کتابخانه روایات شیعه
جُمْهُورٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَابٍ 290 عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: لَمَّا حَفَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ زَمْزَمَ وَ أَنْبَطَ مِنْهَا الْمَاءَ أَخْرَجَ مِنْهَا غَزَالَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَ سُيُوفاً وَ أَدْرَاعاً فَجَعَلَ الْغَزَالَيْنِ زِينَةً لِلْكَعْبَةِ وَ أَخَذَ السُّيُوفَ وَ الدُّرُوعَ وَ قَالَ هَذِهِ وَدِيعَةٌ كَانَ أَوْدَعَهَا مُضَاضٌ الْجُرْهُمِيُّ بْنُ الْحَرْثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُضَاضٍ وَ الْحَارِثُ هُوَ الَّذِي يَقُولُ 291
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ إِلَى الصَّفَا
أَنِيسٌ وَ لَمْ يَسْمُرْ بِمَكَّةَ سَامِرٌ
بَلَى نَحْنُ كُنَّا أَهْلَهَا فَأَبَادَنَا
صُرُوفُ اللَّيَالِي وَ الْجُدُودُ الْعَوَاثِرُ 292
وَ يَمْنَعُنَا مِنْ كُلِّ فَجٍّ نُرِيدُهُ
أَقَبُّ كَسِرْحَانِ الْأَبَاءَةِ ضَامِرٌ 293
وَ كُلُّ لَجُوجٍ فِي الْجِرَاءِ طِمِرَّةٍ
كَعَجْزَاءِ فَتْحَاءِ الْجَنَاحَيْنِ كَاسِرٌ
وَ الْقَصِيدَةُ طَوِيلَةٌ 294 فَحَسَدَتْهُ قُرَيْشٌ بِذَلِكَ فَقَالُوا نَحْنُ شُرَكَاؤُكَ فِيهَا فَقَالَ هَذِهِ فَضِيلَةٌ نُبِّئْتُ بِهَا دُونَكُمْ فِي مَنَامِي ثَلَاثَ لَيَالٍ تُبَاعَا
فَقَالُوا حَاكِمْنَا إِلَى مَنْ شِئْتَ مِنْ حُكَّامِ الْعَرَبِ فَخَرَجُوا إِلَى الشَّامِ يُرِيدُونَ أَحَدَ كُهَّانِهَا وَ عُلَمَائِهَا فَأَصَابَهُمْ عَطَشٌ شَدِيدٌ فَأَوْصَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَرَكَتْ نَاقَةُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَنَبَعَ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَخْفَافِهَا فَشَرِبُوا وَ تَزَوَّدُوا وَ قَالُوا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنَّ الَّذِي سَقَاكَ فِي هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ الْقَفْرِ هُوَ الَّذِي سَقَاكَ بِمَكَّةَ فَرَجَعُوا وَ سَلَّمُوا لَهُ هَذِهِ الْمَأْثُرَةَ 295 .
بيان عن قول النصارى و مسألة عليهم لا جواب لهم عنها
اعلم أنهم يزعمون أن المسيح ع مجموع من شيئين لاهوت و ناسوت يعنون باللاهوت الله سبحانه و تعالى عما يقولون و بالناسوت الإنسان و هو جسم المسيح أن هذين اتحدا فصارا مسيحا و معنى قولهم اتحدا أي صارا شيئا واحدا في الحقيقة و هو المسيح فيقال لهم أنتم مجمعون معنا على أن الإله قديم و أن الجسم محدث و قد زعمتم أنهما صارا واحدا. فما حال هذا الواحد أ قديم أم محدث فإن قالوا هو قديم قيل لهم فقد صار المحدث قديما لأنه من مجموع شيئين أحدهما محدث. و إن قالوا هو محدث قيل لهم فقد صار القديم محدثا لأنه من مجموع شيئين أحدهما قديم و هذا ما لا حيلة لهم فيه و ليس يتسع لهم أن يقولوا بعضه قديم و بعضه محدث لأن هذا ليس باتحاد في الحقيقة و لا أن يقولوا هو قديم محدث لتناقض ذلك و استحالته و لا أن يقولوا ليس هو قديم و لا محدث فظاهر فساد ذلك أيضا و بطلانه.
و هذا كاف في إبطال الاتحاد 296 الذي ادعوه و قد سألهم بعض المتكلمين فقال إذا كنتم تعبدون المسيح و المسيح إله و إنسان فقد عبدتم الإنسان و عبادة الإنسان كفر بغير اختلاف. مسألة أخرى عليهم قال لهم إذا كان المسيح عندكم من مجموع شيئين إله و إنسان فأخبرونا عن القتل و الصلب على ما ذا وقع أ تقولون إنه وقع بهما أم بأحدهما فإن قالوا بهما قيل لهم ففي هذا أن الإله ضرب و صلب و قتل و دفن و هي فضيحة لا ينتهي إليها ذو عقل. و إن قالوا بل وقع ذلك على أحدهما و هو الناسوت لأن اللاهوت لا يجوز عليه هذا قيل لهم فإذا قد صح مذهب المسلمين في أنهم ما قتلوا المسيح و لا صلبوه لأن المسيح عندكم ليس هو الناسوت بانفراده و إنما هو مجموع شيئين لم يظفر اليهود إلا بأحدهما الذي ليس هو المسيح. مسألة أخرى عليهم يقال لهم أ يجوز أن يكون جسم متحرك و شخص آكل شارب تحله الأعراض الحادثات و تناله الآلام و الآفات قديما فإن قالوا يجوز ذلك لم يأمنوا أن يكون ناسوتا قديما. و إن قالوا لا يجوز ذلك قيل لهم فالمسيح ع كانت فيه هذه الصفات معلومات مرئيات. فإن أنكروا ذلك كابروا و قبح 297 معهم الكلام.
و إن أقروا به و قالوا 298 قد كان على هذه الصفات قيل لهم فقد صح حدوثه و بطل قدمه و حصلتم عابدين لبشر مخلوق مربوب. فإن قالوا إنما رأينا ناسوته المحدث و لم نر لاهوته القديم قيل لهم أ و ليس من مذهبكم أنهما اتحدا و صارا شيئا واحدا. فإذا قالوا نعم قيل لهم فيجب أن يكون من رأى أحدهما فقد رآهما و إن لم يكن الأمر كذلك فما اتحدا
فصل آخر من قولهم و كلام عليهم
هم يذهبون إلى أن إلههم من ثلاثة أقانيم و الأقنوم عندهم هو الجوهر يعنون الأصل فالثلاثة الجواهر عندهم إله واحد و يسمون هذه الثلاثة الأب و الابن و الروح. فيقال لهم إذا جاز أن يكون عندكم ثلاثة أقانيم إلها واحدا فلم لا يجوز أن يكون ثلاثة آلهة أقنوما واحدا و يكون ثلاثة فاعلين جوهرا واحدا فما أبطلوا به هذا بطل به قولهم سواء
فصل من قولهم
و قد احتجوا فقالوا وجدنا من له ابن أشرف و أفضل ممن لا ابن له و من لا ابن له ناقص قالوا و كذلك وجدنا من لا حياة له ميت و الروح هي الحياة فوجب أن تصف إلهنا بالشرف و الكمال و وجود الحياة. فيقال لهم فقولوا إن له بنين عدة فإن ذلك أكثر لشرفه و أسنى لمنزلته
بل قولوا إن له نسلا و إن له جدا لأن من له ابن ابن أجل ممن ليس له إلا ابن فقط. و إذا أوجبتم الروح التي زعمتم أنها الحياة لئلا يكون ميتا فأوجبوا له علما لئلا يكون جاهلا و قدرة لئلا يكون عاجزا قولوا أيضا إن له عينين ليكون ناظرا أو جميع الحواس ليكون مدركا فإن قالوا إن كان له ما ذكرتم لما اتحد بالناسوت فصار مسيحا قيل لهم بل يجب أن يكون له فيما لم يزل و إلا كان ناقصا
فصل من الألفاظ التي يقرون أن المسيح ع قالها و هي دالة على بطلان مذهبهم فيه
قَوْلُهُ ع فِي الْإِنْجِيلِ لَا يَكُونُ الرَّسُولُ أَعْظَمَ مِمَّنْ أَرْسَلَهُ.
وَ قَوْلُهُ مَنْ آمَنَ بِي وَ آمَنَ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.
وَ قَوْلُهُ يَا إِلَهِي قَدْ عَلِمُوا أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْخَالِقُ وَ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَ الْمَسِيحَ عِيسَى لِيُبَلِّغَ رِسَالَتَكَ وَ أَنْ نَعْبُدَكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ.
وَ قَالَ لَهُ الْحَوَارِيُّونَ أَيْنَ تَذْهَبُ وَ تَدَعُنَا فَقَالَ أَذْهَبُ إِلَى إِلَهِي وَ إِلَهِكُمْ فَأَسْأَلُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكُمْ الْبَارَقَلِيطَ 299 فَإِنَّهُ الَّذِي
يُذَكِّرُكُمُ الْحَقَّ وَ لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَ إِذَا جَاءَكُمْ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي وَ يُبَيِّنُ لَكُمْ أَمْرِي وَ زَعَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ جَرَّبَ الْمَسِيحَ وَ أَرَاهُ مَلَكُوتَ الْأَرْضِ وَ قَالَ لَهُ هَذَا كُلُّهُ لِي فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً أُعْطِكَهُ وَ أُسَلِّطْكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ اعْزُبْ عَنِّي فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْجُدَ لِغَيْرِهِ وَ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ الْآنَ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ بَعَثَكَ فَرَفَعَ عَيْنَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُ رِسَالَتَكَ وَ إِنَّمَا جَنَّةُ الْخُلْدِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّكَ وَحْدَكَ أَرْسَلْتَ الْمَسِيحَ مِنْ عِنْدِكَ وَ قَدْ أَمَرْتُهُمْ يَا إِلَهِي بِالَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ عَلِمُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي فَكَيْفَ أَبْتَغِي لَكَ مِنَ النَّاسِ وَ لَا أَبْتَغِي لِلنَّاسِ مِنْكَ.
فصل
فإن قالوا هذا كله إنما قاله المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته قيل لهم و ما يدريكم ذلك و بعد فهل هو صادق فيما قال أم كاذب. فإن قالوا كاذب فقد أعظموا الفرية و قيل لهم و ما يؤمنكم أن يكون جميع ما قاله لكم كذب أو كيف يتحد الإله الصادق بالإنسان الكاذب. و إن قالوا إنه لم يقل إلا حقا قيل لهم فأي حجة بقيت في أيديكم مع ما أقررتم بأن المسيح قاله و صدق فيه.
و هل هو إلا دال على ما يقول المسلمون و قد احتجوا بأن في الإنجيل أمضي إلى أبي. فيقال لهم في هذا إنه شارككم بهذا اللفظ في النبوة فإن وجب أن يكون ابنه فالجميع أبناؤه على أنه لفظه يحتمل التأويل و يكون معناه ربي و ربكم و إلهي و إلهكم و في هذا المختصر من الكلام عليهم كفاية و الحمد لله
رسالة كتبتها إلى أحد الإخوان و سميتها بالبيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان