کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
ابن أبي الحديد يعني كلما قسم الله الأب الواحد إلى ابنين أعد خيرهما و أفضلهما لولادة محمد ص و سمي ذلك نسخا لأن البطن الأول تزول و يخلفه البطن الثاني 7852 .
لم يسهم فيه عاهر السهم النصيب و الحظ و في النهاية و أصله واحد السهام التي يضرب بها في الميسر و هي القداح ثم سمي به ما يفوز به الفاتح سهمه ثم كثر حتى سمي كل نصيب سهما انتهى و السهمة بالضم القرابة و المساهمة المقارعة و أسهم بينهم أي أقرع و كانوا يعملون بالقرعة إذا تنازعوا في ولد و الكلمة في بعض النسخ على صيغة المجرد كيمنع و في بعضها على بناء الإفعال و العاهر الزاني قيل أي لم يضرب فيه العاهر بسهم و لم يكن للفجور في أصله شركة.
و قال ابن أبي الحديد 7853 في الكلام رمز إلى جماعة من الصحابة في أنسابهم طعن ثم حكى عن الجاحظ أنه قال قام عمر على المنبر فقال إياكم و ذكر العيوب و الطعن في الأصول ثم قال و روى المدائني هذا الخبر في كتاب أمهات الخلفاء و قال إنه روي عند جعفر بن محمد ع بالمدينة فقال لا تلمه يا ابن أخي إنه أشفق أن يحدج بقصة نفيل بن عبد العزى و صهاك أمة الزبير بن عبد المطلب ثم قال رحم الله عمر إنه لم يعد السنة و تلا إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا الآية 7854 .
أقول قد أوردنا هذه القصة في نسب عمر و الدعامة بالكسر عماد البيت الذي يقوم عليه و العصم كعنب جمع عصمة و هي المنع و الحفظ و كفاء أصله كفاية و الإتيان بالهمزة للازدواج كما قالوا الغدايا و العشايا كما قال ص مأزورات غير مأجورات و الأصل الواو و قال ابن أبي الحديد أهل الخير هم المتقون و دعائم الحق الأدلة الموصلة إليه المثبتة له في القلوب و عصم الطاعة هي الإدمان
على فعلها و التمرن عليها لأن المرون على الفعل يكسب الفاعل ملكة تقتضي سهولة عليه و العون هاهنا هو اللطف المقرب من الطاعة المبعد من القبيح و لما كان العون من الله سبحانه مستهلا للقول أطلق عليه من باب التوسع أنه يقول على الألسنة و لما كان الله تعالى هو الذي يثبت كما قال يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ 7855 نسب التثبيت إلى اللطف لأنه من فعل الله.
و قال ابن ميثم 7856 قوله ع ألا و إن الله ترغيب للسامعين أن يكونوا من أهل الخير و دعائم الحق و عصم الطاعة و كأنه عنى بالعون القرآن قال تعالى لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ 7857 و فيه كفاء أي في ذلك العون كفاية لطالبي الاكتفاء أي من الكمالات النفسانية و شفاء لمن طلب الشفاء من أمراض الرذائل الموبقة و يمكن أن يكون المراد بأهل الخير الأتقياء و بدعائم الحق النبي و الأئمة ع و بعصم الطاعة العبادات التي توجب التوفيق من الله سبحانه و ترك المعاصي الموجبة لسلبه أو الملائكة العاصمة للعباد عن اتباع الشياطين و بالعون الملائكة المرغبة في طاعة الله كما ورد في الأخبار.
و المستحفظين في أكثر النسخ بالنصب على صيغة اسم المفعول و هو أظهر يقال استحفظته إياه أي سألته أن يحفظه و في بعض النسخ على صيغة اسم الفاعل أي الطالبين للحفظ و في بعض النسخ بالرفع حملا على المحل و كونه خبرا بعيد و المراد بهم الأئمة ع كما ورد في الأدعية و الأخبار و قال الشراح المراد بهم العارفون أو الصالحون.
يصونون مصونه أي يكتمون ما ينبغي أن يكتم من أسرار علمه من غير أهله و يفجرون عيونه أي يفيضون ما ينبغي إفاضته على عامة الناس أو كل علم
على من هو قابل له أو يتقون في مقام التقية و يظهرون الحق عند عدمها و الولاية في النسخ بالكسر قال سيبويه الولاية بالفتح المصدر و بالكسر الاسم و قال ابن أبي الحديد الولاية بفتح الواو المحبة و النصرة أي يتواصلون و هم أولياء و مثله و يتلاقون بالمحبة كما تقول خرجت بسلاحي أي و أنا متسلح أو يكون المعنى يتواصلون بالقلوب لا بالأجسام كما تقول أنا أراك بقلبي و أزورك بخاطري و أواصلك بضميري انتهى.
و أقول يحتمل أن يكون المراد ولاية أهل البيت ع أي بسببها أو متصفين بها أو مظهرين لها و ماء روي كغني أي كثير مرو و روي من الماء كرضي ريا بالفتح و الكسر أي تنعم و الاسم الري بالكسر و الرية في بعض النسخ بالفتح و في بعضها بالكسر و لعل المراد التساقي من المعارف و العلوم و الريبة بالكسر التهمة و الشك اسم من الريب بالفتح أي لا تخالطهم شك في المعارف و العقائد أو تهمة في حب أحدهم للآخر و عدم إسراع الغيبة فيهم لعدم استحقاقهم للغيبة في أقوالهم و أعمالهم و اتقائهم مواضع التهم أو المعنى لا يغتابون الناس و لا يتبعون عيوبهم.
و الخلق يكون بمعنى التقدير و الإبداع و بمعنى الطبيعة كالخليقة و الأخلاق جمع خلق بالضم و بضمتين و هو السجية و الطبع و المروة و الدين و يحتمل أن يكون المراد بالخلق ما هو بمنزلة الأصل و المشخص للذات و بالأخلاق الفروع و الشعب و الضمير في عليه راجع إلى ما أشير إليه بذلك أو إلى العقد.
فكانوا كتفاضل البذر أي كان التفاضل بينهم و بين الناس كالتفاضل بين ما ينتقى من البذر أي يختار و بين ما يلقى فالمعنى كالتفاضل بين الجيد و الردي و يحتمل أن يكون المراد أنه كان التفاضل بينهم كالتفاضل بين أفراد المختار من البذر فكما أنه لا تفاضل يعتد به فيما بينها كذلك فيما بينهم.
و خلص الشيء كنصر أي صار خالصا و خلصه أي جعله كذلك و خلصه أيضا
نجاه و المراد بالتخليص الانتقاء المذكور أي ميزه ذلك عن غيره أو المعنى ميزه الله تخليصا إياه عن شرور النفس و الشيطان عن غيره و في بعض النسخ التلخيص بتقديم اللام و هو التبيين و التلخيص و التهذيب التنقية و الإصلاح و التمحيص الابتلاء و الاختبار.
و الكرامة الاسم من التكريم و الإكرام و المراد بها هنا نصحه سبحانه و وعظه و تذكيره أو ما وعده الله على تقدير حسن العمل من المثوبة و الزلفى و قبول الكرامة على الثاني بالعمل الصالح الموجب للفوز بها و على الأول العمل بمقتضاه و بقبولها القبول الحسن اللائق بها و قرعه كمنعه أي أتاه فجأة و قرع الباب دقه و قال الأكثر القارعة الموت و يحتمل القيامة لأنها من أسمائها سميت بها لأنها تقرع القلوب بالفزع و أعدها الله للعذاب أو الداهية التي يستحقها العاصي يقال أصابه الله بقارعة أي بداهية تهلكه و حلولها نزولها و استبدلت الشيء بالشيء أي اتخذت الأول بدلا من الثاني و المراد بالنظر التدبر و التفكر و الظرف في قوله في منزل متعلق بالمقام و حتى لانتهاء غاية المقام أي الثبات أو الإقامة أي ليعتبر الإنسان بهذه المدة القصيرة و إقامته القليلة في الدنيا المنتهية إلى الاستبدال بها و اتخاذ غيرها.
