کتابخانه روایات شیعه
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَكْثَرَ مَا يَسْكُنُ الْقَنَاةَ 814 ، فَبَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصُّبْحِ إِذْ طَلَعَ الزُّبَيْرُ وَ طَلْحَةُ، فَجَلَسْنَا فِي نَاحِيَةٍ عَنْ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، ثُمَّ طَلَعَ مَرْوَانُ وَ سَعِيدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَجَلَسُوا، وَ كَانَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جَعَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَلَى الْخَيْلِ، فَقَالَ لِأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ وَ لِخَالِدِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي أَيُّوبَ وَ لِأَبِي حَيَّةَ وَ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): قُومُوا إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا عَنْهُمْ مَا نَكْرَهُ مِنْ خِلَافِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِمَامِهِمْ، وَ الطَّعْنِ عَلَيْهِ، وَ قَدْ دَخَلَ مَعَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَ الْعَدَاوَةِ، وَ إِنَّهُمْ سَيَحْمِلُونَهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ رَأْيِهِمْ.
قَالَ: فَقَامُوا، وَ قُمْنَا مَعَهُمْ حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، فَقَالَ:
إِنَّ لَكُمَا لَقِدَماً فِي الْإِسْلَامِ وَ سَابِقَةً وَ قَرَابَةً مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكُمَا طَعْنٌ وَ سَخَطٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ يَكُنْ أَمْرٌ لَكُمَا خَاصَّةً فَعَاتِبَا ابْنَ عَمَّتِكُمَا وَ إِمَامَكُمَا، وَ إِنْ كَانَ نَصِيحَةً لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا تُؤَخِّرَاهُ عَنْهُ، وَ نَحْنُ عَوْنٌ لَكُمَا، فَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَنْ تَنْصَحَكُمَا أَبَداً وَ قَدْ عَرَفْتُمَا- وَ قَالَ أَحْمَدُ: عَرَفْتُمْ- عَدَاوَتَهُمْ لَكُمَا، وَ قَدْ شَرِكْتُمَا فِي دَمِ عُثْمَانَ وَ مَالَأْتُمَا، فَسَكَتَ الزُّبَيْرُ وَ تَكَلَّمَ طَلْحَةُ، فَقَالَ: افْرُغُوا جَمِيعاً مِمَّا تَقُولُونَ، فَإِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ خَبْطَةً.
فَتَكَلَّمَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ قَالَ: أَنْتُمَا صَاحِبَا رَسُولِ اللَّهِ، وَ قَدْ أَعْطَيْتُمَا إِمَامَكُمَا الطَّاعَةَ وَ الْمُنَاصَحَةَ، وَ الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ عَلَى الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ، وَ أَنْ يَجْعَلَ كِتَابَ اللَّهِ إِمَامَنَا- قَالَ أَحْمَدُ: وَ جَعَلَ كِتَابَ اللَّهِ إِمَاماً-، وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ طَلَّقَ النَّفْسَ عَنِ الدُّنْيَا، وَ قَدَّمَ كِتَابَ اللَّهِ، فَفِيمَ السَّخَطُ وَ الْغَضَبُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)! فَغَضَبُ الرِّجَالِ فِي الْحَقِّ: انْصُرَا نَصَرَكُمَا اللَّهُ.
فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَقَدْ تَهَذَّرْتَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ. فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: مَا لَكَ
تَتَعَلَّقُ فِي مِثْلِ هَذَا يَا أَعْبَسُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَقَامَ الزُّبَيْرُ فَالْتَفَتَ إِلَى عَمَّارٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فَقَالَ: عَجَّلْتَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ عَلَى ابْنِ أَخِيكَ رَحِمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَسْمَعَ قَوْلَ مَنْ رَأَيْتَ، فَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يَهْلِكْ مَنْ هَلَكَ مِنْكُمْ حَتَّى اسْتَدْخَلَ فِي أَمْرِهِ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَسْمَعَ مِنْهُمْ. فَقَالَ عَمَّارٌ: وَ اللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَوْ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا خَالَفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَا خَالَفْتُهُ، وَ لَا زَالَتْ يَدَيِ مَعَ يَدِهِ، وَ ذَلِكَ لِأَنَّ عَلِيّاً لَمْ يَزَلْ مَعَ الْحَقِّ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُفَضِّلَ عَلَيْهِ أَحَداً.
فَاجْتَمَعَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَ أَبُو الْهَيْثَمِ وَ رِفَاعَةُ وَ أَبُو أَيُّوبَ وَ سَهْلُ بْنِ حُنَيْفٍ، فَتَشَاوَرُوا أَنْ يَرْكَبُوا إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِالْقَنَاةِ فَيُخْبِرُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ، فَرَكِبُوا إِلَيْهِ فَأَخْبَرُوهُ بِاجْتِمَاعِ الْقَوْمِ وَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ الشَّكْوَى وَ التَّعْظِيمِ لِقَتْلِ عُثْمَانَ، وَ قَالَ لَهُ أَبُو الْهَيْثَمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، انْظُرْ فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْخَيْرِ وَ الْفَضْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالُوا لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّهُمْ قَدْ كَرِهُوا الْأُسْوَةَ، وَ طَلَبُوا الْأَثَرَةَ، وَ سَخِطُوا لِذَلِكَ. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَيْسَ لِأَحَدٍ فَضْلٌ فِي هَذَا الْمَالِ، وَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ، وَ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ سِيرَتِهِ.
ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَ تَمُنُّونَ عَلَيَّ بِإِسْلَامِكُمْ- قَالَ أَحْمَدُ:
عَلَى اللَّهِ بِإِسْلَامِكُمْ- بَلْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ الْمَنُّ عَلَيْكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَرْمُ 815 . وَ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ جَلَسَ نَاحِيَةَ الْمَسْجِدِ، وَ بَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ فَدَعَاهُمَا، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: أَ لَمْ تَأْتِيَانِي وَ تُبَايِعَانِي طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ 816 ، فَمَا أَنْكَرْتُمْ، أَ جَوْرٌ فِي
حُكْمٍ أَوْ اسْتِئْثَارٌ فِي فَيْءٍ قَالا: لَا. قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَوْ فِي أَمْرٍ دَعَوْتُمَانِي إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَقَصَّرْتُ عَنْهُ قَالا: مَعَاذَ اللَّهِ.
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَمَا الَّذِي كَرِهْتُمَا مِنْ أَمْرِي حَتَّى رَأَيْتُمَا خِلَافِي قَالا: خِلَافَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي الْقَسْمِ، وَ انْتِقَاصَنَا حَقَّنَا مِنَ الْفَيْءِ، جَعَلْتَ حَظَّنَا فِي الْإِسْلَامِ كَحَظِّ غَيْرِنَا مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِسُيُوفِنَا، مِمَّنْ هُوَ لَنَا فَيْءٌ، فَسَوَّيْتَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ.
فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ عَلَيْهِمَا، أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنَ الِاسْتِشَارَةِ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لِي فِي الْوِلَايَةِ رَغْبَةٌ، وَ لَا لِي فِيهَا مَحَبَّةٌ، وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وَ حَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا، فَكَرِهْتُ خِلَافَكُمْ، فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ مَا وَضَعَ وَ أَمَرَ فِيهِ بِالْحُكْمِ وَ قَسَمَ وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَأَمْضَيْتُهُ، وَ لَمْ أَحْتَجْ فِيهِ إِلَى رَأْيِكُمَا وَ دُخُولِكُمَا مَعِي وَ لَا غَيْرِكُمَا، وَ لَمْ يَقَعْ أَمْرٌ جَهِلْتُهُ فَأَتَقَوَّى فِيهِ بِرَأْيِكُمَا وَ مَشُورَتِكُمَا، وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا، وَ لَا عَنْ غَيْرِكُمَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا فِي سُنَّةِ نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَأَمَّا مَا كَانَ فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى أَحَدٍ، وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيهِ، وَ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا مَا قَدْ جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَلَمْ أَحْتَجْ فِيهِ إِلَيْكُمَا، قَدْ فَرَغَ مِنْ قَسْمِهِ كِتَابُ اللَّهِ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ، وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا جَعَلْتَنَا فِيهِ كَمَنْ ضَرَبْنَاهُ بِأَسْيَافِنَا، وَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا، فَقَدْ سَبَقَ رِجَالٌ رِجَالًا فَلَمْ يُفَضِّلْهُمْ [رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)]، وَ لَمْ يَسْتَأْثِرْ عَلَيْهِمْ مَنْ سَبَقَهُمْ، وَ لَمْ يَضُرَّهُمْ حِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ ، وَ اللَّهِ مَا لَكُمْ وَ لَا لِغَيْرِكُمْ إِلَّا ذَلِكَ، أَلْهَمَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ الصَّبْرَ عَلَيْهِ.
فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَتَكَلَّمُ، فَأَمَرَ بِهِ فَوُجِئَتْ عُنُقُهُ وَ أُخْرِجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ وَ هُوَ يَصِيحُ وَ يَقُولُ: ارْدُدْ إِلَيْهِ بَيْعَتَهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَسْتُ مُخْرِجَكُمَا مِنْ أَمْرٍ دَخَلْتُمَا فِيهِ، وَ لَا مُدْخِلَكُمَا فِي أَمْرٍ خَرَجْتُمَا مِنْهُ، فَقَامَا عَنْهُ فَقَالا: أَمَّا إِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَنَا أَمْرٌ إِلَّا الْوَفَاءُ. قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْهِ، أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّهُ، وَ كَانَ عَوْناً لِلْحَقِّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ.
[45] مجلس يوم الجمعة السادس من صفر سنة ثمان و خمسين و أربع مائة
فيه أحاديث الشيخ المفيد.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
1531- 1- حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْؤُهُ.
