کتابخانه روایات شیعه
فصل في الصراط
قال أبو جعفر اعتقادنا في الصراط أنه حق و أنه جسر 420 421 .
قال الشيخ المفيد أبو عبد الله رحمه الله الصراط في اللغة هو الطريق فلذلك سمي الدين صراطا لأنه طريق إلى الصواب [و له سمي] 422 الولاء لأمير المؤمنين و الأئمة من ذريته ع صراطا 423 .
و من معناه
قال أمير المؤمنين ع أنا صراط الله المستقيم و عروته الوثقى التي لَا انْفِصامَ لَها .
يعني أن معرفته و التمسك به طريق إلى الله سبحانه.
و قد
جاء الخبر بأن الطريق يوم القيامة إلى الجنة كالجسر يمر به الناس و هو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله ص و عن شماله أمير المؤمنين ع و يأتيهما النداء من قبل الله تعالى أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ 424 .
و جاء الخبر أنه لا يعبر الصراط يوم القيامة إلا من كان معه براءة 425 من علي بن أبي طالب ع من النار 426 .
و جاء الخبر بأن الصراط أدق من الشعرة و أحد من السيف على الكافر (1).
و المراد بذلك أنه لا تثبت لكافر قدم على الصراط يوم القيامة من شدة ما
______________________________ [1] قال العلّامة الشّهرستانيّ في مجلّة «المرشد ص 179- 180 ج 1» في جواب هذا السّؤال:
من الوارد في الأخبار المأثورة عن الصّراط أنّه أدقّ من الشّعر و أحدّ من السّيف، فأيّ معنى يقصد من الشّعرة و السّيف؟
الجواب: لم يفصّل كتاب اللّه الحكيم من هذا القبيل شيئا، و قد استعمل لفظ الصّراط بمعنى الطّريق و المسلك المؤدّي إلى غاية قدسيّة مرغوبة؛ استعارة تمثّل شرع الحقّ المؤدّي إلى جنانه و رضوانه بالصّراط.
نعم؛ تضمّنت تفاصيل السّؤال بعض مرويّات قاصرة الإسناد- و لا ضير- فقد وردت في شرحها أحاديث اخرى عن أئمّة الإسلام تفسّر الصّراط الممدود بين النّار و الجنّة كالشّعرة دقّة، و كالسّيف حدّة بسيرة الإمام أمير المؤمنين- عليه السّلام-
و الحديث المجمع على صحّته ناطق بأنّ عليّا- عليه السّلام- قسيم النّار و الجنّة، و أنّ طريقته المثلى هي المسلك الوحيد المفضي إلى الجنان و الرّضوان.
و معلوم لدى الخبراء أنّ سيرة عليّ- عليه السّلام- كانت أدق من الشّعرة، فإنّه- عليه السّلام- ساوى في العطاء بين أكابر الصّحابة الكرام، كسهل بن حنيف، و بين أدنى مواليهم، و كان يقصّ من أكمام ثيابه لاكساء عبده، و يحمل إلى اليتامى و الأيامى أرزاقهم على ظهره في منتصف اللّيل، و يشبع الفقراء و يبيت طاوي الحشا، و يختار لنفسه من الطّعام ما جشب، و من اللّباس ما خشن، و يوزّع مال اللّه على عباد اللّه في كلّ جمعة ثمّ يكنس بيت المال و يصلّي فيه، و هو يعيش على غرس يمينه و كدّ يده، و حاسب أخاه عقيلا بأدقّ من الشّعرة في قصّته المشهورة 427 ، و طالب شريحا القاضي أن يساوي بينه و بين خصمه الإسرائيليّ عند المحاكمة. إلى غير ذلك من مظاهر ترويضه النّفس و الزّهد البليغ، حتّى غدا الاقتداء به في إمامة المسلمين فوق الطّوق.
