کتابخانه روایات شیعه
وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أُتِيَ بِشَاةٍ فَأَخَذَ بِأُذُنِهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ثُمَّ خَلَّاهَا فَصَارَ لَهَا وَسْمٌ 201 وَ كَانَتْ تُولِدُ وَ الْأَثَرُ فِي أَوْلَادِهَا. وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَصَابَ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ كُدْيَةٌ 202 ضَرَبُوا فِيهَا بِمَعَاوِلِهِمْ حَتَّى انْكَسَرَتْ فَأَخْبَرُوا رَسُولَ اللَّهِ ص فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كَثِيباً 203 وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَعْرَابِيّاً بَاعَ شَيْئاً مِنْ أَبِي جَهْلٍ فَمَطَلَهُ فَأَتَى قُرَيْشاً فَقَالَ أَعْدُونِي عَلَى أَبِي الْحَكَمِ فَقَدْ لَوَى بِحَقِّي فَأَشَارُوا إِلَى النَّبِيِّ ص وَ قَالُوا أنت [ائْتِ] هَذَا الرَّجُلَ فَاسْتَعْدِ عَلَيْهِ وَ هُمْ يَهْزَءُونَ بِالْأَعْرَابِيِّ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُغْرُوا أَبَا جَهْلٍ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَأَتَى الْأَعْرَابِيُّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْدِنِي عَلَى عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ فَقَدْ مَطَلَنِي حَقِّي قَالَ نَعَمْ فَمَضَى مَعَهُ النَّبِيُّ ص فَضَرَبَ عَلَى أَبِي جَهْلٍ بَابَهُ فَخَرَجَ مُتَغَيِّراً فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ فَقَالَ أَعْطِ هَذَا الرَّجُلَ حَقَّهُ قَالَ نَعَمْ السَّاعَةَ فَأَعْطَاهُ فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْراً انْطَلَقَ مَعِي الرَّجُلُ الَّذِي دَلَلْتُمُونِي عَلَيْهِ فَأَخَذَ لِي حَقِّي وَ جَاءَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالُوا أَعْطَيْتَ الْأَعْرَابِيَّ حَقَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالُوا إِنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ نُغْرِيَكَ بِمُحَمَّدٍ ص قَالَ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ دَقَّ بَابِي وَ سَمِعْتُ كَلَامَهُ فَمَا تَمَالَكْتُ أَنْ خَرَجْتُ إِلَيْهِ وَ خَلْفَهُ مِثْلُ الْفَالِجِ 204 فَاتِحٌ فَاهُ فَكَأَنَّمَا يُرِيدُنِي فَقَالَ أَعْطِهِ حَقَّهُ فَلَوْ قُلْتُ لَا لَابْتَلَعَ رَأْسِي 205
وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ مَعَهُ حَجَرٌ يُرِيدُ أَنْ يَرْمِيَهُ بِهِ إِذَا سَجَدَ فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ فَيَبِسَتْ عَلَى الْحَجَرِ فَقَالُوا لَهُ أَ جَبُنْتَ قَالَ لَا وَ لَكِنْ رَأَيْتُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ كَهَيْئَةِ الْفَحْلِ يَخْطُرُ بِذَنَبِهِ وَ هَذَا الْحَدِيثُ مَشْهُورٌ وَ فِيهِ يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ
أَفِيقُوا بَنِي غَالِبٍ وَ انْتَهُوا
عَنِ الْغَيِّ فِي بَعْضِ ذَا الْمَنْطِقِ
وَ إِلَّا فَإِنِّي إِذًا خَائِفٌ
بَوَائِقَ فِي دَارِكُمْ تَلْتَقِي
تَكُونُ لِعَابِرِكُمْ عِبْرَةٌ
وَ رَبِّ الْمَغَارِبِ وَ الْمَشْرِقِ
كَمَا ذَاقَ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ
ثَمُودُ وَ عَادٌ فَمَنْ ذَا بَقِيَ
غَدَاةً أَتَتْهُمْ بِهَا صَرْصَرٌ
وَ نَاقَةُ ذِي الْعَرْشِ إِذْ تَسْتَقِي
فَحَلَّ عَلَيْهِمْ بِهَا سَخْطَةٌ
مِنَ اللَّهِ فِي ضَرْبَةِ الْأَزْرَقِ
غَدَاةً يَعَضُ 206 بِعُرْقُوبِهَا
حُسَامٌ مِنَ الْهِنْدِ ذُو رَوْنَقٍ
وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَاكَ فِي أَمْرِكُمْ
عَجَائِبُ فِي الْحَجَرِ الْمُلْصَقِ
يَكُفُّ الَّذِي قَامَ مِنْ جُبْنِهِ
إِلَى الصَّابِرِ الصَّادِقِ الْمُتَّقِي
فَأَيْبَسَهُ اللَّهُ فِي كَفِّهِ
عَلَى رَغْمِ ذِي الْخَائِنِ الْأَحْمَقِ
.
