کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 93

مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏

روى الخاصة و العامة ان اللّه جل و علا لما أراد أن يخلق سيّدنا محمّد أمر جبرئيل عليه السّلام أن يأتيه بالقبضة البيضاء التي هي قلب الأرض و نورها فهبط جبرئيل عليه السّلام في ملائكة الفراديس عليه و عليهم السلام فقبض قبضة من موضع قبره و هي يومئذ بيضاء نقية فعجنت بماء التسنيم و زعزت حتى جعلت كالدرّة البيضاء ثم غمست في جميع أنهار الجنّة و طيف بها في السموات و الأرض و البحار و عرفت الملائكة محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و فضله قبل أن تعرف آدم عليه السّلام.

و لما خلق اللّه تعالى آدم عليه السّلام سمع من تخطيط أثناء جبهته نشيشا كنشيش الذرّ فقال سبحانك ربي ما هذا؟.

قال اللّه عز و جل: هذا تسبيح خاتم النبيين و سيّد المرسلين من ولدك و لو لاه ما خلقتك و لا خلقت سماء و لا أرضا و لا جنّة و لا نارا فخذه بعهدي و ميثاقي على ان لا تودعه إلّا في الأصلاب الطاهرة.

قال آدم عليه السّلام: نعم الهي و سيدي قد أخذته بعهدك و ميثاقك على أن لا أودعه إلّا في المطهرين من الرجال و المحصنات من النساء. و روي أن المحصنات هن الصالحات العفائف.

اثبات الوصية، ص: 94

قال: و كان نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرى في دايرة غرّة جبين آدم عليه السّلام كالشمس في دوران فلكها و كالبدر في ديجور ليله فكان آدم عليه السّلام كلّما أراد أن يتغشى حوا يتطهّر و يتطيب و يأمرها أن تفعل ذلك و يقول يا حوا تطهّري فلعلّ اللّه أن يستودع هذا النور المستودع ظهري عن قليل طهارة بطنك.

قال: فلم تزل حوا كذلك حتى بشّرها اللّه عزّ و جل بشيث أبي الأنبياء و رأس المرسلين، و فتح لآدم و حوا نهر من الجنّة و بسط اللّه عليهما الرحمة و اجتمعا في ذلك اليوم فحملت بشيث عليه السّلام.

و كان أبا الأنبياء عليهم السّلام فأصبح آدم عليه السّلام و ذلك النور مفقود من وجهه و نظر إليه في جبهة حوا فسر بذلك و كانت حوا تزداد في كلّ يوم حسنا و كانت طير الأرض و سباع الآجام إليها يشيرون و الى نورها يشتاقون.

و بقي آدم لا يقربها لطهارتها و طهارة ما في بطنها و قابلتها الملائكة كلّ يوم بالتحيات من عند ربّ العالمين و تؤتى كل يوم بماء التسنيم من الجنّة تشربه حتى خلق اللّه عز و جل لنور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فلم تزل كذلك حتى وضعت شيئا فنظرت الى نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد صار بين عينيه و ضرب اللّه بينهما و بين الملعون إبليس حجابا من النور في غلظ خمسمائة عام فلم يزل إبليس محبوسا في قرار محبسه حتى بلغ شيث سبع سنين و عمود النور بين السماء و الأرض ثم لم يزل ذلك النور في الأرض ممدودا حتى أدرك شيث.

فلما أيقن آدم عليه السّلام بالموت أخذ بيد شيث و قال له يا بني ان اللّه أمرني أن آخذ عليك العهد و الميثاق من أجل هذا النور المستودع وجهك ان لا تضعه إلّا في أطهر نساء العالمين و اعلم ان ربّي جل و عز أخذ عليّ فيه قبلك عهدا غليظا.

ثم قال آدم عليه السّلام: ربّي و سيدي انّك أمرتني أن آخذ على شيث من بين ولدي جميعا عهدا من أجل هذا النور الذي في وجهه فأسألك أن تبعث إليّ ملائكة يكونون شهودا عليه.

فما استتم عليه السّلام الدعوة حتى نزل جبرئيل عليه السّلام في سبعين ألف ملك معهم حريرة بيضاء

اثبات الوصية، ص: 95

و قلم من أقلام الجنّة فسلّم عليه و قال له ان اللّه يقرأ عليك السلام و يقول لك قد آن لحبيبي محمّد أن ينتقل إلى الأصلاب و الأرحام الطاهرة و هذه حريرة بيضاء و قلم لك من الجنّة تشهد لك بغير كتاب فاكتب على ابنك شيث كتابا بالعهد و الامانة بشهادة هؤلاء الملائكة.

