کتابخانه روایات شیعه
من المستحيل إثبات فاعل لم 43 يزل فاعلا و ليس بمنكر و لا مستحيل إثبات فاعل لا يزال فاعلا و بينوا أن نفي التناهي و الابتداء عن الأفعال من قبل أولها يخرجها من أن تكون أفعالا و ليس نفي التناهي عنها من قبل آخرها يخرجها من أن تكون أفعالا. و ذكروا أن نعيم أهل الجنة و عقاب أهل النار دائمان لا انقطاع لهما و لا آخر و لم يؤد ذلك إلى المحال و الفساد ما أدى إليه نفي التناهي عن الأفعال من قبل أولها. و قالوا ليس بمنكر أن يدخل داخل دارا بعد دار أبدا بغير انقطاع. و من المستحيل المنكر أن يدخل دارا قبل دار أبدا بلا أول. و قد استقصينا نحن هذا الكلام في مواضع كثيرة من كتبنا و ذكرناه في الملخص 44 و غيره من أجوبة المسائل و النقوض على المخالفين. و أما ما تضمنه السؤال من أن هذا يدل على أن الصنعة و الصانع قديمان لم يزالا فمناقضة ظاهرة لأن وصف المتصف بالقدم ينقض كونه صفة كما أن وصف القديم بأنه مصنوع ينقض كونه قديما. و هل هذا إلا تصريح بأن المحدث قديم و القديم محدث و لا خفاء بفساد ذلك. و هل آخر الجواب الوارد إلي من حضرة السيد الشريف المرتضى رضي الله عنه عن هذه الشبهة. و جميع ما تضمنه من إطلاق القول بأن بين القديم و أول المحدثات أوقات لا
أول لها فإنما المراد به تقدير أوقات دون أن يكون القصد أوقاتا في الحقيقة لأن الأوقات أفعال. فقد ثبت أن للأفعال أولا فلو قلنا إن بين القديم و أول الأفعال أوقاتا في الحقيقة لناقضناه و دخلنا في مذهب خصمنا نعوذ بالله من القول بهذا. جواب آخر عن هذه الشبهة و قد قال بعض أهل العلم إنه لا ينبغي أن نقول بين القديم و بين المحدث لأن هذه اللفظة إنما تقع بين شيئين محدودين و القديم لا أول له. و الواجب أن نقول إن وجود القديم لم يكن عن عدم. و نقول إنه لو أمكن وجود حوادث بلا نهاية و لم يتناقض ذلك لأمكن أن يفعلها حادثا قبل حادث لا إلى أول فيكون قد وجدت حوادث بلا نهاية. و لسنا نريد بذلك أنه كان قبل أن فعل مدة يزيد امتدادها لأن هذا هو الحدوث و التجدد و هو معنى الزمان و الحركة. فإن قال قائل إنه لا يثبت في الأوهام إلا هذا الامتداد. قيل له ليس يجب إذا ثبت في الوهم أن يكون صحيحا. أ ليس عندكم أنه ليس خارج العالم خلاء و ذلك غير متوهم. ثم يقال لهم أ يثبت في الوهم ذلك مع فرضكم نفي الحركات و التغييرات أم مع فرضكم إثبات ذلك. فإن قالوا مع فرضنا إثبات ذلك قيل لهم فيجب مع نفي ذلك أن لا يثبت هذا التوهم. و إن قالوا يثبت هذا التوهم مع فرضنا نفي ذلك. قيل لهم فقد ثبت في التوهم النقيضان لأن هذا التوهم هو أن ينتقل و يمتد. قال ثم يقال أ رأيتم لو قال لكم قائل ليس يثبت في ذهني موجود ليس في
جهة فيجب أن يكون الباري عز و جل في جهة أ ليس يكون يمكن أن يقال إنما يثبت ذلك في الوهم متى فرضتموه جسما. و أما متى فرضتموه غير جسم و لا متحيز فإنه لا يثبت ذلك في الوهم فهكذا يكون جوابنا لكم. ثم قال هذا المتكلم فإن قالوا فإذا لم تثبتوا مدة مديدة قبل الفعل فقد قلتم إن الباري سبحانه لم يتقدم فعله. قيل بل نقول إنه يتقدم على معنى أن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله و قولنا ثم يترتب 45 على عدم الفعل لا غير. قال و نقول إذا فعل الله سبحانه شيئا إنه يجوز أن يتقدم على معنى أنه يفعله فيكون بينه و بين يومنا من الحوادث أكثر مما هو الآن و ليس الكثرة و التقدم و التأخر راجعا إلا إلى الحوادث دون مدة يقع فيها. ثم تكلم في نفي المدة فقال و الذي يبين أن تقدم الحركات و تأخرها يثبت من دون مدة يقع فيها أنه لا يخلو هذه المدة من أن يكون شيئا واحدا لا امتداد فيه و لا ينقل من حال إلى حال أو يكون فيه تنقل و امتداد. و الأول يقتضي إثبات الزمان على غير الوجه المعقول و يقتضي أن تكون الأشياء غير متقدم بعضها على بعض إذا كان بالأجل تقدمه و تأخره تتقدم الأشياء و تتأخر ليس فيه تقدم و تأخر. فليت شعري أ ثبت التقدم و التأخر بنفسه أم بغيره إن كان يثبت فيه بغيره أدى إلى ما لا نهاية له و إن كان ذلك الزمان متقدما و متأخرا بنفسه من غير أن يكون في شيء متقدم و متأخر فهلا قيل ذلك في الحركات و استغني عن معنى غيرها
