کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

كنز الفوائد

الجزء الأول‏ [مقدمة المحقق‏] مقدّمة مؤلف الكتاب‏ «شيوخ المؤلّف و أساتذته» «تلاميذ المؤلّف» «مؤلّفاته» هذا الكتاب‏ مختصر من الكلام في أن للحوادث أولا دليل آخر على تناهي ما مضى‏ مسألة على الملحدة مسألة أخرى عليهم‏ دليل آخر على أن للأفعال الماضية أولا فصل و بيان‏ مسألة في تأويل خبر فصل‏ فصل‏ فصل مما ورد في القرآن في هذا المعنى‏ مسألة من عويص النسب‏ فصل في ذكر الدنيا فصل في ذكر الأمل‏ فصل في ذكر الموت‏ فصل في ذكر الموت و القتل و ما بينهما فصل في معرفة الاسم و الصفة أسماء الله و حقيقتها فصل في معرفة أسماء الله تعالى و حقيقتها فصل في تمييز صفات الله تعالى‏ بيان صفات الذات و الدليل عليها بيان صفات الأفعال‏ فصل في فروق صفة الذات و صفة الفعل‏ بيان صفات المجاز فصل من كلام شيخنا المفيد رضي الله تعالى عنه في الإرادة فصل‏ فصل من القول في أن الإرادة موجبة فصل‏ القول في الغضب و الرضا القول في الحب و البغض‏ القول في سميع و بصير القول في الخالق‏ فصل في صفة أهل الإيمان‏ فصل‏ فصل مما جاء نظما في الإخوان‏ فصل آخر في ذكر الإخوة و الإخوان‏ شبهة المجبرة فصل‏ قبح التكليف بما لا يطاق‏ فصل من القول في أن الله تعالى لا يكلف عباده ما لا يطيقون‏ فصل من القول في أن القدرة على الإيمان هي قدرة على الكفر فصل من القول في أن القدرة على الفعل توجد قبله‏ فصل من القول في أن القدرة غير موجبة للفعل‏ أفعال الإنسان‏ فصل من القول في أن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد و أنها فعل لهم على سبيل الإحداث و الإيجاد فصل من القول أن الله تعالى لا يريد من خلقه إلا الطاعة و أنه كاره للمعاصي كلها إيراد على أهل الجبر فصل‏ حكاية للمؤلف في مجلس بعض الرؤساء جناية المجبرة على الإسلام‏ فصل‏ التجوز في التعبير بالاستطاعة عن الفعل و بنفيها عن نفيه‏ فصل‏ شبهة للمجبرة من هم القدرية فصل في معرفة القدرية تهمة المعتزلة للشيعة بالإرجاء فصل‏ أغلاط للمعتزلة فصل‏ نظرية الأصلح‏ فصل‏ نقوض على هذه النظرية مع دفعها رأي الجبائي و من تبعه من المعتزلة في الترك و مناقشة المصنف له‏ فصل من الكلام في الترك‏ فصل‏ مواعظ و كلمات في النهي عن الظلم‏ فصل مما ورد في ذكر الظلم‏ كلمات لأمير المؤمنين ع و غيره في ذم الحسد فصل‏ فصل‏ فصل أقوال و كلمات في الصبر قصة ذريب بن ثملا وصي عيسى ابن مريم ع‏ فصل‏ شرح قوله و لعن آخر أمتكم أولها فصل‏ رسالة للمؤلف‏ فصل في ذكر مولد سيدنا رسول الله ص و وصف شي‏ء من فضله‏ فصل في ذكر شي‏ء من معجزات رسول الله ص و باهر آياته‏ فصل من البيان عن إعجاز القرآن‏ دليل على حدوث العالم‏ فصل في الأشعار المأثورة عن أبي طالب بن عبد المطلب ره التي يستدل بها على صحة إيمانه‏ فصل من أخبار عبد المطلب رضي الله عنه‏ خبر رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي‏ ملك اليمن التي تأولها سطيح و شق‏ دليل