کتابخانه روایات شیعه
ما منك من لم يقبل المعاتبة
و شر أخلاق الفتى المؤاربة
ينجيك مما نكره المجانبة
متى تصيب الصاحب المهذبا
هيهات ما أعسر هذا المطلبا
و شر ما طالبته ما استصعبا
أف لعقل الأشمط النصاب
رب معيب فعله عياب
ذم الكلام حذر الجواب
لكل ما يجري جواد كبوة
ما لك إلا إن قبلت عفوه
من ذا الذي يسقيك عفوا صفوه
لا يسلك الشر سبيل الخير
و الله يقضي ليس زجر الطير
كم قمر عاد إلى قمير
لم يجتمع جمع لغير بين
لفرقه كل اجتماع اثنين
يعمى الفتى و هو البصير العين
الصمت إن ضاق الكلام أوسع
لكل جنب ذات يوم مصرع
كم جامع لغيره ما يجمع
ما لك إلا ما بذلت مال
في طرفة العين يحول الحال
و دون آمال الفتى الآجال
كم قد بكت عين و ليس تضحك
و ضاق من بعد اتساع مسلك
لا تبرمن أمرا عليك يملك
خير الأمور ما حمدت غبه
لا يرهب المذنب إلا ذنبه
و المرء مقرون بمن أحبه
كل مقام فله مقال
كل زمان فله رجال
و للعقول تضرب الأمثال
دع كل أمر منه يوما تعتذر
عف كل ورد غير محمود الصدر
لا تنفع الحيلة في ماضي القدر
نوم امرئ خير له من يقظة
لم يرضه فيه الكرام الحفظة
و في صروف الدهر للمرء عظة
مسألة الناس لباس ذل
من عف لم يسأم و لم يمل
فارض من الأكثر بالأقل
جواب سوء المنطق السكوت
قد أفلح المبتدئ الصموت
ما حم 55 من رزقك لا يفوت
في كل شيء عبرة لمن عقل
قد يسعد المرء إذا المرء اعتدل
ترجو غدا و دون ما ترجو الأجل
من لك بالمحض و ليس محض
يخبث بعض و يطيب بعض
و رب أمر قد نهاه النقض
كم زاد في ذنب جهول عذره
ذا مرض يعنى عليك أمره
يخشى امرؤ شيئا و لا يضره
يا رب إحسان يعود ذنبا
و رب سلم سيعود حربا
و ذو الحجى يحمل إن أحبا
قد يدرك المعسر في إعساره
ما لم يبلغ الموسر في إيساره
و ينتهي الهاوي إلى قراره
الشيء في نقص إذا تناها
و النفس تنقاد إلى رداها
مذعنة يحتث سائقاها
الناس في فطرتهم سواء
و إن تساوت بهم الأهواء
كل بقاء بعده فناء
لم يغل شيء و هو موجود الثمن
مال الفتى ما قصه لا ما احتجن
إذا حوى جثمانه ثرى الجبن
المال يحكي الغي في أثقاله
و إنما المنفق من أمواله
ما غمر الخلة من سؤالهمن لاح في عارضة القتير 56
فقد أتاه بالبلى النذير
ثم إلى ذي العزة المصير
رأيت غب الصبر مما يحمد
و إنما النفس كما تعدد
و شر ما يطلب ما لا يوجد
إن اتباع المرء كل شهوة
ليلبس القلب لباس قسوة
و كبوة العجب أشد كبوة
من يزرع المعروف يحصد ما رضي
لكل شيء غاية ستنقضي
و الشر موقوف لدى التعرض
لا يأكل الإنسان إلا ما رزق
ما كل أخلاق الرجال تتفق
هان على النائم ما يلقى الأرق
من يلذع الناس يجد من يلذعه
لسان ذي الجهل وشيكا يوقعه
لا يعدم الباطل حقا يدمغه
كل زمان فله نوابغ
و الحق للباطل ضد دامغ
لا يغصك المشرب و هو سائغ
رب رجاء قص من مخافة
و رب أمن سيعود آفة
ذو النجح لا يستبعد المسافة
كم من عزيز قد رأيت ذلا
و كم سرور مقبل تولى
و كم وضيع شال فاستقلا
لا خير في صحبة من لا ينصف
و الدهر يجفو أمره و يلطف
و الموت يفني كل عين تطرف
رب صباح لامرئ لا يمسه
حتف الفتى موكل بنفسه
حتى يحل في ضريح رمسه
إني أرى كل جديد بالي
و كل شيء فإلى زوال
فاستشف من جهلك بالسؤال
آن رحيلا فأعد الزادا
آن معادا فاحذر المعادا
لا يملك العمر و إن تمادى
إنك مربوب مدين تسأل
و الدهر عن ذي غفلة لا يغفل
و كلما قدمته محصل
حتى يجيء يومك المؤجل
فصل
رُوِيَ عَنْ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ ع أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَتَمَ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ رِضَاهُ فِي طَاعَتِهِ وَ كَتَمَ سَخَطَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ وَ كَتَمَ وَلِيَّهُ فِي خَلْقِهِ وَ لَا يَسْتَخِفَّ أَحَدُكُمْ شَيْئاً مِنَ الطَّاعَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّهَا رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَ لَا يَسْتَقِلَّنَّ أَحَدُكُمْ شَيْئاً مِنَ الْمَعَاصِي فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّهَا سَخَطُ اللَّهِ وَ لَا يُزْرِيَنَّ أَحَدُكُمْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُّهُمْ وَلِيُّ اللَّهِ.
