کتابخانه روایات شیعه
و نسخ الشرايع و الأحكام بشريعة نبيّنا محمد صلّى اللّه- عليه و آله و سلّم من ذلك، و نسخ الكتب بالقرآن من ذلك.
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ بَدَا [لَهُ] فِي شَيْءٍ الْيَوْمَ لَمْ يَعْلَمْهُ أَمْسِ فَابْرَءُوا مِنْهُ» 96 .
وَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَا لَهُ فِي شَيْءٍ بَدَاءَ نَدَامَةٍ، فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ».
و أمّا
قَوْلُ الصَّادِقِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَا بَدَا لِلَّهِ فِي شَيْءٍ كَمَا بَدَا لَهُ فِي ابْنِي إِسْمَاعِيلَ»
فإنّه يقول: ما ظهر للّه سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في ابني إسماعيل، «إذ اخترمه قبلي، ليعلم أنّه ليس بإمام بعدي» 97 .
[11] باب الاعتقاد في التناهي عن الجدل و المراء في اللّه عزّ و جلّ و في دينه
قال الشيخ أبو جعفر- رحمة اللّه- عليه-: الجدل في اللّه تعالى منهي عنه، لأنّه يؤدّي إلى ما لا يليق به.
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قَالَ: «إِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَمْسِكُوا» 98 .
وَ كَانَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «يَا بْنَ آدَمَ، لَوْ أَكَلَ قَلْبَكَ طَائِرٌ مَا أَشْبَعَهُ، وَ بَصَرُكَ لَوْ وُضِعَ عَلَيْهِ خَرْقُ إِبْرَةٍ لَغَطَّاهُ، تُرِيدُ أَنْ تَعْرِفَ بِهِمَا مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضِ. إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَهَذِهِ الشَّمْسُ خلقا [خَلْقٌ] مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَمْلَأَ عَيْنَكَ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا تَقُولُ» 99 .
و الجدل في جميع 100 امور الدين منهي عنه.
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْجَدَلِ تَزَنْدَقَ».
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «يَهْلِكُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ وَ يَنْجُو الْمُسْلِمُونَ، إِنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ» 101 .
فأمّا الاحتجاج على المخالفين 102 بقول الأئمّة أو بمعاني كلامهم لمن يحسن الكلام فمطلق، و على من لا يحسن فمحظور محرم.
وَ قَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «حَاجُّوا النَّاسَ بِكَلَامِي، فَإِنْ حَاجُّوكُمْ كُنْتُ أَنَا الْمَحْجُوجَ لَا أَنْتُمْ».
وَ رُوِيَ عَنْهُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «كَلَامٌ فِي حَقٍّ خَيْرٌ مِنْ سُكُوتٍ عَلَى بَاطِلٍ».
وَ رُوِيَ أَنَّ أَبَا هُذَيْلٍ الْعَلَّافَ قَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ: أُنَاظِرُكَ عَلَى أَنَّكَ إِنْ غَلَبْتَنِي رَجَعْتُ إِلَى مَذْهَبِكَ، وَ إِنْ غَلَبْتُكَ رَجَعْتَ إِلَى مَذْهَبِي.
فَقَالَ هِشَامٌ: مَا أَنْصَفْتَنِي! بَلْ أُنَاظِرُكَ عَلَى أَنِّي إِنْ غَلَبْتُكَ رَجَعْتَ إِلَى مَذْهَبِي، وَ إِنْ غَلَبْتَنِي رَجَعْتُ إِلَى إِمَامِي.
[12] باب الاعتقاد في اللوح و القلم
قال الشيخ أبو جعفر- رضي اللّه عنه-: اعتقادنا في اللوح و القلم أنّهما ملكان.
[13] باب الاعتقاد في الكرسي.
قال أبو جعفر- رحمه اللّه-: اعتقادنا في الكرسي أنّه وعاء جميع الخلق من 103 العرش و السموات و الأرض، و كل شيء خلق اللّه تعالى في الكرسي.
و في وجه آخر 104 هو العلم.
وَ قَدْ سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ؟
قَالَ: «عِلْمُهُ» 105 .
[14] باب الاعتقاد في العرش
قال الشيخ أبو جعفر- رحمه اللّه-: اعتقادنا في العرش أنّه جملة جميع الخلق.
و العرش في وجه آخر هو العلم.
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ؟
فَقَالَ: «اسْتَوَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَلَيْسَ شَيْءٌ، أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ» 106 .
فأمّا العرش الذي هو جملة جميع الخلق فحملته ثمانية من الملائكة، لكل واحد منهم ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا:
واحد منهم على صورة بني آدم، فهو يسترزق اللّه تعالى لولد آدم. واحد منهم 107 على صورة الثور، يسترزق اللّه للبهائم كلّها، و واحد منهم على صورة الأسد، يسترزق اللّه تعالى للسباع. و واحد منهم على صورة الديك، فهو يسترزق اللّه للطيور.
فهم اليوم هؤلاء الأربعة، فاذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.
وَ أَمَّا الْعَرْشُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ، فَحَمَلَتُهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْآخِرِينَ.
فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْأَوَّلِينَ: فَنُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى. وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْآخِرِينَ: فَمُحَمَّدٌ، وَ عَلِيٌّ، وَ الْحَسَنُ، وَ الْحُسَيْنُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ. هَكَذَا رُوِيَ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ عَنِ الْأَئِمَّةِ- عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- فِي الْعَرْشِ وَ حَمَلَتِهِ .
و إنّما صار هؤلاء حملة العرش الذي هو العلم 108 لأنّ الأنبياء الذين كانوا قبل نبيّنا صلّى اللّه- عليه و آله و سلّم كانوا على شرائع الأربعة 109 : نوح و إبراهيم و موسى و عيسى، و من قبل هؤلاء 110 صارت العلوم إليهم، و كذلك صار العلم من بعد محمد و علي و الحسن و الحسين- عليهم السّلام- إلى من بعد الحسين من الأئمّة- عليهم السّلام-.
[15] باب الاعتقاد في النفوس و الأرواح
قال الشيخ أبو جعفر- رحمه اللّه-: اعتقادنا في النفوس أنّها هي الأرواح التي بها الحياة، و انّها الخلق الأوّل،
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ- عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا أَبْدَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى هِيَ النُّفُوسُ الْمُقَدَّسَةُ الْمُطَهَّرَةُ 111 ، فَأَنْطَقَهَا بِتَوْحِيدِهِ، ثُمَّ خَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ سَائِرَ خَلْقِهِ».
و اعتقادنا فيها أنّها خلقت للبقاء و لم تخلق للفناء،
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ- عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «مَا خُلِقْتُمْ لِلْفَنَاءِ بَلْ خُلِقْتُمْ لِلْبَقَاءِ، وَ إِنَّمَا تُنْقَلُونَ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ».
و أنّها في الأرض غريبة، و في الأبدان مسجونة.
و اعتقادنا فيها أنّها إذا فارقت الأبدان فهي باقية، منها منعّمة، و منها معذّبة، إلى أن يردها اللّه تعالى بقدرته إلى أبدانها.
وَ قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ: «بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ، إنَّهُ لَا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ إِلَّا مَا نَزَلَ مِنْهَا».