کتابخانه روایات شیعه
فصل
و إنما سمت العرب هذه الكواكب بالجوزاء لتوسطها إذا ارتفعت أو لأنها تشبه رجلا في وسطه منطقة فاشتقوا لها اسما من التوسط يقولون جوز الفلا يعنون وسطه و من قولهم الدال على فساد أحكامهم أن كل درجة من درج الفلك ستون دقيقة و كل دقيقة ستون ثانية و كل ثانية ستون ثالثة و هكذا إلى ما لا نهاية له و لكل هذه الأجزاء التي لا تنحصر حكم مختص به و لا ينضبط فكيف يصح الحكم على هذا الأصل و ليس في أيديهم إلا الجمل التي تفاضلها يختلف. و قد ولد لي ولدان توأمان ليس بين ظهورهما من الفرق و الزمان بقدر ما يبين الأسطرلاب فاشتركا في درجة واحدة من طالع واحد في نصبه و لم يدرك فيهما التغيير و لو قلت إنهما اشتركا في الدقيقة لصدقت فلما رأيت ذلك قلت هذه حالة في الجملة قد اتفقت فيها النصبة و في غاية ما يمكن إدراكه بالآلة فإن الحكم على الحمل يوجب أن تكون حالة هذين المولودين متماثلة فلا و الله ما تماثلت صورتهما و لا أحوالهما و لا صحتهما من سقمهما و لقد مات أحدهما بعد ولادته بأيام و مات الآخر و امتدت بعمره الأيام أسأل الله السعد التام. و لقد سألت بعضهم عن هذا الحال فقال لي النمودار 678 يخرج لك الفرق بين المولودين فقلت له الذي عرفت من علمائكم أنهم لا يقولون على النمودار إلا عند عدم الرصد فمتى حصل الرصد أغنى عنه و يوضح ذلك أنكم تقولون في عمل النمودار خذ ساعات الجزر و لا يكون الجزر إلا عند عدم الرصد و إذا كان الرصد هاهنا لم يخط الحقيقة و لا أتاه الفرق فبان بأن لا يعطيه النمودار بعد الرصد.
و قلت له أيضا لست أشك في كثرة الاختلاف بينكم في كل أصل و فرع و على كل وجه فإنما يعمل النمودار بين الساعات سواء كانت عند رصد أو جزر و قد كانت ولادة هذين التوأمين في ساعة واحدة لم يصح فيها الفرق فما الحيلة في هذا الأمر فخلط في ذلك و لم يأت بشيء يفهم
فصل
و اعلم أيدك الله أن نمودار واليس يخالف نمودار بطليموس و نمودار الفرس يخالفهما جميعا و ليس في ذلك ما يتفق عليه و لا يؤدي إلى أمر متفق و لا يدل على صحة واحد منها العقل و جميعها دعاوي لا يعلم لها أصل و لو تتبعت مواضع اختلاطهم و ذكرت ما أعرفه من تناقض أصولهم المبطلة لأحكامهم لخرجت عن الغرض في الاختصار و فيما أوردته غنى عن الإكثار
فصل
و أنا أذكر لك بعد هذا مقالتنا في النجوم و ما نعتقده فيها لتعرف الطريقة في ذلك فتعتمد عليها اعلم أيدك الله أن الشمس و القمر و النجوم أجناس محدثة من جنس هذا العالم مؤلفة من أجزاء تحلها الأعراض و ليست فاعلة في الحقيقة و لا ناطقة و لا حية قادرة. و قال شيخنا المفيد رضوان الله عليه إنها أجسام نارية فأما حركاتها فهي فعل الله تعالى فيها و هو المحرك لها و هي من آيات الله الباهرة لخلقه و زينة في سمائه و فيها منافع لعباده لا تحصى و بها يهتدي 679 السائرون برا و بحرا قال الله تعالى وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
و فيها للخلق مصالح لا يعلمها إلا الله تعالى. فأما التأثير المنسوب إليها فإنا لا ندفع كون الشمس و القمر مؤثرين في العالم و نحن نعلم أن الأجسام و إن كان لا يؤثر أحدها بالآخر إلا مع مماسة بينهما بأنفسهما أو بواسطة فإن للشمس و القمر شعاعا متصلا بالأرض و ما عليها يقوم مقام المماسة و تصح به التأثيرات الحادثة و من ذا الذي ينكر تأثير الشمس و القمر و هو شاهد و إن كان تأثير الشمس أظهر للحس و أبين من تأثير القمر في الأزمان و البلدان و النبات و الحيوان. و أما غيرهما من الكواكب فلسنا نجد لها تأثيرا يحس و لا نقطع وجوبه بالعقل و هو أيضا ليس من الممتنع المستحيل بل هو من الجائز في العقول لأن لها شعاعا متصلا في الأرض و إن كان من دون شعاع الشمس و القمر فغير منكر أن يكون لها تأثير خفي على الحس خارج عن أفعال الخلق فإن كان لها تأثير كما يقال فتأثيرها مع تأثير الشمس و القمر في الحقيقة من أفعال الله تعالى و ليس يصح إضافته إليها إلا على وجه التوسع و التجوز كما نقول أحرقت النار و برد الثلج و قطع السيف و شج الحجر و كذلك قولنا أحمت الشمس الأرض و نفعت الزرع و في الحقيقة أن الله أحمى لها و نفع. و مما يدل على أن الله تعالى يشغل شيئا بشيء قوله سبحانه هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . و ليس فيما ذكرناه رجوع إلى قول أصحاب الأحكام و لا قول بما أنكرناه عليهم في متقدم الكلام لأنا أنكرنا عليهم إضافة تأثيرات الشمس و القمر إليهما من دون الله سبحانه و قطعهم على ما جوزناه من تأثيرات الكواكب بغير حجة عقلية و لا سمعية و إضافتهم إليها جميع الأفعال في الحقيقة مع دعواهم لها الحياة و القدرة.