وَ مِنْ كَلَامِهِ ص مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَ سَاءَتْهُ مَعْصِيَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَّا لِرَجُلَيْنِ عَالِمٍ مُطَاعٍ وَ مُسْتَمِعٍ وَاعٍ كَفَى بِالنَّفْسِ غِنًى وَ بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا لَا تَنْظُرُوا إِلَى صَغِيرِ الذَّنْبِ وَ لَكِنِ انْظُرُوا إِلَى مَنِ اجْتَرَأْتُمْ.
وَ قَالَ ع آفَةُ الْحَدِيثِ الْكَذِبُ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ وَ آفَةُ الطرف [الظَّرْفِ] الصَّلَفُ لَا حَسَبَ إِلَّا بِتَوَاضُعٍ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِتَقْوَى وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ وَ لَا عِبَادَةَ إِلَّا بِيَقِينٍ
إِنَّ الْعَاقِلَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ إِنْ كَانَ ذَمِيمَ الْمَنْظَرِ حَقِيرَ الْخَطَرِ وَ إِنَّ الْجَاهِلَ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَ إِنْ كَانَ جَمِيلَ الْمَنْظَرِ عَظِيمَ الْخَطَرِ أَفْضَلُ النَّاسِ أَعْقَلُ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ الْعَقْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ كَمُلَ عَقْلُهُ وَ مَنْ لَمْ تَكُ فِيهِ فَلَا عَقْلَ لَهُ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَ حُسْنُ الطَّاعَةِ وَ حُسْنُ الصَّبْرِ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ آلَةٌ وَ عُدَّةٌ وَ آلَةُ الْمُؤْمِنِ وَ عُدَّتُهُ الْعَقْلُ وَ لِكُلِّ تَاجِرٍ بِضَاعَةٌ وَ بِضَاعَةُ الْمُجْتَهِدِينَ الْعَقْلُ وَ لِكُلِّ خَرَابٍ عِمَارَةٌ وَ عِمَارَةُ الْآخِرَةِ الْعَقْلُ وَ لِكُلِّ سَفَرٍ 57 فُسْطَاطٌ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ وَ فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ الْعَقْلُ.
فصل
رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ص أَنَّهُ قَالَ: الْعَقْلُ وِلَادَةٌ وَ الْعِلْمُ إِفَادَةٌ وَ مُجَالَسَةُ الْعُلَمَاءِ زِيَادَةٌ.
وَ رُوِيَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: هَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى آدَمَ ع فَقَالَ يَا آدَمُ أُمِرْتُ أَنْ أُخَيِّرَكَ فِي ثَلَاثٍ فَاخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً وَ دَعِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ آدَمُ وَ مَا الثَّلَاثُ قَالَ الْعَقْلُ وَ الْحَيَاءُ وَ الدِّينُ فَقَالَ آدَمُ فَإِنِّي قَدِ اخْتَرْتُ الْعَقْلَ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ لِلْحَيَاءِ وَ الدِّينِ انْصَرِفَا فَقَالا يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَقْلِ حَيْثُ كَانَ قَالَ فَشَأْنَكُمَا وَ عَرَجَ.
مسألة إن سأل سائل فقال كيف يحسن مخاطبة الحياء و الدين و كيف يصح منهما النطق و هما داخلان في باب الأعراض التي لا تقوم بأنفسها و لا تصح الحياة و النطق منهما. الجواب قيل له هذا مجاز من القول و توسع في الكلام و المعنى فيه أنهما لو كانا حيين قائمين بأنفسهما تصح المخاطبة لهما و النطق لكان هذا حكمهما و المحكي عنهما جوابهما.
و قد يستعمل العرب ذلك في كلامها و هو نوع من أنواع فصاحتها قال الشاعر
امتلأ الحوض و قال قطني 58
مهلا رويدا قد ملأت بطني
و نحن نعلم أن الحوض لا يصح منه النطق و لكنه استعار النطق لأنه عنده لو كان في صورة ما ينطق لكان هذا قوله. خبر آخر في هذا المعنى و هو المشتهر بين الخاصة و العامة
مِنْ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَقْلُ فَقَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ فَقَالَ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ بِكَ أُعْطِي وَ بِكَ أَمْنَعُ وَ بِكَ أُثِيبُ وَ بِكَ أُعَاقِبُ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَا أَكْمَلْتُكَ إِلَّا فِيمَنْ أَحْبَبْتُ 59 .
فالمعنى فيه نظير ما تقدم هو أن العقل لو كان قائما بنفسه حتى يوجد مفردا لكان أول شيء خلقه الله تعالى لفضله و لأن المنازل العالية لا تستحق إلا به و لو كان حيا قادرا لصح منه امتثال أمر الشارع إلى ما يؤمر به و لم يقع خلاف للمراد منه. و هذا كله بينة على شرف العقل و جلالته و حث على وجوب الرجوع إليه و التمسك بحججه و في القرآن لذلك نظائر
فصل مما ورد في القرآن في هذا المعنى
فمن ذلك قول الله عز و جل إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فدليل شاهد بأن المراد بذلك ليس هو القول و لا يصح فيه حقيقة الأمر لأنه لو كان يأمر الشيء في الحقيقة بالكون كان لا يخلو من حالين