کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و منها: التثويب،
و هو قول: الصلاة خير من النوم، في الأذان.
فقد 239 رَوَى فِي جَامِعِ الْأُصُولِ 240 مِمَّا رَوَاهُ عَنِ الْمُوَطَّإِ 241 ، قَالَ 242 عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ الْمُؤَذِّنُ جَاءَ عُمَرَ يُؤْذِنُهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِماً، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَجْعَلَهُمَا فِي الصُّبْحِ.
و يظهر منها أنّ ما
رووه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالتثويب.
من مفترياتهم، و يؤيّده أنّ رواياتهم 243 في الأذان خالية عن التثويب 244 .
الخامس عشر:
أنّه كان يعطي من بيت المال ما لا يجوز، فأعطى عائشة و حفصة عشرة آلاف درهم في كلّ سنة 245 ، و حرم أهل البيت عليهم السلام خمسهم الذي جعله اللّه لهم 246 ، و كان عليه ثمانون ألف درهم من بيت المال يوم مات على سبيل القرض 247 ، و لم يجز شيء من ذلك، أمّا الأول فلأنّ الفيء و الغنائم و نحو ذلك
ليست من الأموال المباحة التي يجوز لكلّ أحد التصرّف 248 فيها كيف شاء، بل هي من حقوق المسلمين يجب صرفه إليهم على الوجه الذي دلّت عليه الشريعة المقدّسة، فالتصرف فيها محظور إلّا على الوجه الذي قام عليه دليل شرعيّ، و تفضيل طائفة في القسمة و إعطاؤها أكثر ممّا جرت السنّة عليه لا يمكن إلّا بمنع من استحقّ بالشرع حقّه، و هو غصب لمال الغير و صرف له في غير أهله، و قد جرت السنّة النبويّة بالاتّفاق على القسم بالتسوية.
و أوّل من فضّل قوما في العطاء هو عمر بن الخطاب كما اعترف به ابن أبي الحديد 249 و غيره 250 من علمائهم.
قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ 251 : رَوَى أَبُو ا لْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْزِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: اسْتَشَارَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ بِمَنْ يَبْدَأُ فِي الْقَسْمِ وَ الْفَرِيضَةِ؟، فَقَالُوا: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ. فَقَالَ: بَلْ أَبْدَأُ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] وَ ذَوِي قَرَابَتِهِ، فَبَدَأَ بِالْعَبَّاسِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَ قَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ
لَمْ يَفْرِضْ لِأَحَدٍ أَكْثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَهُ، رُوِيَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً 252 ، وَ رُوِيَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَ هُوَ الْأَصَحُّ، ثم فرض لزوجات رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله] لكلّ واحدة عشرة آلاف، و فضّل عائشة عليهنّ بألفين فأبت 253 ، فقال: ذلك لفضل 254 منزلتك عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله]، فإذا أخذت فشأنك، و استثنى عن الزوجات جويرية و صفّية و ميمونة ففرض 255 لكلّ واحدة منهنّ ستّة آلاف،
فقالت عائشة : إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله] يعدل بيننا.
، فعدل عمر بينهنّ و ألحق هؤلاء الثلاث بسائرهنّ، ثم فرض للمهاجرين الذين شهدوا بدرا لكلّ واحد خمسة آلاف، و لمن شهدها من الأنصار لكلّ واحد أربعة آلاف.
و قد روي أنّه فرض لكلّ واحد ممّن شهد بدرا من المهاجرين أو من الأنصار أو غيرهم من القبائل خمسة آلاف، ثم فرض لمن شهد أحدا و ما بعدها إلى الحديبية أربعة آلاف، ثم فرض لكلّ من شهد المشاهد بعد الحديبية ثلاثة آلاف، ثم فرض لكلّ من شهد المشاهد بعد 256 رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله] ألفين و خمسمائة، و ألفين، و ألفا و خمسمائة، و ألفا واحدا .. إلى مائتين .. و هم أهل هجر 257 ، و مات عمر على ذلك.
قال ابن الجوزي : و أدخل عمر في أهل بدر ممّن لم يحضر بدرا أربعة، و هم الحسن و الحسين عليهما السلام و أبو ذرّ و سلمان، ففرض لكلّ واحد منهم خمسة
آلاف 258 .