و طوى الحريرة طيّا شديدا و ختمها بخاتم جبرئيل عليه السّلام و كسا (شيئا) حلتين حمراوين أضوأ من نور الشمس و في رقة لجج الماء و زوجه اللّه قبل أن تزول الملائكة بحوراء اهبطها له من الجنّة تسمى (نزله) فحملت ب (أنوش) فلما حملت به سمعت الأصوات من كلّ مكان «هنيئا هنيئا لك ابشري فقد أودعك اللّه نور محمّد المصطفى»، و ضرب لها حجابا من النور عن أعين الناس و مكايد الشيطان (لعنه اللّه).

و كان إبليس لا يتوجّه في وجه من الأرض إلّا نظر الى ذلك الحجاب مضروبا عليه فلم يزل كذلك حتى وضعت (أنوش) فلما وضعته نظرت الحوراء «نزله» الى نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين عينيه فلما ترعرع دعاه أبوه شيث فقال له: يا أبتي أمرني ربّي أن أتخذ عليك عهدا و ميثاقا، أ لا تتزوج إلّا بأطهر نساء العالمين.

فحمد اللّه و قبل وصيته.

و أوصى انوش الى ابنه «قينان» بمثل ذلك من وصيّة آبائه عليهم السّلام.

و أوصى قينان الى ابنه «مهائيل» و أوصى مهائيل ابنه «بردا» فتزوج بردا امرأة يقال لها «برة» فحملت ب «أخنوخ» و هو إدريس، فلما ولد إدريس نظر أبوه الى النور يلوح بين عينيه فقال: يا بني أوصيك بهذا النور كلّ الوصاية، فقبل وصيّته و تزوّج امرأة يقال لها «بزرعا» فولدت له «متوشلخ».

و ولد لمتوشلخ لمك، كان لمك رجلا أشقر قد أعطي قوّة و بطشا فتزوج امرأة يقال لها «قنسوس» بنت «تركاسل» فولدت له نوحا و تحول إليه نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلما نظر الى النور في وجهه قال: يا بني ان هذا النور هو النور الذي تتوارثه الأنبياء عليهم السّلام و هو نور المصطفى محمّد صلّى اللّه عليه و آله ينتقل بالعهود و المواثيق الى يوم خروجه و اني آخذ عليك عهدا و ميثاقا أ لا تتزوّج إلّا بأطهر نساء العالمين.

اثبات الوصية، ص: 96

فقبل نوح وصيّة أبيه فتزوّج امرأة يقال لها (عمودة) و كانت من المؤمنات فولدت (ساما) و فيه نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله فلما نظر نوح الى النور في وجه سام سلّم إليه تابوت آدم عليه السّلام و كان التابوت من الياقوت و يقال انّه من درّة بيضاء له بابان مغلقان بسلسلة من ذهب أحمر ابريز و عروتان من الزمرد و فيه العهد و الديباجة و زوّجه امرأة من بنات الملوك لم يكن لها في الحسن شبه فولدت له «ارفخشد» و سلّم إليه التابوت فتزوج امرأة يقال لها «مرجانة» فحملت بغابر، و هو هود النبيّ صلّى اللّه عليه. فلما وضعته سمعت نداء الأصوات من كل مكان «هذا نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله تكسّر به الأصنام كلّها و يقتل به من طغى و كفر».

فخرج أجمل نوره جمالا و أشدّه زهرا فزوّج امرأة يقال لها (منساحا) فولدت له (فالغا) و ولد لفالغ (شالخ) و ولد لشالخ (ارغو) و ولد لارغو (سروع) و ولد لسروع (ناحور) و ولد لناحور (تارخ) فتزوج امرأة يقال لها (أدنى بنت سمن) فولدت له (الخليل) إبراهيم صلّى اللّه عليه، فلما ولد إبراهيم ضرب له علمان من نور، علم في شرق الأرض و علم في غربها فصارت الدنيا كلّها نورا واحدا و ضرب له عمود من نور في وسط الدّنيا لا حق بأعنان السماء له اشراق و طنين تهتز الملائكة من حسن طنين ذلك العمود فقالت ربنا ما هذا؟. فنوديت: هذا نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

قال و رفع لإبراهيم صلّى اللّه عليه كما رفع لآدم من قبل، فقال: ربي و سيدي ما رأيت لك خلقة أحسن من هذه الخليقة و لا امة من أمم الأنبياء هي أنور من هذه الامة فمن هذا؟ فنودي: هذا محمّد حبيبي أجريت ذكره قبل أن أخلق سمائي و أرضي و جعلته نبيّا و أبوك آدم مدرة بين الروح و الجسد و لقد لقيته أنت في الذروة الأولى ثم أجريته في صلبك الى صلب ابنك اسماعيل.