و كما كانت سيرة عليّ- عليه السّلام- أدقّ من الشّعرة كانت مشايعته في الخطورة أحدّ من السّيف، نظرا إلى مزالق الأهواء و الشّهوات، و مراقبة السّلطات من بني أميّة و تتبّعهم أولياء عليّ- عليه السّلام- و أشياعه و أتباعه تحت كلّ حجر و مدر. چ.
يلحقهم من أهوال يوم 428 القيامة و مخاوفها فهم يمشون عليه كالذي يمشي على الشيء الذي هو أدق من الشعرة و أحد من السيف و هذا مثل مضروب لما يلحق الكافر من الشدة في عبوره على الصراط و هو طريق إلى الجنة و طريق إلى النار يشرف 429 العبد منه إلى الجنة 430 و يرى منه أهوال النار.
و قد يعبر به عن الطريق المعوج فلهذا قال الله تعالى وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً 431 فميز بين طريقه الذي دعي إلى سلوكه من الدين و بين طرق الضلال.
و قال الله تعالى فيما أمر به عباده من الدعاء و تلاوة القرآن اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ 432 فدل على أن ما سواه صراط غير مستقيم.
و صراط الله تعالى دين الله و صراط الشيطان طريق العصيان و الصراط في الأصل على ما بيناه هو الطريق و الصراط يوم القيامة هو الطريق المسلوك إلى الجنة أو 433 النار على ما قدمناه 434 .
فصل في العقبات على طريق المحشر
قال الشيخ أبو جعفر رحمه الله في العقبات اسم كل عقبة اسم فرض أو أمر أو نهي 435 436 .
قال الشيخ المفيد رحمه الله العقبات عبارة عن الأعمال الواجبات 437 و المساءلة عنها و المواقفة عليها و ليس المراد بها جبال في الأرض تقطع و إنما هي الأعمال شبهت 438 بالعقبات و جعل الوصف لما يلحق الإنسان في تخلصه من تقصيره 439 في طاعة الله تعالى كالعقبة التي يجهد صعودها و قطعها 440 .
قال الله تعالى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ 441 الآية فسمى سبحانه الأعمال التي كلفها العبد عقبات تشبيها لها بالعقبات و الجبال لما يلحق الإنسان في أدائها من المشاق كما يلحقه في صعود العقبات و قطعها.
قال أمير المؤمنين ع إن أمامكم عقبة كئودا 442 و منازل مهولة 443 لا بد من الممر بها و الوقوف عليها فإما برحمة من الله نجوتم و إما بهلكة ليس بعدها انجبار 444 445 .
أراد ع بالعقبة تخلص الإنسان من التبعات التي عليه و ليس كما ظنه الحشوية من أن في الآخرة جبالا و عقبات يحتاج الإنسان إلى قطعها ماشيا و راكبا 446 و ذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء و لا وجه لخلق عقبات تسمى بالصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و غيرها من الفرائض يسأم الإنسان أن يصعدها فإن كان مقصرا في طاعة الله حال ذلك بينه و بين صعودها إذ كان الغرض في القيامة المواقفة على الأعمال و الجزاء عليها بالثواب و العقاب و ذلك غير مفتقر إلى تسمية 447 عقبات و خلق جبال و تكليف قطع ذلك و تصعيبه 448 أو تسهيله مع أنه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه و تخرج له الوجوه و إذا لم يثبت بذلك خبر كان الأمر فيه ما ذكرناه 449 .
فصل في الحساب و الموازين 450
قال الشيخ أبو جعفر اعتقادنا في الحساب أنه حق 451 .
قال الشيخ المفيد رحمه الله الحساب هو المقابلة بين الأعمال و الجزاء عليها و المواقفة للعبد على ما فرط منه و التوبيخ له على سيئاته و الحمد على حسناته و معاملته في ذلك باستحقاقه و ليس هو كما ذهبت العامة إليه من مقابلة الحسنات بالسيئات و الموازنة 452 بينهما على حسب استحقاق الثواب و العقاب عليهما إذ كان التحابط بين الأعمال غير صحيح و مذهب المعتزلة فيه باطل غير ثابت و ما اعتمده 453 الحشوية في معناه غير معقول.