کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

كنز الفوائد

الجزء الأول‏ [مقدمة المحقق‏] مقدّمة مؤلف الكتاب‏ «شيوخ المؤلّف و أساتذته» «تلاميذ المؤلّف» «مؤلّفاته» هذا الكتاب‏ مختصر من الكلام في أن للحوادث أولا دليل آخر على تناهي ما مضى‏ مسألة على الملحدة مسألة أخرى عليهم‏ دليل آخر على أن للأفعال الماضية أولا فصل و بيان‏ مسألة في تأويل خبر فصل‏ فصل‏ فصل مما ورد في القرآن في هذا المعنى‏ مسألة من عويص النسب‏ فصل في ذكر الدنيا فصل في ذكر الأمل‏ فصل في ذكر الموت‏ فصل في ذكر الموت و القتل و ما بينهما فصل في معرفة الاسم و الصفة أسماء الله و حقيقتها فصل في معرفة أسماء الله تعالى و حقيقتها فصل في تمييز صفات الله تعالى‏ بيان صفات الذات و الدليل عليها بيان صفات الأفعال‏ فصل في فروق صفة الذات و صفة الفعل‏ بيان صفات المجاز فصل من كلام شيخنا المفيد رضي الله تعالى عنه في الإرادة فصل‏ فصل من القول في أن الإرادة موجبة فصل‏ القول في الغضب و الرضا القول في الحب و البغض‏ القول في سميع و بصير القول في الخالق‏ فصل في صفة أهل الإيمان‏ فصل‏ فصل مما جاء نظما في الإخوان‏ فصل آخر في ذكر الإخوة و الإخوان‏ شبهة المجبرة فصل‏ قبح التكليف بما لا يطاق‏ فصل من القول في أن الله تعالى لا يكلف عباده ما لا يطيقون‏ فصل من القول في أن القدرة على الإيمان هي قدرة على الكفر فصل من القول في أن القدرة على الفعل توجد قبله‏ فصل من القول في أن القدرة غير موجبة للفعل‏ أفعال الإنسان‏ فصل من القول في أن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد و أنها فعل لهم على سبيل الإحداث و الإيجاد فصل من القول أن الله تعالى لا يريد من خلقه إلا الطاعة و أنه كاره للمعاصي كلها إيراد على أهل الجبر فصل‏ حكاية للمؤلف في مجلس بعض الرؤساء جناية المجبرة على الإسلام‏ فصل‏ التجوز في التعبير بالاستطاعة عن الفعل و بنفيها عن نفيه‏ فصل‏ شبهة للمجبرة من هم القدرية فصل في معرفة القدرية تهمة المعتزلة للشيعة بالإرجاء فصل‏ أغلاط للمعتزلة فصل‏ نظرية الأصلح‏ فصل‏ نقوض على هذه النظرية مع دفعها رأي الجبائي و من تبعه من المعتزلة في الترك و مناقشة المصنف له‏ فصل من الكلام في الترك‏ فصل‏ مواعظ و كلمات في النهي عن الظلم‏ فصل مما ورد في ذكر الظلم‏ كلمات لأمير المؤمنين ع و غيره في ذم الحسد فصل‏ فصل‏ فصل أقوال و كلمات في الصبر قصة ذريب بن ثملا وصي عيسى ابن مريم ع‏ فصل‏ شرح قوله و لعن آخر أمتكم أولها فصل‏ رسالة للمؤلف‏ فصل في ذكر مولد سيدنا رسول الله ص و وصف شي‏ء من فضله‏ فصل في ذكر شي‏ء من معجزات رسول الله ص و باهر آياته‏ فصل من البيان عن إعجاز القرآن‏ دليل على حدوث العالم‏ فصل في الأشعار المأثورة عن أبي طالب بن عبد المطلب ره التي يستدل بها على صحة إيمانه‏ فصل من أخبار عبد المطلب رضي الله عنه‏ خبر رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي‏ ملك اليمن التي تأولها سطيح و شق‏ دليل في تثبيت الصانع‏ مسألة على نفاة الحقائق‏ مسألة على مبطلي النظر و حجج العقل‏ فصل ما جاء في الحديث في العقل‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ص في العقل‏ فصل من الاستدلال على صحة نبوة رسول الله ص‏ فصل مما في التوراة يتضمن البشارة بنبينا ص و بأمته المؤمنين‏ فصل في الإنجيل‏ فصل من أخبار الوافدين على رسول الله ص للإسلام و ما رأوه قبل قدومهم من الأعلام و ما شاهدوه من أحوال الأصنام‏ و خبر ذباب‏ و خبر زمل بن عمرو العدوي‏ خبر عمرو بن مرة الجهني‏ و خبر ركانة و ما فيه من الآية و خبر أهيب بن سماع‏ فصل من كلام سيدنا رسول الله ص‏ فصل من البيان و السؤال‏ فصل من كلام جعفر بن محمد الصادق ع مما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله عز و جل و بدينه‏ فصل آخر من السؤال و البيان‏ شبهة للبراهمة في النبوة مختصر من الكلام على اليهود في إنكارهم جواز النسخ في الشرع‏ فصل في ذكر البداء فصل‏ بيان عن قول النصارى و مسألة عليهم لا جواب لهم عنها فصل آخر من قولهم و كلام عليهم‏ فصل من قولهم‏ فصل من الألفاظ التي يقرون أن المسيح ع قالها و هي دالة على بطلان مذهبهم فيه‏ فصل‏ رسالة كتبتها إلى أحد الإخوان و سميتها بالبيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان‏ فصل في ذكر مولد أمير المؤمنين ص‏ و مما عملته لبعض الإخوان كتاب الإعلام بحقيقةإسلام أمير المؤمنين ع و به نستعين‏ فصل يجب أن يقدم القول بأن أمير المؤمنين ص أسلم‏ فصل من البيان عن أن أمير المؤمنين ع أول بشر سبق إلى الإسلام بعد خديجة ع‏ فصل في أن إسلامه ع كان عن بصيرة و استدلال‏ فصل في البلوغ‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل في فضل اقتناء الكتب‏ فصل‏ فصل أجبت به بعض الإخوان عن ثلاث آيات من القرآن‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل في الوعظ و الزهد فصل في ذكر مجلس جرى لي ببليس‏ فصل‏ فصل من المقدمات في صناعة الكلام‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ص في ذكر العلم‏ فصل من كلامه ع في ذكر الحلم و حسن الخلق‏ فصل‏ رسالة كتبتها إلى بعض الإخوان تتضمن كلاما في وجوب الإمامة فصل من الحديث‏ فصل حديث عن الإمام الرضا أحاديث‏ القرآن يدل على إمامة علي ع‏ فصل من مستطرفات مسائل الفقه في الإنسان‏ المسيح يخاطب الدنيا فصل من كلام سيدنا رسول الله ص في الدنيا فصل من كلام أمير المؤمنين ص في هذا المعنى‏ فصل من الكلام في تثبيت إمامة صاحب الزمان المهدي بن الحسن و إمامة آبائه ع‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ مواعظ فصل من كلام رسول الله ص‏ قصة وقعت للمؤلف‏ فصل من أمالي شيخنا المفيد رحمه الله‏ خبر يحيى بن يعمر مع الحجاج‏ فصل من القول في القضاء و القدر الحجاج يسأل عن القضاء و القدر أبو حنيفة مع الإمام موسى بن جعفر كلام الصادق لزرارة فصل من كلام أمير المؤمنين و آدابه و حكمه ع‏ فصل من الكلام في الغيبة و سببها فصل من مسائل الفقه المستطرفة