کتابخانه روایات شیعه
أمثلة لو ضمت فأكلها لعادت عليه ضررا و لأمرضته. و كذلك قد يكون معنى هو صلاح العبد في دينه و له أمثال لو جمعت له لم يكن فيها صلاحه بل كان فيها ضرره و فساده. و قد جاءت الأخبار عن آل محمد ص بأن الله لا يفعل بعبده إلا أصلح الأشياء له.
أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الْمُفِيدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: الصَّبْرُ وَ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ رَأْسُ طَاعَةِ اللَّهِ وَ مَنْ صَبَرَ وَ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ بِمَا قَضَى عَلَيْهِ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ هُوَ خَيْرٌ لَهُ.
و قد ظن من لا معرفة له أنا لما قلنا إن الله تعالى يفعل بعباده الأصلح لهم أنه يلزمنا على ذلك أن يكون ما يفعله بأهل النار من العذاب أصلح لهم. و قد رأيت من أصحابنا من يلتزم ذلك و يقول قد أخبر الله تعالى عن أهل النار أنهم لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ قال و لو ردوا و عادوا لاستحقوا من العذاب أكثر مما يفعل بهم في النار فالاقتصار بهم على ما هم فيه أصلح لهم. و هذا غير صحيح و الأصلح أنما هو التيسير إلى فعل الطاعة و تسهيل الطريق التي هي تناولها و هذا لا يكون إلا في حال التكليف دون غيرها. فأما الآية فإنما تضمنت تكذيب أهل النار فيما قالوه لأن الله تعالى أخبر عنهم فقال وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . فقال الله تعالى مكذبا لهم بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ
رأي الجبائي و من تبعه من المعتزلة في الترك و مناقشة المصنف له
فصل من الكلام في الترك
و قد اختار عبد السلام الجبائي لنفسه قولا قبيحا ضاهى فيه قول المجبرة إن الله تعالى يعذب العبد على ما لم يحدثه و زاد عليهم بأنه قال إنه يعذب العبد من غير فعل فعله و لا شيء اكتسبه. و ذلك لأنه يقول إن ترك الطاعة التي افترضها الله تعالى و أوجبها يجوز أن لا يكون فعلا ثم يعذب الله تعالى العبد لأنه ترك و إن لم يكن ترك شيئا لا فعلا و لا كسبا. و هذا قول انفرد به و رأي استحدثه ثم تبعه معظم المعتزلة عليه من بعده. و الذي يدل على أن الله تعالى لا يعذب العبد إلا على فعل فعله أنا رأينا العذاب أنما يستحقه من يستحق الذم و اللوم و رأينا في الشاهد أنا لا نستحسن ذم أحد إلا و قد استقبحنا حالا حصل المذموم عليها متى ارتفعت من أوهامنا ارتفع استحساننا لذمه و متى حصلت حسن ذمه حتى أنه متى خفي أمره فلم يعلم على أي حال هو لم يستحسن حمده و لا ذمه إلا بتعليقه بحال ما حصل عليها نستحسنها في عقولنا أو نستقبحها فنقول إن كان على كذا حسن حمده و قبح ذمه و إن كان على كذا حسن ذمه و قبح حمده. و كذلك من انتهى إلى آخر أوقات الظهر حتى تيقن أنه لم يبق من وقته إلا مقدار أربع ركعات من أخف ما يجزى و هو قادر ممكن ذاكر للواجب عليه من الصلاة فلم يصل فإن العقول لا تمتنع من استقباح حال هذا الإنسان على أي هيئة حصل عليها من اضطجاع أو قعود أو قيام أو مشي أو غير ذلك من الهيئات التي لا تصح معها الصلاة. و قد علمنا أن الاستقباح يتعلق بمستقبح فقد وجب أن يكون هناك
قبيح و إذا كان هذا الاستقباح أنما يوجد عند وجود إحدى تلك الهيئات و يعدم بعدمها لأنها متى عدمت كان مصليا وجب أن تكون هي القبيح الذي تعلق به الاستقباح. و لذلك ثبت حسن ذمه في عقولنا عند حصول هذا الاستقباح و وجود هذه الهيئة و إلا لم يحسن و إذا ثبت أن لهذه الهيئة حسن ذمه ثم استدللنا بدلائل حدوث الهيئات أن هذه الهيئة حادثة من فعله صح بذلك أنه لا يحسن ذم الإنسان إلا على فعله. و كذلك سبيل سائر المستحقين للذم إنهم لا يستحقون إلا و قد جروا مجرى هذا التارك للصلاة. و إذا كان الذم لا يحسن إلا لما قلنا وجب أن يكون العقاب لا يحسن إلا له و