لقومه الكلمات و انما هي:

صفحه بعد