کتابخانه روایات شیعه
الْمَرْأَةِ، يَا أَصْحَابَ الْبَهِيمَةِ، رَغَا فَأَجَبْتُمْ، وَ عَقَرَ فَانْهَزَمْتُمْ، اللَّهِ أَمَرَكُمْ بِجِهَادي أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ! ثُمَّ قَالَ: يَا بَصْرَةُ، أَيُّ يَوْمٍ لَكَ لَوْ تَعْلَمِينَ، وَ أَيُّ قَوْمٍ لَكَ لَوْ تَعْلَمِينَ إِنَّ لَكَ مِنَ الْمَاءِ يَوْماً عَظِيماً بَلَاؤُهُ. وَ ذَكَرَ كَلَاماً كَثِيراً.
1504- 7- كُثَيْرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي، فَبَكَى عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ، مِنْبَرُ أَبِيكَ لَا مِنْبَرُ أَبِي. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَا هُوَ وَ اللَّهِ عَنْ رَأْيِي. قَالَ: صَدَقْتَ وَ اللَّهِ مَا اتَّهَمْتُكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ. ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ، فَأَخَذَهُ فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَخَطَبَ النَّاسَ وَ هُوَ جَالِسٌ مَعَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: احْفَظُونِي فِي عِتْرَتِي وَ ذُرِّيَّتِي، فَمَنْ حَفِظَنِي فِيهِمْ حَفِظَهُ اللَّهُ، أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ آذَانِي فِيهِمْ، ثَلَاثاً.
1505- 8- زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفاً، وَ لَا بُغْضُكَ تَلَفاً، أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا، وَ أَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً مَا.
1506- 9- زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَنْ أَفْصَحُ النَّاسِ قَالَ: الْمُجِيبُ الْمُسْكِتُ عِنْدَ بَدِيهَةِ السُّؤَالِ.
1507- 10- زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: الْوَرَعُ نِظَامُ الْعِبَادَةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ الْوَرَعُ ذَهَبَتِ الدِّيَانَةُ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا انْقَطَعَ السِّلْكُ اتَّبَعَهُ النِّظَامُ 793 .
1508- 11- وَ رَوَى مُنِيفٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ مَوْلَاهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
صَبَرْتُ عَلَى مُرِّ الْأُمُورِ كَرَاهَةً
وَ أَبْقَيْتُ فِي ذَاكَ الصَّوَابَ مِنَ الْأَمْرِ
إِذَا كُنْتَ لَا تَدْرِي وَ لَمْ تَكُ سَائِلًا
عَنِ الْعِلْمِ مَنْ يَدْرِي جَهِلْتَ وَ لَا تَدْرِي .
[41] مجلس يوم الجمعة السادس و العشرين من شوال سنة سبع و خمسين و أربع مائة
فيه أحاديث ابن الصلت الأهوازي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
1509- 1- حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ سَلَّامٍ الضَّرِيرُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ طَارِقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ مَصْلُوبَ الظَّالِمِينَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: خَطَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَوَحِّدِ بِالْقِدَمِ وَ الْأَزَلِيَّةِ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ غَايَةٌ فِي دَوَامِهِ، وَ لَا لَهُ أَوَّلِيَّةٌ، أَنْشَأَ صُنُوفَ الْبَرِيَّةِ، لَا مِنْ أُصُولٍ كَانَتْ بَدِيَّةً، وَ ارْتَفَعَ عَنْ مُشَارَكَةِ الْأَنْدَادِ، وَ تَعَالَى عَنْ اتِّخَاذِ صَاحِبَةٍ وَ أَوْلَادٍ، هُوَ الْبَاقِي بِغَيْرِ مُدَّةِ، وَ الْمُنْشِئُ لَا بِأَعْوَانٍ، لَا بِآلَةٍ فَطَرَ، وَ لَا بِجَوَارِحَ صَرَفَ مَا خَلَقَ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى مُحَاوَلَةِ التَّفْكِيرِ، وَ لَا مُزَاوَلَةِ مِثَالٍ وَ لَا تَقْدِيرٍ، أَحْدَثَهُمْ عَلَى صُنُوفٍ مِنَ التَّخْطِيطِ وَ التَّصْوِيرِ، لَا بِرَوِيَّةٍ وَ لَا ضَمِيرٍ، سَبَقَ عِلْمُهُ فِي كُلِ
الْأُمُورِ، وَ نَفَذَتْ مَشِيئَتُهُ فِي كُلِّ مَا يُرِيدُ فِي الْأَزْمِنَةِ وَ الدُّهُورِ، وَ انْفَرَدَ بِصَنْعَةِ الْأَشْيَاءِ فَأَتْقَنَهَا بِلَطَائِفِ التَّدْبِيرِ، سُبْحَانَهُ مِنْ لَطِيفٍ خَبِيرٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