في تثبيت الصانع‏ مسألة على نفاة الحقائق‏ مسألة على مبطلي النظر و حجج العقل‏ فصل ما جاء في الحديث في العقل‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ص في العقل‏ فصل من الاستدلال على صحة نبوة رسول الله ص‏ فصل مما في التوراة يتضمن البشارة بنبينا ص و بأمته المؤمنين‏ فصل في الإنجيل‏ فصل من أخبار الوافدين على رسول الله ص للإسلام و ما رأوه قبل قدومهم من الأعلام و ما شاهدوه من أحوال الأصنام‏ و خبر ذباب‏ و خبر زمل بن عمرو العدوي‏ خبر عمرو بن مرة الجهني‏ و خبر ركانة و ما فيه من الآية و خبر أهيب بن سماع‏ فصل من كلام سيدنا رسول الله ص‏ فصل من البيان و السؤال‏ فصل من كلام جعفر بن محمد الصادق ع مما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله عز و جل و بدينه‏ فصل آخر من السؤال و البيان‏ شبهة للبراهمة في النبوة مختصر من الكلام على اليهود في إنكارهم جواز النسخ في الشرع‏ فصل في ذكر البداء فصل‏ بيان عن قول النصارى و مسألة عليهم لا جواب لهم عنها فصل آخر من قولهم و كلام عليهم‏ فصل من قولهم‏ فصل من الألفاظ التي يقرون أن المسيح ع قالها و هي دالة على بطلان مذهبهم فيه‏ فصل‏ رسالة كتبتها إلى أحد الإخوان و سميتها بالبيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان‏ فصل في ذكر مولد أمير المؤمنين ص‏ و مما عملته لبعض الإخوان كتاب الإعلام بحقيقةإسلام أمير المؤمنين ع و به نستعين‏ فصل يجب أن يقدم القول بأن أمير المؤمنين ص أسلم‏ فصل من البيان عن أن أمير المؤمنين ع أول بشر سبق إلى الإسلام بعد خديجة ع‏ فصل في أن إسلامه ع كان عن بصيرة و استدلال‏ فصل في البلوغ‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل في فضل اقتناء الكتب‏ فصل‏ فصل أجبت به بعض الإخوان عن ثلاث آيات من القرآن‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل في الوعظ و الزهد فصل في ذكر مجلس جرى لي ببليس‏ فصل‏ فصل من المقدمات في صناعة الكلام‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ص في ذكر العلم‏ فصل من كلامه ع في ذكر الحلم و حسن الخلق‏ فصل‏ رسالة كتبتها إلى بعض الإخوان تتضمن كلاما في وجوب الإمامة فصل من الحديث‏ فصل حديث عن الإمام الرضا أحاديث‏ القرآن يدل على إمامة علي ع‏ فصل من مستطرفات مسائل الفقه في الإنسان‏ المسيح يخاطب الدنيا فصل من كلام سيدنا رسول الله ص في الدنيا فصل من كلام أمير المؤمنين ص في هذا المعنى‏ فصل من الكلام في تثبيت إمامة صاحب الزمان المهدي بن الحسن و إمامة آبائه ع‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و حكمه‏ مواعظ فصل من كلام رسول الله ص‏ قصة وقعت للمؤلف‏ فصل من أمالي شيخنا المفيد رحمه الله‏ خبر يحيى بن يعمر مع الحجاج‏ فصل من القول في القضاء و القدر الحجاج يسأل عن القضاء و القدر أبو حنيفة مع الإمام موسى بن جعفر كلام الصادق لزرارة فصل من كلام أمير المؤمنين و آدابه و حكمه ع‏ فصل من الكلام في الغيبة