کتابخانه روایات شیعه
و هذا التأويل في نفي القول لا يمنع من وقوع التساؤل و التلاوم بينهم الذي ليس لهم فيه حجة و لا يثمر فائدة فأما قوله سبحانه وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ فالتأويل الحسن أن يحمل يُؤْذَنُ لَهُمْ على معنى أنه لا يسمع منهم و لا يقبل عذرهم و العلة في امتناع قبول عذرهم هي ما قد بينا من أنهم لا يعتذرون بعذر صحيح و لا يأتون بقول مصيب. سؤال آخر فإن قال فقد قال الله تعالى في موضع من كتابه وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ فأوجب السؤال و قال في موضع آخر فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌ فنفى السؤال و ظاهره متناقض و اختلاف فالجواب أن السؤال الذي أوجبه سبحانه هو سؤال المطالبة بالواجبات و تضييع المفروضات. و السؤال الذي نفاه عز و جل هو سؤال الاستعلام و المعنى في ذلك أن الله تعالى علم جميع ما فعلوه و لا يخفى عليه شيء مما أتوه فلا حاجة إلى السؤال عن ذنبهم و لا حاجة للملائكة أيضا إلى السؤال عن المذنب منهم لأن الله تعالى يجعل لهم سيماء يعرفون به و ذلك قوله عز و جل يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ
فصل مما ورد في ذكر النصف
رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ.
وَ حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ.
وَ التَّقْدِيرُ فِي النَّفَقَةِ نِصْفُ الْعَيْشِ.
وَ جَاءَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ ع التَّقْدِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ.
وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: الْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ وَ السَّلَامَةُ نِصْفُ الْغَنِيمَةِ.
و قال بعض الحكماء الخوف نصف الموت و قال آخر المخافة شطر المنية و قيل الراحة نصف السلامة و حسن الطلب نصف العلم و التودد نصف الحزم و حسن التدبير نصف الكسب. و قال بعض الحكماء نصف رأيك مع أخيك يريد بذلك وجوب المشاورة ليجتمع الرأي و قيل إذا بان منك أخوك بان شطرك و إذا اعتل خليلك فقد اعتل نصفك. و أنشد
لسان الفتى نصف و نصف فؤاده
فلم يبق إلا صورة اللحم و الدم 648
- و كتب أبو العتاهية إلى أحمد بن يوسف 649
لئن عدت بعد اليوم إني لظالم
سأصرف نفسي حيث تبقى المكارم
متى ينجح الغادي إليك بحاجة
و نصفك محجوب و نصفك نائم
و لما اتهم قتيبة بن مسلم 650 أبا مجلد قال أبو مجلد أيها الأمير تثبت فإن التثبت نصف العفو و قيل السفر نصف العذاب و قال سعيد بن أبي عمرويه 651 لأن يكون لي نصف وجه و نصف لسان على ما فيهما من قبح المنظر و عجب المخبر أحب إلي من أن أكون ذا وجهين و لسانين و ذا قولين مختلفين و لبعضهم
بسطت لساني ثم أوثقت نصفه
فنصف لساني في امتداحك مطلق
فإن أنت لم تنجز عداتي تركتني
و باقي [لسان ] 652 الشكر باليأس موثق
و وجد مكتوبا على قبر
يا قبر أنت سلبتني إلفا
قدمته و تركتني خلفا
و أخذت نصف الروح من جسدي
فقبرته و تركتني نصفا
و قيل إذا اتخذت جارية فعليك بالبيضاء فإن البياض نصف الحسن لابن عيينة
إن دنيا هي التي
بسحر العين سافره
سرقوها نصف اسمها
هي دنيا و آخرة 653
لابن المعتز 654 في جارية له
يا دهر كيف شققت نفسا
فخلست منها النصف خلسا
و تركت نصفا للأسى
جعل البقاء عليه نحسا
سقيا لوجه حبيبه
أودعتها كنفا و رمسا
و أنشد لذي الرمة 655
و إن امرأ في بلدة نصف قلبه
و نصف بأخرى إنه لصبور
فصل من الأدب
روي عن بعض الأدباء أنه قال لابنه اقتن من مكارم الأخلاق خمسا و ارفض ستا و اطلب العز بسبع و احرص على ثمان فإن فزت بتسع بلغت المدى و إن أحرزت عشرا أحرزت الدنيا و الآخرة فأما الخمس المقتناة فخفض الجانب و بذل المعروف و إعطاء النصفة من نفسك و تجنب الأذى و توقي الغرم و أما الست المرفوضة فطاعة الهوى و ارتكاب البغي و سلوك التطاول و قساوة القلب و فظاظة القول و كثرة التهاون. و أما السبع التي ينال بها العز فأداء الأمانة و كتمان السر و تأليف المجانب و حفظ الإخاء و إقالة العثرة و السعي في حوائج الناس و الصفح عند الاعتذار و أما الثمان التي تحرص عليها فتعظيم أهل الفضل و سلوك طرق الكرم و المواساة في ملك اليد و حفظ النعم بالشكر و اكتساب الأجر بالصبر