فصل من كلام أمير المؤمنين ص في ذكر النساء فصل مما روي عن المتقدمين في ذكر النساء فصل من ذكر المرضى و العيادة فصل من خطبة لرسول الله ص في ذكر الموت و الوعظ فصل مما روي في القبور و الدفائن‏ مسألة من عويص الفقه لأبي النجا محمد بن المظفر فصل‏ صدر للمعلق‏ مراجع الكتاب‏ فهرس الجزء الأول من الكتاب‏ الجزء الثاني‏ الأدلة على أن الصانع واحد فصل من كلام رسول الله ص في الخصال من واحد إلى عشرة فصل من فضائل أمير المؤمنين ع و النصوص عليه من رسول الله ص‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و آدابه في فضل الصمت و كف اللسان‏ مختصر التذكرة بأصول الفقه‏ فصل من عيون الحكم و نكت من جواهر الكلام‏ أبو حنيفة مع الإمام الصادق فصل‏ حديث الإمام الصادق‏ فصل من الاستدلال على أن الله تعالى ليس بجسم‏ نسخة كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع‏ جواب أمير المؤمنين صلوات الله عليه و سلامه‏ نسخة كتاب آخر جواب أمير المؤمنين ع‏ مسألة فقهية مسألة أخرى منظومة حديث‏ منام‏ فصل من السؤال يتعلق بهذا المقام‏ مبيت علي ع في فراش رسول الله ص ليلة الهجرة فصل من روايات ابن شاذان رحمه الله‏ مسألة فصل في الرؤيا في المنام‏ فصل‏ أحاديث عن أبي ذر الغفاري‏ مسائل في المواريث‏ قضية مستطرفة لأمير المؤمنين ع لم يسبقه إليها أحد من الناس‏ شبهات للملاحدة فصل في ذكر سؤال ورد إلي من الساحل و جوابي عنه في صحة العبادة بالحج‏ قصة وقعت مع المؤلف‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع‏ فصل‏ دليل النص بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين ع‏ فصل و زيادة فصل من الوصايا و الإقرارات المبهمة العويصة فصل في ذكر هيئة العالم‏ فصل من الكلام في أن الله تعالى لا يجوز أن يكون له مكان‏ فصل في ذكر العلم و أهله و وصف شرفه و فضله و الحث عليه و الأدب فيه‏ مسألة مسألة كتاب البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان‏ خبر قس و ما قاله بسوق عكاظ فصل من الكلام في هذا الخبر خبر المعمر المغربي‏ فصل في الكلام في الآجال‏ فصل‏ مسألة فقهية ذكرها شيخنا أبو عبد الله المفيد رضوان الله عليه‏ خبر ضرار بن ضمرة عند دخوله على معاوية فصل مما جاء في الخصال‏ فصل من الاستدلال على صحة النص بالإمامة على أمير المؤمنين ع من قول النبي ص أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي‏ فصل‏ فصل من آداب أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل‏ فصل‏ قضية لأمير المؤمنين ع‏ مسألة في المني و نجاسته و وجوب غسل الثوب منه‏ فصل‏ سؤال عن آيات‏ فصل مما ورد في ذكر النصف‏ فصل من الأدب‏ فصل في ذكر الغنى و الفقر فصل في الكلام في الأرزاق‏ فصل مما روي في الأرزاق‏ فصل‏ ذكر مجلس‏ ذكر مجلس‏ مسألة فصل من الاستدلال بهذه الآية على صحة الإمامة و العصمة نصوص مفقودة من نسخة الكتاب المطبوعة فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فهرس الجزء الثاني‏

