کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
يَا مُوسَى أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ فَضْلَ صَحَابَةِ مُحَمَّدٍ عَلَى جَمِيعِ صَحَابَةِ الْمُرْسَلِينَ كَفَضْلِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَى جَمِيعِ صَحَابَةِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ فَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ وَ آلُهُ وَ أَصْحَابُهُ كَمَا وَصَفْتَ فَهَلْ فِي أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ عِنْدَكَ مِنْ أُمَّتِي ظَلَّلْتَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَ أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوَى وَ فَلَقْتَ لَهُمُ الْبَحْرَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا مُوسَى أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ فَضْلَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ كَفَضْلِي عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ لَيْتَنِي كُنْتُ أَرَاهُمْ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُمْ فَلَيْسَ هَذَا أَوَانَ ظُهُورِهِمْ وَ لَكِنْ سَوْفَ تَرَاهُمْ فِي الْجَنَّةِ جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ الْفِرْدَوْسِ بِحَضْرَةِ مُحَمَّدٍ فِي نَعِيمِهَا يَتَقَلَّبُونَ فِي خَيْرَاتِهَا يَتَبَجَّحُونَ أَ فَتُحِبُّ أَنْ أُسْمِعَكَ كَلَامَهُمْ قَالَ نَعَمْ يَا رَبِّ قَالَ قُمْ بَيْنَ يَدَيَّ وَ اشْدُدْ مِئْزَرَكَ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ السَّيِّدِ الْمَالِكِ الْجَلِيلِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَنَادَى رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ فَأَجَابُوهُ كُلُّهُمْ وَ هُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَ أَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَ النِّعْمَةَ وَ الْمُلْكَ لَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ- قَالَ فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِجَابَةَ مِنْهُمْ شِعَارَ الْحَجِّ ثُمَّ نَادَى رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ إِنَّ قَضَائِي عَلَيْكُمْ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي وَ عَفْوِي قَبْلَ عِقَابِي فَقَدِ اسْتَجَبْتُ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَدْعُونِي وَ أَعْطَيْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُونِي مَنْ لَقِيَنِي مِنْكُمْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَادِقٌ فِي أَقْوَالِهِ مُحِقٌّ فِي أَفْعَالِهِ وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخُوهُ وَ وَصِيُّهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ وَلِيُّهُ يُلْتَزَمُ طَاعَتُهُ كَمَا يُلْتَزَمُ طاعته [طَاعَةُ] مُحَمَّدٍ وَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ الْمُصْطَفَيْنَ الْمُطَهَّرِينَ الْمَيَامِينَ 12666 بِعَجَائِبِ آيَاتِ اللَّهِ وَ دَلَائِلِ حُجَجِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِهِمَا أَوْلِيَاؤُهُ أُدْخِلُهُ جَنَّتِي وَ إِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ قَالَ فَلَمَّا بُعِثَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ص قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا مُحَمَّدُ وَ مَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَينَا أُمَّتَكَ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ وَ لَكِنْ رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّكَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ عَلَى مَا اخْتَصَّنَا بِهِ مِنْ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ
وَ قَالَ لِأُمَّتِهِ وَ قُولُوا أَنْتُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ عَلَى مَا اخْتَصَّنَا بِهِ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَالَ الْإِمَامُ ع الرَّحْمَنُ الْعَاطِفُ عَلَى خَلْقِهِ بِالرِّزْقِ لَا يَقْطَعُ عَنْهُمْ مَوَادَّ رِزْقِهِ وَ إِنِ انْقَطَعُوا عَنْ طَاعَتِهِ الرَّحِيمُ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَخْفِيفِهِ عَلَيْهِمْ طَاعَاتِهِ وَ بِعِبَادِهِ الْكَافِرِينَ فِي الرِّفْقِ بِهِمْ فِي دُعَائِهِمْ إِلَى مُوَافَقَتِهِ قَالَ الْإِمَامُ ع فِي مَعْنَى الرَّحْمَنِ وَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَنَّهُ لَمَّا سَلَبَ الطِّفْلَ قُوَّةَ النُّهُوضِ وَ التَّغَذِّي جَعَلَ تِلْكَ الْقُوَّةَ فِي أُمِّهِ وَ رَقَّقَهَا عَلَيْهِ لِتَقُومَ بِتَرْبِيَتِهِ وَ حَضَانَتِهِ فَإِنْ قَسَا قَلْبُ أُمٍّ مِنَ الْأُمَّهَاتِ لوجب [أَوْجَبَ] تَرْبِيَةَ هَذَا وَ حَضَانَتَهُ عَلَى سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَمَّا سَلَبَ بَعْضَ الْحَيَوَانِ قُوَّةَ التَّرْبِيَةِ لِأَوْلَادِهَا وَ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا جَعَلَ تِلْكَ الْقُوَّةَ فِي الْأَوْلَادِ لِتَنْهَضَ حِينَ تُولَدُ وَ تَسِيرَ إِلَى رِزْقِهَا الْمُسَبَّبِ لَهَا قَالَ ع وَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ الرَّحْمنِ أَنَّ قَوْلَهُ الرَّحْمَنِ مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحِمِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَا الرَّحْمَنُ وَ هِيَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا اسْماً مِنِ اسْمِي مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَ مَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ ع أَ وَ تَدْرِي مَا هَذِهِ الرَّحِمُ الَّتِي مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ الرَّحْمَنُ وَ مَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ الرَّحْمَنُ فَقِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُثَّ بِهَذَا كُلَّ قَوْمٍ أَنْ يُكْرِمُوا آبَاءَهُمْ وَ يُوصِلُوا أَرْحَامَهُمْ فَقَالَ لَهُمْ أَ يَحُثُّهُمْ عَلَى أَنْ يُوصِلُوا أَرْحَامَهُمُ الْكَافِرِينَ وَ أَنْ يُعَظِّمُوا مَنْ حَقَّرَهُ اللَّهُ وَ أَوْجَبَ احْتِقَارَهُ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالُوا لَا وَ لَكِنَّهُ يَحُثُّهُمْ عَلَى صِلَةِ أَرْحَامِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَقَالَ أَوْجَبَ حُقُوقَ أَرْحَامِهِمْ لِاتِّصَالِهِمْ بِآبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ قُلْتُ بَلَى يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ فَهُمْ إِذاً إِنَّمَا يَقْضُونَ فِيهِمْ حُقُوقَ الْآبَاءِ وَ الْأُمَّهَاتِ قُلْتُ بَلَى يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ- قَالَ وَ آبَاؤُهُمْ وَ أُمَّهَاتُهُمْ إِنَّمَا غَذَّوْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ وَقَوْهُمْ مَكَارِهَهَا وَ هِيَ نِعْمَةٌ زَائِلَةٌ وَ مَكْرُوهٌ يَنْقَضِي وَ رَسُولُ رَبِّهِمْ سَاقَهُمْ إِلَى نِعْمَةٍ دَائِمَةٍ لَا يَنْقَضِي وَ وَقَاهُمْ مَكْرُوهاً مُؤَبَّداً لَا يَبِيدُ فَأَيُّ النِّعْمَتَيْنِ أَعْظَمُ قُلْتُ
نِعْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ وَ أَكْبَرُ قَالَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَحُثَّ عَلَى قَضَاءِ حَقِّ مَنْ صَغَّرَ اللَّهُ حَقَّهُ وَ لَا يَحُثُّ عَلَى قَضَاءِ حَقِّ مَنْ كَبَّرَ اللَّهُ حَقَّهُ قُلْتُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ فَإِذاً حَقُّ رَسُولِ اللَّهِ ص أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ وَ حَقُّ رَحِمِهِ أَيْضاً أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ رَحِمِهِمَا فَرَحِمُ رَسُولِ اللَّهِ ص أَيْضاً أَعْظَمُ وَ أَحَقُّ مِنْ رَحِمِهِمَا فَرَحِمُ رَسُولِ اللَّهِ ص أَوْلَى بِالصِّلَةِ وَ أَعْظَمُ فِي الْقَطِيعَةِ فَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ قَطَعَهَا فَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ لَمْ يُعَظِّمْ حُرْمَتَهَا أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ حُرْمَةَ رَحِمِ رَسُولِ اللَّهِ ص حُرْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَنَّ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص حُرْمَةُ اللَّهِ وَ أَنَّ اللَّهَ أَعْظَمُ حَقّاً مِنْ كُلِّ مُنْعِمٍ سِوَاهُ فَإِنَّ كُلَّ مُنْعِمٍ سِوَاهُ إِنَّمَا أَنْعَمَ حَيْثُ قَيَّضَهُ لَهُ ذَلِكَ رَبُّهُ وَ وَفَّقَهُ لَهُ أَ مَا عَلِمْتَ مَا قَالَ اللَّهُ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ قُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي مَا الَّذِي قَالَ لَهُ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَ وَ تَدْرِي مَا بَلَغَتْ رَحْمَتِي إِيَّاكَ فَقَالَ مُوسَى أَنْتَ أَرْحَمُ بِي مِنْ أَبِي وَ أُمِّي قَالَ اللَّهُ يَا مُوسَى وَ إِنَّمَا رَحِمَتْكَ أُمُّكَ لِفَضْلِ رَحْمَتِي أَنَا الَّذِي رَقَّقْتُهَا عَلَيْكَ وَ طَيَّبْتُ قَلْبَهَا لِتَتْرُكَ طِيبَ وَسَنِهَا لِتَرْبِيَتِكَ وَ لَوْ لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ بِهَا لَكَانَتْ وَ سَائِرَ النِّسَاءِ سَوَاءً يَا مُوسَى أَ تَدْرِي أَنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِي تَكُونُ لَهُ ذُنُوبٌ وَ خَطَايَا تَبْلُغُ أَعْنَانَ السَّمَاءِ فَأَغْفِرُهَا لَهُ وَ لَا أُبَالِي: قَالَ يَا رَبِّ وَ كَيْفَ لَا تُبَالِي قَالَ تَعَالَى لِخَصْلَةٍ شَرِيفَةٍ تَكُونُ فِي عَبْدِي أُحِبُّهَا وَ هُوَ أَنْ يُحِبَّ إِخْوَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَتَعَاهَدَهُمْ وَ يُسَاوِيَ نَفْسَهُ بِهِمْ وَ لَا يَتَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ غَفَرْتُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَ لَا أُبَالِي يَا مُوسَى إِنَّ الْفَخْرَ رِدَائِي وَ الْكِبْرِيَاءَ إِزَارِي مَنْ نَازَعَنِي فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا عَذَّبْتُهُ بِنَارِي يَا مُوسَى إِنَّ مِنْ إِعْظَامِ جَلَالِي إِكْرَامَ عَبْدِيَ الَّذِي أَنَلْتُهُ حَظّاً مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا عَبْداً مِنْ عِبَادِي مُؤْمِناً قَصُرَتْ يَدُهُ فِي الدُّنْيَا فَإِنْ تَكَبَّرَ عَلَيْهِ فَقَدِ اسْتَخَفَّ بِعَظِيمِ جَلَالِي ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ الرَّحِمَ الَّتِي اشْتَقَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ قَوْلِهِ الرَّحْمنِ هِيَ رَحِمُ مُحَمَّدٍ ص وَ إِنَّ مِنْ إِعْظَامِ اللَّهِ إِعْظَامَ مُحَمَّدٍ- وَ إِنَّ مِنْ إِعْظَامِ
مُحَمَّدٍ إِعْظَامَ رَحِمِ مُحَمَّدٍ وَ إِنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ مِنْ شِيعَتِنَا هُوَ رَحِمُ مُحَمَّدٍ وَ إِنَّ إِعْظَامَهُمْ مِنْ إِعْظَامِ مُحَمَّدٍ ص فَالْوَيْلُ لِمَنِ اسْتَخَفَّ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَ طُوبَى لِمَنْ عَظَّمَ حُرْمَتَهُ وَ أَكْرَمَ رَحِمَهُ وَ وَصَلَهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ الرَّحِيمِ قَالَ الْإِمَامُ ع- وَ أَمَّا قَوْلُهُ الرَّحِيمِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ وَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَنَّهُ خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ جَعَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً فِي الْخَلْقِ كُلِّهِمْ فَبِهَا يَتَرَاحَمُ النَّاسُ وَ تَرْحَمُ الْوَالِدَةُ وَلَدَهَا وَ تَحَنَّنُ الْأُمَّهَاتُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ عَلَى أَوْلَادِهَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَضَافَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ إِلَى تِسْعٍ وَ تِسْعِينَ رَحْمَةً فَيَرْحَمُ بِهَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ثُمَّ يُشَفِّعُهُمْ فِيمَنْ يُحِبُّونَ لَهُ الشَّفَاعَةَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ حَتَّى إِنَّ الْوَاحِدَ لَيَجِيءُ إِلَى مُؤْمِنٍ مِنَ الشِّيعَةِ فَيَقُولُ اشْفَعْ لِي فَيَقُولُ وَ أَيُّ حَقٍّ لَكَ عَلَيَّ فَيَقُولُ سَقَيْتُكَ يَوْماً فَيَذْكُرُ ذَلِكَ فَيَشْفَعُ لَهُ فَيُشَفَّعُ فِيهِ وَ يَجِيئُهُ آخَرُ فَيَقُولُ إِنَّ لِي عَلَيْكَ حَقّاً فَاشْفَعْ لِي فَيَقُولُ وَ مَا حَقُّكَ عَلَيَّ فَيَقُولُ اسْتَظَلْتَ بِظِلِّ جِدَارِي سَاعَةً فِي يَوْمٍ حَارٍّ فَيَشْفَعُ لَهُ فَيُشَفَّعُ فِيهِ وَ لَا يَزَالُ يَشْفَعُ حَتَّى يُشَفَّعَ فِي جِيرَانِهِ وَ خُلَطَائِهِ وَ مَعَارِفِهِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِمَّا يَظُنُّونَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ الْإِمَامُ ع- قَادِرٌ عَلَى إِقَامَةِ يَوْمِ الدِّينِ وَ هُوَ يَوْمُ الْحِسَابِ قَادِرٌ عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى وَقْتِهِ وَ تَأْخِيرِهِ بَعْدَ وَقْتِهِ وَ هُوَ الْمَالِكُ أَيْضاً فِي يَوْمِ الدِّينِ فَهُوَ يَقْضِي بِالْحَقِّ لَا يَمْلِكُ الْحَقَّ وَ الْقَضَاءَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَنْ يَظْلِمُ وَ يَجُورُ كَمَا يَجُورُ فِي الدُّنْيَا مَنْ يَمْلِكُ الْأَحْكَامَ وَ قَالَ هُوَ يَوْمُ الْحِسَابِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْيَسِ الْكَيِّسِيْنَ وَ أَحْمَقِ الْحَمْقَى قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَكْيَسُ الْكَيِّسِينَ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ وَ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ أَحْمَقُ الْحَمْقَى مَنِ اتَّبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْأَمَانِيَّ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ كَيْفَ يُحَاسِبُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ ثُمَّ أَمْسَى رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَ قَالَ يَا نَفْسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَضَى عَلَيْكِ لَا يَعُودُ إِلَيْكِ أَبَداً وَ اللَّهُ يَسْأَلُكِ عَنْهُ فِيمَا أَفْنَيْتِهِ فَمَا الَّذِي عَمِلْتِ فِيهِ أَ ذَكَرْتِ اللَّهَ أَمْ حَمَدْتِيهِ أَ قَضَيْتِ حَقَ
أَخٍ مُؤْمِنٍ أَ نَفَّسْتِ عَنْهُ كُرْبَتَهُ أَ حَفِظْتِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ فِي أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ أَ حَفِظْتِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مُخَلَّفِيهِ أَ كَفَفْتِ عَنْ غَيْبَةِ أَخٍ مُؤْمِنٍ بِفَضْلِ جَاهِكِ أَ أَعَنْتِ مُسْلِماً مَا الَّذِي صَنَعْتِ فِيهِ فَيَذْكُرُ مَا كَانَ مِنْهُ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ جَرَى مِنْهُ خَيْرٌ حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَبَّرَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَ إِنْ ذَكَرَ مَعْصِيَةً أَوْ تَقْصِيراً اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى تَرْكِ مُعَاوَدَتِهِ وَ مَحَا ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِتَجْدِيدِ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَ عَرْضِ بَيْعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ وَ قَبُولِهَا وَ إِعَادَةِ لَعْنِ شَانِئِيهِ وَ أَعْدَائِهِ وَ دَافِعِيهِ عَنْ حُقُوقِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَسْتُ أُنَاقِشُكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الذُّنُوبِ مَعَ مُوَالاتِكَ أَوْلِيَائِي وَ مُعَادَاتِكَ أَعْدَائِي قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ الْإِمَامُ ع قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قُولُوا يَا أَيُّهَا الْخَلْقُ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِمْ إِيَّاكَ نَعْبُدُ أَيُّهَا الْمُنْعِمُ عَلَيْنَا نُطِيعُكَ مُخْلِصِينَ مَعَ التَّذَلُّلِ وَ الْخُشُوعِ بِلَا رِيَاءٍ وَ لَا سُمْعَةٍ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ مِنْكَ نَسْأَلُ الْمَعُونَةَ عَلَى طَاعَتِكَ لِنُؤَدِّيَهَا كَمَا أَمَرْتَ وَ نَتَّقِي مِنْ دُنْيَانَا مَا عَنْهُ نَهَيْتَ وَ نَعْتَصِمُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَ مِنْ سَائِرِ مَرَدَةِ الْإِنْسِ مِنَ الْمُضِلِّينَ وَ مِنَ الْمُؤْذِينَ الضَّالِّينَ بِعِصْمَتِكَ وَ سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الْعَظِيمُ الشَّقَاءُ قَالَ رَجُلٌ تَرَكَ الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا فَفَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَ خَسِرَ الْآخِرَةَ وَ رَجُلٌ تَعَبَّدَ وَ اجْتَهَدَ وَ صَامَ رِئَاءَ النَّاسِ فَذَلِكَ الَّذِي حُرِمَ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَ لَحِقَهُ التَّعَبُ الَّذِي لَوْ كَانَ بِهِ مُخْلِصاً لَاسْتَحَقَّ ثَوَابَهُ فَوَرَدَ الْآخِرَةَ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ مَا يَثْقُلُ بِهِ مِيزَانُهُ فَيَجِدُهُ هَبَاءً مَنْثُوراً قِيلَ فَمَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَسْرَةً قَالَ مَنْ رَأَى مَالَهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ وَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهِ النَّارَ وَ أَدْخَلَ وَارِثَهُ بِهِ الْجَنَّةَ 12667 .
