کتابخانه روایات شیعه
بِخَاتَمِ اللَّهِ، سَابِقٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَضَعَ اللَّهُ عَنِ الْعِبَادِ عِلْمَهُ 77 وَ رَفَعَهُ فَوْقَ شَهَادَاتِهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَنَالُونَهُ بِحَقِيقَتِهِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَ لَا بِقُدْرَتِهِ الصَّمَدَانِيَّةِ، وَ لَا بِعَظَمَتِهِ النُّورَانِيَّةِ، وَ لَا بِعِزَّتِهِ الْوَحْدَانِيَّةِ 78 لِأَنَّهُ بَحْرٌ زَاخِرٌ مَوَّاجٌ خَالِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى، عُمْقُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، أَسْوَدُ كَاللَّيْلِ الدَّامِسِ، كَثِيرُ الْحَيَّاتِ وَ الْحِيتَانِ، يَعْلُو مَرَّةً وَ يَسْفُلُ أُخْرَى، فِي قَعْرِهِ شَمْسٌ تُضِيءُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَّلِعَ إِلَيْهَا إِلَّا الْوَاحِدُ الْفَرْدُ، فَمَنْ تَطَلَّعَ عَلَيْهَا 79 فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ، وَ نَازَعَهُ فِي سُلْطَانِهِ، وَ كَشَفَ عَنْ سِرِّهِ وَ سِتْرِهِ، وَ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* ، وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ* » 80 .
وَ رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَدَلَ مِنْ عِنْدِ حَائِطٍ مَائِلٍ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ؟ فَقَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «أَفِرُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ» 81 .
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنِ الرُّقَى، هَلْ تَدْفَعُ مِنَ الْقَدَرِ شَيْئاً؟ فَقَالَ:
«هِيَ مِنَ الْقَدَرِ» 82 .
[8] باب الاعتقاد في الفطرة و الهداية
قال الشيخ أبو جعفر- رحمه اللّه-: اعتقادنا في ذلك انّ اللّه تعالى فطر جميع الخلق على التوحيد، و ذلك قوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها 83 .
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ قَالَ: «حَتَّى يُعَرِّفَهُمْ مَا يُرْضِيهِ وَ مَا يُسْخِطُهُ».
وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها قَالَ: «بَيَّنَ لَهَا مَا تَأْتِي وَ مَا تَتْرُكُ».
وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً قَالَ «عَرَّفْنَاهُ إِمَّا آخِذاً وَ إِمَّا تَارِكاً».
وَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى قَالَ:
«وَ هُمْ يَعْرِفُونَ» 84 .
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ قَالَ: «نَجْدَ الْخَيْرِ وَ نَجْدَ الشَّرِّ» 85 .
وَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا حَجَبَ اللَّهُ عِلْمَهُ عَنِ الْعِبَادِ فَهُوَ، مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ» 86 .
وَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّ اللَّهَ احْتَجَّ عَلَى النَّاسِ بِمَا آتَاهُمْ وَ عَرَّفَهُمْ» 87 .
[9] باب الاعتقاد في الاستطاعة
قال الشيخ- رحمه اللّه-: اعتقادنا في ذلك
مَا قَالَهُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ قِيلَ لَهُ: أَ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْتَطِيعاً؟
قَالَ: «نَعَمْ، بَعْدَ أَرْبَعِ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ مُخَلَّى السَّرْبِ 88 ، صَحِيحَ الْجِسْمِ، سَلِيمَ الْجَوَارِحِ، لَهُ سَبَبٌ وَارِدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ فَهُوَ مُسْتَطِيعٌ».
فَقِيلَ لَهُ: مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ؟
قَالَ: «يَكُونُ الرَّجُلُ مُخَلَّى السَّرْبِ صَحِيحَ الْجِسْمِ سَلِيمَ الْجَوَارِحِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَزْنِيَ إِلَّا أَنْ يَرَى امْرَأَةً، فَإِذَا وَجَدَ الْمَرْأَةَ فَإِمَّا أَنْ يَعْصِمَ فَيَمْتَنِعَ كَمَا امْتَنَعَ يُوسُفُ، وَ إِمَّا أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا فَيَزْنِيَ فَهُوَ زَانٍ، وَ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ بِإِكْرَاهٍ، وَ لَمْ يَعْصِ بِغَلَبَةٍ» 89 .
سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مُسْتَطِيعُونَ يَسْتَطِيعُونَ الْأَخْذَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ،
وَ التَّرْكَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ، وَ بِذَلِكَ ابْتُلُوا» 90 .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ: يَا مُوسَى، إِنِّي خَلَقْتُكَ وَ اصْطَفَيْتُكَ وَ قَوَّيْتُكَ، وَ أَمَرْتُكَ بِطَاعَتِي، وَ نَهَيْتُكَ عَنْ مَعْصِيَتِي، فَإِنْ أَطَعْتَنِي أَعَنْتُكَ عَلَى طَاعَتِي، وَ إِنْ عَصَيْتَنِي لَمْ أُعِنْكَ عَلَى مَعْصِيَتِي، وَ لِيَ الْمِنَّةُ عَلَيْكَ فِي طَاعَتِكَ لِي، وَ لِيَ الْحُجَّةُ عَلَيْكَ فِي مَعْصِيَتِكَ لِي» 91 .
[10] باب الاعتقاد في البداء
قال الشيخ أبو جعفر- رحمة اللّه- عليه-: إنّ اليهود قالوا انّ اللّه قد فرغ من الأمر.
قلنا: بل هو تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ، لا يشغله شأن عن شأن، يُحْيِي وَ يُمِيتُ* 92 ، و يخلق و يرزق، و يَفْعَلُ ما يَشاءُ* .
و قلنا: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ، و انّه لا يمحوا إلّا ما كان، و لا يثبت إلّا ما لم يكن.
و هذا ليس ببداء، كما قالت اليهود و اتباعهم 93 فنسبتنا اليهود في ذلك إلى القول بالبداء، و تابعهم على ذلك من خالفنا من أهل الأهواء المختلفة 94 .
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً قَطُّ حَتَّى يَأْخُذَ- عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ، وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ وَ يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ» 95
و نسخ الشرايع و الأحكام بشريعة نبيّنا محمد صلّى اللّه- عليه و آله و سلّم من ذلك، و نسخ الكتب بالقرآن من ذلك.
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ بَدَا [لَهُ] فِي شَيْءٍ الْيَوْمَ لَمْ يَعْلَمْهُ أَمْسِ فَابْرَءُوا مِنْهُ» 96 .
وَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَا لَهُ فِي شَيْءٍ بَدَاءَ نَدَامَةٍ، فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ».
و أمّا
قَوْلُ الصَّادِقِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَا بَدَا لِلَّهِ فِي شَيْءٍ كَمَا بَدَا لَهُ فِي ابْنِي إِسْمَاعِيلَ»