فصل و بيان
و هذه الطريقة التي حكيتها هي عندي قاطعة لمادة الشبهة كافية في إثبات الحجة على المستدل و هي مطابقة لاختيار أبي القاسم البلخي 46 لأنه لا يطلق 47 القول بأن بين القديم و أول المحدثات مدة. و يقول إنه أي الصانع تعالى قبلها بمعنى أنه كان موجودا ثم وجدت و هو معنى ما ذكر هذا المتكلم في قوله إن وجوده قارن عدم فعله ثم قارن وجود فعله فهو على هذا الوجه قبل أفعاله. و اعلم أيدك الله أن العبارات في هذه المواضع تضيق عن المعاني و تدعو الضرورة إلى النطق بما عهد و وجد في الشاهد و إن لم يكن المراد حقيقة في المتعارف و يجوز ذلك إذا كان مؤديا لحقيقة المعنى إلى النفس كقولنا قبل و بعد و كان و ثم فليس المعهود في الشاهد استعمال هذه الألفاظ إلا في الأوقات و المدد. فإذا قلنا إن الله تعالى كان قبل خلقه ثم أوجد خلقه فليس هذا التقديم و التأخير مفيدا لأوقات و مدد و قد يتقدم بعضها على بعض بأنفسها من غير أن يكون لها أوقات أخر. و كذلك ما يطلق به اللفظ من قولنا إن وجود الله قبل وجود خلقه. فليس الوجود في الحقيقة معنى غير الموجود و إنما هو اتساع في القول و المعنى مفهوم معقول. و قد سأل أبو القاسم البلخي نفسه فقال إن قال قائل أخبرونا عن أول فعل فعله الله تعالى أ كان من الجائز أن يفعل قبل غيره
و أجاب عن ذلك فقال هو جائز بمعنى أن يكون لم يفعله و فعل غيره بدله و فعله هو فأما غير ذلك فلا يجوز لأنه يؤدي إلى المحال. و في هذا القدر كفاية في الكلام على الملحدة الدهرية و الحمد لله
مسألة في تأويل خبر
إن سأل سائل فقال ما معنى
قَوْلِ النَّبِيِّ ص فِي الْخَبَرَ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ.
الجواب قيل له الوجه في ذلك أن الملحدين و من نفى الصانع من العرب كانوا 48 ينسبون ما ينزل به من أفعال الله تعالى كالمرض و العافية و الجدب و الخصب و الفناء إلى الدهر جهلا منهم بالصانع جلت عظمته و يذمونه في كثير من الأحوال من حيث اعتقدوا أنه الفاعل بهم هذه الأفعال فنهاهم النبي ص عن ذلك و قال لهم لا تسبوا من فعل بكم هذه الأفعال ممن يعتقدون أنه هو الدهر فإن الله تعالى هو الفاعل لهذه الأفعال و إنما قال إن الله هو الدهر من حيث نسبوا إلى الدهر أفعال الله تعالى. و قد حكى الله تعالى عنهم قولهم ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ و قال لبيد 49
في قروم سادة من قومه
نظر الدهر إليهم و ابتهل
أي دعا عليهم 50 . قصيدة في الآداب و الأمثال لابن دريد 51
ما طاب فرع لا يطيب أصله
حمى مؤاخاة اللئيم فعله
و كل من آخى لئيما مثله
من يشتكي الدهر يطل في الشكوى
فالدهر ما ليس عليه عدوى
مستشعر الحرص عظيم البلوى
من أمن الدهر أتى من مأمنه
لا تستثر ذا لبد 52 من مكمنه
و كل شيء يبتغى من معدنه
لكل ناع ذات يوم ناعي
و إنما السعي بقدر الساعي
قد يهلك المرعي عنف الراعي
من يترك القصد تضق مذاهبه
دل على فعل امرئ مصاحبه
لا تركب الأمر و أنت عائبه
من لزم التقوى استبان عدله
من ملك الصبر عليه عقله
نجا من العار و بان فضله
يجلو اليقين كدر الظنون
و المرء في تقلب الشئون
حتى توفاه يد المنون
يا رب حلو سيعود سما
و رب حمد تحوز ذما
و رب روح 53 سيصير هما
من لم تصل فارض إذ حباكا
و أوله حمدا إذا قلاكا
أو أوله منك الذي أولاكا
ما لك إلا عليك مثله
لا تحمدن المرء ما لم تبله
و المرء كالصورة لو لا فعله
يا ربما أدرئت اللجاجة
ما ليس للمرء إليه حاجة
و ضيق أمر يبتغي انفراجه
ليس يقي من لم يق الله الحذر
و ليس يقدر امرؤ على القدر
و القلب يعمى مثلما يعمى البصر
كم من وعيد يخرق الآذانا
كأنما يعنى به سوانا
أصمنا الإهمال بل أعمانا
ما أفسد الخرق و ساء الرفق
و خير ما أنبأ عنك الصدق
كم صعقة دل عليها البرق
لكل ما يؤذي و إن قل ألم
ما أطول الليل على من لم ينم
و سقم عقل المرء من شر السقم
أعداء غيب إخوة التلاقي
يا سوأتا لهذه الأخلاق
كأنما اشتقت من النفاق
أنف الفتى و هو صريم أجدع 54
من وجهه و هو قبيح أشنع