کتابخانه روایات شیعه
حاشية للمحقّق البحرانيّ على بلغته، و في أخرى له عليها أيضا: كان بعض مشايخنا يتوقّف في وثاقة شيخنا الصدوق عطّر اللّه مرقده، و هو غريب، مع أنّه رئيس المحدّثين المعبّر عنه في عبارات الأصحاب بالصدوق، و هو المولود بالدعوة، الموصوف في التوقيع المقدّس بالفقيه، و صرّح العلّامة في المختلف بتعديله و توثيقه، و قبله ابن طاوس في كتاب فلاح السائل و نجاح المسائل و غيره و لم أقف على أحد من أصحابنا يتوقّف في روايات من لا يحضره الفقيه إذا صحّ طريقه، بل و رأيت جمعا من الأصحاب يصفون مراسيله بالصحّة و يقولون: إنّها لا تقصر عن مراسيل ابن أبي عمير منهم العلّامة في المختلف، و الشهيد في شرح الإرشاد، و السيّد المحقّق الداماد- قدّس اللّه أرواحهم- انتهى. و قال جدّي المجلسيّ رحمه اللّه وثّقه ابن طاوس صريحا في كتاب النجوم، بل وثّقه جميع الأصحاب لمّا حكموا بصحّة أخبار كتابه، بل هو ركن من أركان الدين، جزاه اللّه عن الإسلام و المسلمين أفضل الجزاء، و ظاهر كلامه صلوات اللّه عليه توثيقهما 45 فإنّهما لو كانا كاذبين لامتنع أن يصفهما المعصوم بالخيريّة 46 قال: ثمّ إنّه نقل عن ابن طاوس توثيقه في بعض كتبه أيضا مثل كشف المحجّة و غياث الورى و الإقبال، و كذا عن ابن إدريس في سرائره، و العلّامة في المختلف و المنتهى، و الشهيد في شرح الإرشاد و الذكرى، و مرّ في محمّد بن إسماعيل النيسابوريّ، عن الشهيد الثاني أنّ مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التنصيص على تزكيتهم 47 .
و وصفه الفتونيّ في إجازته لبحر العلوم: بالشيخ الإمام المقدّم. الفاضل المعظّم، راوية الأخبار، الفائض نوره في الأقطار، قدوة العملاء، و عمدة الفضلاء 48 .
و بحر العلوم في إجازته للسيّد عبد الكريم: بالشيخ الإمام، راوية الأخبار، الفائض أنواره في الأقطار 49 .
و في إجازته للسيّد حيدر بن حسين بن عليّ اليزديّ: بالشيخ الصدوق، راوية الأخبار و رئيس المحدّثين الأبرار، الفائض أنواره في الأقطار 50 .
و في فوائده الرجاليّة: شيخ من مشايخ الشيعة، و ركن من أركان الشريعة، رئيس المحدّثين، و الصدوق فيما يرويه عن الأئمّة المعصومين، ولد بدعاء صاحب الأمر صلوات اللّه عليه، و نال بذلك عظيم الفضل و الفخر، وصفه الإمام عليه السّلام في التوقيع الخارج من ناحية المقدّسة بأنّه فقيه خيّر مبارك، ينفع اللّه به، فعمّت بركته الأنام، و انتفع به الخاصّ و العامّ و بقيت آثاره و مصنّفاته مدى الأيّام، و عمّ الانتفاع بفقهه و حديثه فقهاء الأصحاب و من لا يحضره الفقيه من العوامّ إه 51 .
و قال التستريّ: الصدوق، رئيس المحدّثين، و محيي معالم الدين، الحاوي لمجامع الفضائل و المكارم، المولود كأخيه بدعاء العسكريّ أو دعاء القائم عليهما السّلام، بعد سؤال والده له بالمكاتبة أو غيرهما، أو بدعائهما- صلوات اللّه عليهما-، الشيخ الحفظة و وجه الطائفة المستحفظة، عماد الدين أبو جعفر .... القمّيّ الخراسانيّ الرازيّ طيّب اللّه ثراه، و رفع في الجنان مثواه إلخ 52 .
و قال السيّد الخوانساريّ: الشيخ العلم الأمين، عماد الملّة و الدين، رئيس المحدّثين أبو جعفر الثاني، محمّد بن الشيخ المعتمد الفقيه النبيه أبي الحسن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ المشتهر بالصدوق، أمره في العلم و العدالة و الفهم و النبالة و الفقه و الجلالة و الثقة و حسن الحالة و كثرة التصنيف و جودة التأليف و غير ذلك من صفات البارعين، و سمات الجامعين أوضح من أن يحتاج إلى بيان، أو يفتقر إلى تقرير القلم في مثل هذا المكان 53 ثمّ ذكر كلاما طويلا في إثبات وثاقته و سائر ما يتعلّق بترجمته.
هذه نموذج من كثير ممّا قيل في إطرائه و تبجيله و توثيقه، و لو لا خوف ملال القارئ و سأمه لسردنا غيرها من الأقوال الّتي تدلّ على إكباره و تعرب عن مكانته السامية، و من شاء الوقوف عليها فليراجع كتاب النقض للشيخ عبد الجليل الرازيّ القزوينيّ، و مجالس
المؤمنين للتستريّ، و الرجال الكبير و الوسيط للأسترآباديّ، و نقد الرجال للتفرشيّ، و جامع الروات للأردبيليّ، و أمل الآمل للحرّ العامليّ، و الروضة البهيّة للجابلقيّ، و منتهى المقال للحائريّ، و المشتركات للكاظميّ، و خاتمة المستدرك للنوريّ، و قصص العلماء للتنكابنيّ، و شعب المقال لأبي القاسم النراقيّ، و توضيح المقال للكنيّ، و إتقان المقال للشيخ محمّد طه، و تنقيح المقال للمامقانيّ، و أعيان الشيعة للعامليّ، و سفينة البحار و الكنى و الألقاب و الفوائد الرضويّة كلّها للمحدّث القمّيّ، و مصفّى المقال و الذريعة للطهرانيّ، و الأعلام للزركليّ، و عقيدة الشيعة للمستشرق دوايت م: دونلدسن، و المنجد في الأدب و العلوم لفردينان توتل اليسوعي.
(رحلته الى الامصار و البلدان) لاكتساب الفضائل و سماع الأحاديث عن المشايخ العظام
ولد- رضي اللّه تعالى عنه- بقمّ 54 ، و نشأ بها و تتلمذ على أساتذتها، و تخرّج
على مشايخها 55 ، ثمّ هاجر منها إلى الريّ 56 بالتماس أهلها و أقام بها، و لم نر في التراجم لتاريخ هجرته ذكرا، غير أنّا نستفاد من مواضع من كتبه: عيون أخبار
الرضا 57 و الخصال 58 و الأمالي 59 أنّ هجرته كانت بعد رجب من سنة 339 و قبل رجب من سنة 347 حيث أنّه حدّثه في السنة الأولى حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام بقمّ، و في السنة الثانية حدّثه أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عليّ بن أسد الأسديّ المعروف بابن جرادة البردعيّ بالريّ.
و كانت بعد سنة 347 مقيما في الريّ 60 حتّى استأذن من الملك ركن الدولة البويهيّ 61 في زيارة مشهد مولانا الرضا عليه السّلام، فسافر إلى ذلك المشهد في سنة 352،
ثمّ عاد إلى الريّ، قال في كتاب عيون أخبار الرضا: لمّا استأذنت الأمير السعيد ركن الدولة في زيارة مشهد الرضا عليه السّلام فأذن لي في ذلك في رجب من سنة اثنين و خمسين و ثلاث مائة، فلمّا انقلبت عنه ردّني فقال لي: هذا مشهد مبارك، قد زرته و سألت اللّه تعالى حوائج كانت في نفسي فقضاها لي، فلا تقصر في الدعاء لي هناك، و الزيارة عنّي، فانّ الدعاء فيه مستجاب، فضمنت ذلك له و وفيت به، فلمّا عدت من المشهد على ساكنه التحيّة و السلام و دخلت إليه قال لي: هل دعوت لنا، و زرت عنّا؟ فقلت: نعم، فقال لي:
قد أحسنت، قد صحّ لي أنّ الدعاء في ذلك المشهد مستجاب 62 .
و دخل نيسابور في شعبان من تلك السنة و سمع جمعا من مشايخها منهم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ حدّثه بداره فيها 63 و عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوريّ 64 و أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزيّ 65 و أبو سعيد محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق المذكّر النيسابوريّ المعروف بأبي سعيد المعلّم 66 ، و أبو الطيّب الحسين بن أحمد بن محمّد الرازيّ 67 و عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهّاب السجزيّ 68 .