کتابخانه روایات شیعه
و الفضائل ما أشتهر عنهما في آفاق الدنيا و هو باق ما بقي الدهر) ا ه و قد كان يحضر مجلسه اقطاب العلماء من كافة المذاهب خصوصا في علم الكلام فن المناظرة و الفقه و أصوله، و لم يكن في وقته مبرزا في ذلك سواه، و كانت محاضراته تارة في مسجده بالكرخ بدرب رباح، و أحيانا في مجالس بعض الاعلام كما أن أول مجلس من أماليه الذي أملاه يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة 404 كان في الزيارين بدرب رباح بمنزل ضمرة أبي الحسن عليّ بن عبد الرحمن القارئ، و ان من العسير حصر جميع من حضر عنده و تتلمذ عليه و إلى القارئ ذكر مشاهيرهم و هم:
1- الشيخ الأجل أبو العباس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العباس النجاشيّ
2- الفاضل الفقيه أحمد بن عليّ بن قدامة.
3- الثقة العين جعفر بن محمّد بن أحمد بن العباس الدوريستي.
4- الحسين بن علي النيشابوري.
5- الشيخ الفقيه أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلميّ.
6- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عبد الرحمن الفارسيّ.
7- الشريف السيّد المرتضى علم الهدى عليّ بن الحسين بن موسى الموسوي.
8- أبو الفوارس بن عليّ بن محمّد بن عبد الرحمن الفارسيّ المتقدم ذكره.
9- الشريف السيّد الرضي محمّد بن الحسين بن موسى الموسوي.
10- شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسيّ.
11- أبو يعلى محمّد بن الحسن بن حمزة الجعفري صهره و خليفته و الجالس في حياته في مجلسه.
12- أبو الفتح الفقيه القاضي محمّد بن علي الكراجكيّ المتوفّى سنة 449.
13- أبو محمّد أخو عليّ بن محمّد الفارسيّ المتقدم ذكره.
14- الشيخ الثقة أبو الفرج المظفر بن عليّ بن الحسين الحمداني من سفراء الامام الحجة عجل اللّه فرجه.
15- الشريف أبو الوفاء المحمدي الموصلي.
16- أبو شجاع تاج الملّة- عضد الدولة- علي بن الحسن بن بويه الديلميّ أخذ عنه الفقه على مذهب الإماميّة 16
9- مكانته الاجتماعية
- قيمة كل امرئ ما يحسنه- بهذه الكلمة القيمة و الحكمة الخالدة حدد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مقاييس الفضيلة في ميزان العدل و النصفة، و حد للاشخاص قيمهم الاجتماعية و ان مقياس كل فرد معه و ذلك- ما يحسنه- فبقدره يكون وزنه الاجتماعي و بمقداره تتحدد مكانته بين أوساط الناس، فالمقياس الخالد هو الفضيلة و العمل لا كثرة المال و الولد و لا سعة النفوذ و كثرة الاتباع فان هذه عوار مستردة و تلك مواهب قارة خالدة بخلود الأبد و دوام الدهر و الزمن و بوسعنا أن ندرك مكانة الشيخ الاجتماعية من مواهبه و آثاره، فقد تألق نجمه قدس اللّه سره الشريف في سماء المعارف و كانت له القدم الراسخة في ميدان العلوم و الفنون و الكفّة الراجحة في الميزان العلمي و العملي و كان رحمه اللّه ينشط في توجيه العلماء و يعني بتربيتهم إلى أن تخرج على يده زمرة خيّرة كانوا مفخرة في جيلهم و قدوة صالحة للاجيال المتعاقبة من بعد. و كانت له المرجعية في الفتيا و الاحكام في كثير من البلدان. يرجعون إليه في الفصل و اخذ الاحكام. كجرجان، و خوارزم، و الرقة، و حران، و الدينور، و سارية، و شيراز، و صاغان، و مازندران، و نيشابور و النوبندجان، و الموصل، و طبرستان، و ميافارقين، و عكبراء إلى غيرها من المدن
و البلدان التي كان أهلها يفزعون إليه في حل الخصومات، و يرجعون إلى رأيه في الاحكام.
مضافا إلى أنّه رحمه اللّه كان يحاجج أهل كل عقيدة و يفلجهم، و يناظر في مختلف الأديان و الآراء و يجيب على أنواع الشبه و المسائل و ما ذلك إلّا من رسوخ قدمه في العلم و الفضيلة، و كفاءته في القيام باعباء المرجعية و الحكومة، و ما آثاره التي خلفها من مجالس و مناظرات و أمال في الفقه و العقائد و الكلام و الحديث و الاخبار و الشعر و التأريخ الإسلامي مع فطاحل عاصروه فبزّهم و ناظروه ففلجهم و استطال عليهم، و إلى القارئ قائمة باسماء من ناظرهم من أعلام الفرق و أساطين المذاهب في العلوم المختلفة استخرجناها من كتاب انتخب من واحد من كتبه و هو- المختار من العيون و المحاسن- لتلميذه علم الهدى الشريف السيّد المرتضى رحمه اللّه فانا نجد أنّه قدس اللّه روحه الزكية ناظر.
1- القاضي أبا بكر أحمد بن سيار، اجتمع به في بغداد بدار الشريف محمّد ابن محمّد بن طاهر الموسوي و في المجلس أكثر من مائة إنسان و فيهم أشراف من بني علي و بني العباس، و من وجوه التجار و غيرهم، حضروا في قضاء حقّ للشريف رحمه اللّه.
2- الكتيبي، و عرزالة المعتزلي، و أبا عمرو الشطوي و كلهم من المعتزلة.
3- القاضي أبا محمّد العماني، و أبا بكر بن الدقاق في مجلس النقيب أبي الحسن العمري.
4- الورثاني، و الجراحي، و الأول من متفقهة أصحابنا، في دار الشريف أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن طاهر.
5- رجلا من أصحاب الحديث ممن يذهب إلى مذهب الكرابيسي.
6- أبا العباس هبة اللّه بن المنجم في مجلس و فيه أبو عيسى الوراق.
7- أبا بكر بن صرايا في مجلس أبي منصور بن المرزبان، و كان في المجلس جماعة من متكلمي المعتزلة.
8- الطبراني شيخ من الزيدية، جرى معه كلام على يد حدث من أولاد الأنصار كان يختلف الى الشيخ و يتعلم عنده.
9- ابن لؤلؤ شيخ من الاسماعيلية في دار بعض قوّاد الدولة.
10- أبا القاسم الداركي في مجلس كان صاحبه رئيس زمانه و هو الشريف ابي الحسن أحمد بن القاسم المحمدي.
11- الشيخين ابا الحسن و ابا طاهر الجوهريين في مجلس صديقه ابي الهذيل سبيع بن المنبه المختارى و قد حضره الشريف أبو محمّد بن المأمون.
12- ابا الحسن عليّ بن نصر الشاهد بعكبرا في مسجده، و الشيخ متوجه إلى سرمنرأى. إلى غيرهم ممن لم يصرح باسمائهم و هم:
1- جمع كثير من الفقهاء و المتكلّمين في مجلس بعض القضاة.
2- بعض المعتزلة في مجلس آخر.
3- بعض المجبرة، و بعض من المعتزلة، و رجل من الزيدية في مجلس الشريف أحمد بن القاسم العلوى المحمدى.
4- شيخ من حذاق المعتزلة و أهل التدين بمذهبهم.
5- بعض المعتزلة في مجلس قد ضم جماعة كثيرة من أهل النظر و المتفقهة.
6- شيخ من أهل الري معتزلي، في مجمع لقوم من الرؤساء و كان معظما لمحل سلفه و تعلقه بالدولة.
7- سائل في مجلس الشريف ابى الحسن عليّ بن أحمد بن إسحاق.
8- بعض المعتزلة.
9- بعض مشايخ العباسيين و غيره في مجلس بسرمنرأى و فيه بعض
مشايخ العباسيين و غيرهم.
هذا كله مضافا الى كلامه مع كثير من الفرق التي كانت يومذاك كجماعة المعتزلة و أصحاب المقالات و متكلمي المجبرة و الحشوية و الناصبية و الكيسانية و الإسماعيلية و القرامطة و المباركية و الناووسية و الشمطية و الفطحية و الواقفة و البشرية.
هذا ما يقف عليه القارئ في الفصول من العيون و المحاسن- المذكور- فكيف لو استقصى سائر كتبه و ما نقل عنه. و يلاحظ أنّه قدّس سرّه حتّى في أسفاره كان لا يفتأ عن المناظرة و الدعوة الى مبدئه و الدفاع عن مذهبه و إليك للتدليل على ذلك حديثه مع رجل زيدي أراد التشنيع عليه و الوقيعة به حيث ثقل عليه و أمثاله وجوده لأنّه أينما حل يجتمع عليه الناس للاستفادة منه و الاخذ عنه و ذلك أنّه زار مرة المشهد العلوي و مرّ بمسجد الكوفة فاجتمع إليه من أهلها و غيرهم أكثر من خمسمائة إنسان و تقدم نحوه رجل زيدي أراد الفتنة و الشناعة فقال له باي شيء استجزت إنكار إمامة زيد؟! فقال له الشيخ: إنك قد ظننت علي ظنا باطلا و قولي في زيد لا يخالفني عليه أحد من الزيدية. إن زيدا رحمه اللّه كان إماما في العلم و الزهد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و أنفي عنه الإمامة الموجبة لصاحبها العصمة و النصّ و المعجز. و هذا ما لا يخالفني عليه أحد من الزيدية، فلم يتمالك جميع من حضر من الزيدية دون أن شكروه و دعوا له و بطلت حيلة الرجل فيما أراد من التشنيع و الفتنة.