14، 1- 1510- 2- حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ سَلَّامٍ الضَّرِيرُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ طَارِقٍ، مِنْ وُلْدِ قَنْبَرٍ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي جَارَسُوجَ 794 كِنْدَةٍ بِالْكُوفَةِ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَاتَماً فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، خُذْ هَذَا الْخَاتَمَ لِلنَّقَّاشِ، لِيَنْقُشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَعْطَاهُ النَّقَّاشَ، وَ قَالَ لَهُ: انْقُشْ عَلَيْهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَنَقَشَ النَّقَّاشُ، وَ أَخْطَأَتْ يَدُهُ، فَنَقَشَ عَلَيْهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامَ) فَقَالَ: مَا فَعَلَ الْخَاتَمُ فَقَالَ: هُوَ ذَا، فَأَخَذَهُ وَ نَظَرَ إِلَى نَقْشِهِ، فَقَالَ: مَا أَمَرْتُكَ بِهَذَا، قَالَ: صَدَقْتَ، وَ لَكِنْ يَدِي أَخْطَأَتْ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقَشَ النَّقَّاشُ مَا أَمَرْتُ بِهِ، ذَكَرَ أَنَّ يَدَهُ أَخْطَأَتْ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ نَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَ أَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ تَخَتَّمَ بِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) نَظَرَ إِلَى خَاتَمِهِ، فَإِذَا تَحْتَهُ مَنْقُوشٌ: عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ، فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ، فَقَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ، كَانَ كَذَا وَ كَذَا. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، كَتَبْتَ مَا أَرَدْتَ، وَ كَتَبْنَا مَا أَرَدْنَا..
[42] مجلس يوم الجمعة الرابع و العشرين من ذي القعدة سنة سبع و خمسين و أربع مائة
فيه أحاديث ابن شاذان القمي، و ابن الصلت الأهوازي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
1511- 1- حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَبِيبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ: وَ حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الرُّبَيْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ ابْنُ شَاذَانَ: وَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ يَزِيدُ بْنُ قَعْنَبٍ جَالِسَيْنِ مَا بَيْنَ فَرِيقِ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى فَرِيقِ عَبْدِ الْعُزَّى بِإِزَاءِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، إِذْ أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ أُمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ كَانَتْ حَامِلَةً بِأَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَ كَانَ يَوْمَ التَّمَامِ، قَالَ: فَوَقَفَتْ بِإِزَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَ قَدْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ، فَرَمَتْ بِطَرْفِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَ قَالَتْ: أَيْ رَبِّ، إِنِّي مُؤْمِنَةٌ بِكَ، وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ الرَّسُولُ، وَ بِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِكَ، وَ بِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلْتَهُ، وَ إِنِّي مُصَدِّقَةٌ بِكَلَامٍ جَدِّي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَ إِنَّهُ بَنَى بَيْتَكَ الْعَتِيقَ، فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا الْبَيْتِ وَ مَنْ بَنَاهُ، وَ بِهَذَا الْمَوْلُودِ الَّذِي فِي أَحْشَائِي الَّذِي يُكَلِّمُنِي وَ يُؤْنِسُنِي بِحَدِيثِهِ، وَ أَنَا مُوقِنَةٌ أَنَّهُ إِحْدَى آيَاتِكَ وَ دَلَائِلِكَ لَمَّا يَسَّرْتَ عَلَيَّ وِلَادَتِي.