ذلك بين لمن تأمله. فإن اعترضه معترض في هذا و قال ما تنكرون أن يكون الإنسان 146 يستحق الذم لأنه لم يفعل ما وجب عليه إذا كان قد يحسن من العقلاء فيما بيننا إذا لاموا إنسانا فقيل لهم لم لمتموه إن يقولوا لأنه لم يفعل ما وجب عليه و يقتصروا على هذا القدر في استحقاقه الذم. قلنا إنا لسنا نمنع من أن يكون الإنسان يعبر عن الشيء و يريد غيره مما يتعلق به مجازا و استعارة أو لعادة جارية أو لدلالة قائمة فيعبر في حال بعبارة نفي و المراد بها إثبات ضد المنفي أ لا ترى أنا نقول للإنسان أنت قادر على أن لا تمضي مع فلان و على أن لا تقوم معه و أنا أريد منك أن لا تصحبه و لا تمشي معه و القدرة عندنا و عند مخالفينا أنما هي قدرة على أن يفعل الشيء ليس على أن لا يفعل
فقولنا أنت قادر على أن لا تمشي معه أنما نريد أنه قادر على أن يفعل ضد الشيء و ما لا يقع المشي معه و كذلك في الإرادة. و إذا كان هذا كما وصفنا لم يجز لعاقل أن يقتصر في هذا الباب على ما يطلقه الناس من عباراتهم و يدع التأمل للمعنى الذي تعلق به الذم في العقول. و أيضا فإنا نعلم أنهم كما يقولون لمن لم يصل أسأت إن لم تصل فكذلك يقولون له أسأت في تركك الصلاة و تشاغلك عنها بما لا يجدي عليك في دين و لا دنيا و فرطت و ضيعت و ظلمت زيدا إذ منعته حقه الذي له عليك و فعلت ما لا يحل و لا يحمد فيعلقون الذم في ظاهر القول بأفعال و قد علمنا أنهم لم يقصدوا من الذم بأحد القولين إلا إلى ما يقصدونه بالآخر و في أحد القولين الإفصاح عن فعل عقلوه فوجب أن يكون هو المقصود بالقول الآخر و هو الفعل المعقول الذي هو الترك
فصل
و اعلم أن الفاعل المحدث لا يخلو من أخذ أو ترك و هما فعلان متضادان فهو لا يعرو من الأفعال في تعاقب الأضداد. و لا يقال إن الله سبحانه لا يخلو من أخذ أو ترك لأنه يصح أن يخلو من الأفعال و ليس هو بمحل للأعراض و لا لتعاقب الأضداد. و الترك في الحقيقة يختص بالمحدثين و لا يوصف الله تعالى به إلا على المجاز و الاتساع و لا يصح أن يقال إنه لم يزل تاركا في الحقيقة لأن ذلك يوجب أنه لم يزل خاليا من الأفعال و القول الصحيح أنه كان قبل خلقه ليس بفاعل و لا تارك متقدما لجميع الأفعال فافهم ما ذكرناه
مواعظ و كلمات في النهي عن الظلم
فصل مما ورد في ذكر الظلم
رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص
أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي عِنْدَ غَضَبِكَ أَذْكُرْكَ عِنْدَ غَضَبِي فَلَا أَمْحَقْكَ فِيمَنْ أَمْحَقُ فَإِذَا ظُلِمْتَ بِمَظْلِمَةٍ فَارْضَ بِانْتِصَارِي لَكَ فَإِنَّ انْتِصَارِي خَيْرٌ مِنِ انْتِصَارِكَ لِنَفْسِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْخُلُقَ الْحَسَنَ يُذِيبُ السَّيِّئَةَ كَمَا تُذِيبُ الشَّمْسُ الْجَلِيدَ وَ أَنَّ الْخُلُقَ السَّيِّئَ يُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ.
وَ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ: مَنْ وَلَّى شَيْئاً مِنْ أُمُورِ أُمَّتِي فَحَسُنَتْ سَرِيرَتُهُ لَهُمْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْهَيْبَةَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ مَنْ بَسَطَ كَفَّهُ لَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ رُزِقَ الْمَحَبَّةَ مِنْهُمْ وَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَقَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَالَهُ وَ مَنْ أَخَذَ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ مُصَاحِباً وَ مَنْ كَثُرَ عَفْوُهُ مُدَّ فِي عُمُرِهِ وَ مَنْ عَمَّ عَدْلُهُ نُصِرَ عَلَى عَدُوِّهِ وَ مَنْ خَرَجَ مِنْ ذُلِّ الْمَعْصِيَةِ إِلَى عِزِّ الطَّاعَةِ آنَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَيْرِ أَنِيسٍ وَ أَعَانَهُ بِغَيْرِ مَالٍ.