و أنكرنا أن تكون الشمس أو القمر أو شيء من الكواكب موجبا لشيء من أفعالنا بشهادة العقل الصحيح فإن أفعالنا لو كانت مخترعة فينا أو كانت عن سبب أوجبها من غيرنا لم تصح بحسب قصودنا و إراداتنا و لا كان فرق بينها و بين جميع ما يفعل فينا من صحتنا و سقمنا و تأليف أجسامنا و حصول الفرق لكل دلالة على اختصاصها بنا و برهان واضح بأنها حدثت من قدرتنا و أنه لا سبب لها غير اختيارنا. و أنكرنا عليهم قولهم إن الله تعالى لا يفعل في العالم فعلا إلا و الكواكب دالة عليه فإن كل شيء يدل عليه لا بد من كونه و هذا باطل يثبت لها تأثيرا أو دلالة فإن الله أجرى تلك العادة و ليس يستحيل منه تغير تلك العادة لما يراه من المصلحة و قد يصرف الله تعالى السوء عن عبده بدعوة و يزيد في أجله بصلة رحم أو صدقة فهذا الذي ثبتت لنا عليه الأدلة و هو الموافق للشريعة و ليس هو بملائم لما يدعيه المنجمون و الحمد لله. و أنكرنا عليهم اعتمادهم في الأحكام على أصول مناقضة و دعاوي مظنونة متعارضة و ليس على شيء منها بينة فإن كان لهذا العلم أصل صحيح على وجه يسوغ في العقل و يجوز فليس هو ما في أيديهم و لا من جملة دعاويهم و قد قال شيخنا المفيد رضوان الله عليه إن الاستدلال بحركات النجوم على كثير مما سيكون ليس يمتنع العقل منه و لا يمنع أن يكون الله عز و جل علمه بعض أنبيائه و جعله علما على صدقه قال ابن طاوس هذا آخر ما ذكره الكراجكي رضوان الله عليه في كتابه و نعتقد أنه اعتمد عليه.
