کتابخانه روایات شیعه
نُجَدَاءَ جُوَدَاءَ رُحَمَاءَ، وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى وَ صَفَّ قَدَمَيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ، وَ لَقِيَ اللَّهَ بِبُغْضِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، دَخَلَ النَّارَ 172 .
185- 39- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْجِعَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ كِتَابَةٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْحَسَنِ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ جَبْرَئِيلَ نَزَلَ عَلَيَّ وَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقُومَ بِتَفْضِيلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ خَطِيباً عَلَى أَصْحَابِكَ لِيُبَلِّغُوا مَنْ بَعْدَهُمْ ذَلِكَ عَنْكَ، وَ يَأْمُرُ جَمِيعَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ تَسْمَعَ مَا تَذْكُرُهُ، وَ اللَّهُ يُوحِي إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ مَنْ خَالَفَكَ فِي أَمْرِهِ دَخَلَ النَّارَ، وَ مَنْ أَطَاعَكَ فَلَهُ الْجَنَّةُ.
فَأَمَرَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُنَادِياً فَنَادَى بِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَ خَرَجَ حَتَّى رَقِيَ الْمِنْبَرَ، وَ كَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .
ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا الْبَشِيرُ، وَ أَنَا النَّذِيرُ، وَ أَنَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ، إِنِّي مُبَلِّغُكُمْ عَنِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي أَمْرِ رَجُلٍ لَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي، وَ دَمُهُ مِنْ دَمِي، وَ هُوَ عَيْبَةُ الْعِلْمِ، وَ هُوَ الَّذِي انْتَخَبَهُ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ اصْطَفَاهُ وَ هَدَاهُ وَ تَوَلَّاهُ، وَ خَلَقَنِي وَ إِيَّاهُ، وَ فَضَّلَنِي بِالرِّسَالَةِ، وَ فَضَّلَهُ بِالتَّبْلِيغِ عَنِّي، وَ جَعَلَنِي مَدِينَةَ الْعِلْمِ وَ جَعَلَهُ الْبَابَ، وَ جَعَلَهُ خَازِنَ الْعِلْمِ وَ الْمُقْتَبَسَ مِنْهُ الْأَحْكَامُ، وَ خَصَّهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَ أَبَانَ أَمْرَهُ، وَ خَوَّفَ مِنْ عَدَاوَتِهِ، وَ أَزْلَفَ مَنْ وَالاهُ، وَ غَفَرَ لِشِيعَتِهِ، وَ أَمَرَ النَّاسَ جَمِيعاً بِطَاعَتِهِ. وَ إِنَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَقُولُ: مَنْ عَادَاهُ عَادَانِي، وَ مَنْ وَالاهُ وَالانِي، وَ مَنْ نَاصَبَهُ نَاصَبَنِي، وَ مَنْ خَالَفَهُ خَالَفَنِي، وَ مَنْ عَصَاهُ عَصَانِي، وَ مَنْ آذَاهُ آذَانِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَنِي، وَ مَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَرْدَاهُ أَرْدَانِي، وَ مَنْ كَادَهُ كَادَنِي، وَ مَنْ نَصَرَهُ نَصَرَنِي.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ وَ أَطِيعُوهُ، فَإِنِّي أُخَوِّفُكُمْ عِقَابَ اللَّهِ «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً» 173 ، «وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ» 174 .
ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، هَذَا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ، وَ الْمُجَاهِدُ لِلْكَافِرِينَ. اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ، وَ هُمْ عِبَادُكَ وَ أَنْتَ الْقَادِرُ عَلَى صَلَاحِهِمْ فَأَصْلِحْهُمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ.
ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ تَبْلِيغِكَ خَيْراً، قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالاتِ رَبِّكَ، وَ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَ أَرْضَيْتَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَرْغَمْتَ الْكَافِرِينَ، يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ مُبْتَلًى وَ مُبْتَلًى بِهِ، يَا مُحَمَّدُ، قُلْ فِي كُلِّ أَوْقَاتِكَ" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ".
