کتابخانه روایات شیعه
فَخَرَجَ النَّبِيُّ ص إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ هَلْ سَأَلَ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ أَحَدٌ شَيْئاً قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَسْأَلُ فَأَعْطَاهُ عَلِيٌّ ع خَاتَمَهُ وَ هُوَ رَاكِعٌ فَقَالَ النَّبِيُّ ص اللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِيهِ قُرْآناً وَ تَلَا عَلَيْهِمُ الْآيَتَيْنِ ثُمَّ دَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ عَوَّضَكُمُ اللَّهُ مِنَ الْيَهُودِ أَوْلِيَاءَ وَ تَلَا عَلَيْهِمُ الْآيَتَيْنِ.
فظن بعضهم من أهل الغفلة أنها من أجل ذلك نزلت في عبد الله بن سلام. و من رجع إلى كتب التفاسير و نقل أصحاب الحديث علم أن الأمر على ما وصفناه و الكاف و الميم في قوله سبحانه وَلِيُّكُمُ خطاب لجميع الأمة حاضرهم و غائبهم و موجودهم و من سيوجد منهم و هو كقوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ و إنما حضر رسول الله ص عبد الله بن سلام و أصحابه و تلا عليهم الآيتين ليبشرهم بدخولهم في جملة من يكون وليهم الله و رسوله و أمير المؤمنين. فإن قالوا إن الآية تضمنت ذكر الجميع بقوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا فكيف يصح لكم أنها في واحد قلنا لهم قد يعبر بلفظ الجمع تعظيما لشأنه و لا ينكر ذلك في اللغة بل يستعمله أهلها و قد قال الله عز و جل إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ و قال تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ و قد علمنا أن الله أرسل نوحا وحده و أنه نزل الذكر و حافظه وحده و نظير ذلك كثير. فإن قالوا ما أنكرتم أن يكون المراد بقوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا الجميع و يكون المعني فيه أنهم المؤمنون الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم في إتيانها خاشعون متواضعون لا يمنون و لا يتكبرون و يكون هذا معنى قوله راكِعُونَ دون ما ذهبتم إليه من أن يؤتى الزكاة في حال ركوعه قلنا هذا غير صحيح لأن الركوع لا يفهم في اللغة و الشرع معا إلا أنه التطأطؤ المخصوص دون التواضع و الخضوع و إنما يوصف الخاضع بأنه راكع
على سبيل المجاز و التشبيه قال الخليل بن أحمد 426 صاحب كتاب العين كل من ينكب لوجهه فمس ركبته الأرض أو لا تمسها راكع و أنشد للبيد
أخبر أخبار القرون التي مضت
أدب كأني كلما قمت راكع .
فإن قالوا فما تنكرون أن يكون قوله وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وصفا لهم بإتيانهم و قوله وَ هُمْ راكِعُونَ ليس المراد أنهم أعطوها في حال ركوعهم و إنما معناه أن الركوع من شأنهم و عادتهم فوصفهم به و إن كانوا يفعلونه في غير وقت إعطاء الزكاة قلنا أنكرنا ذلك من حيث هو خروج عن ظاهر الكلام المفيد إن الزكاة كان في حال ركوع الصلاة و لا طريق إلى الانصراف عن الظاهر مع الاختيار. و مثل ذلك قولهم فلان يغشى إخوانه و هو راكب و ظاهر هذا يدل على أنه راكب في حال غشيانه إخوانه و أن الزمان في الأمرين واحد و شيء آخر و هو أنا متى قلنا إن الزكاة لم تكن في حال الركوع أدى الكلام إلى التكرار لأنه وصفهم بإقام الصلاة فإذا وصفهم بعد ذلك بأنهم راكعون و هو يريد يصلون تكرر الوصف بالصلاة لأن الركوع داخل في قوله يُقِيمُونَ الصَّلاةَ . فإن قالوا فأمير المؤمنين علي ع لم يكن يلزمه عندكم زكاة لأنه لم يكن من ذوي اليسار قلنا لسنا نقطع على أن الزكاة لم تجب عليه قط و ربما ملك أدنى مقادير
