کتابخانه روایات شیعه
أ و ليس قد روي أن الشاهد الذي شهد من أهلها في قميص يوسف ع كان طفلا في المهد له سنتان و ليس بنبي. و بعد فقد أوجدكم 351 الله تعالى عيانا من أحد أئمتنا ع ما هو أكثر مما أنكرتموه من هذه الحال و هو أبو جعفر محمد بن علي بن موسى ع 352 و شهادة المأمون لما عزم على تقريبه و مصاهرته و هو ابن تسع سنين بالعقل و العلم و الكمال 353 و اتفاقهم معه على أن يعقدوا له مجلسا للامتحان و سؤالهم يحيى بن أكثم القاضي في أن يتولى لهم ذلك و بذلهم له الأموال و ما جرى له من عجيب الكمال في السؤال و الجواب حتى عجز يحيى و وقف في 354 يديه و أذعن بالاستفادة منه و الرجوع إليه فيما لا يعلمه. و هذا أمر قد شاركتمونا في نقله و اتفق أصحاب الحديث 355 على حمله و لسنا نشك في أن هذا العلم و الفضل لم يحصل لأبي جعفر ع إلا من أحد وجهين 356 إما الإلهام فهو إذا معجز بان 357 به من الأنام
و إما عن تلقين و تعليم و كان عمره وقت تلقينه ذلك و هو في وقت المناظرة ابن تسع سنين و قيل ثماني سنين أ و ليس هذا أعجوبة قد نقلتموها و أقررتم بها و سألتموها فأخبرونا كيف أقررتم لولد أمير المؤمنين ع في زمن المأمون بكمال العقل و العلم و حسن المعرفة و الفهم و هو ابن تسع سنين و أنكرتم أن يصح لأمير المؤمنين ص في زمن رسول الله ص كمال العقل و التكليف و له عشر سنين فإن قالوا نحن لا نعترف لأبي جعفر ع بهذا كانت السير قاضية بيننا و بينهم شاهدة للمحق 358 منا. ثم يقال لهم إن لم يكن الأمر كما ذكرناه من كمال عقل أمير المؤمنين ع وقت دعاء النبي ص له إلى الإسلام و هو في حال سر و كتمان و خوف من الشرك و الضلال أ ليس يكون قد غرر بنفسه فيما ألقاه إليه و فعل ما يشهد العقل بقبحه و خطإ المقدم عليه حاشا الرسول ص مما ينسبونه إليه و الذي ذكرناه في أمير المؤمنين ع أوضح من أن يشتبه الأمر فيه أ ليس هو القائل لرسول الله ص إنني لم أزل البارحة مفكرا فيما قلت لي فعرفت الحق و الصدق في قولك و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك رسول الله فوقع منه الإقرار بالشهادة بعد فكر ليلة كاملة. فكيف تصح من طفل كما زعمتم غير عاقل أن يفكر في صحة النبوة ليلة كاملة حتى حصل له العلم بصدق المخبر بها بعد طول الروية و هل بعد هذا لبس يعترض عاقلا هجر العصبية و قد روي أعجب منه
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ص
عَرَضَ عَلَى عَلِيٍّ ع الْإِسْلَامَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع أَنْظِرْنِي اللَّيْلَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص هِيَ أَمَانَةٌ فِي عُنُقِكَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَداً.