و كان إبراهيم قد خبر سارة بخبره ان اللّه عز و جل سيرزقها ولدا طيّبا فطمعت في نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و كان إبراهيم صلّى اللّه عليه قد خبرها بعظيم نوره و بهائه فلم تزل متوقعة لذلك حتى حملت هاجر باسماعيل.

فلما حملت هاجر اغتمت سارة من ذلك غمّا شديدا فلم تزل في أشد الغم و الكرب.

اثبات الوصية، ص: 97

فلما ولدت هاجر أدرك سارة الغيرة فأخذها ما يأخذ النساء فبكت و قالت: يا إبراهيم ما لي من بين الخلق حرمت الولد؟.

قال إبراهيم عليه السّلام: ابشري و قرّي عينا فان اللّه منجز وعده انّه لا يخلف الميعاد.

فلم تزل سارة كذلك حتى رزقها اللّه اسحاق النبيّ صلّى اللّه عليه، فلما نشأ و صار رجلا أدركت إبراهيم الوفاة و جمع أولاده و هم يومئذ ستة فلما نظر الى النور في وجه اسماعيل قال له: بخ بخ هنيئا لك يا اسماعيل قد خصّك اللّه بنور نبيّه محمّد و أنا آخذ عليك عهدا و ميثاقا.

فأخذ عليه السّلام متمسكا بذلك العهد حتى تزوّج (هالة بنت الحارث) فواقعها فولدت (قيدار) و فيه نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلما نظر اسماعيل الى النور في وجه قيدار سلّم التابوت إليه و أوصاه بدين اللّه و سنّته و أمره أن لا يضع النور إلّا في أطهر النساء.

و كان قيدار ملك قومه و سيّدهم و كان قد أعطي سبع خصال لم يعطها من كان قبله:

القنص، و الرمي، و الفروسية، و الشدّة، و البأس، و الصراع، و الجماع، و كان قد تزوّج مائتي امرأة من بنات اسحاق و أقام معهنّ مائتي سنة لا يحبلهن و لا يلدن. فبينما هو ذات يوم و قد جمع قنصه إذ تلقته الوحوش و السباع و الطير من كلّ مكان فنادته بلسان الآدميين:

يا قيدار قد مضى عمرك و انما همّتك اللهو و لذّة الدّنيا فما آن لك أن تهتم بنور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أين تضعه و لما ذا استودعته.

فرجع قيدار الى منزله مغموما مكروبا و حلف بإله إبراهيم أن لا يطعم طعاما و لا يقرب امرأة أبدا حتى يأتيه بيان ما سمع على لسان الوحش و الطير.

فلم يزل قاعدا على فلاة من الأرض إذ بعث اللّه إليه ملك الهواء في صورة رجل من أهل الأرض، لم ير قيدار أحسن وجها منه و زيا و خلقا فهبط عليه السّلام فسلّم فرد عليه السلام و قعد مع قيدار و قال: يا قيدار انّك قد زيّنت بالقوّة و البأس و ملكت البلاد و نقل إليك نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و انّه كاين لك ولد من غير نسل اسحاق عليه السّلام فلو انّك نذرت نذورا و قربت لإله إبراهيم قربانا و سألته أن يبيّن لك من أين لك ذلك التزويج لكان خيرا من التواني.

ثم تركه الملك و قد عرج الى مقامه فقام قيدار من مقامه و ساعته و كانت له رحمة

اثبات الوصية، ص: 98

و جمال و بهاء و كمال، و قرب يومئذ سبعمائة كبش أقرن من الكباش التي ورثها من إبراهيم عليه السّلام و كان كلّما ذبح كبشا جاءت نار من السماء حمراء لا دخان لها في سلاسل بيض فتأخذ ذلك القربان فتصعد به الى السماء.

فلم يزل قيدار يذبح و يقرب حتى نادى مناد: حسبك يا قيدار قد استجاب اللّه منك دعوتك و قبل قربانك انطلق الآن من فورك هذا الى شجرة الوعد فقم في أصلها و انته الى ما تؤمر به في المنام فافعله.