كنز الفوائد


صفحه قبل

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 81

فصل من كلام شيخنا المفيد رضي الله تعالى عنه في الإرادة

قال الإرادة من الله جل اسمه نفس الفعل و من الخلق الضمير و أشباهه مما لا يجوز إلا على ذوي الحاجة و النقص. و ذاك أن العقول شاهدة بأن القصد لا يكون إلا بقلب كما لا تكون الشهوة و المحبة إلا لذي قلب و لا تصح النية و الضمير و العزم إلا على ذي خاطر يصور معها في الفعل الذي تغلب عليه الإرادة له و النية فيه و العزم. و لما كان الله تعالى يجل عن الحاجات و يستحيل عليه الوصف بالجوارح و الآلات و لا يجوز عليه الدواعي و الخطرات بطل أن يكون محتاجا في الأفعال إلى التصور و العزمات و ثبت أن وصفه بالإرادة مخالف في معناه لوصف العباد و أنها 80 نفس فعله الأشياء و إطلاق الوصف بها عليه مأخوذ من جهة الاتباع‏ 81 دون القياس و بذلك جاء الخبر عن أئمة الهدى ع.

قَالَ شَيْخُنَا الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ‏ 82 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع‏ 83 أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَ مِنَ الْخَلْقِ فَقَالَ الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِيرُ وَ مَا يَبْدُو لَهُمْ مِنَ الْفِعْلِ وَ الْإِرَادَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِحْدَاثُهُ الْفِعْلَ لَا غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ لَا يَهُمُّ وَ لَا يَتَفَكَّرُ 84 .

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 82

قال شيخنا المفيد رحمه الله و هذا نص من مولانا ع على اختياري في وصف الله تعالى بالإرادة و فيه نص على مذهب لي آخر منها و هو أن إرادة العبد تكون قبل فعله و إلى هذا ذهب البلخي‏ 85 . و القول في تقدم الإرادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل و قول الإمام ع في الخبر المقدم إن الإرادة من الخلق الضمير و ما يبدو لهم من الفعل صريح في وجوب تقدمها للفعل إذ كان الفعل يبدو من العبد بعدها و لو كان الأمر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل باديا في حالها و لم يتأخر بدوة إلى الحال التي هي بعدها لها

فصل‏

اعلم أنا نذهب إلى أن الإرادة تتقدم المراد كتقدم القدرة للمقدور غير أن الإرادة موجبة للمراد و القدرة غير موجبة للمقدور و الإرادة مما لا يصح أن يفعل الشي‏ء فضده بدلا منه و الجميع‏ 86 أعراض لا يصح بقاؤها

فصل من القول في أن الإرادة موجبة

هو أن الحي متى فعل الإرادة لشي‏ء وجب وجود ذلك الشي‏ء إلا أن يمنعه منه غيره فأما أن يمتنع هو 87 من مراده فلا يصح ذلك. و من الدليل على صحة ما ذكرناه أنه قد ثبت تقدم الإرادة على المراد لاستحالة أن يريد الإنسان ما هو فاعل له في حال فعله فيكون مريدا للموجود كما يستحيل أن يقدر على الموجود و إذا ثبت أن الإرادة متقدمة للمراد لم يخل أمر المريد لحركة يده من أن يكون واجبا وجودها عقيب الإرادة بلا فصل أو كان يجوز عدم الحركة فلو جاز ذلك لم يعدم إلا بوجود السكون منه بدلا منها. و لو فعل السكون في الثاني من حال إرادته للحركة لم يخل من أن يكون‏

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 83

فعله بإرادته له أو سهو عنه و محال أن يفعله بإرادة لأن ذلك موجب لاجتماع إرادتي الحركة و السكون لشي‏ء واحد في حالة واحدة و محال وجود السكون في حال إرادته الحركة فيبطل جواز امتناع الإنسان مما قد فعل الإرادة له على ما شرحناه. مسألة إن قال قائل إذا كنتم تقولون إن إرادة الله تعالى لفعله هي نفس ذلك الفعل و لا تثبتون له إرادة غير المراد فما معنى قولكم أراد الله بهذا الخبر كذا و لم يرد كذا و أراد العموم و لم يرد الخصوص و أراد الخصوص و لم يرد العموم. جواب قيل له معنى ذلك أن في المقدور أخبارا كثيرة عن أشياء مختلفة فقولنا أراد كذا و لم يرد كذا فهو أنه فعل الخير الذي هو عن كذا و لم يفعل الخير الذي هو عن كذا و فعل القول الذي يفهم منه كذا و لم يفعل‏ 88 القول الذي يفهم منه كذا. و هذا كقولنا إنا إذا قلنا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و أردنا القول كان ذلك قرآنا و إذا أردنا أن يكون منا شكر لله تعالى كان كذلك. فإنا لسنا نريد أن قولا واحدا ينقلب بإرادتنا قرآنا إن جعلناه قرآنا و يكون كلامنا إن جعلناه لنا كلاما و إنما معناه أن في مقدورنا كلامين نفعل هذا مرة و هذا مرة. فإن قال فكان من قولكم إن‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ إذا أردتم به القرآن يكون مقدورا لكم. قلنا هذا كلام في الحكاية و المحكي و له باب يختص به و سنورد إن شاء الله تعالى طرفا منه‏