186- 40- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ السِّجِسْتَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: لَمَّا سَيَّرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ عَبَّاسٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) إِلَى الطَّائِفِ، كَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنْ ابْنَ الْجَاهِلِيَّةِ سَيَّرَكَ إِلَى الطَّائِفِ، فَرَفَعَ اللَّهُ (جَلَّ اسْمُهُ) بِذَلِكَ لَكَ ذِكْراً، وَ أَعْظَمَ لَكَ أَجْراً، وَ حَطَّ بِهِ عَنْكَ وِزْراً، يَا ابْنَ عَمِّ، إِنَّمَا يُبْتَلَى الصَّالِحُونَ، وَ إِنَّمَا تُهْدَى الْكَرَامَةُ لِلْأَبْرَارِ، وَ لَوْ لَمْ تُؤْجَرْ إِلَّا فِيمَا تُحِبُّ إِذَنْ قَلَّ أَجْرُكَ، قَالَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى): «وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» 175 وَ هَذَا لَسْتُ أَشُكُّ أَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ عِنْدَ بَارِئِكَ، عَزَمَ
اللَّهُ لَكَ عَلَى الصَّبْرِ فِي الْبَلْوَى، وَ الشُّكْرِ فِي النَّعْمَاءِ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَنْهُ، فَقَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَعْزِيَنِي فِيهِ عَلَى تَسْيِيرِي، وَ تَسْأَلُ رَبَّكَ جَلَّ اسْمُهُ أَنْ يَرْفَعَ بِهِ ذِكْرِي، وَ هُوَ (تَعَالَى) قَادِرٌ عَلَى تَضْعِيفِ الْأَجْرِ، وَ الْعَائِدَةِ بِالْفَضْلِ، وَ الزِّيَادَةِ مِنَ الْإِحْسَانِ، وَ مَا أُحِبُّ أَنَّ الَّذِي رَكِبَ مِنِّي ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ رَكِبَهُ مِنِّي أَعْدَاءُ خَلْقِ اللَّهِ لِي احْتِسَاباً لِذَلِكَ فِي حَسَنَاتِي، وَ لِمَا أَرْجُو أَنْ أَنَالَ بِهِ رِضْوَانَ رَبِّي، يَا أَخِي، الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ، وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَظَلَّتْ، فَاعْمَلْ صَالِحاً، جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ مِمَّنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ، وَ يَعْمَلُ لِرِضْوَانِهِ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
187- 41- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ أَبُو عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ السَّكُونِيِّ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: اعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَكُنْ مِنْ أَتْقَى النَّاسِ، وَ ارْضَ بِقِسْمِ اللَّهِ تَكُنْ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ، وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِناً، وَ أَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ تَكُنْ مُسْلِماً.
تم المجلس الرابع، و يتلوه المجلس الخامس من الأمالي، للشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه بحمد الله تعالى و حسن توفيقه، و الصلاة على النبي و آله الطاهرين
[5] المجلس الخامس
فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
188- 1- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْبَارِيُّ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَخْطُبُ النَّاسُ بَعْدَ الْبَيْعَةِ لَهُ بِالْأَمْرِ، فَقَالَ: نَحْنُ حِزْبُ اللَّهِ الْغَالِبُونَ، وَ عِتْرَةُ رَسُولِهِ الْأَقْرَبُونَ، وَ أَهْلُ بَيْتِهِ الطَّيِّبُونَ الطَّاهِرُونَ، وَ أَحَدُ الثَّقَلَيْنِ اللَّذَيْنِ خَلَّفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي أُمَّتِهِ، وَ الثَّانِي كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ ، فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْنَا فِي تَفْسِيرِهِ، لَا نَتَظَنَّى تَأْوِيلَهُ بَلْ نَتَيَقَّنُ حَقَائِقَهُ، فَأَطِيعُونَا فَإِنَّ طَاعَتَنَا مَفْرُوضَةٌ إِذْ كَانَتْ بِطَاعَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ رَسُولِهِ مَقْرُونَةً، قَالَ (عَزَّ وَ جَلَّ):
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ» 176 ، «وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ» 177 وَ أُحَذِّرُكُمُ الْإِصْغَاءَ لِهُتَافِ الشَّيْطَانِ، فَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ، فَتَكُونُوا كَأَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ: «لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ» 178 فَتُلْقَوْنَ إِلَى الرِّمَاحِ وَزَراً وَ إِلَى السُّيُوفِ جَزَراً وَ لِلْعَمَدِ حِطَماً وَ لِلسِّهَامِ غَرَضاً ثُمَ «لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً» 179 .
189- 2- أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: مَا كَانَ عَبْدٌ لِيَحْبِسَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ.
190- 3- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيلٍ الْعَنَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْقَرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْعَبَّاسِ، قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَفَاقَ إِفَاقَةً وَ نَحْنُ نَبْكِي، فَقَالَ: مَا الَّذِي يُبْكِيْكُمْ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَبْكِي لِغَيْرِ خَصْلَةٍ، نَبْكِي لِفِرَاقِكَ إِيَّانَا، وَ لِانْقِطَاعِ خَبَرِ السَّمَاءِ عَنَّا، وَ نَبْكِي الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَمَا إِنَّكُمْ الْمَقْهُورُونَ وَ الْمُسْتَضْعَفُونَ مِنْ بَعْدِي.