قَالَ الصَّادِقُ ع وَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا حَسْرَةً رَجُلٌ جَمَعَ مَالًا عَظِيماً بِكَدٍّ شَدِيدٍ وَ مُبَاشَرَةِ الْأَهْوَالِ وَ تَعَرُّضِ الْأَخْطَارِ ثُمَّ أَفْنَى مَالَهُ صَدَقَاتٍ وَ مَبَرَّاتٍ وَ أَفْنَى شَبَابَهُ وَ قُوَّتَهُ فِي عِبَادَاتٍ وَ صَلَوَاتٍ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَرَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع حَقَّهُ وَ لَا يَعْرِفُ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ مَحَلَّهُ وَ يَرَى أَنَّ مَنْ لَا يُعَشِّرُهُ وَ لَا يُعَشِّرُ عُشَيْرَ مِعْشَارِهِ أَفْضَلُ مِنْهُ ع يُوَقَّفُ عَلَى الْحُجَجِ فَلَا يَتَأَمَّلُهَا وَ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالْآيَاتِ وَ الْأَخْبَارِ فَيَأْبَى إِلَّا تَمَادِياً فِي غَيِّهِ فَذَاكَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ حَسْرَةٍ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ صَدَقَاتُهُ مُمَثَّلَةٌ لَهُ فِي مِثَالِ الْأَفَاعِي تَنْهَشُهُ وَ صَلَوَاتُهُ وَ عِبَادَاتُهُ مُمَثَّلَةٌ لَهُ فِي مِثْلِ الزَّبَانِيَةِ تَتْبَعُهُ حَتَّى تَدُعَّهُ إِلَى جَهَنَّمَ دَعّاً يَقُولُ يَا وَيْلِي أَ لَمْ أَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أَ لَمْ أَكُ مِنَ الْمُزَكِّينَ أَ لَمْ أَكُ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ مِنَ الْمُتَعَفِّفِينَ فَلِمَا ذَا دُهِيتُ بِمَا دُهِيتُ فَيُقَالُ لَهُ يَا شَقِيُّ مَا نَفَعَكَ مَا عَمِلْتَ وَ قَدْ ضَيَّعْتَ أَعْظَمَ الْفُرُوضِ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَ الْإِيمَانِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص ضَيَّعْتَ مَا لَزِمَكَ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِّ عَلِيٍّ وَلِيِّ اللَّهِ وَ الْتَزَمْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الِايتِمَامِ بِعَدُوِّ اللَّهِ فَلَوْ كَانَ بَدَلَ أَعْمَالِكَ هَذِهِ عِبَادَةُ الدَّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَ بَدَلَ صَدَقَاتِكَ الصَّدَقَةُ بِكُلِّ أَمْوَالِ الدُّنْيَا بَلْ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَباً لَمَا زَادَكَ ذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً وَ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ إِلَّا قُرْباً.
قَالَ الْإِمَامُ الْحَسَنُ ع قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قُولُوا إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ عَلَى طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ وَ عَلَى رَفْعِ شُرُورِ أَعْدَائِكَ وَ رَدِّ مَكَايِدِهِمْ وَ الْمُقَامِ عَلَى مَا أَمَرْتَ بِهِ وَ قَالَ ص عَنْ جَبْرَئِيلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْأَلُونِي الْهُدَى أَهْدِكُمْ وَ كُلُّكُمْ