فصل‏

فأما إرادة الله تعالى لأفعال خلقه فهي أمره لهم بالأفعال و وصفنا له بأنه يريد منهم كذا إنما هو استعارة و مجاز و كذلك كل من وصف بأنه مريد

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 84

لما ليس من فعله تعالى بطريق الاستعارة و المجاز و قول القائل يريد مني فلان المصير إليه أنما معناه أنه يأمرني بذلك و يأخذني به و أرادني فلان على كذا أي أمرني به فقولنا إن الله يريد من عباده الطاعة أنما معناه أنه يأمرهم بها. و قد تعبر بالإرادة عن التمني و الشهوة مجازا و اتساعا فيقول الإنسان أنا أريد أن يكون كذا أي أتمناه و هذا الذي كنت أريد أن يكون كذا أي أتمناه و هذا الذي كنت أريده أي أشتهيه و تميل نفسي إليه. و الاستعارات في الإرادات كثيرة فأما كراهة الله تعالى للشي‏ء فهو نهيه عنه و ذلك مجاز كالإرادة فأعلمه‏

القول في الغضب و الرضا

و هاتان صفتان لا تصح حقيقتهما إلا في المخلوق لأن الغضب هو نفور الطباع و الرضا ميلها و سكون النفس و وصف الله تعالى بالغضب و الرضا أنما هو مجاز و المراد بذلك ثوابه و عقابه‏ 89 فرضاه وجود ثوابه و غضبه وجود عقابه فإذا قلنا رضي الله عنه فإنما نعني أثابه الله تعالى و إذا قلنا غضب الله عليه فإنما نريد عاقبه الله فإذا علق الغضب و الرضا بأفعال العبد فالمراد بهما الأمر و النهي نقول إن الله يرضى الطاعة بمعنى يأمر بها و يغضب من المعصية بمعنى ينهى عنها

القول في الحب و البغض‏

و هاتان الصفتان أنما يوصف الله تعالى بها مجازا لأن المحبة في الحقيقة ارتياح النفس إلى المحبوب و البغض ضد ذلك من الأوزاع و التنفر الذي لا يجوز على القديم فإذا قلنا إن الله عز و جل يحب المؤمن و يبغض الكافر فإنما نريد بذلك أنه ينعم على المؤمن و يعذب الكافر و إذا قلنا إنه يحب من عباده‏

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 85

الطاعة و يبغض منهم المعصية جرى ذلك مجرى الأمر و النهي أيضا على المعنى الذي قدمنا في الغضب و الرضا

القول في سميع و بصير

اعلم أن السميع في الحقيقة هو مدرك الأصوات بحاسة سمعه و البصير هو مدرك المبصرات بحاسة بصره و هاتان صفتان لا يقال حقيقتهما في الله تعالى لأنه يدرك جميع المدركات بغير حواس و لا آلات فقولنا إنه سميع أنما معناه لا تخفى عليه المسموعات و قولنا بصير معناه أنه لا يغيب عنه شي‏ء من المبصرات و أنه يعلم الأشياء على حقائقها بنفسه لا بسمع و بصر و لا بمعان زائدة على معنى العلم. و قد جاءت الآثار عن الأئمة ع بما يؤكد ما ذكرناه. 90