النصاب و أتى وقت الزكاة و هو في يديه و ليس يقال لمن ملك مأتي درهم أنه موسر لا سيما إذا اتفق له وجوب الزكاة منها وقتا واحدا و قد يجوز أيضا أن تكون هذه الزكاة نافلة لم تكن عليه واجبة و لا مانع أن يسمى النفل من الصدقة زكاة لأنه متناول للفرض منها في كونه إعطاء يستحق عليه النمو في الحسنات و الزيادة و المثوبات فإن كان لفظ الزكاة عندكم مشتركا في النافلة من الصدقة و الفريضة فقد توجه على الظاهر جوابنا و إن كان عندكم أن المستفاد من ظاهر لفظ الزكاة أنما هو المفترض منها دون ما سواه كنا ممن صرفنا عن الظاهر ورود الأخبار المجمع عليها بأن الآية نزلت في أمير المؤمنين ع مع أنه لم تلزمه قط فريضة الزكاة فلا بد من حمل ذلك على زكاة النافلة و إلا خصصنا الأخبار. فإن قالوا فكيف ساغ لأمير المؤمنين ع الصدقة في حال الصلاة أ و ليس ذلك إبطالا لها و اشتغالا بغيرها قلنا أقرب ما في هذا أنا غير عالمين أن جميع الأفعال المنهي عنها اليوم في الصلاة كانت محظورة كلها في تلك الحال فيجوز أن يكون هذا قبل ورود حظر هذه الأسباب. و قد قيل إن الكلام قد كان مباحا في الصلاة و نهي عنه بعد ذلك و لو لم يكن الأمر كذلك لم يلزم ما ذكرتموه في السؤال لأن الذي فعله أمير المؤمنين ع لم يكن شاغلا عن القيام بحدود الصلاة بل جاز أن يكون أشار إلى السائل إشارة خفية لا يقطع بمثلها الصلاة فهم منها مراده و أخذ الخاتم من يده. فكيف تنكرون هذا و أنتم ترون اتفاق الفقهاء على أن يسير العمل في الصلاة لا يقطعها على حال. و الذي يدل على أنه ع لم يشتغل بالإعطاء عن استيفاء شرائط الصلاة نزول المدح له في القرآن و الإضافة إلى المدح تقديمه وليا للأنام فإن قالوا فإذا ثبت أنه بهذه الآية إمام للخلق فما تنكرون أن يكون المراد استحقاقه لذلك بعد عثمان
قلنا أنكرنا ذلك من قبل أن كل من ثبت له الإمامة بها يوجبها بعد رسول الله ص في كل حال و لا يخص بذلك حالا دون حال. و أنكرنا ذلك من قبل أن الله تعالى ولينا و رسوله ص في كل حال و قد عطف ذكر أمير المؤمنين على اسم رسول الله ع فوجب أن يستحق ذلك أيضا في كل حال كما استحقه الرسول ع من غير انفصال و لو لا قيام الدلالة على أنه ليس في وقت رسول الله ص قدوة للخلق سواه و لا إمام لكان أمير المؤمنين ص يتسحق هذا المقام مذ نزلت الآية و ما اتصل من غير فاصلة بولاية و لا إهمال و الحمد لله الهادي إلى الحق بواضح البرهان
فصل من مستطرفات مسائل الفقه في الإنسان
مسألة اثنان تزوج كل واحد منهما أم الآخر فرزقا منهما ولدين ما قرابة بين الولدين جواب كل واحد منهما عم الآخر لأنه أخو أبيه من أمه. مسألة اثنان تزوج كل واحد منهما بنت الآخر فرزقا ولدين ما قرابة الولدين جواب إن كل واحد منهما خال الآخر لأنه أخو أمه و هو أيضا ابن أخته. مسألة اثنان تزوج كل واحد منهما أخت الآخر و رزقا منهما ولدين ما قرابة بين الولدين جواب إن كل واحد منهما ابن عمة الآخر و ابن خاله. مسألة رجلان تزوج كل واحد منهما جدة الآخر لأبيه فرزقا منهما ولدين ما قرابة ما بين الولدين و بين الرجلين و ما قرابة ما بين الولدين جواب إن كل واحد من الولدين عم الرجل المتزوج أم أبيه لأن الرجل
ابن جدته لأبيه و الولد أخو أبيه و كل واحد من الولدين ابن أخي صاحبه و عم أبيه. مسألة رجلان تزوج كل واحد منهما جدة الآخر لأمه فرزقا منهما ولدين ما قرابة ما بين الولدين و الرجلين و ما قرابة ما بين الولدين جواب إن كل واحد من الولدين خال الرجل المتزوج أم أمه لأن الرجل ابن جدته لأمه و الولد أخو أمه من أمها و كل واحد من الولدين ابن أخت صاحبه و خال أبيه. أنشدنا الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي رحمه الله
قد آن أن يبلغك الصوت
أ نائم قلبك أم ميت