و سببها فصل من مسائل الفقه المستطرفة فصل من كلام أمير المؤمنين ص في ذكر النساء فصل مما روي عن المتقدمين في ذكر النساء فصل من ذكر المرضى و العيادة فصل من خطبة لرسول الله ص في ذكر الموت و الوعظ فصل مما روي في القبور و الدفائن‏ مسألة من عويص الفقه لأبي النجا محمد بن المظفر فصل‏ صدر للمعلق‏ مراجع الكتاب‏ فهرس الجزء الأول من الكتاب‏ الجزء الثاني‏ الأدلة على أن الصانع واحد فصل من كلام رسول الله ص في الخصال من واحد إلى عشرة فصل من فضائل أمير المؤمنين ع و النصوص عليه من رسول الله ص‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع و آدابه في فضل الصمت و كف اللسان‏ مختصر التذكرة بأصول الفقه‏ فصل من عيون الحكم و نكت من جواهر الكلام‏ أبو حنيفة مع الإمام الصادق فصل‏ حديث الإمام الصادق‏ فصل من الاستدلال على أن الله تعالى ليس بجسم‏ نسخة كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع‏ جواب أمير المؤمنين صلوات الله عليه و سلامه‏ نسخة كتاب آخر جواب أمير المؤمنين ع‏ مسألة فقهية مسألة أخرى منظومة حديث‏ منام‏ فصل من السؤال يتعلق بهذا المقام‏ مبيت علي ع في فراش رسول الله ص ليلة الهجرة فصل من روايات ابن شاذان رحمه الله‏ مسألة فصل في الرؤيا في المنام‏ فصل‏ أحاديث عن أبي ذر الغفاري‏ مسائل في المواريث‏ قضية مستطرفة لأمير المؤمنين ع لم يسبقه إليها أحد من الناس‏ شبهات للملاحدة فصل في ذكر سؤال ورد إلي من الساحل و جوابي عنه في صحة العبادة بالحج‏ قصة وقعت مع المؤلف‏ فصل من كلام أمير المؤمنين ع‏ فصل‏ دليل النص بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين ع‏ فصل و زيادة فصل من الوصايا و الإقرارات المبهمة العويصة فصل في ذكر هيئة العالم‏ فصل من الكلام في أن الله تعالى لا يجوز أن يكون له مكان‏ فصل في ذكر العلم و أهله و وصف شرفه و فضله و الحث عليه و الأدب فيه‏ مسألة مسألة كتاب البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان‏ خبر قس و ما قاله بسوق عكاظ فصل من الكلام في هذا الخبر خبر المعمر المغربي‏ فصل في الكلام في الآجال‏ فصل‏ مسألة فقهية ذكرها شيخنا أبو عبد الله المفيد رضوان الله عليه‏ خبر ضرار بن ضمرة عند دخوله على معاوية فصل مما جاء في الخصال‏ فصل من الاستدلال على صحة النص بالإمامة على أمير المؤمنين ع من قول النبي ص أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي‏ فصل‏ فصل من آداب أمير المؤمنين ع و حكمه‏ فصل‏ فصل‏ قضية لأمير المؤمنين ع‏ مسألة في المني و نجاسته و وجوب غسل الثوب منه‏ فصل‏ سؤال عن آيات‏ فصل مما ورد في ذكر النصف‏ فصل من الأدب‏ فصل في ذكر الغنى و الفقر فصل في الكلام في الأرزاق‏ فصل مما روي في الأرزاق‏ فصل‏ ذكر مجلس‏ ذكر مجلس‏ مسألة فصل من الاستدلال بهذه الآية على صحة الإمامة و العصمة نصوص مفقودة من نسخة الكتاب المطبوعة فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فهرس الجزء الثاني‏

