کتابخانه روایات شیعه
فإذا قيل لهم فما تقولون في المأثور من معجزاته و المنقول من جرائحه 253 و آياته الخارقة للعادة التي أقام بها الحجة قال المسلمون منهم لذلك المتعاطون لإخراج معناه كان أعرف الناس بخواص الموجودات و أسرار طبائع الحيوان و الحوادث فيظهر من ذلك للناس ما يتحير له من رآه لقصوره عن إدراك سببه و معناه ففضلوه بهذا أيضا على الخلق أجمعين و أوجبوا له التقدم على العالمين. و قد سمعنا في بعض الأحاديث أن أحد السحرة قال لموسى ع إن هذه العصا من طبيعتها أن تسعى إذا ألقيت و تتشكل حيوانا إذا رميت و خاصية لها بسبب فيها. فقال له موسى على نبينا و عليه السلام فخذها أنت و ارمها قالوا فأخذها الساحر و رماها فما تغيرت عن حالها فأخذها موسى و رماها فصارت حية تسعى فقال الساحر ليس السر في العصا و إنما السر فيما ألقاها آمنت بإله موسى. أ فترى لو أخذ أحد المشركين الحصى الذي سبح في كف رسول الله ص فتركه في يده أ كان يسبح أيضا فيها أم ترى أحدهم لو أشار بيده إلى الشجرة التي أشار إليها رسول الله ص فأتت لكانت تأتيه أيضا إذا أومأ إليها و أن هذه الأشياء تفعل بالطبع كما يفعل حجر المغناطيس في الحديد الجذب كلا و الحمد لله ما يتصور هذا عاقل فإذا نظروا حسن تمام النظر أمر رسول الله ص و انتظام مراده الذي قصده و أنه نشأ بين قوم يتجاذبون العز و المنعة و يتنافسون في التقدمة و الرفعة و يأنفون من العار و الشنعة و لا يعطون لأحد إمرة و لا طاعة فلم يزل بهم حتى قادهم إلى أمره و ساقهم إلى طاعته و استعبدهم 254 بما لم يكونوا عرفوه و أمرهم بهجران ما ألفوه إلى أن
صاروا يبذلون أنفسهم دون نفسه و يسلمون لقوله و يأتمون لأمره من غير أن كان له ملك خافوه و لا مال أملوه تفتح له البلاد و أذعن له ملوك العباد و نفذ أمره في الأنفس و الأموال و الحلائل و الأولاد. قالوا إنما تم له ذلك لأنه فاق العالمين بكمال عقله و حسن تدبيره و رأيه و لم يكن ذلك في أحد غيره ففضلوه بهذا أيضا على الخلق أجمعين و أوجبوا له التقدم على العالمين. فإذا سمعوا المشتهر من عدله و نصفته و حسن سيرته في أمته و رعيته و أنه كان لا يكلف أحدا شيئا في ماله و إذا حصلت المغانم فرقها في أمته و قنع في عيشه بدون كفايته هذا مع سخاوته و كرمه و إيثاره على نفسه و وفائه بوعده و صدق لهجته و اشتهاره منذ كان بأمانته و شريف طريقته و حسن عفوه و مسامحته و جميل صبره و حلمه قالوا كان أزهد الناس و أعلاهم قدرا في العدل و الإنصاف و لا طريق إلى إنكار إحاطته بالفضائل الكرام و المناقب العظام ففضلوه في جميع هذه الأمور على الخلق أجمعين و أوجبوا له التقدم على العالمين. فإذا قيل لهم فهذه العلوم العظيمة متى أدركها و في أي زمان جمعها و تلقطها و أي قلب يعيها و يحفظها و هل رأى بشر قط من يحيط بجميع الفضائل و يتقدم العالمين كافة في جميع المناقب و يكون أوحد الخلق في كمال العقل و التمييز و ثاقب الرأي و التدبير مع نزاهة النفس و صفائها 255 و جلالها و شرفها و زهدها و فضلها و جودها و بذلها. قالوا كانت له سعادات فلكية و عطايا نجومية فاق بها على جميع البرية قيل لهم فمن يكون بهذا الوصف العظيم و المحل الجليل كيف يستجيز عاقل مخالفته أو يسوغ له مباينته و بمن يقتدى أفضل منه و متى يكون مصيبا في الانصراف عنه.
