کتابخانه روایات شیعه
و نصال تسقط عن يمينه و شماله و الناس يلتقطون ذلك فلقطت معهم أربعة أسياف و بيضة حديد مذهبة فأول ما دخلت مكة سقط 317 منها سيف في ماء فغمر و طار الثاني في الجو و استمر 318 و سقط الثالث إلى الأرض فانكسر و بقي الرابع في يدي مسلولا فبينا أنا به أصول إذ صار السيف شبلا فتبينته فصار ليثا مهولا 319 فخرج عن يدي و مر نحو الجبال يجوب بلاطحها 320 و يخرق صلادحها 321 و الناس منه مشفقون و من خوفه حذرون إذ أتى محمد ص فقبض على رقبته فانقاد له كالظبية الألوف فانتبهت و قد راعني الزمع 322 و الفزع فالتمست المفسرين فطلبت القائفين و المخبرين فوجد كاهنا زجر لي بحالي و أخبرني منامي و قال لي أنت تلدين أربعة أولاد و بنتا بعدهم و إن أحد البنين يغرق و الآخر يقتل في الحرب و الآخر يموت و يبقى له عقب و الرابع يكون إماما للخلق صاحب سيف و حق ذا فضل و براعة يطيع النبي المبعوث أحسن طاعة. فقالت فاطمة فلم أزل مفكرة في ذلك و رزقت بني الثلاثة عقيلا و طالبا و جعفرا ثم حملت بعلي ع في عشر ذي الحجة فلما كان الشهر الذي ولدت فيه و كان شهر رمضان رأيت في منامي كان عمود حديد قد انتزع من أم رأسي ثم سطع في الهواء حتى بلغ السماء ثم رد إلي فقلت ما هذا فقيل لي هذا قاتل أهل الكفر و صاحب ميثاق النصر بأسه شديد يفزع من خيفته و هو معونة الله لنبيه و تأييده على عدوه قالت فولدت عليا ع و جاء في الحديث
أنها دخلت الكعبة على ما جرت به عادتها فصادف دخولها وقت ولادتها فولدت أمير المؤمنين ص داخلها و كان ذلك في النصف من شهر رمضان 323 و لرسول الله ص ثلاثون سنة على الكمال فتضاعف ابتهاجه به و تمام مسرته و أمرها أن تجعل مهده جانب فراشه و كان يلي أكثر تربيته و يراعيه في نومه و يقظته و يحمله على صدره و كتفه و يحبوه بألطافه و تحفه و يقول هذا أخي و سيفي و ناصري و وصيي 324 . فلما تزوج النبي ص خديجة ع أخبرها بوجده بعلي و محبته فكانت تستزيره فتزينه و تحليه و تلبسه و ترسله مع ولائدها و يحمله خدمها فيقول الناس هذا أخو محمد و أحب الخلق إليه و قرة عين خديجة و من اشتملت السعادة عليه و كانت ألطاف 325 خديجة تطرق منزل أبي طالب ليلا و نهارا و صباحا و مساء. ثم إن قريشا أصابتها أزمة مهلكة و سنة مجدية منهكة و كان أبو طالب رضي الله عنه ذا مال يسير و عيال كثير فأصابه ما أصاب قريشا من العدم و الإضاقة و الجهد و الفاقة فعند ذلك دعا رسول الله ص عمه العباس فقال له يا أبا الفضل إن أخاك أبا طالب كثير العيال مختل الحال ضعيف النهضة و الغرمة و قد ناله ما نزل بالناس من هذه الأزمة و ذوو الأرحام أحق بالرفد و أولى من حمل الكل 326 في ساعة الجهد فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه فلنحمل عنه بعض أثقاله و نخفف عنه من عياله يأخذ كل واحد منا واحدا من بنيه يسهل عليه بذلك بعض ما هو فيه
فقال له العباس نعم ما رأيت و الصواب فيما أتيت هذا و الله الفضل الكريم و الوصل الرحيم فلقيا أبا طالب فصبراه و لفضل آبائه ذكراه و قالا له إنا نريد أن نحمل عنك بعض العيال فادفع إلينا من أولادك من يخف عنك به الأثقال قال أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا و طالبا فافعلا ما شئتما فأخذ العباس جعفرا و أخذ رسول الله ص عليا ع 327 فانتجبه لنفسه و اصطفاه لمهم أمره و عول عليه في سره و جهره و هو مسارع لمرضاته موفق السداد في جميع حالاته 328 و كان رسول الله ص في ابتداء طروق الوحي إليه كلما هتف به هاتف أو سمع من حوله رجفة راجف أو رأى رؤيا أو سمع كلاما يخبر بذلك خديجة و عليا ع و يستسرهما هذه الحال فكانت خديجة تثبته و تصبره و كان علي يهنيه و يبشره و يقول له و الله يا ابن عم ما كذب عبد المطلب فيك و لقد صدقت الكهان فيما نسبته إليك و لم يزل كذلك إلى أن أمر ص بالتبليغ فكان أول من آمن به من النساء خديجة و من الذكور أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و عمره يومئذ عشر سنين 329
