کتابخانه روایات شیعه
كما يحتمل أن يحمل الأب أو العالم على خلاف ظاهره 83 .
و قوله: أمرني أبي تتمة لكلام روي في خبر آخر مثله.
أو ان إثبات (أبي) في مثل هذه الموارد ليس المقصود بها الإمام (عليه السلام)، بل أراد صاحب الكتاب أن يخرج الحديث بلفظ الراوي السابق، حتى يعرف الناظر الممارس من أي أصل أخذه، و من أي كتاب أخرجه.
*** و من الامور التي تنفي نسبة الكتاب إلى الرضا (عليه السلام) أن هناك كثيرا من العبائر التي ليست من كلامهم (عليهم السلام) مثل أروي. نروي .. قيل .. و نظائرها.
و لا يخفى على المتتبع، أن هذا صريح بعدم صدوره عنهم (عليهم السلام).
*** هذا و قد جاء في الكتاب ما هو مخالف لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) في كثير من الموارد:
فمنها: ما وقع في باب مواقيت الصلاة منه، من قوله: و إن غسلت قدميك و نسيت المسح عليهما، فإن ذلك يجزيك، لأنك قد أتيت بأكثر ممّا عليك، و ذكر اللّه الجميع في القرآن المسح و الغسل في قوله: (و أرجلكم إلى الكعبين) أراد به الغسل بنصب اللام و قوله: (و أرجلكم إلى الكعبين) بكسر اللام، أراد به المسح و كلاهما جائزان الغسل و المسح 84 .
و يقول السيد الخونساري في رسالته: فهو صريح المخالفة لضرورية من ضروريات المذهب، و الأنكى هو تعليله ثانيا جوازهما بجواز كل من قراءتي النصب و الخفض، و قوله أخيرا و كلاهما جائزان- الغسل و المسح- ممّا لا يحتمل شيئا من التأويلات الواقعة في بعض ما يضاهيه من الأخبار، من إرادة التنظيف قبل الوضوء أو المسح أو بعدهما و غير
ذلك، و يعطي جواز كل منهما مطلقا 85 .
و منها: ما وقع في تحديد مقدار الكر من الماء، و هو قوله: و العلامة في ذلك أن تأخذ الحجر 86 .
و هو حكم مخالف لما ذهب إليه علماؤنا، و انعقد الإجماع على خلافه، كما صرح به غير واحد من أعلامنا، منهم الشيخ الشهيد القائل: بأنّا لا نعرف قائلا به عدا الشلمغاني على ما حكاه جماعة، و هو قريب مما حكي عن أبي حنيفة من تحديده إياه 87 .
و ذكر المحدث النوري في مستدرك الوسائل 88 - بعد نقله هذا الخبر- قلت:
هذا التحديد لم ينقل إلّا من الشلمغاني، و هو قريب من مذهب أبي حنيفة، و لم يقل به أحد من أصحابنا، فهو محمول على التقية، و يحتمل بعيدا ملازمته في أمثال الغدير للتحديدين الأخيرين و يؤيده كلامه في البئر.
و منها: ما وقع في باب لباس المصلي منه، من جواز الصلاة في جلد الميتة، بتعليل أن دباغته طهارته 89 .
و لا يخفى أن ذلك متروك غير معمول به بين الأصحاب 90 .
و منها قوله: و قال العالم (عليه السلام): و إذا سقطت النجاسة في الاناء لم يجز استعماله، و إن لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته، مع وجود غيره، فإن لم يوجد غيره استعمل، اللهم إلّا أن يكون سقط فيه خمر فيتطهر منه، و لا يشرب الإ إذا لم يوجد غيره، و لا يشرب و لا يستعمل إلّا في وقت الضرورة و التيمم 91 .
و منها: ما وقع فيه من أحكام الشك و السهو في أجزاء الفرائض اليومية، حيث قال: و إن نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الاولى، فاعد صلاتك، لأنه إذا لم
تصح لك الركعة الأولى لم تصح صلاتك 92 .
و منها: ما وقع في باب النكاح، و هو أنه قسمه إلى أربعة أوجه، و جعل الوجه الأول نكاح ميراث، و اشترط فيه حضور شاهدين 93 .
و هو مخالف لأصول المذهب 94 .
و منها قوله: إن المعوذتين من الرقية، و ليستا من القرآن أدخلوها في القرآن 95 .