فلينظر الغافلون إلى هذا الكلام الواقع منهما ع و سؤال أمير المؤمنين ع له في التأجيل و الإنظار. هذا و هو الذي كفله و رباه و لم يزل طائعا له في جميع ما يأمره و يراه فلما أتاه الأمر رأى أن الإقدام على الإقرار به من غير علم و يقين قبيح سأله التأجيل. ثم قول النبي ص له إنها أمانة في عنقك لا تخبر بها أحدا مما تشهد العقول بأسرها أنه لا يقال إلا لمميز يكون عقله كاملا. و يزيد هذه الحال أيضا بيانا أنه لما أسلم ع كان يخرج مع رسول الله ص إلى شعاب مكة فمرة يصلي معه و مرة أخرى يرصد له حتى روي أن كل واحد منهما كان إذا صلى صاحبه حرسه و وقف يرصد له فهل يصح أن يختص بهذا الأمر من لا عقل له لا و لكن قد يخفى صحته عمن لا عقل له و العجب أن مخالفينا يدفعون أن يكون إسلام أمير المؤمنين ع و هو ابن عشر سنين له فضيلة و رسول الله ص لم يدفع ذلك بل كان يعده له من أول الفضائل و يخبر به إذا مدحه و أثنى عليه في المحافل و العجب أنهم ينكرون علينا الاحتجاج بتقدم إسلامه و هو ص كان يحتج بذلك بين الصحابة و لا ينكره أحد عليه و لا يقول له و ما في ذلك من الفضل و إنما أسلمت و أنت طفل لا عقل لك
فصل في البلوغ
و أما ما ظن الخصوم من أن البلوغ إلى درجة التكليف هو الاحتلام و قولهم أن أمير المؤمنين ع لم يكن بلغ وقت إسلامه مبلغ المحتلمين فلا يكون من المكلفين فظن غير صحيح و لو كان الأمر كما زعموه لكان كل من بلغ الحلم مكلفا و نحن نعلم فساد ذلك لوجود بالغين من البله و المجانين غير مكلفين و الواجب الذي ليس عنه محيد أن يقال إن وجود العقل في الإنسان و صحة التمييز منه و الإدراك شرط في وجوب تكليف العقليات من النظر و الاستدلال و معرفة ما لا يسع جهله من الأمد و الواجبات و اعتقاد الحق بأسره و إدراك الصواب. و شرط أيضا في صحة تعلق [تكليف] 359 العبادات السمعيات و إن كان أكثرها يسقط عمن لم يبلغ الاحتلام و لا 360 يعلم سقوطه إلا من جهة السمع الوارد دون ما سواه و لم يكن المشروع 361 كله حاصلا في ابتداء البعثة و لا أتى الوحي وقت إسلام أمير المؤمنين ع لجميع العبادات السمعية فيعلم ما هو لازم لمن لم يبلغ مما هو غير لازم فأما التكليف الواجب في العقول فلا يجوز أن يسقط عمن له عقل و تحصيل 362 إذ هو بلوغ حد التكليف. و قد بينا أن أمير المؤمنين ع كان كامل العقل و هو ابن عشر سنين
فلزمته 363 المعرفة بالله تعالى و الرسول و بجميع ما يوجب معرفة العقول 364 و لزمه من التعبد المسموع ما قارن وجها من المصلحة له 365 و هذا كاف لذوي التحصيل و قد أوردت في هذا الكتاب من القول في إسلام أمير المؤمنين ع ما فيه منفعة للمؤمنين و حجة على المخالفين وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين و آله 366 الطيبين الطاهرين
فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَا كَرَمَ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى وَ لَا مَعْقِلَ أَحْرَزُ مِنَ الْوَرَعِ وَ لَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ.
مَنْ ضَاقَ صَدْرُهُ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى أَدَاءِ حَقٍّ مَنْ كَسِلَ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ.
مَنْ عَظَّمَ أَوَامِرَ اللَّهِ أَجَابَ سُؤَالَهُ.
مَنْ تَنَزَّهَ عَنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ سَارَعَ إِلَيْهِ عَفْوُ اللَّهِ.
مَنْ تَوَاضَعَ قَلْبُهُ لِلَّهِ لَمْ يَسْأَمْ بَدَنُهُ [مِنْ] طَاعَةِ اللَّهِ.
الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ.
لَيْسَ مَعَ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ نَمَاءٌ وَ لَا مَعَ الْفُجُورِ غِنًى.
عِنْدَ تَصْحِيحِ الضَّمَائِرِ تُغْفَرُ الْكَبَائِرُ.
تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ.
عِنْدَ الْخَوْفِ يَحْسُنُ الْعَمَلُ.
رَأْسُ الدِّينِ صِحَّةُ الْيَقِينِ.