كنز الفوائد


صفحه قبل

كنز الفوائد، ج‏2، ص: 48

منام‏ 517

ذكر أن شيخنا المفيد رحمه الله أبا عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رضي الله عنه رآه و أملاه على أصحابه بلغنا أن شيخنا المفيد رحمه الله قال رأيت في النوم كأني قد اجتزت في بعض الطرق فرأيت حلقة دائرة فيها ناس كثير فقلت ما هذا قيل لي هذه حلقة فيها رجل يقص فقلت من هو فقالوا عمر بن الخطاب فتقدمت ففرقت الناس و دخلت الحلقة فإذا برجل يتكلم على الناس بشي‏ء لم أحصله فقطعت عليه فقلت أيها الشيخ أخبرني ما وجه الدلالة على ما يدعى من فضل صاحبك عتيق بن أبي قحافة من قول الله تعالى‏ ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ . فقال وجه الدلالة على فضل أبي بكر من هذه الآية في ستة مواضع أولها أن الله تعالى ذكر نبيه ص و ذكر أبا بكر معه فجعله ثانيه فقال‏ ثانِيَ اثْنَيْنِ‏ الثاني أنه وصفهما بالاجتماع في مكان واحد تأليفا بينهما فقال‏ إِذْ هُما فِي الْغارِ الثالث أنه أضافه إليه بذكر الصحبة ليجمع بينهما فيما يقتضي الرتبة فقال‏ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ‏ الرابع أنه أخبر عن شفقة النبي عليه و رفقه به لموضعه عنده فقال‏ لا تَحْزَنْ‏ الخامس إعلامه أنه أخبره أن الله تعالى معهما على حد سواء ناصرا لهما و دافعا عنهما فقال‏ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا السادس أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن الرسول ص لم تفارقه السكينة قط فقال‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ‏ .

كنز الفوائد، ج‏2، ص: 49

فهذه ستة مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار لا يمكنك و لا غيرك الظفر فيها قال المفيد رحمه الله فقلت له قد حررت كلامك و استقصيت البيان فيه و أتيت بما لا يقدر أحد من الخلق أن يزيد في الاحتجاج لصاحبك عليه غير أني بعون الله و توفيقه سأجعل ما أتيت به كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. أما قولك إن الله تعالى ذكر النبي ص و جعل أبا بكر ثانية فليس في ذلك فضيلة لأنه إخبار عن عدد و لعمري إنهما كانا اثنين و نحن نعلم ضرورة أن مؤمنا و كافرا اثنان كما نعلم أن مؤمنا و مؤمنا اثنان فليس لك في ذكر العدد طائل تعتمده. و أما قولك إنه وصفهما بالاجتماع في المكان فإنه كالأول لأن المكان يجتمع فيه المؤمنون و الكفار كما يجتمع العدد للمؤمنين و الكفار و أيضا فإن مسجد النبي ص أشرف من الغار و قد جمع المؤمنين و المنافقين و الكفار و في ذلك قوله تعالى‏ فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ‏ . و أيضا فإن سفينة نوح ع قد جمعت النبي و الشيطان و البهيمة فبان لك أن الاجتماع في المكان لا يدل على ما ادعيت من الفضل فبطل فضلان. و أما قولك إنه أضافه إليه بذكر الصحبة فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن الصحبة أيضا تجمع المؤمن و الكافر و الدليل على ذلك قول الله عز و جل‏ قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا و أيضا فإن اسم الصحبة تكون من العاقل و البهيمة و الدليل على ذلك من كلام العرب أنهم جعلوا الحمار صاحبا فقالوا

كنز الفوائد، ج‏2، ص: 50

إن الحمار مع الحمار مطية

فإذا خلوت به فبئس الصاحب‏ 518

و قد سموا الجماد مع الحي أيضا صاحبا قال الشاعر

زرت هندا و ذاك بعد اجتناب‏

و معي صاحب كتوم اللسان‏

يعني السيف فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن و الكافر و بين العاقل و البهيمة و بين الحيوان و الجماد فلا حجة لصاحبك فيها. و أما قولك إنه قال له‏ لا تَحْزَنْ‏ فإن ذلك وبال عليه و منقصة له و دليل على خطئه لأن قوله‏ لا تَحْزَنْ‏ نهي و صورة النهي قول القائل لا تفعل فلا يخلو الحزن الواقع من أبي بكر من أن يكون طاعة أو معصية فإن كان طاعة فالنبي لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها و يدعو إليها و إن كان معصية فقد صح وقوعها فيه و توجه النهي إليه عنها و شهدت الآيات به و لم يرد دليل على امتثاله للنهي و انزجاره‏ 519 . و أما قولك إنه قال‏ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فإن النبي ص أعلمه أن الله معه خاصة و عبر عن نفسه بلفظ الجمع فقال‏ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ‏ و قد قيل إن أبا بكر قال يا رسول الله إن حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه فقال له النبي ص‏ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا أي معي و مع أخي علي بن أبي طالب. و أما قولك إن السكينة نزلت على أبي بكر فإنه كفر لأن الذي نزلت‏

