کتابخانه روایات شیعه
بْنُ جَعْفَرٍ ع فَقَالَ لَهُمُ الرَّشِيدُ قُومُوا بِنَا إِلَى زِيَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ نَهَضَ مُعْتَمِداً عَلَى يَدِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ص حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ عَمِّ افْتِخَاراً بِذَلِكَ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ الَّذِينَ حَضَرُوا مَعَهُ وَ اسْتِطَالَةً عَلَيْهِمْ بِالنَّسَبِ قَالَ فَنَزَعَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى ع يَدَهُ مِنْ يَدِهِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَهْ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ الرَّشِيدِ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَخْرُ 439 .
حَدَّثَنِي الْقَاضِي السُّلَمِيُّ أَسَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنِي الْعَتَكِيُّ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْكُدَيْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مهدان [مِهْرَانَ] قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ شَبِيبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمُسْتَطِيلِ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع ابْنَتَهُ فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ بِصِغَرِهَا وَ قَالَ إِنِّي أَعْدَدْتُهَا لِابْنِ أَخِي جَعْفَرٍ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ كُلُّ حَسَبٍ وَ نَسَبٍ فَمُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا خَلَا حَسَبِي وَ نَسَبِي وَ كُلُّ بَنِي أُنْثَى عَصَبُهُمْ لِأَبِيهِمْ مَا خَلَا بَنِي فَاطِمَةَ فَإِنِّي أَنَا أَبُوهُمْ وَ أَنَا عَصَبَتُهُمْ 440 .
خبر يحيى بن يعمر مع الحجاج
قال الشعبي كنت بواسط 441 و كان يوم أضحى فحضرت صلاة العيد مع
الحجاج فخطب خطبة بليغة فلما انصرف جاءني رسوله فأتيته فوجدته جالسا مستوفزا قال يا شعبي هذا يوم أضحى و قد أردت أن أضحى برجل من أهل العراق و أحببت أن تسمع قوله فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به. فقلت أيها الأمير لو ترى أن تستن بسنة رسول الله ص و تضحي بما أمر أن يضحى به و تفعل مثل فعله و تدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره فقال يا شعبي إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على الله و على رسوله و إدخاله الشبهة في الإسلام قلت أ فيرى الأمير أن يعفني من ذلك قال لا بد منه ثم أمر بنطع فبسط و بالسياف فأحضر و قال أحضروا الشيخ فأتوه به فإذا هو يحيى بن يعمر فأغممت غما شديدا فقلت في نفسي و أي شيء يقوله يحيى مما يوجب قتله. فقال له الحجاج أنت تزعم أنك زعيم أهل العراق قال يحيى أنا فقيه من فقهاء أهل العراق قال فمن أي فقهك زعمت أن الحسن و الحسين ع من ذرية رسول الله ص قال ما أنا زاعم ذلك بل قائل بحق قال و بأي حق قلت قال بكتاب الله عز و جل فنظر إلي الحجاج و قال اسمع ما يقول فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه أ تعرف أنت في كتاب الله عز و جل أن الحسن و الحسين من ذرية محمد رسول الله ص فجعلت أفكر في ذلك فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك و فكر الحجاج مليا ثم قال ليحيي لعلك تريد قول الله عز و جل فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا
وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ . و أن رسول الله ص خرج للمباهلة و معه علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع قال الشعبي فكأنما أهدى لقلبي سرورا و قلت في نفسي قد خلص يحيى و كان الحجاج حافظا للقرآن فقال له يحيى و الله إنها لحجة في ذلك بليغة و لكن ليس منها أحتج لما قلت فاصفر وجه الحجاج و أطرق مليا ثم رفع رأسه إلى يحيى و قال إن جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة آلاف درهم و إن لم تأت بها فأنا في حل من دمك. قال نعم قال الشعبي فغمني قوله فقلت أ ما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى و يرضيه بأنه قد عرفه و سبقه إليه و يتخلص منه حتى رد عليه و أفحمه فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل حجته لئلا يدعي أنه قد علم ما جهله هو فقال يحيى للحجاج قول الله عز و جل وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ من عني بذلك قال الحجاج إبراهيم قال فداود و سليمان من ذريته قال نعم قال يحيى و من نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته. فقرا الحجاج وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ قال يحيى و من قال وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى قال يحيى و من أين كان عيسى من ذرية إبراهيم و لا أب له
قال من قبل أمه مريم قال يحيى فمن أقرب مريم من إبراهيم أم فاطمة من محمد ص و عيسى من إبراهيم ع أم الحسن و الحسين ع من رسول الله ص قال الشعبي فكأنما ألقمه حجرا. فقال أطلقوه قبحه الله و ادفعوا إليه عشرة آلاف درهم لا بارك الله له فيها ثم أقبل علي فقال قد كان رأيك صوابا و لكنا أبيناه و دعا بجزور فنحروه و قام فدعا بالطعام فأكل و أكلنا معه و ما تكلم بكلمة حتى انصرفنا و لم يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجما
فصل من القول في القضاء و القدر
سؤال إن قال قائل ما قولكم فيهما و ما معناهما عندكم و حقيقتهما و هل أفعال العباد عندكم بقضاء الله و قدره أم لا و ما معنى الخبر المروي عن رسول الله ص
أَنَّهُ قَالَ: حَاكِياً عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَائِي وَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي فَلْيَتَّخِذْ رَبّاً سِوَائِي 442 .
