کتابخانه روایات شیعه
تَعَالَى إِلَيْهِ: «أَ فَتُحِبُّ أَنْ أُحْيِيَهُمْ لَكَ؟». قَالَ: «نَعَمْ». فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ وَ بَعَثَهُمْ مَعَهُ.
فَهَؤُلَاءِ مَاتُوا وَ رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، ثُمَّ مَاتُوا بِآجَالِهِمْ.
فهذا مات مائة سنة و رجع إلى الدنيا و بقي فيها، ثم مات بأجله، و هو عزير 182 .
و قال تعالى في قصة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه: ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 183 .
وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا كَلَامَ اللَّهِ، قَالُوا: لَا نُصَدِّقُ بِهِ 184 حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، ... فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ فَمَاتُوا، فَقَالَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «يَا رَبِّ مَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَيْهِمْ؟». فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ لَهُ فَرَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، فَأَكَلُوا وَ شَرِبُوا، وَ نَكَحُوا النِّسَاءَ، وَ وُلِدَ لَهُمُ الْأَوْلَادُ، ثُمَّ مَاتُوا بِآجَالِهِمْ.
و قال اللّه عزّ و جلّ لعيسى- عليه السّلام-: وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي 185 .
فجميع الموتى الذين أحياهم عيسى- عليه السّلام- باذن اللّه رجعوا إلى الدنيا
و بقوا فيها، ثمّ ماتوا بآجالهم.
و أصحاب الكهف لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً 186 ثمّ بعثهم اللّه فرجعوا إلى الدنيا لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ ، و قصّتهم معروفة.
فإن قال قائل: إنّ اللّه عزّ و جلّ قال: وَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ 187 .
قيل له: فإنّهم كانوا موتى، و قد قال اللّه تعالى: قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ 188 و إن قالوا كذلك، فإنّهم كانوا موتى. و مثل هذا كثير.
و قد صحّ أنّ الرجعة كانت في الامم السالفة،
وَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ» 189
. فيجب على هذا الأصل أن تكون في هذه الأمّة رجعة.
وَ قَدْ نَقَلَ مُخَالِفُونَا أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ الْمَهْدِيُّ نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَصَلَّى خَلْفَهُ
، و نزوله إلى الأرض رجوعه. إلى الدنيا بعد موته 190 لأنّ اللّه تعالى قال: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَ 191 .
و قال: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً 192 .
و قال تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا 193 .
فاليوم الذي يحشر فيه الجميع 194 غير اليوم الذي يحشر فيه فوج.
و قال تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ 195 يعني في الرجعة، و ذلك انّه يقول تعالى 196 : لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ 197 و التبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة.
و ساجرّد في الرجعة كتابا ابيّن فيه كيفيّتها و الدلالة على صحّة كونها إن شاء اللّه.
و القول بالتناسخ باطل 198 و من دان بالتناسخ فهو كافر، لأنّ في التناسخ إبطال الجنّة و النّار.
[19] باب الاعتقاد في البعث بعد الموت
قال الشيخ- رضي اللّه عنه-: اعتقادنا في البعث بعد الموت انّه حق.
وَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ الرَّائِدَ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ. وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَتَمُوتُنَّ كَمَا تَنَامُونَ، وَ لَتُبْعَثُنَّ كَمَا تَسْتَيْقِظُونَ، وَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ دَارٌ إِلَّا جَنَّةٌ أَوْ نَارٌ
. و خلق جميع الخلق و بعثهم على اللّه عزّ و جلّ كخلق نفس واحدة و بعثها 199 ، قال تعالى: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ 200 ».
[20] باب الاعتقاد في الحوض
قال الشيخ- رضي اللّه عنه-: اعتقادنا في الحوض انّه حق، و انّ عرضه ما بين أيلة و صنعاء، و هو حوض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و انّ فيه من الأباريق عدد نجوم السماء 201 و أنّ الوالي عليه يوم القيامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، يسقي منه أولياءه، و يذود عنه أعداءه، و من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.
وَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «لَيَخْتَلِجَنَّ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِي دُونِي وَ أَنَا عَلَى الْحَوْضِ، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأُنَادِي: يَا رَبِّ، أَصْحَابِي، أَصْحَابِي. فَيُقَالُ لِي: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» 202 .
[21] باب الاعتقاد في الشفاعة
قال الشيخ- رحمه اللّه- اعتقادنا في الشفاعة أنّها لمن ارتضى اللّه دينه من أهل الكبائر و الصغائر، فأمّا التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة.
وَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِشَفَاعَتِي فَلَا أَنَالَهُ اللَّهُ شَفَاعَتِي» 203 .
وَ قَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «لَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ» 204 .
و الشفاعة للأنبياء و الأوصياء و المؤمنين و الملائكة.
و في المؤمنين من يشفع في مثل ربيعة و مضر، و أقل المؤمنين 205 شفاعة من يشفع لثلاثين إنسانا.
و الشفاعة لا تكون لأهل الشك و الشرك، و لا لأهل الكفر و الجحود، بل تكون للمذنبين من أهل التوحيد.
[22] باب الاعتقاد في الوعد و الوعيد
قال الشيخ- رضي اللّه عنه-: اعتقادنا في الوعد و الوعيد أنّ من وعده اللّه على عمل ثوابا فهو منجزه له، و من أوعده 206 على عمل عقابا فهو فيه بالخيار، فإن عذّبه فبعدله، و إن عفا عنه فبفضله 207 ، و ما اللّه بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ* .