1532- 2- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ آخِذاً بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ: مَنْ عَرَفَنِي فَأَنَا جُنْدَبٌ، وَ إِلَّا فَأَنَا أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، بَرِحُ الْخَفَاءِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ:
إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُمْ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ، وَ مَثَلُ بَابِ حِطَّةٍ، يَحُطُّ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا.
1533- 3- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: مَنْ قَالَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ:" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ" يُعِيدُهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ، دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعِينَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ، أَهْوَنُهَا الْجُذَامُ وَ الْبَرَصُ.
1534- 4- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يُعْرَفُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَبَّاحٌ الْحَذَّاءُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ فَلْيَقْصِدْ إِلَى مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَ لِيُسْبِغْ وُضُوءَهُ، وَ لْيُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ سَبْعَ سُوَرٍ مَعَهَا، وَ هِيَ: الْمُعَوِّذَتَانِ، وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ، وَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَ تَشَهَّدَ وَ سَلَّمَ، سَأَلَ اللَّهَ، فَإِنَّهَا تُقْضَى بِعَوْنِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ فَضَّالٍ: وَ قَالَ لِي هَذَا الشَّيْخُ: إِنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُوَسِّعَ رِزْقِي، فَأَنَا مِنَ اللَّهِ بِكُلِّ نِعْمَةٍ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ أَنْ يَرْزُقَنِيَ الْحَجَّ فَرُزِقْتُهُ، وَ عَلَّمْتُهُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا وَ كَانَ مُقْتَراً عَلَيْهِ رِزْقُهُ، فَرَزَقَهُ، اللَّهُ (تَعَالَى) وَ وَسَّعَ عَلَيْهِ.
[46] مجلس يوم التروية من سنة ثمان و خمسين و أربع مائة
فيه أحاديث ابن أبي جيد القمي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
1535- 1- حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ خَمْسِينَ وَ أَرْبَعِ مِائَةٍ فِي مَشْهَدِ مَوْلَانَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي جِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، وَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ، أَ يَكْتَفِي مَنْ يَنْتَحِلُ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ! فَوَ اللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَ أَطَاعَهُ، وَ مَا كَانُوا يُعْرَفُونَ- يَا جَابِرُ- إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّخَشُّعِ وَ الْأَمَانَةِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ، وَ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَ تَعَاهُدِ الْجِيرَانِ وَ الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ وَ الْغَارِمِينَ وَ الْأَيْتَامِ، وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ، وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَ كَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ، وَ كَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ.
قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا نَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَداً بِهَذِهِ الصِّفَةِ. فَقَالَ: يَا جَابِرُ، لَا تَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَذَاهِبُ، حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ أُحِبُّ عَلِيّاً وَ أَتَوَلَّاهُ، ثُمَّ لَا يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ فَعَّالًا، فَلَوْ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ رَسُولُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ، ثُمَّ لَا يَتَّبِعُ سِيرَتَهُ، وَ لَا يَعْمَلُ بِسُنَّتِهِ، مَا نَفَعَهُ حُبُّهُ إِيَّاهُ شَيْئاً، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْمَلُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ قَرَابَةٌ، أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ أَتْقَاهُمْ لَهُ، وَ اللَّهِ مَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا بِالْعَمَلِ، وَ مَا مَعَنَا بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَ مَا لَنَا عَلَى اللَّهِ [لِأَحَدٍ] مِنْ حُجَّةٍ، مَنْ كَانَ [لِلَّهِ] مُطِيعاً فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ، وَ مَنْ كَانَ [لِلَّهِ] عَاصِياً فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ، وَ اللَّهِ لَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ.
1536- 2- ذَكَرَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِي كِتَابِهِ الَّذِي نَقَضَ بِهِ عَلَى ابْنِ كَرَّامٍ، قَالَ: رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْبَصْرِيِّ صَاحِبِ عَبَّادَانَ وَ رَئِيسِ الْغُزَاةِ، قَالَ عُثْمَانُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ: يَا شَجَرِيُّ أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِأَعْجَبِ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ. قَالَ: كَانَ فِي جِوَارِي هَاهُنَا رَجُلٌ مِنْ أَحَدِ الصَّالِحِينَ، فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذَا رَأَى كَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَ حُشِرَ إِلَى الْحِسَابِ، وَ قُرِّبَ إِلَى الصِّرَاطِ. قَالَ: فَلَمَّا جُزْتُ إِلَى الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَنَا بِالنَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) جَالِسٌ عَلَى شَفِيرِ الْحَوْضِ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) بِيَدَيْهِمَا كَأْسُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَسْقِيَانِ الْأُمَّةَ، فَدَنَوْتُ إِلَى الْحَسَنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقُلْتُ: اسْقِنِي، فَأَبَى عَلِيٌّ، فَدَنَوْتُ إِلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقُلْتُ لَهُ: اسْقِنِي، فَأَبَى عَلِيٌّ.
فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ يَسْقِيَانِي، قَالَ: