کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
باب 4 القلم و اللوح المحفوظ و الكتاب المبين و الإمام المبين و أم الكتاب
الآيات هود وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ 6977 طه قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى 6978 الحج أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 6979 النمل وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ 6980 سبأ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ 6981 فاطر وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 6982 يس وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ 6983 الزخرف وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ 6984
ق وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ 6985 الطور وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ 6986 الحديد 22 ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ 6987 القلم ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ 6988 النبأ وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً 6989 البروج بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ 6990 تفسير قال الطبرسي ره كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ هذا إخبار منه سبحانه أن جميع ذلك مكتوب في كتاب ظاهر و هو اللوح المحفوظ و إنما أثبت ذلك مع أنه عالم لذاته لا يعزب عن علمه شيء من مخلوقاته لما فيه من اللطف للملائكة أو لمن يخبر بذلك 6991 .
و قال ره في قوله سبحانه عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي أي أعمالهم محفوظة عند الله يجازيهم بها و التقدير علم أعمالهم عند ربي فِي كِتابٍ يعني اللوح المحفوظ و المعنى أن أعمالهم مكتوبة مثبتة عليهم و قيل المراد بالكتاب ما تكتبه الملائكة لا يَضِلُّ رَبِّي أي لا يذهب عليه شيء و قيل أي لا يخطئ ربي وَ لا يَنْسى من النسيان أو بمعنى الترك 6992 .
و قال الرازي في قوله تعالى إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ في الكتاب قولان أحدهما و هو قول أبي مسلم إن معنى الكتاب الحفظ و الضبط و الشد يقال كتبت
المزادة 6993 إذا خرزتها فحفظت بذلك ما فيها و معنى الكتاب بين الناس حفظ ما يتعاملون به فالمراد من قوله إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ أنه محفوظ عنده.
و الثاني و هو قول الجمهور إن كل ما يحدثه الله في السماوات و الأرض كتبه 6994 في اللوح المحفوظ و هذا أولى لأن القول الأول و إن كان صحيحا نظرا إلى الاشتقاق و لكن الواجب حمل اللفظ على المتعارف و معلوم أن الكتاب هو ما تكتب فيه الأمور فكان حمله عليه أولى فإن قيل يوهم ذلك أن علمه مستفاد من الكتاب و أيضا فأي فائدة في ذلك الكتاب فالجواب عن الأول أن كتبه تلك الأشياء في ذلك الكتاب مع كونها مطابقة للموجودات من أدل الدلائل على أنه سبحانه غني في علمه عن ذلك الكتاب و عن الثاني أن الملائكة ينظرون فيه ثم يرون الحوادث داخلة في الوجود على وفقه فصار ذلك دليلا لهم زائدا على كونه سبحانه عالما بكل المعلومات و أما قوله إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فمعناه أن كتبه جملة الحوادث مع أنها من الغيب مما يتعذر على الخلق لكنها بحيث متى أرادها الله تعالى كانت يعبر عن ذلك بأنه يسير و إن كان هذا الوصف لا يستعمل إلا فينا من حيث تسهل و تصعب علينا الأمور و يتعالى 6995 الله عن ذلك 6996 .
و قال الطبرسي ره في قوله سبحانه وَ ما مِنْ غائِبَةٍ أي خصلة غائبة فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ يعني جميع ما أخفاه عن خلقه و غيبه عنهم إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي إلا و هو مبين في اللوح المحفوظ 6997 .
لا يَعْزُبُ عَنْهُ أي لا يفوته إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ يعني اللوح المحفوظ 6998
و في قوله وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ أي لا يمد في عمر معمر وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ أي من عمر ذلك المعمر بانقضاء الأوقات عليه و قيل معناه و لا ينقص من عمر غير ذلك المعمر و قيل هو ما يعلمه الله إن فلانا لو أطاع لبقي إلى وقت كذا و إذا عصى نقص عمره فلا يبقى إِلَّا فِي كِتابٍ أي إلا و ذلك مثبت في اللوح المحفوظ 6999 و قال وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ أي أحصينا و عددنا كل شيء من الحوادث في كتاب ظاهر و هو اللوح المحفوظ و قيل أراد به صحائف الأعمال 7000 .
أقول و قد ورد في كثير من الأخبار أن المراد بالإمام المبين أمير المؤمنين ع كما مر. وَ إِنَّهُ أي القرآن فِي أُمِّ الْكِتابِ في اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماوية لَدَيْنا لَعَلِيٌ رفيع الشأن حَكِيمٌ ذو حكمة بالغة كذا قيل و في كثير من الأخبار أن الضمير راجع إلى أمير المؤمنين ع و المراد بأم الكتاب السورة الفاتحة فإنه ع مكتوب فيها في قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قالوا الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين ع و معرفته و طريقته.
وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ قال الطبرسي ره أي حافظ لعدتهم و أسمائهم و هو اللوح المحفوظ و قيل أي محفوظ عن البلى و الدروس و هو كتاب الحفظة 7001 .
وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ أي مكتوب فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ و هو الكتاب الذي كتبه الله لملائكته في السماء يقرءون فيه ما كان و ما يكون و قيل هو القرآن مكتوب عند الله في اللوح 7002 و هو الرق المنشور و قيل هو صحائف الأعمال و قيل هو التوراة و قيل إنه القرآن يكتبه المؤمنون في رق و ينشرونه لقراءته و الرق ما يكتب فيه 7003 .
