کتابخانه روایات شیعه
لابن المعتز 654 في جارية له
يا دهر كيف شققت نفسا
فخلست منها النصف خلسا
و تركت نصفا للأسى
جعل البقاء عليه نحسا
سقيا لوجه حبيبه
أودعتها كنفا و رمسا
و أنشد لذي الرمة 655
و إن امرأ في بلدة نصف قلبه
و نصف بأخرى إنه لصبور
فصل من الأدب
روي عن بعض الأدباء أنه قال لابنه اقتن من مكارم الأخلاق خمسا و ارفض ستا و اطلب العز بسبع و احرص على ثمان فإن فزت بتسع بلغت المدى و إن أحرزت عشرا أحرزت الدنيا و الآخرة فأما الخمس المقتناة فخفض الجانب و بذل المعروف و إعطاء النصفة من نفسك و تجنب الأذى و توقي الغرم و أما الست المرفوضة فطاعة الهوى و ارتكاب البغي و سلوك التطاول و قساوة القلب و فظاظة القول و كثرة التهاون. و أما السبع التي ينال بها العز فأداء الأمانة و كتمان السر و تأليف المجانب و حفظ الإخاء و إقالة العثرة و السعي في حوائج الناس و الصفح عند الاعتذار و أما الثمان التي تحرص عليها فتعظيم أهل الفضل و سلوك طرق الكرم و المواساة في ملك اليد و حفظ النعم بالشكر و اكتساب الأجر بالصبر
و الإغضاء عن زلل الصديق و احتمال النوائب و ترك الامتنان بالإحسان و أما التسع التي تبلغ بها المدى فالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و حرز اللسان عن سقوط الكلام و غض الطرف و صدق النية و الرحمة لأهل البلاء و الموالاة على الدين و المسامحة في الأمور و الرضا بالمقسوم. و أما العشرة الكاملة التي تنال بها الدنيا و الآخرة فالزهد فيما يفنى و الاستعداد لما يأتي و كثرة الندم على ما فات و إدمان الاستغفار و استشعار التقوى و خشوع القلب و كثرة الذكر لله تعالى و الرضا بأفعال الله سبحانه و ملازمة الصدق و العمل بما ينجي
فصل في ذكر الغنى و الفقر
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ الْغِنَى فِي كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَ إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ.
وَ قَالَ ص ثَلَاثُ خِصَالٍ مِنْ صَنْعَةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الثِّقَةُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَ الْغِنَى بِهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَ الِافْتِقَارُ إِلَيْهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وَ قَالَ ص أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَ عَذَابُ الْآخِرَةِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنُ عَنْ حُجَّتِهِ وَ الْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلَدِهِ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَاباً مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَاباً مِنَ الْفَقْرِ.
وَ قَالَ ع الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى.
وَ قَالَ: مَنْ كَسَاهُ الْغِنَى ثَوْبَهُ خَفِيَ عَنِ الْعُيُونِ عَيْبُهُ.
وَ قَالَ: مَنْ أَبْدَى إِلَى النَّاسِ ضَرَّهُ فَقَدْ فَضَحَ نَفْسَهُ وَ خَيْرُ الْغِنَى تَرْكُ السُّؤَالِ وَ شَرُّ الْفَقْرِ لُزُومُ الْخُضُوعِ.
وَ قَالَ: اسْتَغْنِ بِاللَّهِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَهُ وَ احْتَجْ إِلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِيرَهُ وَ أَفْضِلْ عَلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِيرَهُ.
وَ قَالَ: لَا مُلْكَ أَذْهَبَ لِلْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقُنُوعِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ الْمَاءَ صُبَّ عَلَى صَخْرَةٍ فَوُجِدَ عَلَيْهَا مَكْتُوباً إِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْفَقْرُ وَ الْغِنَى بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع عِظْنِي فَقَالَ لَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِفَقْرٍ وَ لَا بِطُولِ عُمُرٍ.
و قيل ما استغنى أحد بالله إلا افتقر الناس إليه و قيل الفقير من طمع و الغني من قنع و أنشد لأمير المؤمنين ع
ادفع الدنيا بما اندفعت
و اقطع الدنيا بما انقطعت
يطلب المرء الغنى عبثا
و الغنى في النفس لو قنعت
و من قطعة لأبي ذؤيب 656
و النفس راغبة إذا رغبتها
و إذا ترد إلى قليل تقنع
لمحمود الوراق 657
أراك يزيدك الإثراء حرصا
على الدنيا كأنك لا تموت
فهل لك غاية إن صرت يوما
إليها قلت حسبي قد غنيت
تظل على الغنى أبدا فقيرا
تخاف فوات شيء لا يفوت
و أغنى منك ذو طمرين راض
من الدنيا ببلغة ما يفوت
و له أيضا
يا عائب الفقر أ لا تزدجر
عيب الغنى أكبر لو تعتبر
من شرف الفقر و من فضله
على الغنى إن صح منك النظر
أنك تعصي لتنال الغنى
و لست تعصي الله إن تفتقر
لغيره
أرى أناسا بأدنى الدين قد قنعوا
و لا أراهم رضوا في العيش بالدون
فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما
استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
فصل في الكلام في الأرزاق
اعلم أن الرزق في الحقيقة هو التمليك و أصل التمليك من الله تعالى و هو الرازق للعباد و قد جعل بحكمته و علمه من مصالح بريته أرزاقهم على قسمين أحدهما ما يوصله إليهم من غير سعي يكون منهم و لا اكتساب و لا تحمل شيء من المشاق كالمواريث و نحوها من الأمور المتيسرات. و الآخر مشترط بحركة العبد و سعيه و اجتهاده و حرصه فمن سعى ناله و من قعد فاته و قد أمر الله تعالى بالاكتساب و الطلبة قال تعالى فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ و قال إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ فلا يجوز مخالفة أمر الله تعالى و ترك التكسب و الطلب و ليس ذلك بمضاد للتوكل على الله تعالى لأن له التعرض و منه الطلب. و قد أجرى العادة بأن لا يؤتى هذا القسم من الرزق إلا بعد الحركة و الطلب و مثل ذلك كثير في أفعاله تعالى التي قد أجرى العادة بأن لا يفعلها
إلا بعد فعل يقع من العباد قبلها كالولد بعد الوطء و النبات بعد الزرع و السقي و ليس المجتهد في كل وقت مرزوقا و ذلك لأن العطاء و المنع و الزيادة في الرزق و النقص منوط كله بالمصالح المعلومة عند الله تعالى و إنما يحسن من العاقل أن يسأل الله تعالى في الرزق بشرط أن لا يكون له مفسدا قال الله تعالى وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ . و كل شيء رزقه الله تعالى للعبد فقد أباحه التصرف فيه قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ و قال كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ و قال قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ و ما رزقه الله و أباح التصرف فيه فإنه لا يعاتب عليه. فأما المغتصبات فليست بأرزاق لغاصبيها و لا ملكهم الله تعالى إياها و إنما تسمى أرزاقا على المجاز من حيث إنها من الأشياء التي خلقها الله تعالى ليغتذى بها و الدليل على أن الله تعالى لم يرزقهم ما اغتصبوه إخباره بأنهم ظالمون فيه و أنه يعاقبهم عليه قال الله تعالى الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً . و أمره سبحانه بقطع يد السارق في قوله تعالى وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ و لو كان الغاصب قد أخذ ما رزقه الله تعالى على الحقيقة لكان المطالب له
برد ما أخذه ظالما له و لم يجز في العدل أن يعاقب عليه في الدنيا و الآخرة بل أن يكون ممدوحا على تصرفه فيه و إنفاقه له كما مدح الله تعالى من أنفقه من حله فقال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ . فجعل إنفاق الرزق من صفات المؤمنين فلما لم يكن للغاصبين إنفاق ما اغتصبوه و كانوا مذمومين عليه معاقبين على تصرفهم فيه دل ذلك على أن الله تعالى لم يرزقهم إياه في الحقيقة و إذا لم يكن رزقا للغاصب فهو رزق للمغصوب منه و إن حيل بينه و بينه
فصل مما روي في الأرزاق
رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: أَكْثِرُوا الِاسْتِغْفَارَ فَإِنَّهُ يَجْلِبُ الرِّزْقَ.
وَ قَالَ ع مَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى عِيسَى ع لِيَحْذَرِ الَّذِي يَسْتَبْطِئُنِي فِي الرِّزْقِ أَنْ أَغْضَبَ فَأَفْتَحَ عَلَيْهِ بَاباً مِنَ الدُّنْيَا.
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الرِّزْقُ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَ رِزْقٌ يَطْلُبُكَ فَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ.
وَ رُوِيَ عَنْ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ ع أَنَّهُ قَالَ فِي الرِّزْقِ الْمَقْسُومِ بِالْحَرَكَةِ إِنَّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَوَصَلَ إِلَيْهِ حُوسِبَ مِنْ حِلِّهِ وَ بَقِيَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ.
فالواجب أن لا يطلب إلا من الوجه المباح دون المحظور
وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حَسَّنَ نِيَّتَهُ زِيدَ فِي رِزْقِهِ.
و اعلم أن الدليل على جواز الزيادة في الأرزاق هو الدليل على جواز الزيادة في الأعمار لأن الله تعالى إذا زاد في عمر عبده وجب أن يرزقه ما يتغذى به ذكروا أن إبراهيم بن هرمة انقطع إلى جعفر بن سليمان الهاشمي فكان يجري له رزقا فقطعه فكتب إليه ابن هرمة 658
إن الذي شق فمي ضامن
للرزق حتى يتوفاني
حرمتني خيرا قليلا فما
إن زادني مالك حرماني
فرد إليه رزقه و أحسن إليه و أنشد لبعضهم
التمس الأرزاق عند الذي
ما دونه إن سيل من حاجب
من يبغض التارك تسئاله
جودا و من يرضى عن الطالب
و من إذا قال جرى قوله
بغير توقيع إلى كاتب
وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ رَجُلٌ جَلَسَ عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَ لَمْ أَجْعَلْ لَكَ طَرِيقاً إِلَى الطَّلَبِ وَ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةُ سَوْءٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ خَلِّصْنِي مِنْهَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَ لَيْسَ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرَهَا بِيَدِكَ وَ رَجُلٌ سَلَّمَ مَالَهُ إِلَى رَجُلٍ وَ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ بِهِ فَجَحَدَهُ إِيَّاهُ فَهُوَ يَدْعُو عَلَيْهِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرْتُ بِالْإِشْهَادِ فَلَمْ تَفْعَلْ.
لابن وكيع التنيسي
لا تحيلن على سعدك في الرزق و نحسك
و إذا أغفلك الدهر فذكره بنفسك
لا تعجل بلزوم بيتك ما قبل رمسك