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ يَزِيدُ بْنُ قَعْنَبٍ: لَمَّا تَكَلَّمَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ وَ دَعَتْ بِهَذَا الدُّعَاءِ، رَأَيْنَا الْبَيْتَ قَدِ انْفَتَحَ مِنْ ظَهْرِهِ، وَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فِيهِ، وَ غَابَتْ عَنْ أَبْصَارِنَا، ثُمَّ عَادَتِ الْفَتْحَةُ وَ الْتَزَقَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ (تَعَالَى)، فَرُمْنَا أَنْ نَفْتَحَ الْبَابَ لِيَصِلَ إِلَيْهَا بَعْضُ نِسَائِنَا، فَلَمْ يَنْفَتِحِ الْبَابُ، فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (تَعَالَى)، وَ بَقِيَتْ فَاطِمَةُ فِي الْبَيْتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ: وَ أَهْلُ مَكَّةَ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، وَ تَتَحَدَّثُ الْمُخَدَّرَاتُ فِي خُدُورِهِنَّ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ انْفَتَحَ الْبَيْتُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتْ دَخَلَتْ فِيهِ، فَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى يَدَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) اخْتَارَنِي مِنْ خَلْقِهِ، وَ فَضَّلَنِي عَلَى الْمُخْتَارَاتِ مِمَّنْ مَضَى قَبْلِي، وَ قَدِ اخْتَارَ اللَّهُ آسِيَةَ بِنْتَ مُزَاحِمٍ فَإِنَّهَا عَبَدَتِ اللَّهَ سِرّاً فِي مَوْضِعٍ لَا يُحَبُّ أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ فِيهِ إِلَّا اضْطِرَاراً، وَ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ حَيْثُ اخْتَارَهَا اللَّهُ، وَ يَسَّرَ عَلَيْهَا وِلَادَةَ عِيسَى، فَهَزَّتِ الْجِذْعَ الْيَابِسَ مِنَ النَّخْلَةِ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى تُسَاقِطَ عَلَيْهَا رُطَباً جَنِيًّا ، وَ إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) اخْتَارَنِي وَ فَضَّلَنِي عَلَيْهِمَا، وَ عَلَى كُلِّ مَنْ مَضَى قَبْلِي مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، لِأَنِّي وَلَدْتُ فِي بَيْتِهِ الْعَتِيقِ، وَ بَقِيتُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آكُلُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَ أَوْرَاقِهَا، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ وَ وَلَدِي عَلَى يَدَيَّ هَتَفَ بِي هَاتِفٌ وَ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ، سَمِّيهِ عَلِيّاً، فَأَنَا الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَ إِنِّي خَلَقْتُهُ مِنْ قُدْرَتِي، وَ عِزِّ جَلَالِي، وَ قِسْطِ عَدْلِي، وَ اشْتَقَقْتُ اسْمَهُ مِنْ اسْمِي، وَ أَدَّبْتُهُ بِأَدَبِي، وَ فَوَّضْتُ إِلَيْهِ أَمْرِي، وَ وَقَّفْتُهُ عَلَى غَامِضِ عِلْمِي، وَ وُلِدَ فِي بَيْتِي، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ يُؤَذِّنُ فَوْقَ بَيْتِي، وَ يَكْسِرُ الْأَصْنَامَ وَ يَرْمِيهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَ يُعَظِّمُنِي وَ يُمَجِّدُنِي وَ يُهَلِّلُنِي، وَ هُوَ الْإِمَامُ بَعْدَ حَبِيبِي وَ نَبِيِّي وَ خِيَرَتِي مِنْ خَلْقِي مُحَمَّدٍ رَسُولِي، وَ وَصِيُّهُ،
فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُ وَ نَصَرَهُ، وَ الْوَيْلُ لِمَنْ عَصَاهُ وَ خَذَلَهُ وَ جَحَدَ حَقَّهُ.
قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ أَبُو طَالِبٍ سَرَّهُ وَ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتِ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَلَمَّا دَخَلَ اهْتَزَّ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ ضَحِكَ فِي وَجْهِهِ، وَ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
قَالَ: ثُمَّ تَنَحْنَحَ بِإِذْنِ اللَّهِ (تَعَالَى)، وَ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ» إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قَدْ أَفْلَحُوا بِكَ، وَ قَرَأَ تَمَامَ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ: «أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ- الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ» 795 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنْتَ وَ اللَّهِ أَمِيرُهُمْ، تَمِيرُهُمْ مِنْ عُلُومِكَ فَيَمْتَارُونَ، وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ دَلِيلُهُمُ وَ بِكَ يَهْتَدُونَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِفَاطِمَةَ: اذْهَبِي إِلَى عَمِّهِ حَمْزَةَ فَبَشِّرِيهِ بِهِ.