و ما روي عنه ع من أنه أوجب الإيمان بالقدر خيره و شره و أخبر أن الإيمان لا يتم إلا به 443 و ما معنى قول المسلمين إن الواجب الرضا بما قضاه الله و قدره أبينوا لنا عن حقيقة ذلك ليحصل لنا العلم به. الجواب قلنا الواجب من هذه المسألة أولا أن نذكر معاني القضاء و القدر ثم نبين ما
يصح أن يتعلق بأفعال العباد من ذلك و ما لا يتعلق و نجيب عن الخبر المروي عن رسول الله ص في ذلك بما يلائم الحق أما القضاء فعلى أقسام منها ما يكون بمعنى الإعلام كقول الله تعالى وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ أي أعلمناه و قوله سبحانه وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ أي أعلمناهم بذلك و يكون القضاء أيضا بمعنى الحكم و الإلزام كقوله جل اسمه وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ أي حكم بذلك في التكليف على خلقه و ألزمهم به. فأما القدر فيكون بمعنى الكتاب و الإخبار كما قال جل و علا إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ الحجر 60 يعني كتبنا و أخبرنا و يكون القدر أيضا بمعنى التبيين لمقادير الأشياء و تفاصيلها و الإعلام باختلاف أحوالها و يكون القدر ترك الأشياء في التدبير على نظام و وضعها في الحكمة مواضعها من غير زيادة و لا نقصان كما قال تعالى وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فأما أفعال العباد فيصح أن نقول فيها إن الله تعالى قضى بالطاعة منها على معنى أنه حكم بها و ألزمها عباده و أوجبها و هذا إلزام أمر و ليس بإلجاء و لا جبر. و نقول أيضا إنه سبحانه قدر أفعال العباد بمعنى بين لهم مقاديرها من حسنها و قبحها و مباحها و حظرها و فرضها و نفلها.
فأما القول بأنه قضاها على معنى أنه خلقها فغير صحيح لأنه لو خلق الطاعة و المعصية لسقط اللوم عن العاصي بموجب العدل و لم يكن معنى لإثابة الطائع في حجة و لا عقل و يقول في أفعال الله إنها كلها بقدره يريد أنها لا تفاوت فيها و لا خلل و أنها بموجب الحكمة ملتئمة و على نسق الصواب منتظمة
فَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ عَنِ النَّبِيِّ ص مِنْ قَوْلِهِ حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَائِي وَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي فَلْيَتَّخِذْ رَبّاً سِوَائِي 444 .
فهو واضح المعنى للعاقل و هذا القضاء من الله تعالى هو مما يبتلى به العبد من أعلاله و أسقامه و عوارضه و آلامه و فقره بعد الغنى و ما يمتحنه من فقد الأعزاء و الأقرباء كل ذلك من قضاء الله الذي يجب الرضا به و الصبر عليه و هو مما يفعله الله سبحانه بعبده للحكمة التي تقتضيه و ما يعلمه الله عز و جل من الصلاح الذي لعبده فيه. و كيف يقضي الله على العبد بالمعصية و هي من الباطل الذي يعاقب عليه و قد قال الله عز من قائل وَ اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِ و كذلك أقول في الخبر المروي عن النبي ص من إيجابه الإيمان بالقضاء و القدر خيره و شره فالخير من القضاء و القدر هو ما مالت إليه الطباع و التذت به الحواس و الشر بالضد من ذلك على ما تقدم به البيان و سمي أيضا شرا لما على النفس في تحمله من المشاق و هو مما أجمع المسلمون عليه من الرضا بقضاء الله و التسليم لقدره و لو كان الظلم و الغضب و الكفر بالله عز و جل من قضاء الله و قدره لوجب الرضا به و ترك إنكاره فلما رأينا العقلاء ينكرونه و لا يرضونه و يعيبون على من رضي به و يذمونه علمنا أنه ليس من قضاء الله سبحانه