فأقبل قيدار حتى أتى الشجرة فقام في أصلها فأتاه آت في المنام فقال له: قيدار ان هذا النور الذي في ظهرك هو النور الذي فتح اللّه به الأبواب كلّها و خلق الدّنيا طرا من أجله و اعلم ان اللّه جلّ اسمه لم يكن ليخزنه إلّا في الفتيات العربيات فابتغ لنفسك امرأة طاهرة من العرب و ليكن اسمها (غاضرة).

فوثب قيدار فرحا فرجع الى منزله و بعث رسلا يطلبون له امرأة من العرب اسمها الغاضرة و لم يرض برسله حتى ركب جواده و أخذ السيف معه شاهرا له و جعل يستقرئ أحياء العرب و ينزل على قوم و يرحل الى آخرين حتى وقع على ملك الحرمين و كان من ولد ذهل بن عامر بن يعرب بن قحطان و له بنت يقال لها الغاضرة و كانت من أجمل نساء العالمين فتزوّجها و حملها الى أرضه فواقعها فحملت بابنه (حمل) و اصبح قيدار و النور مفقود من وجهه و نظر إليه في وجه الغاضرة فسر بذلك سرورا شديدا.

و كان عنده تابوت آدم عليه السّلام و كان ولد اسحاق ينازعونه في التابوت ليأخذوه و كانوا يقولون ان النبوّة قد انتقلت عنكم فليس لكم إلّا هذا النور الواحد فاعطنا التابوت.

فكان يمتنع قيدار عليهم و يقول انّه وصيّة أبي اسماعيل و لا أعطيه أحدا من العالمين.

فذهب قيدار ذات يوم ليفتح التابوت فعسر فتحه عليه و ناداه مناد من الهواء: مهلا يا قيدار و ليس لك الى فتح التابوت سبيل. انّك وصيّ نبيّ و لا يفتح هذا التابوت إلّا نبي فادفعه الى ابن عمّك يعقوب إسرائيل اللّه.

فلما سمع ذلك أقبل الى أهله و هي الغاضرة فقال لها انظري ان أنت ولدت غلاما فسمّيه حملا فأني أرجو أن يكون نسمة طيبة.

اثبات الوصية، ص: 99

و حمل قيدار التابوت على عاتقه و خرج يريد ارض كنعان و كان يعقوب عليه السّلام بها فأقبل يسير حتى قرب من البلاد فصر التابوت صريرا سمعه يعقوب فقال لبنيه أقسم باللّه حقّا لقد جاءكم قيدار فقوموا نحوه.

فقام يعقوب و أولاده جميعا فلما نظر يعقوب الى قيدار استعبر باكيا و قال ما لي أرى لونك متغيّرا و قوّتك ناقصة؟ أرهقك عدو أم أتيت معصية؟.

قال: ما أرهقني عدوّ و لا أتيت معصية و لكن نقل من ظهري نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلذلك تغيّر لوني و ضعف ركني.

فقال: بخ بخ شرفا لك بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يكن اللّه عز و جل ليخزنه إلّا في العربيات الطاهرات يا قيدار فانّي مبشّرك ببشارة.

قال: و ما هي؟.

قال: اعلم ان الغاضرة قد ولدت في هذه الليلة الماضية غلاما.

قال قيدار: ما علمك يا ابن عمي و أنت بأرض الشام و هي بأرض الحرم من تهامة.

قال يعقوب: لأني رأيت أبواب السماء قد فتحت و رأيت نورا كالقمر الممدود بين السماء و الأرض و رأيت الملائكة ينزلون من السماء بالبركات و الرحمة فعلمت ان ذلك من أجل محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

قال: فسلّم قيدار التابوت الى يعقوب عليه السّلام و رجع الى أهله فوجدها قد وضعت حملا فلما ترعرع أخذ بيده و انطلق به يريد مكّة و المقام و موضع البيت الحرام.

فلما صار الى جبل (ثبير) تلقاه ملك الموت (صلّى اللّه عليه) في صورة آدمي فقال له:

الى أين يا قيدار؟.

قال: انطلق بابني هذا فأريه مكّة و المقام و موضع البيت الحرام.

قال: وفّقك اللّه و لكن عندي ضحية فادن الي.

فدنا منه ليساره فقبض روحه من اذنه فخرّ ميتا بين يدي ابنه حمل.

قال: فغضب حمل من ذلك غضبا شديدا و قال: يا عبد اللّه فتكت بأبي.

صفحه بعد