کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

كنز الفوائد

الجزء الأول‏ [مقدمة المحقق‏] مقدّمة مؤلف الكتاب‏ «شيوخ المؤلّف و أساتذته» «تلاميذ المؤلّف» «مؤلّفاته» هذا الكتاب‏ مختصر من الكلام في أن للحوادث أولا دليل آخر على تناهي ما مضى‏ مسألة على الملحدة مسألة أخرى عليهم‏ دليل آخر على أن للأفعال الماضية أولا فصل و بيان‏ مسألة في تأويل خبر فصل‏ فصل‏ فصل مما ورد في القرآن في هذا المعنى‏ مسألة من عويص النسب‏ فصل في ذكر الدنيا فصل في ذكر الأمل‏ فصل في ذكر الموت‏ فصل في ذكر الموت و القتل و ما بينهما فصل في معرفة الاسم و الصفة أسماء الله و حقيقتها فصل في معرفة أسماء الله تعالى و حقيقتها فصل في تمييز صفات الله تعالى‏ بيان صفات الذات و الدليل عليها بيان صفات الأفعال‏ فصل في فروق صفة الذات و صفة الفعل‏ بيان صفات المجاز فصل من كلام شيخنا المفيد رضي الله تعالى عنه في الإرادة فصل‏ فصل من القول في أن الإرادة موجبة فصل‏ القول في الغضب و الرضا القول في الحب و البغض‏ القول في سميع و بصير القول في الخالق‏ فصل في صفة أهل الإيمان‏ فصل‏ فصل مما جاء نظما في الإخوان‏ فصل آخر في ذكر الإخوة و الإخوان‏ شبهة المجبرة فصل‏ قبح التكليف بما لا يطاق‏ فصل من القول في أن الله تعالى لا يكلف عباده ما لا يطيقون‏ فصل من القول في أن القدرة على الإيمان هي قدرة على الكفر فصل من القول في أن القدرة على الفعل توجد قبله‏ فصل من القول في أن القدرة غير موجبة للفعل‏ أفعال الإنسان‏ فصل من القول في أن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد و أنها فعل لهم على سبيل الإحداث و الإيجاد فصل من القول أن الله تعالى لا يريد من خلقه إلا الطاعة و أنه كاره للمعاصي كلها إيراد على أهل الجبر فصل‏ حكاية للمؤلف في مجلس بعض الرؤساء جناية المجبرة على الإسلام‏ فصل‏ التجوز في التعبير بالاستطاعة عن الفعل و بنفيها عن نفيه‏ فصل‏ شبهة للمجبرة من هم القدرية فصل في معرفة القدرية تهمة المعتزلة للشيعة بالإرجاء فصل‏ أغلاط للمعتزلة فصل‏ نظرية الأصلح‏ فصل‏ نقوض على هذه النظرية مع دفعها رأي الجبائي و من تبعه من المعتزلة في الترك و مناقشة المصنف له‏ فصل من الكلام في الترك‏ فصل‏ مواعظ و كلمات في النهي عن الظلم‏ فصل مما ورد في ذكر الظلم‏ كلمات لأمير المؤمنين ع و غيره في ذم الحسد فصل‏ فصل‏ فصل أقوال و كلمات في الصبر قصة ذريب بن ثملا وصي عيسى ابن مريم ع‏ فصل‏ شرح قوله و لعن آخر أمتكم أولها فصل‏ رسالة للمؤلف‏ فصل في ذكر مولد سيدنا رسول الله ص و وصف شي‏ء من فضله‏ فصل في ذكر شي‏ء من معجزات رسول الله ص و باهر آياته‏ فصل من البيان عن إعجاز القرآن‏ دليل على حدوث العالم‏ فصل في الأشعار المأثورة عن أبي طالب بن عبد المطلب ره التي يستدل بها على صحة إيمانه‏ فصل من أخبار عبد المطلب رضي الله عنه‏ خبر رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي‏ ملك اليمن التي تأولها سطيح و شق‏ دليل في تثبيت الصانع‏ مسألة على نفاة الحقائق‏ مسألة على مبطلي النظر و حجج العقل‏ فصل ما جاء في الحديث في العقل‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ص في العقل‏ فصل من الاستدلال على صحة نبوة رسول الله ص‏ فصل مما في التوراة يتضمن البشارة بنبينا ص و بأمته المؤمنين‏ فصل في الإنجيل‏ فصل من أخبار الوافدين على رسول الله ص للإسلام و ما رأوه قبل قدومهم من الأعلام و ما شاهدوه من أحوال الأصنام‏ و خبر ذباب‏ و خبر زمل بن عمرو العدوي‏ خبر عمرو بن مرة الجهني‏ و خبر ركانة و ما فيه من الآية و خبر أهيب بن سماع‏ فصل من كلام سيدنا رسول الله ص‏ فصل من البيان و السؤال‏ فصل من كلام جعفر بن محمد الصادق ع مما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله عز و جل و بدينه‏ فصل آخر من السؤال و البيان‏ شبهة للبراهمة في النبوة مختصر من الكلام على اليهود في إنكارهم جواز النسخ في الشرع‏ فصل في ذكر البداء فصل‏ بيان عن قول النصارى و مسألة عليهم لا جواب لهم عنها فصل آخر من قولهم و كلام عليهم‏ فصل من قولهم‏ فصل من الألفاظ التي يقرون أن المسيح ع قالها و هي دالة على بطلان مذهبهم فيه‏ فصل‏ رسالة كتبتها إلى أحد الإخوان و سميتها بالبيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان‏ فصل في ذكر مولد أمير المؤمنين ص‏ و مما عملته لبعض الإخوان كتاب الإعلام بحقيقةإسلام أمير المؤمنين ع و به نستعين‏ فصل يجب أن يقدم القول بأن أمير المؤمنين ص أسلم‏ فصل من