و هو رأي من آراء الجمهور شاذ، مخالف لجميع المسلمين، ينسب إلى ابن مسعود.
فقد ذكر العلّامة المجلسي في البحار 96 بعد نقله هذا الخبر، في البيانات التي عقدها لتوضيح و تفسير بعض الاخبار، قال: و أما النهي عن قراءة المعوذتين في الفريضة، فلعله محمول على التقية، قال في الذكرى 97 : أجمع علماؤنا و أكثر العامة على أن المعوذتين- بكسر الواو- من القرآن العزيز، و أنه يجوز القراءة بهما في فرض الصلاة و نفلها، و عن ابن مسعود أنهما ليستا من القرآن، و إنما نزلتا لتعويذ الحسن و الحسين (عليهما السلام)، و خلافه انقرض، و استقر الإجماع الآن من الخاصة و العامة على ذلك.
و منها في باب الإستقبال: قوله: و اجعل واحدا من الأئمة نصب عينيك 98 .
و منها: في باب الشهادات، و تجويزه أن يشهد لأخيه المؤمن، إذا كان له شاهد
واحد 99 .
و منها: توقيته وقت قضاء غسل الجمعة إلى الجمعة، و هو تمام أيام الأسبوع 100 ، و المروي المشهور هو اختصاصه بيوم السبت.
و منها قوله: لا بأس بتبعيض الغسل 101 .
و منها قوله بمسح الوجه كله في التيمم، و بمسح اليد إلى أصول الاصابع 102 .
و مثل هذه الموارد موارد أخرى، اكتفينا بما ذكرنا.
و لا غرو فقد غفل قبله المتبحرون لمّا سبقتهم الشبهة، و كم له من نظير، فقد نسبوا كتاب جامع الأخبار للصدوق و هو للشعيري، و كتاب البدع لميثم البحراني و هو لعلي بن أحمد الكوفي، و دعائم الإسلام للصدوق و هو للقاضي نعمان المصري، و كتاب الكشكول في بيان ما جرى على آل الرسول للعلّامة الحلي و هو للسيد حيدر الآملي، و كتاب عيون المعجزات للسيد المرتضى و هو للحسين بن عبد الوهاب المعاصر للسيد، و كتاب المجموع الرائق للشيخ الصدوق و هو للسيد هبة اللّه، إلى غير ذلك مما لا يخفى على الخبير بالكتب فتدبر 103 .
2- القول بأنه كتاب الشرائع
و ذهب البعض إلى أنه كتاب الشرائع 104 لشيخ القميين الشيخ أبي الحسن
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. والد الشيخ الصدوق، و المتوفى سنة تناثر النجوم و هي 329 هجرية.
و أدلتهم دائره بين أمور خمسة:
أحدها: أن يكون ذلك الكتاب مأخوذا من الرسالة.
و ثانيها: أن تكون الرسالة مأخوذة عنه.
و ثالثها: أن يكون كل منهما مأخوذا من ثالث.
و رابعها: أن يكون الرضوي مأخوذا مما أخذ من الرسالة.
و خامسها: عكسه،
و على كل من هذه الوجوه، يلزم عدم كونه من تاليفه (عليه السلام) 105 .
قال الشيخ الشهيد في الذكرى: إن الاصحاب كانوا يتمسكون ما يجدونه في شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه عند اعواز النصوص لحسن ظنهم به، و أن فتواه كروايته، فإن الظاهر أن كتاب الشرائع هي بعينها الرسالة إلى ولده كما قاله النجاشي 106 ، و هو أضبط من شيخ الطائفة في أمثال هذه الأمور، فيما يظهر من الشيخ في فهرسته من تغايرهما- حيث عدّ كلا منهما من كتب علي 107 ، و عطف أحدهما على الآخر- خلاف التحقيق 108 .
و قدم بعض مضامينها على بعض الأخبار المعتبرة، لأنها مأخوذة من الأخبار المعتمدة الصحيحة لديه ولدى والده، و إنه ممّا كان قدماء الأصحاب يعتنون بشأنه غاية الإعتناء.
لكن ما نسبه شيخنا الشهيد إليهم، و حكاه عن الشيخ أبي علي من أنهم كانوا يتمسكون بما يجدون فيه عند فقد الأدلة و إعواز النصوص، لا يخلو عن نظر.
و قوله ذلك لأجل أنهم كانوا يرونها أضعف من مجموع سائر النصوص المعتبرة،
باعتبار عدم صراحتها، و عدم كونها في صورة النص 109 .