بل كيف لا يرضى بعقل أعقل الناس و يؤخذ العلم من أعلم الناس و يقتبس الحكمة من أحكم الناس و ما الفرق بينكم في قولكم إن هذه العطايا التي حصلت له إنما كانت فلكية و نجومية و بيننا إذا قلنا إلهية ربانية. و بعد فكيف يستجيز من يكون بهذا العقل الكامل و الفضل الشامل و الورع الظاهر و الزهد الباهر و الشرف العريق و اللسان الصدوق أن يكذب على خالق السماوات و الأرضين فيقول للناس أنا رسول رب العالمين و يدعي هذا المقام الجليل و يكون بخلاف ما يقول. و كيف تلائم صفاته التي سلمتموها لهذه الحال التي ادعيتموها فدعوا المناقضة و المكابرة و أثبتوا على ما أقررتم به في المناظرة فكلامكم لازم لكم و قولكم حجة لكم عليكم قد أقررتم بالحق و أنتم راغمون و التجأتم إلى ما هربتم منه و أنتم صاغرون. و اعلموا أن من باين المسعود كان منحوسا و من خالف العاقل العالم كان جاهلا غبيا و من كذب الصادق كان هو في الحقيقة كاذبا و الحمد لله مقيم الحجة على من أنكرها و موضح الحجة لمن آثرها
فصل مما في التوراة يتضمن البشارة بنبينا ص و بأمته المؤمنين
في التوراة مكتوب إذا جاءت الأمة الأخيرة تتبع راكب البعير يسبحون الرب تسبيحا جديدا في الكنائس الجدد فليفرح بنو إسرائيل و يسيروا إلى صهيون و لتطمئن قلوبهم لأن الله اصطفى منهم في الأيام الأخيرة أمما جديدة يسبحون الله بأصوات عالية بأيديهم ذات شفرتين فينتقمون لله من الأمم الكافرة في جميع أقطار الأرض. فمن ترى راكب البعير غير رسول الله ص و من الأمم الأخيرة المسبحة تسبيحا جديدا غير أمته
و من الذين أتوا و في أيديهم السيوف غير ناصريه و المتبعين لدعوته و في التوراة أيضا مكتوب في السفر الخامس الرب ظهر فتجلى على سنين و أشرف على جبل ساعير و أشرف من جبل فاران و أتى من ربوات القدس من يمينه نار شريعة لهم 256 و جبال فاران جبال مكة و ظهور الرب أنما هو ظهور أمره
فصل في الإنجيل
و في الإنجيل اليوم مكتوب ابن البشر ذاهب و الفارقليط أتى من بعده و هو الذي يجلي لكم الأسرار و يعيش لكم كل شيء و هو يشهد لي كما شهدت له فإني أنا جئتكم بالأمثال و هو يأتيكم بالتأويل و من قول شعيا النبي ع قال لي إله إسرائيل أقم على المنظرة فانظر ما ذا ترى فإذا رأيت راكبين يسيران أضاءت لهما الأرض أحدهما على حمار و الآخر على جمل فقال ويل لبابل كل صنم بها يكسر و يضرب به الأرض و من قول يوشع النبي ع رأيت راكبين يسيران أضاءت لهما الأرض أحدهما على حمار و الآخر على جمل فراكب الحمار عيسى ع و راكب الجمل محمد ص و من قول دانيال النبي ع جاء الله بالبيان من جبل فاران و امتلأت السماوات و الأرض من تسبيح محمد و أمته
و قال أيضا يأتينا كتاب جديد بعد خراب بيت المقدس فما الكتاب الجديد إلا القرآن و من قول داود ع اللهم ابعث إلينا مقيم السنة بعد الفترة فمن أقامها غير رسول الله ص و من ذلك تأويل دانيال لرؤيا بختنصر ملك بابل حيث قال رأيت في المنام صنما رأسه من ذهب و صدره و ذراعاه من فضة بطنه و فخذاه من نحاس و ركبتاه و ساقاه من حديد و فيه خلط قليل من فخار ثم رأيت بعد ذلك حجرا انقطع من جبل عظيم بغير يد إنسان فضرب ذلك الصنم الذي فيه الصور الكثيرة فكسره ثم جعله مثل الرماد في يوم ريح ثم عظم الحجر بعد ذلك حتى رأيت الأرض قد امتلأت منه فقال له دانيال أما الصنم الذي فيه الصور الكثيرة فهم الملوك الذين مضوا في سائر الأحقاب و الذين يكونون على مر الأيام و أما الحجر الذي يجيء في آخر الزمان خاتم الأنبياء و أما امتلاء الأرض منه فهم الذين يتبعونه و يؤمنون به 257