و أيا ما كان فمكانة هذا الحبر غنية عن البيان إذ هتفت باسمه السنة المدح و الثناء و اشتهر فضله اشتهارا اغنى عن الاشادة بذكره و الإفاضة في سيرته فله من فضله و علمه و نبله و مجده شواهد صدق على سمو مقامه و عظيم نبوغه، حتى لهجت الاعلام بذلك شاكرة له أياديه حيث كان مأوى المتعلمين و معقل العلماء و ملاذ الامراء و ملجأ العامّة و سائر الناس، قصده الفقهاء اللامعون فاستفادوا من معين علومه، و اتاه جهابذة المتكلّمين فارتشفوا من نميره، و حتّى الامراء و الوزراء كانوا يأخذون عنه فيصدرون
روايا من غديره، فذا تاج الملّة و عضد الدولة أبو شجاع عليّ بن الحسن الديلميّ أخذ عنه الفقه و كان مع جلالته و صولته يزوره بموكبه في بيته و يعوده إذا مرض، مضافا إلى وجاهته عند ملوك الاطراف، و لعلّ في تقاريض مترجميه و آيات الثناء عليه ما يغنينا عن الإطالة بشرح ذلك فقد اطبقت المعاجم على انه (امام الرافضة، شيخ الإماميّة و عالمها، و المحامي عن حوزتهم، و المصنّف لهم، رئيس الكلام و الفقه و الجدل، مقدّم في صناعة الفقه و الكلام، دقيق الفطنة حاضر الجواب، ماضي الخاطر، حسن اللسان و الجدل، صبور على الخصم، جميل العلانية، كثير الصدقات، عظيم الخشوع كثير الصلاة و الصوم، زاهد عابد و كان يناظر أهل كل عقيدة و كانت له صولة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية).
بذلك تقرظه المعاجم و يطريه أصحاب التراجم و فيهم من معاصريه من الخصوم الالداء و الحسان المعاندين الذين ضاقوا ذرعا به، و طالت حياته عليهم، فتمنوا موته لشدة حسدهم و قصورهم عن بلوغ شأوه أو مطاولته في موكب أو منكب.
حسدوا الفتى اذ لم ينالوا سعيه
فالقوم اعداء له و خصوم
و حسبك دليلا على سمو مكانته و عظيم جلالته انه كان المنظور في الإماميّة و المقصود من بينهم في كل معضلة و قضية. فكان يصيبه من فتن العامّة و جهلة السواد بعض الأذى، و إن كثيرا من خصومه ممن لم يبلغوا شأوه و يدركوا سعيه كانوا يستغلون الاحداث في الفتن التي كانت تنشب في بغداد بين الشيعة و السنة فيوغروهم عليه و يغروهم به.
فمن ذلك انه في سنة 398 قصد بعض السفلة من باب البصرة الشيخ في مسجده بالكرخ بدرب رباح فآذاه و نال منه فثار به أصحاب الشيخ و استنفر بعضهم بعضا و صاروا الى دار القاضي أبي محمّد ابن الاكفاني و أبي حامد الاسفراييني فسبوهما و طلبوا الفقهاء من اصحابهما ليوقعوا بهم فهربوا و انتقل أبو حامد الى دار القطن
و عظمت الفتنة و بلغ الخليفة ذلك فغضب و بعث اعوانه لنصرة أهل السنة فحرقوا دور كثير من دور الشيعة و أخذ منهم جماعة فسجنهم و بعث عميد الجيوش 17 لينفي الشيخ من بغداد لانه كان فقيه الشيعة انتقاما لأبي حامد و جماعته، فاخرج الشيخ من بغداد ثمّ شفع فيه عليّ بن مزيد 18 فأعيد إليها 19 .
و كان الشيخ ممن كتب بالمحضر الذي تضمن القدح في نسب العلويين بمصر، كما ذكره ابن الأثير في كامله فانه كتب سنة 403 محضر كتب فيه من العلويين المرتضى و الرضي و ابن البطحاوى العلوى و ابن الأزرق الموسوي و الزكي أبو يعلى عمر بن محمّد، و كتب من القضاة و العلماء ابن الاكفاني و ابن الخرزي و أبو العباس الأبيوردي و أبو حامد الأسفراييني و أبو عبد اللّه بن النعمان فقيه الشيعة 20 و الكشفلي و القدوري و الصيمري و ابن البيضاوي و النسوي و غيرهم.
10- آثاره العلمية