کتابخانه روایات شیعه
رَأَيْتُهُمَا مُذْ جَلَسْتُ فَقَالَ قُمْ بِنَا فِي الطَّلَبِ فَلَسْتُ آمَنُ قُرَيْشاً أَنْ تَكُونَ اغْتَالَتْهُمَا. قَالَ فَمَضَيْنَا حَتَّى خَرَجْنَا مِنْ أَبْيَاتِ مَكَّةَ ثُمَّ صِرْنَا إِلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِهَا فَاسْتَرْخَيْنَا إِلَى قُلَّةٍ فَإِذَا النَّبِيُّ ص وَ عَلِيٌّ ع عَنْ يَمِينِهِ وَ هُمَا قَائِمَانِ بِإِزَاءِ عَيْنِ الشَّمْسِ يَرْكَعَانِ وَ يَسْجُدَانِ قَالَ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِجَعْفَرٍ ابْنِهِ صِلْ جَنَاحَ ابْنِ عَمِّكَ فقال [فَقَامَ] إِلَى جَنْبِ عَلِيٍّ فَأَحَسَّ بِهَا النَّبِيُّ ص فَتَقَدَّمَهُمَا وَ أَقْبَلُوا عَلَى أَمْرِهِمْ حَتَّى فَرَغُوا مِمَّا كَانُوا فِيهِ ثُمَّ أَقْبَلُوا نَحْوَنَا فَرَأَيْتُ السُّرُورَ يَتَرَدَّدُ فِي وَجْهِ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ انْبَعَثَ يَقُولُ
إِنَّ عَلِيّاً وَ جَعْفَراً ثِقَتِي
عِنْدَ مُهِمِّ الْأُمُورِ وَ الْكَرْبِ
لَا تَخْذُلَا وَ انْصُرَا ابْنَ عَمِّكُمَا
أَخِي لِأُمِّي مِنْ بَيْنِهِمْ وَ أَبِي
وَ اللَّهِ لَا يَخْذُلُ النَّبِيَّ وَ لَا
يَخْذُلُهُ مِنْ بَنِيَّ ذُو حَسَبٍ 350
-.
و قد أتت الأخبار بأن زيد بن حارثة تقدم أبا بكر في الإسلام بل روي أن أبا بكر لم يسلم حتى أسلم قبله جماعة من الناس و روى سالم بن أبي الجعد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه قال لأبيه كان أبو بكر أولكم إسلاما قال لا قد أسلم قبله أكثر من خمسين رجلا و أما الأخبار الواردة بأن أمير المؤمنين ع صلى مع رسول الله ص سبع سنين و الناس كلهم كانوا ضالين
فَمِنْهَا مَا أَخْبَرَنِي بِهِ شَيْخُنَا الْمُفِيدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الثَّلْجِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ سَهْلِ بْنِ صَالِحٍ وَ كَانَ قَدْ جَاوَزَ مِائَةَ سَنَةٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْمُعَمَّرِ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ وَ عَلَى عَلِيٍّ ع سَبْعَ سِنِينَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُرْفَعْ إِلَى السَّمَاءِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَّا مِنِّي وَ مِنْ عَلِيٍّ ع.
وَ مِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: لَقَدْ صَلَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ وَ عَلَى عَلِيٍّ سَبْعَ سِنِينَ لِأَنَّا كُنَّا نُصَلِّي لَيْسَ مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرُنَا.
وَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ الْمَلَائِكَةَ صَلَّتْ عَلَيَّ وَ عَلَى عَلِيٍّ سَبْعَ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ بَشَرٌ.
وَ مَا رَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً ع يَقُولُ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص سَبْعَ حِجَجٍ مَا يُصَلِّي مَعَهُ غَيْرِي إِلَّا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَدْخُلُ مَعَهُ الْوَادِيَ فَلَا نَمُرُّ بِحَجَرٍ وَ لَا شَجَرٍ إِلَّا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنَا أَسْمَعُهُ.