كنز الفوائد، ج‏2، ص: 51

السكينة عليه هو الذي أيده الله تعالى بجنوده كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها فلو كان أبو بكر هو صاحب السكينة لكان هو صاحب الجنود و في هذا إخراج النبي ص من النبوة. على أن هذا الموضع لو كتمته على صاحبك لكان خيرا له لأن الله تعالى أنزل السكينة على النبي في موضعين و كان معه قوم مؤمنون فشركوه فيها فقال في أحدهما أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها و قال في الموضع الآخر فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‏ و لما كان في الغار خصه وحده بالسكينة و قال‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ‏ قال الشيخ المفيد رحمه الله فلم يحر عمر بن الخطاب جوابا و تفرق الناس و استيقظت.

فصل من السؤال يتعلق بهذا المقام‏

فإن قيل إذا كان ما تضمنه هذا المقام صحيحا عندكم في الاحتجاج و حزن أبي بكر معصية بدليل توجه النهي له عنه حسبما شهد به القرآن فقد نهى الله تعالى نبيه عليه و آله السلام عن مثل ذلك فقال‏ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ‏ و نهى أم موسى ع عن الحزن أيضا فقال‏ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي‏ فهل كان ذلك لأن نبيه ص عصى في حزنه فنهاه و كذلك أم موسى ع أم تقولون إن بين ما ذكرناه و بين حزن أبي بكر في الغار فرقا فاذكروه ليحصل به البيان. الجواب قيل له قد أجاب شيخنا المفيد رضي الله عنه عن هذه المسألة بما أوضح به‏

كنز الفوائد، ج‏2، ص: 52

الفرق و أزاح العلة و نحن نورد مختصرا من القول فيها يكون فيه بيان و كفاية فنقول إن المعارضة بحزن النبي ص ساقطة لأنه عندنا معصوم من الزلات مأمون من جميع المعاصي و الخطيئات فوجب أن يحمل قول الله تعالى‏ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ‏ على أجمل الوجوه و الأقسام و أحسن المعاني في الكلام من تخفيف الهم عنه و تسهيل صعوبة الأمر عليه رفقا به و إكراما و إجلالا و إعظاما له. و لم يكن أبو بكر عندنا و عند خصومنا معصوما فيؤمن منه وقوع الخطأ و ذلك أنه مع رسول الله ص و في حوزته بحيث اختار الله تعالى ستر نبيه و حفظ مهجته. هذا و قد كان ع يخبر من أسلم على يده بأن الله سينصره على عدوه و معانده و أنه وعده إعلاء كلمته و إظهار شريعته و هذا يوجب الثقة بالسلامة و عدم الحزن و المخافة. ثم ما ظهر له من الآيات الموجبة لسكون النفس و إزالة المخافة من نسج العنكبوت على باب الغار و تبيض الطائر هناك في الحال و قول النبي ص لما رأى حزنه و كثرة هلعه و جزعه إن دخلوا من هاهنا و أشار إلى جانب الغار فانخرق و ظهر له البحر و ببعض هذا يأنس المستوحش و بنظره يطمئن الخائف فلم يسكن أبو بكر إلى شي‏ء من ذلك و ظهر منه الحزن و القلق و لا شبهة بعد هذا البيان تعترض في قبح حزنه. و أما حزن أم موسى ع فمفارق أيضا لحزنه لأن أحدا لا يشك في أن خوفها و حزنها إنما كان شفقة منها على ولدها لما أمرت بإلقائه في اليم و يجوز أن يكون لم تعلم في الحال بأنه سيسلم و يعود إليها على أفضل ما تؤمل فلحقها ما يلحق الوالدة على ولدها من الخوف و الحزن لمفارقته فلما قال لها لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ‏ اطمأنت عند ذلك و سكنت تصديقا للقول و ثقة بالوعد.