و مما عملته لبعض الإخوان كتاب الإعلام بحقيقةإسلام أمير المؤمنين ع و به نستعين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ذي الجود و الإكرام الهادي إلى شريعة الإسلام و صلاته على خيرته من جميع الأنام سيدنا محمد رسوله و أهل بيته المطهرة من الآثام و سلام الله على أول السابقين إسلاما و إيمانا و أخلص المصدقين إقرارا و إذعانا و أنصح الناصرين سرا و إعلانا و أوضح العالمين حجة و برهانا الذي كان سبقه إلى الدخول في الإسلام و كونه بعد الرسول الحجة على الأنام مشابها لخلق آدم ص في وجود الخليفة قبل المستخلف عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع ذي الفضائل و المناقب و لعنة الله على باغضيه و منكري فضله و حاسديه. هذا مختصر جمعت لإخواني فيه من الكلام في إسلام أمير المؤمنين ص ما يجب الانتهاء إليه و الاعتماد في المسألة عليه
فصل يجب أن يقدم القول بأن أمير المؤمنين ص أسلم
اعلموا أيدكم الله أن المخالفين لشدة عداوتهم لأمير المؤمنين ألقوا شبهة موهوا بها على المستضعفين و جعلوا لها طريقا يسلكها من يروم نفي الإسلام عن أمير المؤمنين ص و ذلك أنهم قالوا إنما يصح الإسلام ممن كان كافرا فأما من لم يك قط ذا كفر و لا ضلال فلا يجوز أن يقال إنه أسلم و إذا كان علي بن أبي طالب ع لم يكفر قط فلا يصح القول بأنه أسلم و هذا ملعنة من النصاب لا تخفى على أولي الألباب يتشبثون بها إلى القدح في أمير المؤمنين ع و الراحة من أن يسمعوا القول بأنه أسلم قبل سائر الناس. و قد تعدتهم هذه الشبهة فصارت في مستضعفي الشيعة و من لا خبرة له
بالنظر و الأدلة حتى أني رأيت جماعة منهم يقولون هذه المقال و يستعظمون القول بأن أمير المؤمنين ع أسلم أتم استعظام و قد نبهتهم على أن هذه الشبهة مدسوسة عليهم و أن أعداءهم ألقوها بينهم فمنهم من قبل ما أقول و منهم من أصر على ما يقول و قد كنت اجتمعت بأحد الناصرين لهذه الشبهة من الشيعة فقلت له أ تقول إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع مسلم فقال لا يسعني غير ذلك فقلت له أ فتقول إنه يكون مسلما من لم يسلم فقال إن قلت بأنه أسلم لزمني الإقرار بأنه قبل إسلامه لم يكن مسلما. و لكني أقول إنه ولد مسلما مؤمنا فقلت هذا كقولك إنه ولد حيا قادرا و هو يؤديك إلى أن الله تعالى خلق فيه الإسلام و الإيمان كما خلق فيه القدرة و الحياة و يدخل بك في مذهب أهل الجبر و يبطل عليك القول بفضيلة أمير المؤمنين ع في الإسلام و ما يستحق عليه من الأجر فاختر لنفسك إما القول بأن إسلامه و إيمانه فعل الله سبحانه و أنه ولد مسلما و مؤمنا و إن ساقك إلى ما ذكرناه 330 . و إما القول بأن الله تعالى أوجده حيا قادرا ثم آتاه عقلا و كلفه بعد هذا فأطاع و فعل ما أمر به مما يستحق جزيل الأجر على فعله فإسلامه و إيمانه من أفعاله الواقعة بحسب قصده و إيثاره و إن أداك في وجوده قبل فعله إلى ما وصفناه. فحيره هذا الكلام و لم يجد فيه حيلة من جواب و مما يجب أن يكلم به في هذه المسألة أهل الخلاف أن يقال لهم لما زعمتم أنه لم يسلم إلا من كان كافرا.
فإن قالوا لأن من صح منه وقوع الإسلام فهو قبله عار منه و إذا عرى منه كان على ضده و ضده الكفر 331 قيل لهم لم زعمتم أنه إذا عرى منه كان على ضده و ما أنكرتم من أن يخلو منهما فلا يكون على أحدهما فإن قالوا إن ترك الدخول في الإسلام هو ضده لأنه لا يصح اجتماع الترك و الدخول فمتى كان تاركا كان كافرا لأن معه الضد قيل لهم إنما يلزم ما ذكرتم متى وجدت شريعة الإسلام و لزم العمل بها و علم العبد وجوبها عليه بعد وجودها فأما إذا لم يكن نزل به الوحي و لا لزم المكلف منها أمر و لا نهي فإلزامكم الكفر جهل و غي. فإن قالوا قد سمعناكم تقولون إن الوحي لما نزل على النبي ص بتبليغ الإسلام دعا إليه أمير المؤمنين ع فلم يجبه عند الدعاء و قال له أجلني الليلة و تعدون هذا له فضيلة و فيه أنه قد ترك الدخول في الإسلام بعد وجوده قلنا هو كذلك لكنه قبل علمه بوجوبه و هذه المدة التي سأل فيها الإنظار هي زمان مهلة النظر التي أباحها الله تعالى للمستدل و لو مات قبل اعتقاد الحق لم يكن على غلط و هكذا رأيناكم تفسرون قول إبراهيم ع لما رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ إلى تمام قصته ع.