کتابخانه روایات شیعه
وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يعضد ما ذكرناه و يشهد بصحة ما وصفناه. و من ذلك أيضا ما ثبت فيه من الإخبار بالكائنات قبل كونها و إعلام ما في القلوب و ضمائرها كقوله سبحانه في اليهود من أهل خيبر وَ لَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَ أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَ إِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ . و كان الأمر في هزيمتهم و خذلانهم كما قال سبحانه و قال في قصة بدر تشجيعا للمسلمين و إخبارا لهم عن عاقبة أمرهم و أمر المشركين سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ . و كان ذلك يقينا كما قال سبحانه و قال فيهم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ . فكان الظفر قريبا كما قال سبحانه و قال عز اسمه الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ . فأخبر الله تعالى عن ظفرهم بغلبهم و غلبتهم له و حدد زمان ذلك و حصره فكان الأمر فيه حسب ما قال سبحانه. و قال عز و جل
يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ فقطع على بغيهم و أعلم أنهم لا يتمنون الموت فلم يقدر أحد منهم على دفعه و لا أظهر تمنيه كان الأمر في ذلك موافقا لما قال سبحانه و قال تعالى وَ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ . فأخبر عن ضمائرهم بما في سرائرهم قبل أن يبدو على ألسنتهم و كان الأمر كما قال سبحانه و قال في أبي لهب و هو حي متوقع منه الإيمان و البصيرة و الإسلام تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ فمات على كفره و لم يصر إلى الإسلام و قال تعالى لنبيه ص إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ و كلهم يومئذ حي عزيز في قومه فأهلكهم الله أجمعين و كفاه أمرهم على ما أخبر به. و أمثال ذلك كثيرة يطول بها الكتاب و قد ذكرها أهل العلم 213 و هذا طرف منها يدل على معجزة القرآن و صدق من أتى به ع
دليل على حدوث العالم
الذي يدلنا على ذلك أنا نرى أجساما لا تخلو من الأحداث المتعاقبة عليها
و لا يتصور في العقل أنها كانت خالية منها و هذا يوضح أنها محدثة مثلها لشهادة العقل بأن ما لم يوجد عاريا من المحدث فإنه يجب أن يكون مثله محدثا. و هذه الحوادث هي الاجتماع و الافتراق و الحركة و السكون و الألوان و الروائح و الطعوم و نحو ذلك من صفات الأجسام التي تدل على أنها أشياء غير الجسم ما نراه من تعاقبها عليه و هو مع كل واحد منها و هذا يقين أيضا على حدوثها لأن الضدين المتعاقبين لا يجوز أن يكونا مجتمعين في الجسم و لا يتصور اجتماعهما في العقل و إنما وجد أحدهما و عدم الآخر فالذي طرأ و وجد هو المحدث لأنه كائن بعد أن لم يكن و الذي انعدم أيضا محدث لأنه لو كان غير محدث لم يجز أن ينعدم و لأنه مثله أيضا قد تجدد و حدث. و الذي يشهد بأن الأجسام لم تخل من هذه الحوادث بداية 214 العقول و أوائل العلوم إذ كان لا يتصور فيها وجود الجسم مع هذه الأمور. و لو جاز أن يخلو الجسم منها فيما مضى لجاز أن يخلو منها الآن و فيما يستقبل من الزمان و الذي يدل على أن حكم الجسم كحكمها في الحدوث أن المحدث هو الذي لوجوده أول و القديم هو المتقدم على كل محدث و ليس لوجوده أول فلو كان الجسم قديما لكان قبل الحوادث كلها خاليا منها. و فيما قدمناه من استحالة خلوه منها دلالة على أنه محدث مثلها و الحمد لله
فصل في الأشعار المأثورة عن أبي طالب بن عبد المطلب ره التي يستدل بها على صحة إيمانه
من ذلك قوله في قصيدته اللامية
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد
و أحببته حب الحبيب المواصل
و جدت بنفسي دونه و حميته
و دارأت عنه بالذرا و الكلاكل
فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها
و شيئا لمن عاداه زين المحافل
حليما رشيدا خازما غير طائش
يوالي إله الخلق ليس بماحل
فأيده رب العباد بنصره
و أظهر دينا حقه غير باطل
لقد علموا أن ابننا لا مكذب
لدينا و لا يعنى بقيل الأباطل 215
و من قطعة ميمية
ترجون أن نسخى بقتل محمد
و لم نختضب سحر العوالي من الدم
كذبتم و بيت الله حتى تغرفوا
جماجم تلقى بالحطيم و زمزم
و تقطع أرحام و تنسى حليلة
حليلا و يغشى محرما بعد محرم
و ينهض قوم في الحديد إليكم
يذودون عن أحسابهم كل مجرم
على ما أتى من بغيكم و ضلالكم
و غشيانكم في أمرنا كل مأتم
بظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى
و أمر أتى من عند ذي العرش مبرم
فلا تحسبونا مسلميه و مثله
إذا كان في قوم فليس بمسلم
و قوله أيضا
أ خلتم بأنا مسلمون محمدا
و لما نقاذف دونه بالمراجم
أصبنا حبيبا في البلاد مسوما
بخاتم رب قاهر للجراثم
يرى الناس برهانا و هيبة
و ما جاهل في فعله مثل عالم
نبي أتاه الوحي من عند ربه
فمن قال لا يقرع بها سن نادم
تطيف به جرثومة هاشمية
يذبون عنه كل باغ و ظالم
و قوله أيضا
ألا أبلغا عني على ذات بينها
لؤيا و خصا من لؤي بني كعب
أ لم تعلموا أنا وجدنا محمدا
نبيا كموسى خط في أول الكتب 216
و أن عليه في العباد محبة
و لا سن فيمن خصه الله بالحب
و قوله أيضا يحض أخاه حمزة بن عبد المطلب ره على اتباع رسول الله ص و نصرته
فصبرا أبا يعلى على دين أحمد
و كن مظهرا للدين وفقت صابرا
و حط من أتى بالدين من عند ربه
بصدق و حق و لا تكن حمز كافرا
فقد سرني إذ قلت إنك مؤمن
فكن لرسول الله في الله ناصرا
و باد قريشا بالذي قد أتيته
جهارا و قل ما كان أحمد ساحرا
و قولهلابنه جعفر و قد أمره بالصلاة مع النبي ص و قال يا بني صل جناح ابن عمك فلما أجابه قال
إن عليا و جعفرا ثقتي
عند ملم الزمان و الكرب
و الله لا أخذل النبي و لا
يخذله من بني ذو حسب
لا تخذلا و انصرا ابن عمكما
أخي لأمي من بينهم و أبي
و قوله أيضا
زعمت قريش أن أحمد ساحر
كذبوا و رب الراقصات إلى الحرم
ما زلت أعرفه بصدق حديثه
و هو الأمين على الخرائب و الحرم
بهتوه لا سعدوا بقطر بعدها
و مضت مقالتهم تسير إلى الأمم
و قال في الإقرار بالتوحيد
مليك الناس ليس له شريك
هو الوهاب و المبدي المعيد
و من فوق السماء له بحق
و من تحت السماء له عبيد
و قال أيضا
يا شاهد الله علي فاشهد
آمنت بالواحد رب أحمد
من ضل في الدين فإني مهتدي
و هذا كله دليل واضح على إيمانه رضوان الله عليه بالله تعالى و برسوله ص و من الحديث الوارد بصحة إيمانه