و الإغضاء عن زلل الصديق و احتمال النوائب و ترك الامتنان بالإحسان و أما التسع التي تبلغ بها المدى فالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و حرز اللسان عن سقوط الكلام و غض الطرف و صدق النية و الرحمة لأهل البلاء و الموالاة على الدين و المسامحة في الأمور و الرضا بالمقسوم. و أما العشرة الكاملة التي تنال بها الدنيا و الآخرة فالزهد فيما يفنى و الاستعداد لما يأتي و كثرة الندم على ما فات و إدمان الاستغفار و استشعار التقوى و خشوع القلب و كثرة الذكر لله تعالى و الرضا بأفعال الله سبحانه و ملازمة الصدق و العمل بما ينجي
فصل في ذكر الغنى و الفقر
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ الْغِنَى فِي كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَ إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ.
وَ قَالَ ص ثَلَاثُ خِصَالٍ مِنْ صَنْعَةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الثِّقَةُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَ الْغِنَى بِهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَ الِافْتِقَارُ إِلَيْهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وَ قَالَ ص أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَ عَذَابُ الْآخِرَةِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنُ عَنْ حُجَّتِهِ وَ الْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلَدِهِ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَاباً مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَاباً مِنَ الْفَقْرِ.
وَ قَالَ ع الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى.
وَ قَالَ: مَنْ كَسَاهُ الْغِنَى ثَوْبَهُ خَفِيَ عَنِ الْعُيُونِ عَيْبُهُ.
وَ قَالَ: مَنْ أَبْدَى إِلَى النَّاسِ ضَرَّهُ فَقَدْ فَضَحَ نَفْسَهُ وَ خَيْرُ الْغِنَى تَرْكُ السُّؤَالِ وَ شَرُّ الْفَقْرِ لُزُومُ الْخُضُوعِ.
وَ قَالَ: اسْتَغْنِ بِاللَّهِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَهُ وَ احْتَجْ إِلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِيرَهُ وَ أَفْضِلْ عَلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِيرَهُ.
وَ قَالَ: لَا مُلْكَ أَذْهَبَ لِلْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقُنُوعِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ الْمَاءَ صُبَّ عَلَى صَخْرَةٍ فَوُجِدَ عَلَيْهَا مَكْتُوباً إِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْفَقْرُ وَ الْغِنَى بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع عِظْنِي فَقَالَ لَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِفَقْرٍ وَ لَا بِطُولِ عُمُرٍ.
و قيل ما استغنى أحد بالله إلا افتقر الناس إليه و قيل الفقير من طمع و الغني من قنع و أنشد لأمير المؤمنين ع
ادفع الدنيا بما اندفعت
و اقطع الدنيا بما انقطعت
يطلب المرء الغنى عبثا
و الغنى في النفس لو قنعت
و من قطعة لأبي ذؤيب 656
و النفس راغبة إذا رغبتها
و إذا ترد إلى قليل تقنع
لمحمود الوراق 657
أراك يزيدك الإثراء حرصا
على الدنيا كأنك لا تموت
فهل لك غاية إن صرت يوما
إليها قلت حسبي قد غنيت
تظل على الغنى أبدا فقيرا
تخاف فوات شيء لا يفوت
و أغنى منك ذو طمرين راض
من الدنيا ببلغة ما يفوت
و له أيضا
يا عائب الفقر أ لا تزدجر
عيب الغنى أكبر لو تعتبر
من شرف الفقر و من فضله
على الغنى إن صح منك النظر
أنك تعصي لتنال الغنى
و لست تعصي الله إن تفتقر
لغيره
أرى أناسا بأدنى الدين قد قنعوا
و لا أراهم رضوا في العيش بالدون
فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما
استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
فصل في الكلام في الأرزاق