يا باني البيت على غيره
أمامك المنزل و البيت
و إنما الدنيا على طولها
ثنية مطلعها الموت
و له أيضا
إذا مضى يوم على هدنة
و أنت في شك من النائبات
فعاجل الفرصة قبل الردى
و بادر الليلة قبل البيات
و اسبق و في حبلك أنشوطة
ضغط الليالي بيد الحادثات
لغيره
أشح على ملكي و أحميه دائبا
و سوف برغم الأنف أخرج عن ملكي
فما لي لا أبكي لنفسي و هلكها
إذا كنت قد وطنت نفسي على الهلك
فإن كنت لا أدري متى أنا ميت
فلست من الموت المنغص في شك
و موضع قبري إن أكن قد جهلته
فلي خبرة بالعرض و الطول و السمك
كأني أرى نفسي و حولي جماعة
يكفنني بعض و بعضهم يبكي
وَ ذَكَرُوا أَنَّ أَحَدَ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ اسْتَدْعَاهُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَ أَظُنُّ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا ع 427 وَ أَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ كَانَ
الْمُتَوَكِّلُ قَالُوا فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهِ وَجَدَهُ فِي قُبَّةٍ مُزَيَّنَةٍ فِي وَسَطِ بُسْتَانٍ وَ بِيَدِهِ كَأْسٌ فِيهَا خَمْرٌ فَقَرَّبَهُ وَ هَمَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ الْكَأْسَ فَامْتَنَعَ الْإِمَامُ ع فَقَالَ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مَا خَامَرَتْ لُحُومُنَا وَ دِمَاؤُنَا سَاعَةً قَطُّ قَالَ فَقَالَ أَنْشِدْنِي شِعْراً فَأَنْشَدَهُ الْإِمَامُ ع
بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الْأَجْبَالِ تَحْرُسُهُمْ
غُلْبُ الرِّجَالِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمُ الْقُلَلُ
وَ اسْتَنْزَلُوا بَعْدَ عِزٍّ مِنْ مَعَاقِلِهِمْ
فَأُسْكِنُوا حُفَراً يَا بِئْسَ مَا نَزَلُوا
نَادَاهُمُ صَارِخٌ مِنْ بَعْدِ مَا دُفِنُوا
أَيْنَ الْأَسِرَّةُ وَ التِّيجَانُ وَ الْحُلَلُ
أَيْنَ الْوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُحَجَّبَةً
مِنْ دُونِهَا تُضْرَبُ الْأَسْتَارُ وَ الْكِلَلُ
فَأَفْصَحَ الْقَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءَلَهُمْ
تِلْكَ الْوُجُوهُ عَلَيْهَا الدُّودُ تَنْتَقِلُ
قَدْ طَالَ مَا أَكَلُوا دَهْراً وَ مَا شَرِبُوا
فَأَصْبَحُوا بَعْدَ طُولِ الْأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا
قَالَ فَضَرَبَ الْمُتَوَكِّلُ بِالْكَأْسِ مِنَ الْأَرْضِ وَ تَنَغَّصَ عَيْشُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ 428 .
لمحمود بن الحسن الوراق 429
مضى أمسك الماضي شهيدا معدلا
و أعقبه يوم عليك شهيد
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة
أفتن بإحسان و أنت حميد
فيومك إن أعقبته عاد نفعه
عليك و ماضي الأمس ليس يعود
و لا ترج فعل الخير يوما إلى غد
لعل غدا يأتي و أنت فقيد
و له أيضا
أعارك ماله لتقوم فيه
بطاعته و تعرف فضل حقه
فلم تشكره نعمته و لكن
قويت على معاصيه برزقه
تبارزه بها أبدا و عودا
و تستخفي بها عن كل خلقه
و له أيضا
يا ناظرا يرنو بعيني راقد
و مشاهد للأمر غير مشاهد
منيت نفسك ضلة و أبحتها
طرق الرجاء و هن غير قواصد
تصل الذنوب إلى الذنوب و ترتجي
درك الجنان و فوز ما للعابد
و نسيت أن الله أخرج آدما
منها إلى الدنيا بذنب واحد
و لأبي العتاهية إسماعيل الجرار 430
قنع النفس بالكفاف و إلا
طلبت منك فوق ما يكفيها
ليس فيما مضى و لا في الذي
لم يأت من لذة لمستحليها
إنما أنت طول عمرك ما عمرت
و الساعة التي أنت فيها
و له أيضا في الدنيا
يا خاطب الدنيا إلى نفسها
تنح عن خطبتها تسلم
إن التي تخطب غرارة