البيان عن أن أمير المؤمنين ع أول بشر سبق إلى الإسلام بعد خديجة ع‏ فصل في أن إسلامه ع كان عن بصيرة و استدلال‏ فصل في البلوغ‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل في فضل اقتناء الكتب‏ فصل‏ فصل أجبت به بعض الإخوان عن ثلاث آيات من القرآن‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل في الوعظ و الزهد فصل في ذكر مجلس جرى لي ببليس‏ فصل‏ فصل من المقدمات في صناعة الكلام‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ص في ذكر العلم‏ فصل من كلامه ع في ذكر الحلم و حسن الخلق‏ فصل‏ رسالة كتبتها إلى بعض الإخوان تتضمن كلاما في وجوب الإمامة فصل من الحديث‏ فصل حديث عن الإمام الرضا أحاديث‏ القرآن يدل على إمامة علي ع‏ فصل من مستطرفات مسائل الفقه في الإنسان‏ المسيح يخاطب الدنيا فصل من كلام سيدنا رسول الله ص في الدنيا فصل من كلام أمير المؤمنين ص في هذا المعنى‏ فصل من الكلام في تثبيت إمامة صاحب الزمان المهدي بن الحسن و إمامة آبائه ع‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ مواعظ فصل من كلام رسول الله ص‏ قصة وقعت للمؤلف‏ فصل من أمالي شيخنا المفيد رحمه الله‏ خبر يحيى بن يعمر مع الحجاج‏ فصل من القول في القضاء و القدر الحجاج يسأل عن القضاء و القدر أبو حنيفة مع الإمام موسى بن جعفر كلام الصادق لزرارة فصل من كلام أمير المؤمنين و آدابه و حكمه ع‏ فصل من الكلام في الغيبة و سببها فصل من مسائل الفقه المستطرفة فصل من كلام أمير المؤمنين ص في ذكر النساء فصل مما روي عن المتقدمين في ذكر النساء فصل من ذكر المرضى و العيادة فصل من خطبة لرسول الله ص في ذكر الموت و الوعظ فصل مما روي في القبور و الدفائن‏ مسألة من عويص الفقه لأبي النجا محمد بن المظفر فصل‏ صدر للمعلق‏ مراجع الكتاب‏ فهرس الجزء الأول من الكتاب‏ الجزء الثاني‏ الأدلة على أن الصانع واحد فصل من كلام رسول الله ص في الخصال من واحد إلى عشرة فصل من فضائل أمير المؤمنين ع و النصوص عليه من رسول الله ص‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و آدابه في فضل الصمت و كف اللسان‏ مختصر التذكرة بأصول الفقه‏ فصل من عيون الحكم و نكت من جواهر الكلام‏ أبو حنيفة مع الإمام الصادق فصل‏ حديث الإمام الصادق‏ فصل من الاستدلال على أن الله تعالى ليس بجسم‏ نسخة كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع‏ جواب أمير المؤمنين صلوات الله عليه و سلامه‏ نسخة كتاب آخر جواب أمير المؤمنين ع‏ مسألة فقهية مسألة أخرى منظومة حديث‏ منام‏ فصل من السؤال يتعلق بهذا المقام‏ مبيت علي ع في فراش رسول الله ص ليلة الهجرة فصل من روايات ابن شاذان رحمه الله‏ مسألة فصل في الرؤيا في المنام‏ فصل‏ أحاديث عن أبي ذر الغفاري‏ مسائل في المواريث‏ قضية مستطرفة لأمير المؤمنين ع لم يسبقه إليها أحد من الناس‏ شبهات للملاحدة فصل في ذكر سؤال ورد إلي من الساحل و جوابي عنه في صحة العبادة بالحج‏ قصة وقعت مع المؤلف‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع‏ فصل‏ دليل النص بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين ع‏ فصل و زيادة فصل من الوصايا و الإقرارات المبهمة العويصة فصل في ذكر هيئة العالم‏ فصل من الكلام في أن الله تعالى لا يجوز أن يكون له مكان‏ فصل في ذكر العلم و أهله و وصف شرفه و فضله و الحث عليه و الأدب فيه‏ مسألة مسألة كتاب البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان‏ خبر قس و ما قاله بسوق عكاظ فصل من الكلام في هذا الخبر خبر المعمر المغربي‏ فصل في الكلام في الآجال‏ فصل‏ مسألة فقهية ذكرها شيخنا أبو عبد الله المفيد رضوان الله عليه‏ خبر ضرار بن ضمرة عند دخوله على معاوية فصل مما جاء في الخصال‏ فصل من الاستدلال على صحة النص بالإمامة على أمير المؤمنين ع من قول النبي ص أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي‏ فصل‏ فصل من آداب أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل‏ فصل‏ قضية لأمير المؤمنين ع‏ مسألة في المني و نجاسته و وجوب غسل الثوب منه‏ فصل‏ سؤال عن آيات‏ فصل مما ورد في ذكر النصف‏ فصل من الأدب‏ فصل في ذكر الغنى و الفقر فصل في الكلام في الأرزاق‏ فصل مما روي في الأرزاق‏ فصل‏ ذكر مجلس‏ ذكر مجلس‏ مسألة فصل من الاستدلال بهذه الآية على صحة الإمامة و العصمة نصوص مفقودة من نسخة الكتاب المطبوعة فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فهرس الجزء الثاني‏