و ما نقله العلّامة المجلسي في الإجازات، عن خط شيخنا الشهيد، من أن الشيخ أبا علي بن شيخنا الطوسي ذكر أن أول من ابتكر طرح الأسانيد، و جمع بين النظائر، و أتى بالخبر مع قرينه علي بن بابويه في رسالته إلى ابنه، و قال: و رأيت جميع من تأخر عنه يحمد طريقه فيها، و يعول عليه في مسائل لا يجدون النص عليها، لثقته و أمانته و موضعه من الدين و العلم. انتهى 110 .
و قد اعتمد الصدوق على رسالة أبيه اعتمادا كليا، حيث قدم بعض مضامينها على بعض الأخبار المعتبرة، و ليس هذا إلّا لأنها مأخوذة من الأخبار المعتمدة الصحيحة لديه ولدى أبيه، و قد تقدم موافقة أكثر عبائر هذا الكتاب لتلك الرسالة، فينبغي أن يعامل مع هذا الكتاب تلك المعاملة التي عاملها الصدوق مع رسالة أبيه.
و أجاب السيد الصدر في كتابه: ان الصدوق لو انكشف و اتضح لديه أن كلها مأخوذة من الأخبار الصحيحة لديه، فهو معذور في تلك المعاملة و لا بأس عليه فيها. و أما نحن فلم تنكشف لنا حقيقة الأمر، و لا اتضح لدينا أن كل ما في هذا الكتاب مأخوذ من روايات صحيحة لدينا و معتمد عليها عندنا، حتى نعتني بشأنه اعتناء الصدوق بكتاب أبيه 111 .
قال السيد صاحب رياض العلماء، بعد ذكره لترجمة السيد أمير حسين، و بعد نقل ما في أول البحار: ثم إنه قد يقال: ان هذا الكتاب بعينه رسالة علي بن بابويه إلى ولده الشيخ الصدوق، و انتسابه إلى الرضا (عليه السلام) غلط نشأ من اشتراك اسمه و اسم والده، فظن أنّه لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام)، حتى لقب تلك الرسالة بفقه الرضا (عليه السلام) و كان الأستاذ العلّامة (قدس سره) يميل إلى ذلك، و قد يؤيد ذلك بعد توافقهما في كثير من المسائل، باشتماله على غريب من المسائل، و من ذلك توقيت وقت قضاء غسل الجمعة إلى الجمعة، و هو تمام أيام الاسبوع الأخرى، و المروي المشهور هو اختصاصه بيوم السبت، و نحو ذلك من المطالب، لكن لو لم يشتبه الحال على هذا السيد لتم
له الدست، و ثبت ما اختاره الأستاذ سلمه اللّه تعالى. انتهى 112 .
و المراد من الاستاذ هو العلّامة العالم الموفق النحرير الخبير الأميرزا محمد بن الحسن الشيرواني الشهير بملا ميرزا، و بالأستاذ الإستناد العلّامة المجلسي 113 .
و قال السيد صاحب رياض العلماء: و أما الفقه الرضوي، فقد مر في ترجمة السيد أمير حسين، أن الحق أنه بعينه كتاب الرسالة المعروفة لعلي بن موسى بن بابويه القمي إلى ولده الصدوق محمد بن علي، و أن الإشتباه نشأ من اشتراك الرضا (عليه السلام) معه في كونهما أبا الحسن علي بن موسى. فتأمل 114 .
و قال السيد الجليل السيد حسين القزوينى في شرح الشرائع: كان الوالد العلّامة يرجح كونه رسالة والد الصدوق، محتملا كون عنوان الكتاب أولا هكذا: يقول عبد اللّه علي بن موسى، و زيد لفظ الرضا بعد ذلك من النساخ، لانصراف المطلق إلى الفرد الكامل الشائع المتعارف. و هذا كلام جيد، و لكن يبعده بعض ما اتفق في تضاعيف هذا الكتاب. انتهى 115 .
و لذا قال العلّامة المجلسي ما لفظه: و أكثر عباراته موافق لما ذكره الصدوق أبو جعفر بن بابويه، في كتاب من لا يحضره الفقيه، من غير سند، و ما يذكره والده في رسالته إليه، و كثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا و لا يعلم مستندها مذكورة فيه 116 .
و هذا القول مردود، فالكتاب غير كتاب الشرائع
قال المحقق السيد صاحب مفاتيح الأصول: