کتابخانه روایات شیعه
و هل هو إلا دال على ما يقول المسلمون و قد احتجوا بأن في الإنجيل أمضي إلى أبي. فيقال لهم في هذا إنه شارككم بهذا اللفظ في النبوة فإن وجب أن يكون ابنه فالجميع أبناؤه على أنه لفظه يحتمل التأويل و يكون معناه ربي و ربكم و إلهي و إلهكم و في هذا المختصر من الكلام عليهم كفاية و الحمد لله
رسالة كتبتها إلى أحد الإخوان و سميتها بالبيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان
بسم الله الرحمن الرحيم سألت يا أخي أسعدك الله بألطافه و أيدك بإحسانه و إسعافه أن أثبت لك جملا من اعتقادات الشيعة المؤمنين و فصولا في المذهب يكون عليها بناء المسترشدين لتذاكر نفسك بها و تجعلها عدة لطالبها و أنا أختصر لك القول و أجمله و أقرب الذكر و أسهله و أورده على سنن الفتيا في المقالة من غير حجة و لا دلالة وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ . اعلم أن الواجب على المكلف أن يعتقد حدوث العالم بأسره و أنه لم يكن شيئا قبل وجوده و يعتقد أن الله تعالى هو محدث جميعه من أجسامه و أعراضه إلا أفعال العباد الواقعة منهم فإنهم محدثوها دونه سبحانه. و يعتقد أن الله تعالى قديم وحده لا قديم سواه و أنه موجود لم يزل و باق لا يزال و أنه شيء لا كالأشياء لا يشبه الموجودات و لا يجوز عليه ما يجوز على المحدثات.
و أن له صفات يستحقها لنفسه لا لمعان غيره و هي كونه حيا عالما قديما باقيا لا يجوز خروجه عن هذه الصفات إلى ضدها يعلم الكائنات قبل كونها و لا يخفى عليه شيء منها. و أن له صفات أفعال 300 لا يصح إضافتها إليه في الحقيقة إلا بعد فعله و هي ما وصف به نفسه من أنه خالق و رازق و معط و راحم و مالك و متكلم و نحو ذلك. و أن له صفات مجازات و هي ما وصف به نفسه من أنه يريد و يكره و يرضى و يغضب فإرادته لفعل هي الفعل المراد بعينه و إرادته لفعل غيره هي الأمر بذلك الفعل و ليس تسميتها بالإرادة حقيقة و إنما هو على مجاز اللغة و غضبه هو وجود عقابه و رضاه هو وجود ثوابه. و أنه لا يفتقر إلى مكان و لا يدرك بشيء من الحواس و أنه منزه من القبائح لا يظلم الناس و إن كان قادرا على الظلم 301 لأنه عالم بقبحه غني عن فعله قوله صدق و وعده حق لا يكلف خلقه ما لا يستطاع و لا يحرمهم صلاحا لهم فيه الانتفاع و لا يأمر بما لا يريد و لا ينهى عما يريد و أنه خلق الخلق لمصلحتهم و كلفهم لأجل منازل منفعتهم و أزاح في التكليف عللهم و فعل أصلح الأشياء بهم و أنه أقدرهم قبل التكليف و أوجد لهم 302 العقل و التمييز.
و أن القدرة تصلح أن يفعل بها و ضده بدلا منه و أن الحق الذي تجب معرفته تدرك بشيئين و هما العقل و السمع و أن التكليف العقلي لا ينفك عن التكليف السمعي 303 . و أن الله تعالى قد أوجد للناس في كل زمان مسمعا لهم من أنبيائه و حججه بينه و بين الخلق ينبههم على طريق الاستدلال في العقليات و يفقههم على ما لا يعلمونه إلا به من السمعيات. و أن جميع حجج الله تعالى محيطون علما بجميع ما يفتقر إليهم فيه العباد و أنهم معصومون من الخطأ و الزلل عصمة اختيار 304 و أن الله فضلهم على خلقه و جعلهم خلفاء القائمين بحقه و أنه أظهر على أيديهم المعجزات تصديقا لهم فيما ادعوه من الأنباء و الأخبار. و أنهم مع ذلك بأجمعهم عباد مخلوقون و بشر مكلفون يأكلون و يشربون و يتناسلون و يحيون بإحيائه و يموتون بإماتته تجوز عليهم الآلام المعترضات فمنهم من قتل و منهم من مات لا يقدرون على خلق و لا رزق و لا يعلمون الغيب إلا ما أعلمهم إله الخلق و أن أقوالهم صدق و جميع ما أتوا به حق. و أن أفضل الأنبياء أولو العزم و هم خمسة نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد ص
و أن محمد بن عبد الله ص أفضل الأنبياء أجمعين و خير الأولين و الآخرين و أنه خاتم النبيين و أن آباءه من آدم ع إلى عبد الله بن عبد المطلب رضوان الله عليهم كانوا جميعا مؤمنين موحدين لله تعالى عارفين و كذلك أبو طالب رضوان الله عليه. و يعتقد أن الله سبحانه شرف نبينا ص بباهر الآيات و قاهر المعجزات فسبح في كفه الحصى و نبع من بين أصابعه الماء و غير ذلك مما قد تضمنته الأنباء و أجمع على صحته العلماء و أتى بالقرآن المبين الذي بهر به السامعين و عجز عن الإتيان بمثله سائر الملحدين و أن القرآن كلام رب العالمين و أنه محدث ليس بقديم 305 . و يجب أن يعتقد أن جميع ما فيه من الآيات الذي يتضمن ظاهرها تشبيه الله تعالى بخلقه و أنه يجبرهم على طاعته أو معصيته أو يضل بعضهم عن طريق هدايته فإن ذلك كله لا يجوز حمله على ظاهرها و أن له تأويلا يلائم ما تشهد العقول به مما قدمنا ذكره في صفات الله تعالى و صفات أنبيائه.
فإن عرف المكلف تأويل هذه الآيات فحسن و إلا أجزأه أن يعتقد في الجملة أنها متشابهات و أن لها تأويلا ملائما تشهد بما تشهد به العقول و الآيات المحكمات و في القرآن المحكم و المتشابه و الحقيقة و المجاز و الناسخ و المنسوخ و الخاص و العام. و يجب عليه أن يقر بملائكة الله أجمعين و أن منهم جبرئيل و ميكائيل و أنهما من الملائكة الكرام كالأنبياء بين الأنام و أن جبرئيل هو الروح الأمين الذي نزل بالقرآن على قلب محمد خاتم النبيين و هو الذي كان يأتيه بالوحي من رب العالمين و يجب الإقرار بأن شريعة الإسلام التي أتى بها محمد ع ناسخة لما خالفها من شرائع الأنبياء المتقدمين. و أنه يجب التمسك بها و العمل بما تضمنته من فرائضها و أن ذلك دين الله الثابت الباقي إلى أن يرث الله الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْها لا حلال إلا ما أحلت و لا حرام إلا ما حرمت و لا فرض إلا ما فرضت و لا عبادة إلا ما أوجبت. و أن من انصرف عن الإسلام و تمسك بغيره كافر ضال مخلد في النار و لو بذل من الاجتهاد في العبادة غاية المستطاع. و أن من أظهر الإقرار بالشهادتين كان مسلما و من صدق بقلبه و لم يشك في فرض أتى به محمد ص كان مؤمنا و من الشرائط الواجبة للإيمان العمل بالفرائض اللازمة فكل مؤمن مسلم و ليس كل مسلم مؤمن. و قوله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ 306 إنما أراد به الإسلام الصحيح التام الذي يكون المسلم فيه عارفا مؤمنا عالما بالواجبات طائعا.
و يجب أن يعتقد أن حجج الله تعالى بعد رسوله الذين هم خلفاؤه و حفظة شرعه و أئمة أمته اثنا عشر أهل بيته أولهم أخوه و ابن عمه و صهره بعل فاطمة الزهراء ابنته و وصيه على أمته علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ثم الحسن بن علي الزكي ثم الحسين بن علي الشهيد ثم علي بن الحسين زين العابدين ثم محمد بن علي باقر العلوم ثم جعفر بن محمد الصادق ثم موسى بن جعفر الكاظم ثم علي بن موسى الرضا ثم محمد بن علي التقي ثم علي بن محمد المنتجب ثم الحسن بن علي الهادي ثم الخلف الصالح بن الحسن المهدي صلوات الله عليهم أجمعين لا إمامة بعد رسول الله ص إلا لهم ع و لا يجوز الاقتداء في الدين إلا بهم و لا أخذ معالم الدين إلا عنهم. و أنهم في كمال العلم و العصمة من الآثام نظير الأنبياء ع و أنهم أفضل الخلق بعد رسول الله ع و أن إمامتهم منصوص عليهم من قبل الله على اليقين و البيان و أنه سبحانه أظهر على أيديهم الآيات و أعلمهم كثيرا من الغائبات و الأمور المستقبلات و لم يعطهم من ذلك إلا ما قارن وجها يعمله من اللطف و الصلاح. و ليسوا عارفين بجميع الضمائر و الغائبات على الدوام و لا يحيطون بالعلم بكل ما علمه الله تعالى. و الآيات التي تظهر على أيديهم هي فعل الله دونهم أكرمهم بها و لا صنع لهم فيها. و أنهم بشر محدثون و عباد مصنوعون لا يخلقون و لا يرزقون و يأكلون و يشربون و تكون لهم الأزواج و تنالهم الآلام و الأعلال و يستضامون و يخافون فيتقون و أن منهم من قتل و منهم من قبض و أن إمام هذا الزمان هو المهدي بن الحسن الهادي و أنه الحجة على العالمين و خاتم الأئمة الطاهرين لا إمامة لأحد بعد إمامته و لا دولة بعد
دولته و أنه غائب عن رعيته غيبة اضطرار و خوف من أهل الضلال و للمعلوم عند الله تعالى في ذلك الصلاح. و يجوز أن يعرف نفسه في زمن الغيبة لبعض الناس و أن الله عز و جل سيظهره وقت مشيئته و يجعل له الأعوان و الأصحاب فيمهد الدين به [و] يطهر الأرض على يديه و يهلك أهل الضلال و يقيم عمود الإسلام و يصير الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ . و أن الله عز و جل يظهر على يديه عند ظهوره الأعلام و تأتيه المعجزات بخرق العادات و يحيى له بعض الأموات فإذا [أ] قام في الناس المدة المعلومة عند الله سبحانه قبضه إليه ثم لا يمتد بعده الزمان و لا تتصل الأيام حتى تكون شرائط الساعة و إماتة من بقي من الناس ثم يكون المعاد بعد ذلك و يعتقد أن أفضل الأئمة ع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و أنه لا يجوز أن يسمى بأمير المؤمنين أحد سواه. و أن بقية الأئمة ص يقال لهم الأئمة و الخلفاء و الأوصياء و الحجج و إن 307 كانوا في الحقيقة أمراء المؤمنين فإنهم لم يمنعوا من هذا الاسم لأجل معناه لأنه حاصل لهم على الاستحقاق و إنما منعوا من لفظه حشمة لأمير المؤمنين ع. و أن أفضل الأئمة بعد أمير المؤمنين ولده الحسن ثم الحسين و أفضل الباقين بعد الحسين إمام الزمان المهدي ص ثم بقية الأئمة بعده على ما جاء به الأثر و ثبت في النظر. و أن المهدي ع هو الذي قال فيه رسول الله ص