کتابخانه روایات شیعه
و معنى ذلك كلّه 37 انّه عزّ و جلّ يجازيهم جزاء المكر، و جزاء المخادعة، و جزاء الاستهزاء، و جزاء السخرية، و جزاء النسيان، و هو أن ينسيهم أنفسهم، كما قال عز و جل: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ 38 لأنّه عزّ و جلّ في الحقيقة لا يمكر، و لا يخادع، و لا يستهزئ، و لا يسخر، و لا ينسى 39 تعالى اللّه عزّ و جلّ عن ذلك علوّا كبيرا 40 .
و ليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف و الإلحاد إلّا مثل هذه الألفاظ، و معانيها معاني ألفاظ القرآن 41 .
[2] باب الاعتقاد في صفات الذات و صفات الأفعال
قال الشيخ أبو جعفر- رحمه اللّه-: كل ما وصفنا اللّه تعالى به من صفات ذاته، فإنّما 42 نريد بكل صفة منها نفي ضدّها عنه تعالى.
و نقول: لم يزل اللّه تعالى سميعا، بصيرا، عليما، حكيما، قادرا، عزيزا، حيّا، قيّوما، واحدا، قديما. و هذه صفات ذاته 43 .
و لا نقول: إنّه تعالى لم يزل خلاقا 44 ، فاعلا، شائيا، مريدا، راضيا، ساخطا، رازقا، وهّابا، متكلّما، لأنّ هذه صفات أفعاله، و هي محدثة، لا يجوز أن يقال: لم يزل اللّه تعالى موصوفا بها.
[3] باب الاعتقاد في التكليف
قال الشيخ أبو جعفر- رحمة اللّه عليه-: اعتقادنا في التكليف هو أنّ اللّه تعالى لم يكلّف عباده إلّا دون ما يطيقون، كما قال اللّه في القرآن: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها 45 و الوسع دون الطاقة.
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «وَ اللَّهُ تَعَالَى مَا كَلَّفَ الْعِبَادَ إِلَّا دُونَ مَا يُطِيقُونَ، لِأَنَّهُ كَلَّفَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَ كَلَّفَهُمْ فِي السَّنَةِ صِيَامَ ثَلَاثِينَ يَوْماً، وَ كَلَّفَهُمْ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَ كَلَّفَهُمْ حَجَّةً وَاحِدَةً، وَ هُمْ يُطِيقُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» 46 47
[4] باب الاعتقاد في أفعال العباد
قال الشيخ أبو جعفر- رحمة اللّه عليه-: اعتقادنا في أفعال العباد أنّها مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، و معنى ذلك أنّه لم يزل اللّه عالما بمقاديرها 48 .
[5] باب الاعتقاد في نفي الجبر و التفويض
قال الشيخ أبو جعفر- رحمة اللّه عليه-: اعتقادنا في ذلك
قَوْلُ الصَّادِقِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ، بَلْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ».
فَقِيلَ لَهُ: وَ مَا أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ؟
قَالَ: «ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ رَأَيْتَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، فَنَهَيْتَهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، فَتَرَكْتَهُ فَفَعَلَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ، فَلَيْسَ حَيْثُ لَا يَقْبَلُ مِنْكَ فَتَرَكْتَهُ كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِيَةِ» 49 .
[6] باب الاعتقاد في الارادة و المشيئة
قال الشيخ أبو جعفر- رحمة اللّه عليه-: اعتقادنا في ذلك
قَوْلُ الصَّادِقِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «شَاءَ اللَّهُ وَ أَرَادَ، وَ لَمْ يُحِبَّ وَ لَمْ يَرْضَ، شَاءَ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَ أَرَادَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَ لَمْ يُحِبَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَ لَمْ يَرْضَ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ » 50
. قال اللّه تعالى-: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ 51 .
و قال تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* 52 .
و قال عزّ و جل: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ 54 .
كما قال تعالى: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا 55 .
و كما قال عزّ و جلّ: يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ 56 .
و قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ 57 .
و قال جلّ جلاله: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَ ما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً 58 .
و قال تعالى: وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها 59 .
و قال عزّ و جلّ: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ 60 .
و قال اللّه تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ 61 .
و قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ 62 .
و قال: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ 63 .
و قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ 64 .
و قال عزّ و جلّ:
و قال: وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ 66 .
فهذا اعتقادنا في الإرادة و المشيئة، و مخالفونا يشنّعون علينا في ذلك و يقولون:
إنّا نقول إنّ اللّه تعالى أراد المعاصي، و أراد قتل الحسين بن علي- عليهما السّلام-. و ليس هكذا نقول.
و لكنّا نقول: إنّ اللّه تعالى أراد أن يكون معصية العاصين خلاف طاعة المطيعين.
و أراد أن تكون المعاصي غير منسوبة إليه من جهة الفعل، و أراد أن يكون موصوفا بالعلم بها قبل كونها.
و نقول: أراد اللّه أن يكون قتل الحسين معصية خلاف الطاعة 67 .
و نقول: أراد اللّه أن يكون قتله 68 منهيا عنه غير مأمور به.
و نقول: أراد اللّه تعالى أن يكون قتله مستقبحا غير مستحسن.
و نقول: أراد اللّه تعالى أن يكون قتله سخطا للّه غير رضى.