و هذا مما يستدل به على صحيح إيمان أبي طالب بالله تعالى و رسوله ص لما تضمنه قوله من إقراره بالله سبحانه و اعترافه بآياته و بالمعجز الذي بان لنبيه و إخباره عنه بأنه صابر صادق متقي.
وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ امْرَأَةَ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ أَتَتْ بِشَاةٍ قَدْ سَمَّتْهَا إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَتْ أُلْطِفُكَ بِهَا وَ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ص بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ الْمَعْرُورِ فَتَنَاوَلَ النَّبِيُّ ص مِنَ الذِّرَاعِ وَ تَنَاوَلَ بِشْرٌ فَأَمَّا النَّبِيُّ ص فَإِنَّهُ لَاكَهَا ثُمَّ لَفَظَهَا وَ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الذِّرَاعَ تُكَلِّمُنِي وَ تَزْعُمُ أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ وَ أَمَّا بِشْرٌ فَلَاكَ الْبِضْعَةَ لِيَبْلَعَهَا فَمَاتَ مِنْهَا فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ ص إِلَى الْمَرْأَةِ فَأَقَرَّتْ فَقَالَ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا قَالَتْ قَتَلْتَ زَوْجِي وَ أَشْرَافَ قَوْمِي فَقُلْتُ إِنْ كَانَ مَلِكاً قَتَلْتُهُ وَ إِنْ كَانَ نَبِيّاً فَسَيَطَّلِعُهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ 207 .
و
- 14 مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ وَ عَمْرَو بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ قَالا مَنْ لَنَا بِمُحَمَّدٍ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ وَهْبٍ لَوْ لَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَخَرَجْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى أَقْتُلَهُ فَقَالَ صَفْوَانُ عَلَيَّ دَيْنُكَ وَ نَفَقَةُ عِيَالِكَ إِنْ قَتَلْتَهُ فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ أَنْعِمْ صَبَاحاً أَبَيْتَ اللَّعْنَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص قَدْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ بِهَا خَيْراً مِنْهَا قَالَ إِنَّ عَهْدَكَ بِهَا حَدِيثٌ قَالَ أَجَلْ ثُمَّ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ يَا عَمْرُو مَا جَاءَ بِكَ قَالَ ابْنِي أَسِيرٌ عِنْدَكُمْ قَالَ لَا وَ لَكِنَّكَ جَلَسْتَ مَعَ صَفْوَانَ ثُمَّ قَصَّ عَلَيْهِ الَّذِي قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ مَا حَضَرَنَا أَحَدٌ وَ مَا أَتَاكَ بِهَذَا إِلَّا الَّذِي يَأْتِيكَ بِأَخْبَارِ السَّمَاءِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ 208 .
و
مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَدِينَةَ أَجْدَبَتْ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي سَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي وَ دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مَرِيّاً
مَرِيعاً عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ نَافِعاً غَيْرَ بَائِثٍ نَافِعاً غَيْرَ ضَارٍّ فَمُطِرَ النَّاسُ لِلْوَقْتِ وَ سَالَتِ الْأَوْدِيَةُ وَ امْتَلَأَ كُلُّ شَيْءٍ فَدَامَتْ جُمْعَةً. فَأَتَى رَجُلٌ فَقَالَ غَرِقْنَا وَ تَقَطَّعَتِ السُّبُلُ فِي أَسْوَاقِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَوَالَيْنَا وَ لَا عَلَيْنَا فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ الْمَدِينَةِ وَ كَانَ فِيمَا حَوْلَهَا حَتَّى حَصَلَتِ السَّمَاءُ فَوْقَهَا وَ السَّحَابُ ذَلِكَ 209 .
فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَفْسِهِ آمَنْتُ إِذَا مَضَيْتُ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ غَيْرِي فَيُشْعِرَ بِي فَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ لِاتِّفَاقِ مَا فِي نُفُوسِهِمْ وَ لَمَّا أَزْعَجَهُمْ مِنَ التَّعَجُّبِ لِاسْتِمَاعِ مَا حَيَّرَهُمْ وَ أَذْهَلَهُمْ فَوَقَفُوا إِلَى الصَّبَّاحِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا اجْتَمَعُوا أَيْضاً وَ افْتَضَحَ بَعْضُهُمْ عِنْدَ بَعْضٍ وَ جَدَّدُوا الْعَهْدَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ عَادُوا حَتَّى فَعَلُوا ذَلِكَ عِدَّةَ دَفَعَاتٍ تَطَلُّعاً إِلَى سِمَاعِ الْقُرْآنِ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْعِنَادِ. و أما تعجب الجن فقولها إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً
فصل من البيان عن إعجاز القرآن
فمن ذلك عجز بلغاء العرب عن الإتيان بمثله في فصاحته و نظمه مع علمهم بأن النبي ص قد جعله علما على صدقه و سماعهم للتحدي فيه على أن يأتوا بسورة من مثله هذا مع اجتهادهم في دفع ما أتى به ص و توفر دواعيهم إلى إبطال أمره و فل جمعه و استفراغ مقدورهم في أذيته و تعذيب أصحابه و طرد المؤمنين به. ثم ما فعلوه بعد ذلك من بذل النفوس و الأموال في حربه و الحرص على إهلاكه مع علمهم بأن ذلك لا يشهد بكذبه و لا فيه إبطال الحجة و لا يقوم مقام معارضته فيما جعله دلالة على صدقه و تحداهم على الإتيان بمثله.
و قد كانوا قوما فصحاء حكماء عقلاء خصماء لا يصبرون على التقريع و لا يتغاضون عن التعجيز و عاداتهم معروفة في التسرع 210 إلى الافتخار و تحدي بعضهم لبعض بالخطب و الأشعار و في انصرافهم عن المعارضة دلالة على أنها كانت متعذرة عليهم و في التجائهم إلى الحروب الشاقة دونها بيان أنها الأيسر عندهم. و أي عاقل يطلب أمرا 211 فيه هلاك حاله و التغرير بنفسه و هو يقدر على كلام يقوله يغنيه بذلك و ينال به أمله و مراده فلا يفعله. هذا ما لا يتصور في العقل و لا يثبت في الوهم و في عجزهم الذي ذكرناه حجة في بيان معجز القرآن و في صحة نبوة نبينا ص. و من ذلك ما يتضمنه من أخبار الدهور الماضية و أحوال القرون الخالية و أبناء الأمم الغابرة و وصف الديار الداثرة و قصص الأنبياء المتقدمين و شرح أحكام أهل الكتابين مما لا يقدر عليه إلا من اختص بهم و انقطع إلى الاطلاع بكتبهم و سافر في لقاء علمائهم و صحب رؤساءهم. و لما كان نبينا ص معلوم المولد 212 و الدار و المنشأ و القرار لا تخفى أحواله و لا تستتر أفعاله لم يلف قبل بعثته مدارسا لكتاب و لا رئي مخالطا لأهل الكتاب و لم يزل معروفا بالانفراد عنهم غير مختص بأحد منهم و لا سافر لاتباع عالم سرا و لا جهرا و لا احتال في نيل ذلك أولا و لا آخرا علم أنه لم يأخذ ذلك إلا عن رب العالمين دون الخلائق أجمعين و ثبت صدقه و حجته و إعجاز الوارد على يده و كان قول الله عز و جل وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ و قوله عز و جل
وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يعضد ما ذكرناه و يشهد بصحة ما وصفناه. و من ذلك أيضا ما ثبت فيه من الإخبار بالكائنات قبل كونها و إعلام ما في القلوب و ضمائرها كقوله سبحانه في اليهود من أهل خيبر وَ لَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَ أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَ إِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ . و كان الأمر في هزيمتهم و خذلانهم كما قال سبحانه و قال في قصة بدر تشجيعا للمسلمين و إخبارا لهم عن عاقبة أمرهم و أمر المشركين سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ . و كان ذلك يقينا كما قال سبحانه و قال فيهم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ . فكان الظفر قريبا كما قال سبحانه و قال عز اسمه الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ . فأخبر الله تعالى عن ظفرهم بغلبهم و غلبتهم له و حدد زمان ذلك و حصره فكان الأمر فيه حسب ما قال سبحانه. و قال عز و جل
يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ فقطع على بغيهم و أعلم أنهم لا يتمنون الموت فلم يقدر أحد منهم على دفعه و لا أظهر تمنيه كان الأمر في ذلك موافقا لما قال سبحانه و قال تعالى وَ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ . فأخبر عن ضمائرهم بما في سرائرهم قبل أن يبدو على ألسنتهم و كان الأمر كما قال سبحانه و قال في أبي لهب و هو حي متوقع منه الإيمان و البصيرة و الإسلام تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ فمات على كفره و لم يصر إلى الإسلام و قال تعالى لنبيه ص إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ و كلهم يومئذ حي عزيز في قومه فأهلكهم الله أجمعين و كفاه أمرهم على ما أخبر به. و أمثال ذلك كثيرة يطول بها الكتاب و قد ذكرها أهل العلم 213 و هذا طرف منها يدل على معجزة القرآن و صدق من أتى به ع
دليل على حدوث العالم