وَ رُوِيَ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً مَنْ يَظْلِمْ يَخْرَبْ بَيْتُهُ.
و مصداق ذلك في كتاب الله عز و جل فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا . و قيل إذا ظلمت من دونك عاقبك من فوقك
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُمْهِلُ الظَّالِمَ حَتَّى يَقُولَ أَهْمَلَنِي ثُمَّ إِذَا أَخَذَهُ أَخَذَهُ أَخْذَةً رَابِيَةً.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَمِدَ نَفْسَهُ عِنْدَ هَلَاكِ الظَّالِمِينَ فَقَالَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .
وَ مِنْ كَلَامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي ذَلِكَ
لَا يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّمَا يَسْعَى فِي مَضَرَّتِهِ وَ نَفْعِكَ وَ لَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ وَ مَنْ سَلَّ سَيْفَ الْبَغْيِ قُتِلَ بِهِ وَ مَنْ حَفَرَ لِأَخِيهِ بِئْراً وَقَعَ فِيهَا وَ مَنْ هَتَكَ حِجَابَ أَخِيهِ هُتِكَتْ عَوْرَاتُ بَيْتِهِ بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ أَسَدٌ حَطُومٌ خَيْرٌ مِنْ سُلْطَانٍ ظَلُومٍ وَ سُلْطَانٌ ظَلُومٌ خَيْرٌ مِنْ فِتَنٍ تَدُومُ اذْكُرْ عِنْدَ الظُّلْمِ عَدْلَ اللَّهِ فِيكَ وَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ.
قال المتنبئ
و أظلم خلق الله من بات حاسدا
لمن بات في نعمائه يتقلب
كلمات لأمير المؤمنين ع و غيره في ذم الحسد
فصل
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص مَا رَأَيْتُ ظَالِماً أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنَ الْحَاسِدِ نَفَسٌ دَائِمٌ وَ قَلْبٌ هَائِمٌ وَ حُزْنٌ لَازِمٌ.
وَ قَالَ ع الْحَاسِدُ مُغْتَاظٌ عَلَى مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ إِلَيْهِ بَخِيلٌ بِمَا لَا يَمْلِكُهُ.
وَ قَالَ ع الْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.
وَ قَالَ ع الْحَسَدُ آفَةُ الدِّينِ وَ حَسْبُ الْحَاسِدَ مَا يَلْقَى.
وَ قَالَ ع
لَا مُرُوءَةَ لِكَذُوبٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَاسِدٍ وَ يَكْفِيكَ مِنَ الْحَاسِدِ أَنَّهُ يَغْتَمُّ وَقْتَ سُرُورِكَ.
وَ قَالَ ع الْحَسَدُ لَا يَجْلِبُ إِلَّا مَضَرَّةً وَ غَيْظاً يُوهِنُ قَلْبَكَ وَ يُمْرِضُ جِسْمَكَ وَ شَرُّ مَا اسْتَشْعَرَ قَلْبُ الْمَرْءِ الْحَسَدُ تَغَنَّمْ 147 وَ نَقِّ قَلْبَكَ مِنَ الْغِلِّ تَسْلَمْ.
وَ قَالَ ع الْحَسُودُ سَرِيعُ الْوَثْبَةِ بَطِيءُ الْعَطْفَةِ مَغْمُومٌ وَ اللَّئِيمُ مَذْمُومٌ.
وَ قَالَ ع لَا غِنَى مَعَ فُجُورٍ وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ وَ لَا مَوَدَّةَ لِمَلُولٍ.
وَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ إِيَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ فِيكَ وَ لَا يَتَبَيَّنُ فِيمَنْ تَحْسُدُهُ.
و قال آخر ليس في خلال الشر خلة هي أعدل من الحسد لأنه يقتل الحاسد قبل أن يصير إلى المحسود. و قال آخر إذا مطر التحاسد نبت التفاسد. و قال آخر كل الناس أقدر أن أرضيهم إلا الحاسد فإنه لا يرضيه إلا زوال نعمتي. أنشدت للشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي
لو كنت أحسد ما تجاوز خاطري
حسد النجوم على بقاء السرمد
لا تغبطن على ترادف نعمة
شخصا تبيت له المنون بمرصد
إذ ليس بعد بلوغه آماله
أفضى إلى عدم كأن لم يوجد
فصل
لا تخضعن لمترف متكبر