3 و نقل في البحار جلد 40 ص 54 عن كنز جامع الفوائد 680 الذي جاء فيه
رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ الْكَرَاجُكِيُّ فِي كِتَابِهِ كَنْزِ الْفَوَائِدِ حَدِيثاً مُسْنَداً يَرْفَعُهُ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ص فِي سجدة [مَسْجِدِهِ] إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فِي الْحَجِّ وَ غَيْرِهِ فَلَمَّا أَجَابَهُ قَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ حَجِيجَ قَوْمِي مما [مِمَّنْ] شَهِدَ ذَلِكَ مَعَكَ أَخْبَرَنَا أَنَّكَ قُمْتَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع بَعْدَ قُفُولِكَ مِنَ الْحَجِّ وَ وَقَفْتَهُ بِالشَّجَرَاتِ مِنْ خُمٍّ فَافْتَرَضْتَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَاعَتَهُ وَ مَحَبَّتَهُ وَ أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً وَلَايَتَهُ وَ قَدْ أَكْثَرُوا عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ فَبَيِّنْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ ذَلِكَ فَرِيضَةٌ عَلَيْنَا مِنَ الْأَرْضِ لِمَا أَدْنَتْهُ الرَّحِمُ وَ الصِّهْرُ مِنْكَ أَمْ مِنَ اللَّهِ افْتَرَضَهُ عَلَيْنَا وَ أَوْجَبَهُ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص بَلِ اللَّهُ افْتَرَضَهُ وَ أَوْجَبَهُ مِنَ السَّمَاءِ وَ افْتَرَضَ وَلَايَتَهُ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ جَمِيعاً يَا أَعْرَابِيُّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع هَبَطَ عَلَيَّ يَوْمَ الْأَحْزَابِ وَ قَالَ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي قَدِ افْتَرَضْتُ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ مَوَدَّتَهُ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَمْ أَعْذِرْ فِي مَحَبَّتِهِ أَحَداً فَمُرْ أُمَّتَكَ بِحُبِّهِ فَمَنْ أَحَبَّهُ فَبِحُبِّي وَ حُبِّكَ أَحَبَّهُ وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَبِبُغْضِي وَ بُغْضِكَ أَبْغَضَهُ أَمَا إِنَّهُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَاباً وَ لَا خَلَقَ خَلْقاً إِلَّا وَ جَعَلَ لَهُ سَيِّداً فَالْقُرْآنُ سَيِّدُ الْكُتُبِ الْمُنْزَلَةِ وَ شَهْرُ رَمَضَانَ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ سَيِّدَةُ اللَّيَالِي وَ الْفِرْدَوْسُ سَيِّدُ الْجِنَانِ وَ بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامِ سَيِّدُ الْبِقَاعِ وَ جَبْرَئِيلُ ع
سَيِّدُ الْمَلَائِكَةِ وَ أَنَا سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْ عَمَلِهِ سَيِّدٌ وَ حُبِّي وَ حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْأَعْمَالِ وَ مَا تَقَرَّبَ بِهِ الْمُتَقَرِّبُونَ مِنْ طَاعَةِ رَبِّهِمْ يَا أَعْرَابِيُّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نُصِبَ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْبَرٌ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ وَ نُصِبَ مِنْبَرٌ لِي عَنْ شِمَالِ الْعَرْشِ ثُمَّ يُدْعَى بِكُرْسِيٍّ عَالٍ يَزْهَرُ نُوراً فَيُنْصَبُ بَيْنَ الْمِنْبَرَيْنِ فَيَكُونُ إِبْرَاهِيمُ عَلَى مِنْبَرِهِ وَ أَنَا عَلَى مِنْبَرِي وَ يَكُونُ أَخِي عَلِيٌّ عَلَى ذَلِكَ الْكُرْسِيِّ فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُ حَبِيباً بَيْنَ خَلِيلَيْنِ يَا أَعْرَابِيُّ مَا هَبَطَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ إِلَّا وَ سَأَلَنِي عَنْ عَلِيٍّ وَ لَا عَرَجَ إِلَّا وَ قَالَ اقْرَأْ عَلَى عَلِيٍّ مِنِّي السَّلَامَ.
فهرس الجزء الثاني
الأدلة على أن الصانع واحد 5
فصل من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 10
فصل من فضائل أمير المؤمنين (ع) 12
من كلامه (ع) و آدابه في فضل الصمت 14
مختصر التذكرة بأصول الفقه 15
فصل من عيون الحكم و نكت من جواهر الكلام 31
من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 31
من كلام أمير المؤمنين (ع) 31
من كلام الحسين (ع) 32
من كلام الإمام الصادق (ع) 33
من كلام غير الأئمة 33
أبو حنيفة مع الإمام الصادق 36
حديث الإمام الصادق 37
فصل من الاستدلال على أن اللّه تعالى ليس بجسم 37
حول هشام بن الحكم 40
أبيات لزينبا 42
رسائل متبادلة بين الإمام علي و بين معاوية 42
مسألة فقهية منظومة و جوابها 45
مسألة أخرى منظومة و جوابها 46
منام للمفيد حول قضية الغار 48
كلام للمؤلّف حول قضية الغار 51
مبيت عليّ عليه السلام في فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليلة الهجرة 53
أحاديث 55
من روايات ابن شاذان 55
مسألة و جوابها 57
فصل في الرؤيا في المنام 60
أحاديث عن أبي ذر 67
مسألة في المواريث 68
قضية مستطرفة لأمير المؤمنين (ع) 69
شبهات للملاحدة و جوابها 70
سؤال ورد للمؤلّف من الساحل و جوابه 73
قصة وقعت للمؤلّف 78
فصل من كلام أمير المؤمنين (ع) 83
أحاديث في فضله (ع) 83
دليل النصّ بخبر الغدير على إمامته (ع) و المناقشة حوله 84
فصل من الوصايا و الإقرارات المبهمة العويصة 98