وَ مَا رَوَى ع مِنْ قَوْلِهِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَ أَنَا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَذَّابٌ مُفْتَرٍ صَلَّيْتُ قَبْلَهُمْ سَبْعَ سِنِينَ.
وَ مَا رَوَاهُ أَبُو رَافِعٍ قَالَ قَالَ ص بُعِثْتُ أَوَّلَ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ وَ صَلَّتْ خَدِيجَةُ آخِرَ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ وَ صَلَّى عَلِيٌّ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ مِنَ الْغَدَاةِ مُسْتَخْفِياً قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ النَّبِيِّ ص أَحَدٌ سَبْعَ سِنِينَ.
فصل في أن إسلامه ع كان عن بصيرة و استدلال
اعلم أنه لما توجهت الحجة على المخالفين بتقدم إسلام أمير المؤمنين ع على سائر المكلفين قالوا و ما الفضيلة في إسلام طفل لم يلحق بدرجة العقلاء البالغين و أي تكليف يتعين عليه يستحق بفعله الأجر من رب العالمين و هل كان إلقاء الإسلام إليه إلا على سبيل التوقيف و التلقين الذي يفعله أحدنا مع ولده لينشأ عليه و يصير له من الألفين و خطأ هؤلاء القوم لا يخفى للمتأملين و ضلالهم عن الحق واضح للمنصفين و ذلك أن الحال التي كان عليها رسول الله ص في ابتداء أمره من كتمان ما هو عليه و ستره و صلاته مختفيا في شعاب مكة للمخافة التي كان فيه
و التقية منتظرا لإذن الله تعالى في الإعلان و الإظهار فيبدي حينئذ أمره على تدريج يأمن معه المضار يقضي إلى أن يلقى ذلك إلى الأطفال و الصبيان الذين لا عقول لهم يصح معها الكتمان و الذين من عادتهم الإخبار بما علموه و الإعلان. فإذا علمنا و هذه صورة الحال أن النبي ص قد خص في ابتدائها بالوقوف على سر أحد الأطفال تحققنا أن ذلك الطفل مميز بصحة الفعل و الكمال. و ليس يستحيل حصول العقل و التمييز لابن عشر سنين و لا تجويز ذلك في الأمور المستبعدة عند العارفين و المنكر لذلك إنما يعول على الغالب في المشاهدات و العقل لا يمنع من وجود ما ذكرناه في نادر الأوقات بل لا يمنع من أن يجعل الله تعالى ذلك آية يخرق بها العادات و قد أخبر الله سبحانه عن نبيين من أنبيائه ع بما هو أعجب من هذا و هما عيسى و يحيى. فقال حاكيا كلام عيسى ع للناس في المهد إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا و قال في يحيى يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا - فإن قال الخصوم إن هذين نبيان يصح أن يكون لهما الآيات المعجزات قلنا فما المانع من تكميل الله تعالى عقل طفل في زمن نبينا ع و يمنحه صحة التمييز و الاستدلال و يخصه بالتكليف دون جميع الأطفال و يكون ذلك آية ل لنبيه ص و كرامة له في أخص الناس به و لوجه آخر من الصلاح يختص بعلمه و ليكون مع هذا كله إبانة لوليه الذي هو حجته و وصي نبيه ص فما المحيل لما ذكرناه و المانع من كونه كذلك.