قال ابن الجوزي: فأمّا ما اعتمده في النساء فإنّه جعل نساء أهل بدر على خمسمائة .. خمسمائة 259 ، و نساء من بعد بدر إلى الحديبية على أربعمائة ..
أربعمائة 260 ، و نساء من بعد ذلك على ثلاثمائة .. ثلاثمائة 261 ، و جعل نساء أهل القادسية على مائتين 262 ، ثم سوّى بين النساء بعد ذلك. انتهى.
وَ رَوَى الْبُخَارِيُ 263 وَ مُسْلِمٌ 264 وَ غَيْرُهُمَا 265 بِأَسَانِيدَ عَدِيدَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ فِي مَقَامِ التَّسْلِيَةِ قَرِيباً مِنْ وَفَاتِهِ: سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ. 266
هل يريب عاقل في أنّ هذا القول بعد أن كان يسوّي بين المهاجرين و الأنصار مدّة حياته إخبار بما يكون بعده 267 من ا لتفضيل، و يتضمّن عدم إباحته و عدم رضاه صلّى اللّه عليه و آله به.
و يؤيّد حظر التفضيل و مخالفة السنّة في القسمة
أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أبطل سيرة عمر في ذلك، و ردّ الناس إلى السنّة و القسم بالسويّة 268 .
، و هو عليه السلام
يدور مع الحقّ و يدور الحقّ معه حيثما دار بنصّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله 269 .
، كما تضافرت 270 به الروايات من طرق المخالف و المؤالف، و مع ذلك احتجّ عليه السلام على المهاجرين و الأنصار لّما كرهوا عدله في القسمة و أنكروه عليه، بمخالفة التفضيل للشريعة، و ألزمهم العدل في القسمة، فلم يردّه عليه أحد منهم، بل أذعنوا له و صدّقوا قوله، ثم فارقه طلحة و الزبير و من يقفو إثرهما رغبة في الدنيا و كراهة للحقّ، كما سيأتي 271 في باب بيعته عليه السلام و غيره.
و قد قال ابن أبي الحديد 272 في بعض كلامه-:
فإن قلت: إنّ أبا بكر قد قسم بالسويّة 273 ، كما قسمه أمير المؤمنين عليه السلام، و لم ينكروا عليه كما أنكروا على أمير المؤمنين عليه السلام؟.
قلت: إنّ أبا بكر قسم محتذيا بقسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله]، فلمّا ولي عمر الخلافة و فضّل قوما على قوم ألفوا ذلك و نسوا تلك القسمة الأولى، و طالت أيّام عمر، و أشربت قلوبهم حبّ المال و كثرة العطاء، و أمّا الذين اهتضموا فقنعوا و مرنّوا على القناعة، و لم يخطر لأحد من الفريقين أنّ هذه الحال تنتقض 274 أو تتغيّر بوجه ما، فلمّا ولي عثمان أجرى 275 الأمر على ما كان عمر يجريه، فازداد وثوق العوام بذلك، و من ألف أمرا أشقّ 276 عليه فراقه و تغيير العادة فيه، فلمّا ولي
أمير المؤمنين عليه السلام أراد أن يردّ الأمر إلى ما كان في أيّام رسول اللّه صلّى اللّه عليه [و آله] و أبي بكر، و قد نسي ذلك و رفض، و تخلّل بين الزمانين اثنتان و عشرون سنة، فشقّ ذلك عليهم و أكبروه 277 حتى حدث ما حدث من نقض البيعة و مفارقة الطاعة، و للّه أمر هو بالغه!.
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ 278 فِي بَعْضِ احْتِجَاجِهِ عَلَى طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ: وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ 279 فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيهِ بِرَأْيِي وَ لَا وَلِيتُهُ هَوًى مِنِّي، بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَيْكُمَا فِيمَا 280 فَرَغَ اللَّهُ مِنْ قَسْمِهِ، وَ اللَّهُ 281 أَمْضَى فِيهِ حُكْمَهُ فَلَيْسَ لَكُمَا وَ اللَّهِ عِنْدِي وَ لَا لِغَيْرِكُمَا فِي هَذَا عُتْبَى، أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِنَا 282 إِلَى الْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِيَّاكُمُ الصَّبْرَ.