كنز الفوائد


صفحه قبل

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 224

شبهة للبراهمة في النبوة 286

اعتلت البراهمة في إبطال الرسالة بأن قالت ليس يخلو أمر الرسول من حالين إما أن يأتي ما يدل عليه العقل أو بخلافه فإن أتى بما في العقل كان من كمل عقله غنيا عنه لأن الذي يأتيه مستقر عنده موجود في عقله. و إن أتى بخلاف ما في العقل فالواجب رد ما يأتيه به لأن الله تعالى إنما خلق العقول للعباد ليستحسنوا بها ما استحسنت و يقروا بما أقرت و ينكروا ما أنكرت. نقض يقال لهم إن الرسول لا يأتي أبدا بما يخالف العقل غير أن الأمور في العقول على ثلاثة أقسام واجب و ممتنع و جائز. فالواجب في العقل يأتي السمع بإيجابه تأكيدا له عند من علمه و تنبيها عليه لمن لم يعلمه. و الجائز هو الذي يمكن في العقل حسنه تارة و قبحه تارة كانتفاع الإنسان بما يتملكه غيره فإنه يجوز أن يكون حسنا إذا أذن له فيه مالكه و قبيحا إذا لم يأذن له و كل واحد من القسمين جائز في العقل لا طريق إلى القطع على أحدهما إلا بالسمع. و من الأمور التي لا يصل العقل إليها أيضا فيها إلى القطع على العلم بأدوية الأعلال و مواضعها و طبائعها و خواصها و مقاديرها التي يحتاج إليه منها و أوزانها فهذا مما لا سبيل للعقل فيه إلى حقيقة العلم و ليس يمكن امتحان كل ما في البر و البحر و لا تحسن التجربة و السير لما فيها من الخطر المستقبح فعلم أن هذا مما لا غناء فيه عن طارق السمع.

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 225

و بعد فإن شكر المنعم عندنا و عند البراهمة مما هو واجب في العقل و ليس في وجوبه و وجوب تعظيم مبدإ النعمة خلاف و شكر الله تعالى و تعظيمه أوجب ما يلزمنا لعظيم أياديه لدينا و إحسانه إلينا و لسنا نعلم بمبلغ عقولنا أي نوع يريده من تعظيمنا له و شكرنا هذا مع الممكن من لطف يكون‏ 287 في نوع من ذلك لنا لا يعلمه إلا خالقنا. ثم يقال للبراهمة أيضا لو لم يكن في العقل القسم الجائز الذي ذكرناه و كانت الأشياء لا تخلو من واجب و ممتنع دون ما بيناه لم يستغن مع هذا التسليم عن المرسلين لأنهم ينبهون على طريق الاستدلال المسترشدين و يحركون الخواطر بالتذكار إلى سنن التأمل و الاعتبار. و هذا أمر يدل عليه ما نشاهده من أحوال العقلاء و افتقارهم إلى من يفتح لهم باب الاستدلال أولا و في بعض ما أوردناه بيان عن غلط البراهمة فيما اعتدت و نقض لشبهتها التي ذكرت و الحمد لله‏

مختصر من الكلام على اليهود في إنكارهم جواز النسخ في الشرع‏

اعلم أن اليهود طائفتان إحداهما تدعي أن نسخ الشرع لا يجوز في العقل و الأخرى تجيز ذلك عقلا و تزعم أن المنع منه ورد به السمع فأما المدعون على العقل الشهادة بقبح النسخ فإنهم زعموا أن النسخ هو البداء

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 226

قالوا و البداء لا يجوز على الله تعالى فيقال لهم لم زعمتم أن النسخ هو البداء فإن قالوا للمتعارف بين العقلاء أن الآمر بالشي‏ء إذا نهى عنه بعد أمره فقد بدا له فيه و كذا إذا نهى عن الشي‏ء ثم أمر به من بعد نهيه. قيل لهم ما تنكرون من أن يكون على هذا قسمين أحدهما أن يأمر الآمر بالشي‏ء في وقت و إذا فعل و جاز وقت فعله نهى عنه من بعد فيكون في الحقيقة إنما نهى عن مثله و هذا هو النسخ بعينه و كذلك القول في الأمر بالشي‏ء بعد النهي عنه. و القسم الآخر أن يأمر بفعل الشي‏ء في وقت فإذا أتى ذلك الوقت نهى عنه فيه بعينه قبل أن يفعل و يكون هذا البداء دون القسم الأول محصل الفرق بين البداء و النسخ و يتضح أن دعواكم فيهما أنهما واحد لم تصح. فإن قالوا إن العبادة إذا تعلقت على المكلف بأمر أو نهى فالحكمة اقتضتها فمتى تغيرت العبادة دلت على تغيير الحكمة و الحكمة لا يجوز تغييرها قيل لهم فألا قلتم إن العبادة إذا ألزمت المكلف فالحكمة اقتضتها لمصلحة من مصالح المكلف أوجبتها فإذا تغيرت العبادة دلت على أن الحكمة اقتضت ذلك لتغير المصلحة و المصلحة يجوز تغييرها. فإن قالوا إنا لا نعلم في العقل تغيير المصالح قيل لهم و كذلك لا تعرفون بالعقل المصالح ثم يقال لهم ما السبب في نقل الله تعالى الإنسان من كونه شابا إلى أن صيره شيخا و أفقره ثم أغناه و أماته بعد أن أحياه و كيف أصحه ثم أسقمه و أوجده ثم أعدمه فكيف تغيرت الحكمة في جميع ما عددنا و ما أنكرتم أن يكون هذا كله بداء أي اختلاف في المصالح يكون أوضح من هذا.

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 227

و أما المدعون من اليهود أن إبطال النسخ علم بالسمع دون العقل فإنهم ادعوا في ذلك على موسى ع أنه قال إن شريعته دائمة لا تنسخ. و الذي يدل على بطلان دعواهم هذه ظهور المعجزات على من أتى بالنسخ و لو كان خبرهم حقا لم يصح إتيان ذي معجز بنسخ و هذه المعجزات يعلم أنها قد كانت بمثل ما تعلم له اليهود معجزات موسى ع من غير فرق‏

فصل في ذكر البداء

اعلم أيدك الله تعالى أن أصحابنا دون المتكلمين يقولون بالبداء و لهم في نصرة القول به كلام و معهم فيه آثار و قد استشنع ذلك منهم مخالفوهم و شنع عليهم به مناظروهم. و إنما استشنعوه لظنهم أنه يؤدي إلى القول بأن الله تعالى علم في البداء ما لم يكن يعلم فإذا قدر الناصر للبداء على الاحتراز من هذا الموضع فقد أحسن و لم يبق عليه أكثر من إطلاق اللفظ و قد قلنا إن ذلك قد ورد به السمع و قد اتفق لي فيه كلام مع أحد المعتزلة بمصر أنا أحكيه لتقف عليه حكاية مجلس في البداء كنت سألت معتزليا حضرت معه مجلسا فيه قوم من أهل العلم فقلت له لم أنكرت القول بالبداء و زعمت أنه لا يجوز على الله تعالى فقال لأنه يقتضي ظهور أمر لله سبحانه كان عنه مستورا و في هذا أنه قد تجدد له العلم بما لم يكن به عالما.

