کتابخانه روایات شیعه
و نقول: أراد اللّه أن لا يدفع القتل عنه- عليه السّلام- كما دفع الحرق عن إبراهيم، حين قال تعالى للنار التي القي فيها: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ 71 .
و نقول: لم يزل اللّه تعالى عالما بأنّ الحسين سيقتل 72 و يدرك بقتله سعادة الأبد، و يشقى قاتله شقاوة الأبد.
و نقول: ما شاء اللّه كان، و ما لم يشأ لم يكن.
هذا اعتقادنا في الإرادة و المشيئة دون ما نسبه 73 إلينا أهل الخلاف و المشنّعون علينا من أهل الإلحاد.
[7] باب الاعتقاد في القضاء و القدر
قال الشيخ أبو جعفر- رحمة اللّه عليه-: اعتقادنا في ذلك
قَوْلُ الصَّادِقِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِزُرَارَةَ حِينَ سَأَلَهُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ- يَا سَيِّدِي 74 - فِي الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ؟ قَالَ:
«أَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا جَمَعَ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَأَلَهُمْ عَمَّا عَهِدَ إِلَيْهِمْ، وَ لَمْ يَسْأَلْهُمْ عَمَّا قَضَى عَلَيْهِمْ» 75 .
و الكلام في القدر منهي عنه، كما
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِرَجُلٍ قَدْ سَأَلَهُ عَنِ الْقَدَرِ، فَقَالَ: «بَحْرٌ عَمِيقٌ فَلَا تَلِجْهُ».
ثُمَّ سَأَلَهُ ثَانِيَةً فَقَالَ: «طَرِيقٌ مُظْلِمٌ فَلَا تَسْلُكْهُ»، ثُمَّ سَأَلَهُ ثَالِثَةً فَقَالَ: «سِرُّ اللَّهِ فَلَا تَتَكَلَّفْهُ» 76 .
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي الْقَدَرِ: «أَلَا إِنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ سِرِّ اللَّهِ، وَ سِتْرٌ مِنْ سِتْرِ اللَّهِ، وَ حِرْزٌ مِنْ حِرْزِ اللَّهِ، مَرْفُوعٌ فِي حِجَابِ اللَّهِ، مَطْوِيٌّ عَنْ خَلْقِ اللَّهِ، مَخْتُومٌ
بِخَاتَمِ اللَّهِ، سَابِقٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَضَعَ اللَّهُ عَنِ الْعِبَادِ عِلْمَهُ 77 وَ رَفَعَهُ فَوْقَ شَهَادَاتِهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَنَالُونَهُ بِحَقِيقَتِهِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَ لَا بِقُدْرَتِهِ الصَّمَدَانِيَّةِ، وَ لَا بِعَظَمَتِهِ النُّورَانِيَّةِ، وَ لَا بِعِزَّتِهِ الْوَحْدَانِيَّةِ 78 لِأَنَّهُ بَحْرٌ زَاخِرٌ مَوَّاجٌ خَالِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى، عُمْقُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، أَسْوَدُ كَاللَّيْلِ الدَّامِسِ، كَثِيرُ الْحَيَّاتِ وَ الْحِيتَانِ، يَعْلُو مَرَّةً وَ يَسْفُلُ أُخْرَى، فِي قَعْرِهِ شَمْسٌ تُضِيءُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَّلِعَ إِلَيْهَا إِلَّا الْوَاحِدُ الْفَرْدُ، فَمَنْ تَطَلَّعَ عَلَيْهَا 79 فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ، وَ نَازَعَهُ فِي سُلْطَانِهِ، وَ كَشَفَ عَنْ سِرِّهِ وَ سِتْرِهِ، وَ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* ، وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ* » 80 .
وَ رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَدَلَ مِنْ عِنْدِ حَائِطٍ مَائِلٍ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ؟ فَقَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «أَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ» 81 .
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنِ الرُّقَى، هَلْ تَدْفَعُ مِنَ الْقَدَرِ شَيْئاً؟ فَقَالَ:
«هِيَ مِنَ الْقَدَرِ» 82 .
[8] باب الاعتقاد في الفطرة و الهداية
قال الشيخ أبو جعفر- رحمه اللّه-: اعتقادنا في ذلك انّ اللّه تعالى فطر جميع الخلق على التوحيد، و ذلك قوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها 83 .
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ قَالَ: «حَتَّى يُعَرِّفَهُمْ مَا يُرْضِيهِ وَ مَا يُسْخِطُهُ».
وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها قَالَ: «بَيَّنَ لَهَا مَا تَأْتِي وَ مَا تَتْرُكُ».
وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً قَالَ «عَرَّفْنَاهُ إِمَّا آخِذاً وَ إِمَّا تَارِكاً».
وَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى قَالَ:
«وَ هُمْ يَعْرِفُونَ» 84 .
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ: «نَجْدَ الْخَيْرِ وَ نَجْدَ الشَّرِّ» 85 .
وَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا حَجَبَ اللَّهُ عِلْمَهُ عَنِ الْعِبَادِ فَهُوَ، مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ» 86 .
وَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّ اللَّهَ احْتَجَّ عَلَى النَّاسِ بِمَا آتَاهُمْ وَ عَرَّفَهُمْ» 87 .
[9] باب الاعتقاد في الاستطاعة
قال الشيخ- رحمه اللّه-: اعتقادنا في ذلك
مَا قَالَهُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ قِيلَ لَهُ: أَ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْتَطِيعاً؟
قَالَ: «نَعَمْ، بَعْدَ أَرْبَعِ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ مُخَلَّى السَّرْبِ 88 ، صَحِيحَ الْجِسْمِ، سَلِيمَ الْجَوَارِحِ، لَهُ سَبَبٌ وَارِدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ فَهُوَ مُسْتَطِيعٌ».
فَقِيلَ لَهُ: مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ؟
قَالَ: «يَكُونُ الرَّجُلُ مُخَلَّى السَّرْبِ صَحِيحَ الْجِسْمِ سَلِيمَ الْجَوَارِحِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَزْنِيَ إِلَّا أَنْ يَرَى امْرَأَةً، فَإِذَا وَجَدَ الْمَرْأَةَ فَإِمَّا أَنْ يَعْصِمَ فَيَمْتَنِعَ كَمَا امْتَنَعَ يُوسُفُ، وَ إِمَّا أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا فَيَزْنِيَ فَهُوَ زَانٍ، وَ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ بِإِكْرَاهٍ، وَ لَمْ يَعْصِ بِغَلَبَةٍ» 89 .
سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مُسْتَطِيعُونَ يَسْتَطِيعُونَ الْأَخْذَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ،
وَ التَّرْكَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ، وَ بِذَلِكَ ابْتُلُوا» 90 .