كنز الفوائد، ج‏2، ص: 53

و أبو بكر قد سمع مثل ما سمعت و رأى أكثر مما رأت و لم يثق قلبه و لا سكنت نفسه فوضح الفرق بين حزنها و حزنه. على أن ظاهر الآية تشهد بأن الله تعالى أمر أم موسى ع أن تلقي ولدها في اليم و سكن قلبها عقيب الأمر في قوله سبحانه‏ وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ أُمِّ مُوسى‏ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ‏ فالخوف و الحزن اللذان ورد ظاهر النهي عنهما يصح أن لا يكون وقعا منها لأن تسكين النفس بالسلامة إشارة بحسن العاقبة عقيب الأمر بالإلقاء يؤمن من وقوع الهم و الحزن جميعا. و أما حزن أبي بكر فقد وقع و أجمعت الأمة على أنه حزن و ليس من فعل كمن لم يفعل فلا نقض بهما من كل وجه‏

مبيت علي ع في فراش رسول الله ص ليلة الهجرة

اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فَدَى رَسُولَ اللَّهِ ص بِنَفْسِهِ وَ جَادَ دُونَهُ بِمُهْجَتِهِ وَ فَعَلَ مَا لَا يَسْمَحُ أَحَدٌ بِفِعْلِهِ مِمَّا تَعَجَّبَتْ مِنْهُ مَلَائِكَةُ اللَّهِ فِي سَمَائِهِ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا تَعَاقَدَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مُبَايَتَتِهِ وَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ لَيْلَتِهِ لَمْ يَرَ أَحَداً أَسْرَعَ إِلَى طَاعَتِهِ وَ أَصْبَرَ عَلَى الشَّدَائِدِ فِي مَرْضَاتِهِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَدَعَاهُ إِلَيْهِ وَ أَعْلَمَهُ الْخَبَرَ الَّذِي وَقَفَ بِالْوَحْيِ عَلَيْهِ وَ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَهْجِمُوا عَلَيْهِ فِي حُجْرَتِهِ وَ يَقْتُلُوهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى يَثْرِبَ وَ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ إِذَا صَلَّيْتَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَاضْطَجِعْ عَلَى فِرَاشِي وَ تَلَفَّ بِبُرْدَتَيَّ لِيَظُنَّ الْمُشْرِكُونَ إِذَا رَأَوْكَ أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ فَلَا يَجِدُّونَ فِي طَلَبِي فَأَقَامَهُ مَقَاماً مَهُولًا وَ كَلَّفَهُ تَكْلِيفاً عَظِيماً لَمْ يَصْبِرْ عَلَى مِثْلِهِ إِلَّا إِسْمَاعِيلُ ع لَمَّا قَالَ لَهُ أَبُوهُ الْخَلِيلُ ص‏

كنز الفوائد، ج‏2، ص: 54

يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى‏ فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى‏ وَ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ لَهُ‏ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ‏ بَلْ حَالُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَعْظَمُ وَ تَكْلِيفُهُ أَشَقُّ وَ أَصْعَبُ لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ أَسْلَمَ لِهَلَاكٍ يَنَالُهُ بِيَدِ أَبِيهِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَسْلَمَ لِهَلَاكٍ يَنَالُهُ بِيَدِ أَعْدَائِهِ فَأَجَابَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا إِلَى مُرَادِهِ وَ سَارَعَ إِلَى إِيثَارِهِ بِنَفْسٍ طَيِّبَةٍ وَ نِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَ اضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ وَ لَا يَشُكُّ إِلَّا أَنَّهُ مَقْتُولٌ فِي لَيْلَتِهِ قَدْ فَدَاهُ بِنَفْسِهِ وَ جَادَ دُونَهُ بِمُهْجَتِهِ وَ فِي مَبِيتِهِ عَلَى الْفِرَاشِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ‏ 520 وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ .

صفحه بعد