و قيل يحتمل أن تكون كلمة في لإفادة الظرفية الزمانية و يكون قوله في منزل متعلقا بالنظر و مدخول حتى علة غائية للنظر أي لينظر بنظر الاعتبار و ليتأمل مدة حياته في الدنيا في شأن ذلك المنزل الفاني حتى تتخذ بدله منزلا لائقا للنزول فالاستبدال حينئذ اتخاذ البدل المستحق لذلك أو توطين النفس على الارتحال و رفض المنزل الفاني.
فليصنع أي فليعمل و المتحول بالفتح مكان التحول و كذلك المنتقل و معارف المنتقل قيل هي المواضع التي يعرف الانتقال إليها و قال ابن أبي الحديد معارف الدار ما يعرفه المتوسم بها واحدها معرف مثل معاهد الدار و معالمها و منه معارف المرأة أي ما يظهر منها كالوجه و اليدين و قيل يحتمل
أن يكون المراد بمعارف المنتقل ما عرف من أحواله و الأمور السانحة فيه فيمكن أن يكون المتحول و المنتقل مصدرين.
من يهديه يعني نفسه و الأئمة من ولده ع من يرديه أي يهلكه بإلقائه في مهاوي الجهل و الضلالة و البصر يطلق على الحاسة و يراد به العلم مجازا و قد يطلق على العلم يقال بصرت بالشيء أي علمته و يحتمل أن تكون الإضافة لأدنى ملابسة أي بالبصر الحاصل للمطيع بتبصير الهادي إياه و السبب في الأصل الحبل و إغلاق الأبواب بالموت و جوز بعضهم أن يكون الأبواب و الأسباب عبارة عن نفسه و الأئمة من ذريته ع فإنهم أبواب الفوز و الفلاح و الأسباب الممدودة من السماء إلى الأرض بهم يصل العبد إلى الله سبحانه و الغلق و القطع كناية عن عدمهم أو غيبتهم ع.
و استفتح التوبة أي طلب فتحها كأنها باب مغلق يطلب فتحها للدخول فيها و يمكن أن يكون من الاستفتاح بمعنى الاستنصار أي طلب أن تنصره التوبة و مطت كبعت و أمطت أي تنحيت و كذلك مطت غيري و أمطته أي نحيته و قال الأصمعي مطت أنا و أمطت غيري 7858 و الحوبة بالفتح الإثم فقد أقيم على الطريق أي بهداية الله سبحانه و النهج بالفتح الطريق الواضح.
33 مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدِي رَجُلًا خَفِيفَ الْحَالِ ذَا خَطَرٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فِي الْغَيْبِ وَ كَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ جُعِلَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَيْهِ مَاتَ فَقَلَّ تُرَاثُهُ وَ قَلَّ بَوَاكِيهِ 7859 .
34- نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع قَدْ أَحْيَا عَقْلَهُ وَ أَمَاتَ نَفْسَهُ حَتَّى دَقَّ جَلِيلُهُ وَ لَطُفَ غَلِيظُهُ وَ بَرَقَ لَهُ لَامِعٌ كَثِيرُ الْبَرْقِ فَأَبَانَ لَهُ الطَّرِيقَ وَ سَلَكَ بِهِ السَّبِيلَ وَ تَدَافَعَتْهُ الْأَبْوَابُ إِلَى بَابِ السَّلَامَةِ وَ دَارِ الْإِقَامَةِ وَ ثَبَتَتْ رِجْلَاهُ بِطُمَأْنِينَةِ
بَدَنِهِ فِي قَرَارِ الْأَمْنِ وَ الرَّاحَةِ بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ وَ أَرْضَى رَبَّهُ 7860 .