فَقَالَتْ: فَإِذَا خَرَجْتُ أَنَا، فَمَنْ يُرَوِّيهِ قَالَ: أَنَا أُرَوِّيهِ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: أَنْتَ تُرَوِّيهِ قَالَ: نَعَمْ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِسَانَهُ فِي فِيهِ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ، قَالَ: فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَلَمَّا أَنْ رَجَعَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ رَأَتْ نُوراً قَدِ ارْتَفَعَ مِنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ.
قَالَ: ثُمَّ شَدَّتْهُ وَ قَمَّطَتْهُ بِقِمَاطٍ فَبَتَرَ الْقِمَاطَ، قَالَ: فَأَخَذَتْ فَاطِمَةُ قِمَاطاً جَيِّداً فَشَدَّتْهُ بِهِ فَبَتَرَ الْقِمَاطَ، ثُمَّ جَعَلَتْهُ فِي قِمَاطَيْنِ فَبَتَرَهُمَا، فَجَعَلَتْهُ ثَلَاثَةً فَبَتَرَهَا، فَجَعَلَتْهُ أَرْبَعَةَ أَقْمِطَةٍ مِنْ رَقِّ مِصْرَ لِصَلَابَتِهِ فَبَتَرَهَا، فَجَعَلَتْهُ خَمْسَةَ أَقْمِطَةِ دِيبَاجٍ لِصَلَابَتِهِ فَبَتَرَهَا كُلَّهَا، فَجَعَلَتْهُ سِتَّةً مِنْ دِيبَاجٍ وَ وَاحِداً مِنَ الْأَدَمِ فَتَمَطَّى فِيهَا فَقَطَعَهَا كُلَّهَا بِإِذْنِ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: يَا أُمَّهْ لَا تَشُدِّي يَدَيَّ، فَإِنِّي أَحْتَاجُ إِلَى أَنْ أُبَصْبِصَ 796 لِرَبِّي بِإِصْبَعِي.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ عِنْدَ ذَلِكَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ شَأْنٌ وَ نَبَأٌ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى فَاطِمَةَ، فَلَمَّا بَصُرَ
عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَ ضَحِكَ فِي وَجْهِهِ، وَ أَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ خُذْنِي إِلَيْكَ وَ اسْقِنِي مِمَّا سَقَيْتَنِي بِالْأَمْسِ. قَالَ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: عَرَفَهُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: فَلِكَلَامِ فَاطِمَةَ، سُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَرَفَةَ- يَعْنِي أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، وَ كَانَ الْعَاشِرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، أَذَّنَ أَبُو طَالِبٍ فِي النَّاسِ أَذَاناً جَامِعاً، وَ قَالَ: هَلُمُّوا إِلَى وَلِيمَةِ ابْنِي عَلِيٍّ. قَالَ: وَ نَحَرَ ثَلَاثَ مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ وَ أَلْفَ رَأْسٍ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ، وَ اتَّخَذَ وَلِيمَةً عَظِيمَةً، وَ قَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَلَا مَنْ أَرَادَ مِنْ طَعَامِ عَلِيٍّ وَلَدِي فَهَلُمُّوا وَ طُوفُوا بِالْبَيْتِ سَبْعاً، وَ ادْخُلُوا وَ سَلِّمُوا عَلَى وَلَدِي عَلِيٍّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَّفَهُ، وَ لِفِعْلِ أَبِي طَالِبٍ شُرِّفَ يَوْمُ النَّحْرِ.
1512- 2- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ الْقَوْمَ حِينَ اجْتَمَعُوا لِلشُّورَى فَقَالُوا فِيهَا، وَ نَاجَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): عَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ، لَئِنْ وُلِّيتَ لَتَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَ سِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ):
عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ، لَئِنْ وُلِّيتُ أَمْرَكُمْ لَأَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِعُثْمَانَ كَقَوْلِهِ لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَجَابَهُ أَنْ نَعَمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِمَا الْقَوْلَ ثَلَاثاً كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَقَوْلِهِ، وَ يُجِيبُهُ عُثْمَانُ: أَنْ نَعَمْ، فَبَايَعَ عُثْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عِنْدَ ذَلِكَ.