أ و ليس قد روي أن الشاهد الذي شهد من أهلها في قميص يوسف ع كان طفلا في المهد له سنتان و ليس بنبي. و بعد فقد أوجدكم 351 الله تعالى عيانا من أحد أئمتنا ع ما هو أكثر مما أنكرتموه من هذه الحال و هو أبو جعفر محمد بن علي بن موسى ع 352 و شهادة المأمون لما عزم على تقريبه و مصاهرته و هو ابن تسع سنين بالعقل و العلم و الكمال 353 و اتفاقهم معه على أن يعقدوا له مجلسا للامتحان و سؤالهم يحيى بن أكثم القاضي في أن يتولى لهم ذلك و بذلهم له الأموال و ما جرى له من عجيب الكمال في السؤال و الجواب حتى عجز يحيى و وقف في 354 يديه و أذعن بالاستفادة منه و الرجوع إليه فيما لا يعلمه. و هذا أمر قد شاركتمونا في نقله و اتفق أصحاب الحديث 355 على حمله و لسنا نشك في أن هذا العلم و الفضل لم يحصل لأبي جعفر ع إلا من أحد وجهين 356 إما الإلهام فهو إذا معجز بان 357 به من الأنام
و إما عن تلقين و تعليم و كان عمره وقت تلقينه ذلك و هو في وقت المناظرة ابن تسع سنين و قيل ثماني سنين أ و ليس هذا أعجوبة قد نقلتموها و أقررتم بها و سألتموها فأخبرونا كيف أقررتم لولد أمير المؤمنين ع في زمن المأمون بكمال العقل و العلم و حسن المعرفة و الفهم و هو ابن تسع سنين و أنكرتم أن يصح لأمير المؤمنين ص في زمن رسول الله ص كمال العقل و التكليف و له عشر سنين فإن قالوا نحن لا نعترف لأبي جعفر ع بهذا كانت السير قاضية بيننا و بينهم شاهدة للمحق 358 منا. ثم يقال لهم إن لم يكن الأمر كما ذكرناه من كمال عقل أمير المؤمنين ع وقت دعاء النبي ص له إلى الإسلام و هو في حال سر و كتمان و خوف من الشرك و الضلال أ ليس يكون قد غرر بنفسه فيما ألقاه إليه و فعل ما يشهد العقل بقبحه و خطإ المقدم عليه حاشا الرسول ص مما ينسبونه إليه و الذي ذكرناه في أمير المؤمنين ع أوضح من أن يشتبه الأمر فيه أ ليس هو القائل لرسول الله ص إنني لم أزل البارحة مفكرا فيما قلت لي فعرفت الحق و الصدق في قولك و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك رسول الله فوقع منه الإقرار بالشهادة بعد فكر ليلة كاملة. فكيف تصح من طفل كما زعمتم غير عاقل أن يفكر في صحة النبوة ليلة كاملة حتى حصل له العلم بصدق المخبر بها بعد طول الروية و هل بعد هذا لبس يعترض عاقلا هجر العصبية و قد روي أعجب منه
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ص
عَرَضَ عَلَى عَلِيٍّ ع الْإِسْلَامَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع أَنْظِرْنِي اللَّيْلَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص هِيَ أَمَانَةٌ فِي عُنُقِكَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَداً.
فلينظر الغافلون إلى هذا الكلام الواقع منهما ع و سؤال أمير المؤمنين ع له في التأجيل و الإنظار. هذا و هو الذي كفله و رباه و لم يزل طائعا له في جميع ما يأمره و يراه فلما أتاه الأمر رأى أن الإقدام على الإقرار به من غير علم و يقين قبيح سأله التأجيل. ثم قول النبي ص له إنها أمانة في عنقك لا تخبر بها أحدا مما تشهد العقول بأسرها أنه لا يقال إلا لمميز يكون عقله كاملا. و يزيد هذه الحال أيضا بيانا أنه لما أسلم ع كان يخرج مع رسول الله ص إلى شعاب مكة فمرة يصلي معه و مرة أخرى يرصد له حتى روي أن كل واحد منهما كان إذا صلى صاحبه حرسه و وقف يرصد له فهل يصح أن يختص بهذا الأمر من لا عقل له لا و لكن قد يخفى صحته عمن لا عقل له و العجب أن مخالفينا يدفعون أن يكون إسلام أمير المؤمنين ع و هو ابن عشر سنين له فضيلة و رسول الله ص لم يدفع ذلك بل كان يعده له من أول الفضائل و يخبر به إذا مدحه و أثنى عليه في المحافل و العجب أنهم ينكرون علينا الاحتجاج بتقدم إسلامه و هو ص كان يحتج بذلك بين الصحابة و لا ينكره أحد عليه و لا يقول له و ما في ذلك من الفضل و إنما أسلمت و أنت طفل لا عقل لك
فصل في البلوغ