فصل من أخبار الوافدين على رسول الله ص للإسلام و ما رأوه قبل قدومهم من الأعلام و ما شاهدوه من أحوال الأصنام
فَمِنْ ذَلِكَ خَبَرُ أُهْبَانَ بْنِ أَنَسٍ الْأَسْلَمِيَّ رُوِيَ أَنَّ ذِئْباً شَدَّ عَلَى غَنَمٍ لِأُهْبَانَ بْنِ أَنَسٍ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَصَاحَ بِهِ
فَخَلَّاهَا ثُمَّ نَطَقَ الذِّئْبُ فَقَالَ أُهْبَانُ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ الذِّئْبُ أَعْجَبُ مِنْ كَلَامِي أَنَّ مُحَمَّداً يَدْعُو النَّاسَ إِلَى التَّوْحِيدِ بِيَثْرِبَ وَ لَا يُجَابُ فَسَاقَ أُهْبَانُ غَنَمَهُ وَ أَتَى الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ص بِمَا رَآهُ فَقَالَ خُذْ هَذِهِ غَنَمِي طُعْمَةً لِأَصْحَابِكَ فَقَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ غَنَمَكَ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا أُسَرِّحُهَا أَبَداً بَعْدَ يَوْمِي هَذَا فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَيْهِ وَ بَارِكْ لَهُ فِي طُعْمَتِهِ فَأَخَذَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَدِينَةِ بَيْتٌ إِلَّا أَنَالَهُ مِنْهَا 258 .
و خبر ذباب
ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ لِسَعْدِ الْعَشِيرَةِ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ فَرَّاصٌ وَ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ وَ كَانَ سَادِنَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَنَسِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ وَقْشَةَ فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَنَسِ اللَّهِ يُقَالُ لَهُ ذُبَابُ بْنُ الْحَرْثِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ لِابْنِ وَقْشَةَ ربيء [رَئِيٌ] مِنَ الْجِنِّ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فَأَتَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَخْبَرَهُ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَ قَالَ يَا ذُبَابُ أَسْمَعُ الْعَجَبَ الْعُجَابَ بُعِثَ أَحْمَدُ بِالْكِتَابِ يَدْعُو بِمَكَّةَ لَا يُجَابُ قَالَ فَقُلْتُ مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُ قَالَ مَا أَدْرِي هَكَذَا قِيلَ لِي قَالَ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى سَمِعْنَا بِخُرُوجِ النَّبِيِّ ص فَقَامَ ذُبَابٌ إِلَى الصَّنَمِ فَحَطَمَهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ ص فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَ قَالَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ
تَبِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى
وَ خَلَّفْتُ فَرَّاصاً بِأَرْضِ هَوَانٍ
شَدَدْتُ عَلَيْهِ شِدَّةً فَتَرَكْتُهُ
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَ الدَّهْرُ ذُو حَدَثَانٍ
وَ لَمَّا رَأَيْتُ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ
أَجَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ دَعَانِي
فَمَنْ مُبْلِغٌ سَعْدَ الْعَشِيرَةِ أَنَّنِي
شَرَيْتُ الَّذِي يَبْقَى بِآخَرَ فَانٍ
.
و خبر زمل بن عمرو العدوي