أَفْضَلُ مَا لَقِيتَ اللَّهَ بِهِ نَصِيحَةٌ مِنْ قَلْبٍ وَ تَوْبَةٌ مِنْ ذَنْبٍ.
إِيَّاكُمْ وَ الْجَدَلَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الشَّكَّ فِي دِينِ اللَّهِ.
بِضَاعَةُ الْآخِرَةِ كَاسِدَةٌ فَاسْتَكْثِرْ مِنْهَا فِي أَوَانِ كَسَادِهَا.
الْيَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ.
وَ دُخُولُ الْجَنَّةِ رَخِيصٌ وَ دُخُولُ النَّارِ غَالٍ.
التَّقِيُّ سَائِقٌ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ.
مَنْ غَرَسَ أَشْجَارَ التُّقَى جَنَى ثِمَارَ الْهُدَى.
الْكَرِيمُ مَنْ أَكْرَمَ عَنْ ذُلِّ النَّارِ وَجْهَهُ.
ضَاحِكٌ مُعْتَرِفٌ بِذَنْبِهِ أَفْضَلُ مِنْ بَاكٍ مُدِلٍّ عَلَى رَبِّهِ.
مَنْ عَرَفَ عَيْبَ نَفْسِهِ اشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ.
مَنْ نَسِيَ خَطِيئَتَهُ اسْتَعْظَمَ خَطِيئَةَ غَيْرِهِ.
وَ مَنْ نَظَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ وَ رَضَاهَا لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ الْأَحْمَقُ بِعَيْنِهِ.
كَفَاكَ أَدَبُكَ لِنَفْسِكَ مَا كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ.
اتَّعِظْ بِغَيْرِكَ وَ لَا تَكُنْ مُتَّعِظاً بِكَ.
لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ تُعْقِبُ نَدَامَةً.
تَمَامُ الْإِخْلَاصِ تَجَنُّبُ الْمَعَاصِي.
مَنْ أَحَبَّ الْمَكَارِمَ اجْتَنَبَ الْمَحَارِمَ.
جَهْلُ الْمَرْءِ بِعُيُوبِهِ مِنْ أَعْظَمِ ذُنُوبِهِ.
مَنْ أَحَبَّكَ نَهَاكَ وَ مَنْ أَبْغَضَكَ أَغْرَاكَ.
وَ مَنْ أَسَاءَ اسْتَوْحَشَ.
مَنْ عَابَ عِيبَ.
وَ مَنْ شَتَمَ أُجِيبَ.
أَدُّوا الْأَمَانَةَ وَ لَوْ إِلَى قَاتِلِ الْأَنْبِيَاءِ.
الرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ الْعَطَبِ.
وَ التَّعَبُ مَطِيَّةُ النَّصَبِ.
الشَّرُّ دَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ.
مَنْ تَوَرَّطَ فِي الْأُمُورِ غَيْرَ نَاظِرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَدْرَجَاتِ النَّوَائِبِ.
مَنْ أَتَى ذِمِّيّاً وَ تَوَاضَعَ لَهُ لِيُصِيبَ مِنْ دُنْيَاهُ شَيْئاً ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ.
مَنْ لَزِمَ الِاسْتِقَامَةَ لَزِمَتْهُ السَّلَامَةُ.
حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْمُفِيدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ الْقُمِّيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَهْرَامَ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الطَّالَقَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَوْ أَنَّ الْغِيَاضَ أَقْلَامٌ وَ الْبَحْرَ مِدَادٌ وَ الْجِنَّ حُسَّابٌ وَ الْإِنْسَ كُتَّابٌ مَا أَحْصَوْا فَضَائِلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
و أنشدت 367 لابن وكيع الشاعر 368 في أمير المؤمنين ص هذه الأبيات
قالوا علي لما ذا لست تمدحه
فقلت أصبحت في ذا الفعل معذورا
صرفت مدحي إلى من نور مدحته
يعده الناس إسرافا و تبذيرا
و لم أطق مدح من فاتت فضائله
قدر المدائح منظوما و منثورا
و من جواد قريضي إن بعثت به