قَالَ الْمُفِيدُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع إِنَّ قَوْماً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمِيعٌ بَصِيرٌ كَمَا يَعْقِلُونَهُ قَالَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يُعْقَلُ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِ وَ لَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مُرْسَلًا عَنِ الرِّضَا ع‏ أَنَّهُ قَالَ فِي كَلَامٍ لَهُ فِي التَّوْحِيدِ وَ صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ بِأَنَّهُ سَمِيعٌ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْأَصْوَاتِ وَ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى تَسْمِيتِنَا بِذَلِكَ وَ كَذَلِكَ قَوْلُنَا بَصِيرٌ فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ وَ اخْتَلَفَ فِينَا الْمَعْنَى وَ قَوْلُنَا أَيْضاً مُدْرِكٌ وَ رَاءٍ لَا يَتَعَدَّى بِهِ مَعْنَى عَالِمٍ فَقَوْلُنَا رَاءٍ مَعْنَاهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَرْئِيَّاتِ وَ قَوْلُنَا مُدْرِكٌ مَعْنَاهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمُدْرِكَاتِ فَهَذِهِ صِفَاتُ الْمَجَازَاتِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ.

القول في الخالق‏

اعلم أن حقيقة الخالق في لغة العرب هو المقدر للشي‏ء قبل فعل المروى‏

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 86

المفكر فيه قال زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان‏ 91

و لأنت تفري ما خلقت‏

و بعض القوم يخلق ثم لا يفري‏

و قال الحجاج بن يوسف‏ 92 إني لا أعد إلا وفيت و لا أخلق إلا فريت. و الشواهد في هذا كثيرة. و إذا كان هذا حقيقة الخالق أعلم أن وصف الله تعالى به اتساع و تجوز و المراد به فاعل لأن الله تعالى لا يصح أن يقدر بروي و تفكر

فصل في صفة أهل الإيمان‏

فِي كِتَابِ الْمَحَاسِنِ لِلْبَرْقِيِ‏ 93 قَالَ: مَرَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قُرَيْشٍ فَإِذَا هُوَ بِقَوْمٍ بِيضٍ ثِيَابُهُمْ صَافِيَةٍ أَلْوَانُهُمْ كَثِيرٍ ضِحْكُهُمْ يُشِيرُونَ بِأَصَابِعِهِمْ إِلَى مَنْ مَرَّ بِهِمْ ثُمَّ مَرَّ بِمَجْلِسٍ لِلْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ فَإِذَا هُوَ بِقَوْمٍ بَلِيَتْ مِنْهُمُ الْأَبْدَانُ وَ رَقَّتْ مِنْهُمُ الرِّقَابُ وَ اصْفَرَّتْ مِنْهُمُ الْأَلْوَانُ قَدْ تَوَاضَعُوا بِالْكَلَامِ فَتَعَجَّبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مِنْ ذَلِكَ وَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ‏

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 87

ص فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَرْتُ بِمَجْلِسٍ لآِلِ فُلَانٍ ثُمَّ وَصَفَهُمْ ثُمَّ قَالَ وَ جَمِيعٌ مُؤْمِنُونَ فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِصِفَةِ الْمُؤْمِنِ فَنَكَسَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَأْسَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ فَقَالَ عِشْرُونَ خَصْلَةً فِي الْمُؤْمِنِ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَكْمُلْ إِيمَانُهُ إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ يَا عَلِيُّ الْحَاضِرُونَ الصَّلَاةَ وَ السَّارِعُونَ إِلَى الزَّكَاةِ وَ الْمُطْعِمُونَ الْمَسَاكِينِ وَ الْمَاسِحُونَ رَأْسَ الْيَتِيمِ وَ الْمُطَهِّرُونَ أَظْفَارَهُمْ وَ الْمُتَّزِرُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ الَّذِينَ إِنْ حَدَّثُوا لَمْ يَكْذِبُوا وَ إِنْ وَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا وَ إِنْ تَمَنَّوْا لَمْ يَخُونُوا وَ إِنْ تَكَلَّمُوا صَدَقُوا رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ أُسْدٌ بِالنَّهَارِ صَائِمُونَ النَّهَارَ قَائِمُونَ اللَّيْلَ لَا يُؤْذُونَ جَاراً وَ لَا يَتَأَذَّى بِهِمْ جَارٌ الَّذِينَ مَشْيُهُمْ‏ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ خُطَاهُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَ إِلَى بُيُوتِ الْأَرَامِلِ وَ عَلَى أَثَرِ الْمَقَابِرِ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمُ الْمُتَّقِينَ.

صفحه بعد