و في قوله تعالى ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ مثل قحط المطر و قلة النبات و نقص الثمرات وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ من الأمراض و الثكل بالأولاد إِلَّا فِي كِتابٍ أي إلا و هو مثبت 7004 في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الأنفس لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ أي فعلنا ذلك لكي لا تحزنوا على ما يفوتكم من نعم الدنيا وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ أي بما أعطاكم الله منها و الذي يوجب نفي الأسى و الفرح من هذين أن الإنسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك و إذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه و الحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به و أيضا إذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم و لا تبيد 7005 .
و قال البيضاوي مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها أي نخلقها و الضمير للمصيبة أو للأرض أو للأنفس و قال في قوله لِكَيْلا تَأْسَوْا فإن من علم أن الكل مقدر هان عليه الأمر و فيه إشعار بأن فواتها يلحقها إذا خليت و طباعها و أما حصولها و بقاؤها فلا بد لهما من سبب يوجدها و يبقيها و المراد منه نفي الأسى المانع من التسليم لأمر الله و الفرح الموجب للبطر و الاختيال و لذلك عقبه بقوله وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ 7006 انتهى.
و قال الطبرسي ره اختلف في معنى نون فقيل هو اسم من أسماء السورة و قيل هو الحوت الذي عليه الأرضون عن ابن عباس و غيره و قيل هو حرف من حروف الرحمن في رواية أخرى عن ابن عباس و قيل هو الدواة عن الحسن و غيره و قيل هو لوح من نور
وَ رُوِيَ مَرْفُوعاً إِلَى النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ قَالَ اللَّهُ لَهُ كُنْ مِدَاداً فَجَمَدَ وَ كَانَ أَبْيَضَ مِنَ اللَّبَنِ وَ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ اكْتُبْ فَكَتَبَ الْقَلَمُ مَا كَانَ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
عن أبي جعفر الباقر ع.
و قيل المراد به الحوت في البحر و هو من آيات الله تعالى إذ خلقه من الماء فإذا فارق الماء مات كما أن حيوان البر إذا خالط الماء مات و القلم هو الذي يكتب به أقسم الله تعالى به لمنافع الخلق إذ هو أحد لساني الإنسان يؤدي عنه ما في جنانه و يبلغ البعيد عنه ما يبلغ القريب بلسانه و به يحفظ أحكام الدين و به تستقيم أمور العالمين و قد قيل إن البيان بيانان بيان اللسان و بيان البنان و بيان اللسان تدرسه الأعوام و بيان الأقلام باق على مر الأيام وَ ما يَسْطُرُونَ و ما تكتبه الملائكة مما يوحى إليهم و ما يكتبونه من أعمال بني آدم و قيل ما مصدرية 7007 انتهى.
و قال الرازي و القلم فيه وجهان أحدهما أن المقسم به هو هذا الجنس و هو واقع على كل قلم في السماء و في الأرض كما قال وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 7008 الثاني أن المقسم به هو القلم المعهود و الذي جاء في الخبر أول ما خلق الله القلم قال ابن عباس أول ما خلق الله القلم ثم قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة قال و هو قلم من نور طوله كما بين السماء و الأرض
و روى مجاهد عنه قال إن أول ما خلق الله القلم فقال اكتب القدر فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة و إنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه.
قال القاضي هذا الخبر يجب حمله على المجاز لأن القلم الذي هو آلة مخصوصة في الكتابة لا يجوز أن يكون حيا عاقلا 7009 فيؤمر و ينهى فإن الجمع بين كونه حيوانا مكلفا و بين كونه آلة الكتابة محال قال بل المراد أنه تعالى أجراه بكل ما يكون و هو كقوله فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 7010 فإنه ليس هناك أمر
و لا تكليف بل هو مجرد نفاذ القدرة في المقدور من غير منازعة و لا مدافعة و من الناس من زعم أن القلم المذكور هاهنا هو العقل و أنه شيء كالأصل لجميع المخلوقات قالوا و الدليل عليه أنه
روي في الأخبار أنه أول ما خلق الله و في خبر آخر أن أول ما خلق الله العقل.
و في خبر آخر
أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فذابت.
إلى آخر ما مر قالوا فهذه الأخبار مجموعها تدل على أن العقل و القلم و تلك الجوهرة التي هي أصل المخلوقات شيء واحد و إلا لتناقض 7011 انتهى.
أقول و يمكن الجمع بوجوه أخرى كما مر.
وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً قال البيضاوي كتابا مصدر لأحصيناه فإن الإحصاء و الكتبة مشاركان 7012 في معنى الضبط أو لفعله المقدر أو حال بمعنى مكتوبا في اللوح أو صحف الحفظة 7013 .
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ قال الرازي أي محفوظ عن أن يمسه إلا المطهرون أو عن اطلاع الخلق عليه سوى الملائكة المقربين أو عن يجري فيه تغيير و تبديل ثم قال قال بعض المتكلمين إن اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرءونه فلما 7014 كانت الأخبار و الآثار واردة بذلك وجب التصديق به 7015 انتهى.
و أقول ما ورد في الكتاب و السنة من أمثال ذلك لا يجوز تأويله و التصرف فيه بمحض استبعاد الوهم بلا برهان و حجة و نص معارض يدعو إلى ذلك و ما ورد في بعض الأخبار
أن اللوح و القلم ملكان.