بيان: إحياء العقل بتحصيل المعارف الربانية و تسليطه على الشيطان و النفس الأمارة و إماتة النفس بجعلها مقهورة للعقل بحيث لا يكون لها تصرف إلا بحكمه فكانت في حكم الميت في ارتفاع الشهوات النفسانية كما قيل موتوا قبل أن تموتوا و دق الشيء صار دقيقا و هو ضد الغليظ و الجليل العظيم و لطف ككرم لطفا و لطافة بالفتح أي صغر و دق و كأن المراد بالجليل البدن و دقته بكثرة الصيام و القيام و الصبر على المشاق الواردة في الشريعة المقدسة و بالغليظ النفس الأمارة و القوى الشهوانية و يحتمل العكس و التأكيد أيضا.
و برق كنصر أي لمع أو جاء ببرق و برق النجم أي طلع و اللامع هداية الله بالأنوار الإلهية و النفحات القدسية و الألطاف الغيبية و كشف الأستار عن أسرار الكتاب و السنة.
و تدافع الأبواب يحتمل وجوها.
الأول أنه لم يزل ينتقل من منزله من منازل قربه سبحانه إلى ما هو فوقه حتى ينتهي إلى مقام إذا دخله كان مستيقنا للسلامة و هي درجة اليقين و منزلة أولياء الله المتقين الذين فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ الثاني أنه إذا أدركته التوفيقات الربانية شرع في طلب الحق و تردد في المذاهب فكلما تفكر في مذهب من المذاهب الباطلة دفعته العناية الإلهية عن الدخول فيه فإذا أصاب الحق قر فيه و سكن و اطمأن
كَمَا رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع إِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَجَلْجَلُ 7861 فِي الْجَوْفِ يَطْلُبُ الْحَقَّ فَإِذَا أَصَابَهُ اطْمَأَنَّ وَ قَرَّ ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَذِهِ الْآيَةَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ 7862 .
وَ عَنْهُ
ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ مُبْهَمَةً عَلَى الْإِيمَانِ فَإِذَا أَرَادَ اسْتِنَارَةَ مَا فِيهَا نَضَحَهَا بِالْحِكْمَةِ وَ زَرَعَهَا بِالْعِلْمِ وَ زَارِعُهَا وَ الْقَيِّمُ عَلَيْهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ 7863 .
وَ عَنْهُ ع قَالَ: إِنَّ الْقَلْبَ لَيُرَجِّجُ فِيمَا بَيْنَ الصَّدْرِ وَ الْحَنْجَرَةِ حَتَّى يُعْقَدَ عَلَى الْإِيمَانِ فَإِذَا عُقِدَ عَلَى الْإِيمَانِ قَرَّ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ 7864 .
قال يسكن و سيأتي أمثالها إن شاء الله في باب القلب.
الثالث أن تكون الأبواب عبارة عن أسباب القرب من الطاعات و ترك اللذات فإن كلا منها باب من أبواب الجنة فينتقل منها حتى ينتهي إلى باب الجنة التي هي قرار الأمن و الراحة.
الرابع أن تكون الأبواب عبارة عن اللذات و المطالب النفسانية التي يريد الإنسان أن يدخلها بمقتضى طبعه فتمنعه العناية الإلهية و العقل السليم عن دخولها حتى ينتهي إلى باب السلامة و هو باب جنة الخلد في الآخرة أو الطاعات و العقائد الحقة التي توجب دخولها في الدنيا.
الخامس أن يكون المراد بالأبواب طرائق أرباب البدع و أبواب علماء السوء فيمنعه التوفيق الرباني عن اعتقاد ضلالاتهم و الدخول في جهالاتهم حتى يرد باب السلامة و هو اتباع أئمة الحق ص فإنهم أبواب الله إما بالوصول إلى خدمتهم أو إلى السالكين مسلكهم و الحافظين لآثارهم و رواة أخبارهم فتثبت رجلاه على الدين و الصراط المستقيم و لا يفتتن بشبه الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ و هو قريب من بعض ما مر و هذا أظهر الوجوه.