191- 4- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْجِعَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
عَوَانَةَ مُوسَى بْنُ يُوسُفَ الْقَطَّانُ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُقْرِئُ الْكِنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) غَدَوْنَا عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَنَا وَ الْحَارِثُ وَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَ جَمَاعَةٌ مَعَنَا، فَقَعَدْنَا عَلَى الْبَابِ فَسَمِعْنَا الْبُكَاءَ فَبَكَيْنَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فَقَالَ: يَقُولُ لَكُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: انْصَرِفُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ، فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ غَيْرِي، فَاشْتَدَّ الْبُكَاءُ مِنْ مَنْزِلِهِ، فَبَكَيْتُ وَ خَرَجَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَالَ: أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ انْصَرِفُوا. فَقُلْتُ: لَا وَ اللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا تُتَابِعُنِي نَفْسِي، وَ لَا تَحْمِلُنِي رِجْلِي أَنْ أَنْصَرِفَ حَتَّى أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ). قَالَ: وَ بَكَيْتُ، فَدَخَلَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فَقَالَ لِيَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَإِذَا هُوَ مُسْتَنِدٌ، مَعْصُوبُ الرَّأْسِ بِعِمَامَةٍ صَفْرَاءَ، قَدْ نَزَفَ وَ اصْفَرَّ وَجْهُهُ، مَا أَدْرِي وَجْهُهُ أَصْفَرُ أَمِ الْعِمَامَةُ، فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ فَقَبَّلْتُهُ وَ بَكَيْتُ، فَقَالَ لِي:
لَا تَبْكِ يَا أَصْبَغُ، فَإِنَّهَا وَ اللَّهِ الْجَنَّةُ.
فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي أَعْلَمُ وَ اللَّهِ أَنَّكَ تَصِيرُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَ إِنَّمَا أَبْكِي لِفِقْدَانِي إِيَّاكَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَإِنِّي أَرَاكَ لَا أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثاً بَعْدَ يَوْمِي هَذَا أَبَداً.
قَالَ: نَعَمْ يَا أَصْبَغُ، دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَوْماً فَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ، انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدِي، ثُمَّ تَصْعَدَ مِنْبَرِي، ثُمَّ تَدْعُوَ النَّاسَ إِلَيْكَ فَتَحْمَدَ اللَّهَ (تَعَالَى)، وَ تُثْنِيَ عَلَيْهِ، وَ تُصَلِّيَ عَلَيَّ صَلَاةً كَثِيرَةً، ثُمَّ تَقُولَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَيْكُمْ، وَ هُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ لَعْنَةَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَ لَعْنَتِي عَلَى مَنِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، أَوْ ظَلَمَ أَجِيراً أَجْرَهُ.
فَأَتَيْتُ مَسْجِدَهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ صَعِدْتُ مِنْبَرَهُ، فَلَمَّا رَأَتْنِي قُرَيْشٌ وَ مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَقْبَلُوا نَحْوِي، فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ أَثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَ صَلَّيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) صَلَاةً كَثِيرَةً، ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
إِلَيْكُمْ، وَ هُوَ يَقُولُ لَكُمْ: أَلَا إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ لَعْنَةَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وَ لَعْنَتِي عَلَى مَنِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، أَوْ ظَلَمَ أَجِيراً أَجْرَهُ.
قَالَ: فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنَّهُ قَالَ: قَدْ أَبْلَغْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، وَ لَكِنَّكَ جِئْتَ بِكَلَامٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ.
فَقُلْتُ: أُبْلِغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَرَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى مَسْجِدِي حَتَّى تَصْعَدَ مِنْبَرِي فَاحْمَدِ اللَّهَ وَ أَثْنِ عَلَيْهِ، وَ صَلِّ عَلَيَّ، ثُمَّ قُلْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا كُنَّا لِنَجِيئَكُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا وَ عِنْدَنَا تَأْوِيلُهُ وَ تَفْسِيرُهُ، أَلَا وَ إِنِّي أَنَا أَبُوكُمْ، أَلَا وَ إِنِّي أَنَا مَوْلَاكُمْ، أَلَا وَ إِنِّي أَنَا أَجِيرُكُمْ.
192- 5- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسِ دَعَائِمَ: إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ حِجِّ الْبَيْتِ، وَ الْوَلَايَةِ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.
193- 6- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَا تَزُولُ قَدَمُ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ، وَ جَسَدِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ، وَ مَالِكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَ أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَ عَنْ حُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَ مَا عَلَامَةُ حُبِّكُمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: مَحَبَّةُ هَذَا، وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).