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 228

فقلت له أبن لنا من أين علمت أنه يوجب ذلك و تقتضيه ليسع الكلام معك فيه فقال هذا هو معنى البداء و التعارف يقضي بيننا و لسنا نشك أن البداء هو الظهور و لا يبدو للأمر إلا لظهور شي‏ء تجدد من علم أو ظن لم يكن معه من قبل. و بيان ذلك أن طبيبا لو وصف لعليل أن يشرب في وقته شراب الورد حتى إذا أخذ العليل القدح بيده ليشرب ما أمره به قال له الطبيب في الحال صبه و لا تشربه و عليك بشرب النيلوفر بدله فلسنا نشك في أن الطبيب قد استدرك الأمر و ظهر له من حال العليل ما لم يكن عالما به من قبل فغير عليه الأمر لما تجدد له من العلم و لو لا ذلك لم يكن معنى لهذا الخلاف. فقلت له هذا مما في الشاهد و هو من البداء فيجوز عندك أن يكون في البداء قسم غير هذا فقال لا أعلم في الشاهد غير هذا القسم و لا أرى أنه يجوز في البداء قسم غيره و لا يعلم. فقلت له ما تقول في رجل له عبد أراد أن يختبر حاله و طاعته من معصيته و نشاطه من كسله فقال له في يوم شديد البرد سر لوقتك هذا إلى مدينة كذا لتقبض مالا لي بها فأحسن العبد لسيده الطاعة و قدم المبادرة و لم يحتج بحجة فلما رأى سيده مسارعته و عرف شهامته و نهضته شكره على ذلك و قال له أقم على حالك فقد عرفت أنك موضع للصنيعة و أهل للتعويل عليك في الأمور العظيمة أ يجوز عندك هذا و إن جاز فهل هذا داخل في البداء أم لا فقال هذا مستعمل و رأينا في الشاهد و قد بدا فيه للسيد و ليس هو قسما ثانيا بل هو بعينه الأول هو الذي لا يجوز على الله عز و جل. فقلت له لم جعلت الجمع بينهما من حيث ذكرت أولى من التفرقة بينهما من حيث كان أحدهما مريدا لإتمام قبل أن يبدو له فيه فينهى عنه و هو

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 229

الطبيب و الآخر غير مريد لإتمامه على كل وجه و هو سيد العبد بل كيف لم تفرق بينهما من حيث إن الطبيب لم يجز قط أن يقع منه اختلاف الأمر إلا لتجدد علم له لم يكن و سيد العبد يجوز أن يقع منه النهي بعد الأمر من غير أن يتجدد له علم و يكون عالما بنهضته في الحالين و مسارعته إلى ما أحب و إنما أمره بذلك ليعلم الحاضرون حسن طاعته و مبادرته إلى أمره و أنه ممن يجب اصطفاؤه و الإحسان إليه و التعويل في الأمور عليه. قال فإذا سلمت لك الفرق بينهما فما تنكر أن يكون دالا على أن مثالك الذي أتيت به غير داخل في البداء قلت أنكرت ذلك من قبل أن البداء عندنا جميعا نهى الآمر عما أمر به قبل وقوعه في وقته و إذا كان هذا هو الحد المراعى فهو موجود في مثالنا و قد أجمع العقلاء أيضا على أن السيد فيه قد بدا له فيما أمر به عبده قال فإذا دخل القسمان في البداء فما الذي تجيز على الله تعالى منهما فقلت أقربهما إلى قصة إبراهيم الخليل ع و أشبههما لما أمر الله تعالى في المنام بذبح ولده إسماعيل ع فلما سارع إلى المأمور راضيا بالمقدور و أسلما جميعا صابرين و تله للجبين نهاه الله عن الذبح بعد متقدم الأمر و أحسن الثناء عليهما و ضاعف لهما الأجر و هذا نظير ما مثلت من أمر السيد و عبده و هو النهي عن المأمور به قبل وقوع فعله. قال فمن سلم لك أن إبراهيم ع مأمور بذلك من قبل الله سبحانه قلت سلمه لي من يقر بأن منامات الأنبياء ع صادقة و يعترف بأنها وحي الله في الحقيقة و سلمه لي من يؤمن بالقرآن و يصدق ما فيه من الأخبار. و قد تضمن الخبر عن إسماعيل أنه قال لأبيه‏ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ‏ و قول الله تعالى لإبراهيم‏ قَدْ صَدَّقْتَ‏

كنز الفوائد، ج‏1، ص: 230

صفحه بعد