کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 177

و نحوها، لمن يتأتى منه التملك. و أما الرقيق، فلا يتأتى منه ذلك، فعلم أنه لا ميراث له. و أما من بعضه حر، و بعضه رقيق، فإنه تتبعض أحكامه. فما فيه من الحرية، يستحق بها ما رتبه اللّه في المواريث، لكون ما فيه من الحرية، قابلا للتملك، و ما فيه من الرق، فليس بقابل لذلك. فإذا يكون المبعض، يرث و يورث، و يحجب بقدر ما فيه من الحرية. و إذا كان العبد يكون محمودا و مذموما، مثابا و معاقبا، بقدر ما فيه من موجبات ذلك، فهذا كذلك.

حكم الخنثى و المشكل في الميراث‏

و أما (الخنثى) فلا يخلو، إما أن يكون واضحا ذكوريته أو أنوثيته، أو مشكلا. فإن كان واضحا، فالأمر فيه واضح. إن كان ذكرا، فله حكم الذكور، و يشمله النص الوارد فيهم. و إن كانت أنثى، فلها حكم الإناث، و يشملها النص الوارد فيهن. و إن كان مشكلا، فإن كان الذكر و الأنثى لا يختلف إرثهما- كالإخوة للأم- فالأمر فيه واضح. و إن كان يختلف إرثه، بتقدير ذكوريته، و بتقدير أنوثيته، و لم يبق لنا طريق إلى العلم بذلك، لم نعطه أكثر التقديرين، لاحتمال ظلم من معه من الورثة، و لم نعطه الأقل، لاحتمال ظلمنا إياه. فوجب التوسط بين الأمرين، و سلوك أعدل الطريقين، قال تعالى: اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى‏ . فليس لنا طريق إلى العدل في مثل هذا، أكثر من هذا الطريق المذكور. لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏ .

ميراث الجد

و أما (ميراث الجد) مع الإخوة الأشقاء، أو لأب، و هل يرثون معه أم لا؟ فقد دلّ كتاب اللّه، على قول أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، أن الجد يحجب الإخوة، أشقاء، أو لأب، أو لأم، كما يحجبهم الأب. و بيان ذلك: أن الجد: أب في غير موضع من القرآن كقوله تعالى: إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ‏ الآية. و قال يوسف عليه السلام: وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ‏ . فسمى اللّه الجد، وجد الأب، أبا. فدل ذلك، على أن الجد، بمنزلة الأب، يرث ما يرثه الأب، و يحجب من يحجبه (أي: عند عدمه). و إذا كان العلماء، قد أجمعوا على أن الجد، حكمه حكم الأب عند عدمه في ميراثه مع الأولاد و غيرهم، من بين الإخوة و الأعمام و بينهم، و سائر أحكام المواريث- فينبغي أيضا، أن يكون حكمه حكمه، في حجب الإخوة لغير أم. و إذا كان ابن الابن بمنزلة ابن الصلب، فلم لا يكون الجد بمنزلة الأب؟

و إذا كان جد الأب، مع ابن الأخ، قد اتفق العلماء على أنه يحجبه. فلم لا يحجب جد الميت أخاه؟ فليس مع من يورث الإخوة مع الجد، نص و لا إشارة، و لا تنبيه، و لا قياس صحيح.

العول و أحكامه‏

و أما مسائل (العول) فإنه يستفاد حكمها من القرآن. و ذلك أن اللّه تعالى، قد فرض، و قدّر لأهل المواريث أنصباء. و هم بين حالتين: إما أن يحجب بعضهم بعضا، أو لا. فإن حجب بعضهم بعضا، فالمحجوب ساقط، لا يزاحم، و لا يستحق شيئا و إن لم يحجب بعضهم بعضا، فلا يخلو. إما أن لا تستغرق الفروض التركة، أو تستغرقها من غير زيادة و لا نقص أو تزيد الفروض على التركة. ففي الحالتين الأوليين، كل يأخذ فرضه كاملا. و في الحالة الأخيرة و هي- ما إذا زادت الفروض على التركة- فلا يخلوا من حالين: إما أن ننقص بعض الورثة عن فرضه الذي فرضه اللّه له، و نكمل للباقين منهم فروضهم، و هذا ترجيح بغير مرجح، و ليس نقصان أحدهم بأولى من الآخر. فتعينت الحال الثانية، و هو: أننا نعطي كل واحد منهم نصيبه، بقدر الإمكان، و نحاصص بينهم، كديون الغرماء الزائدة على مال الغريم و لا طريق موصل إلى ذلك إلا بالعول. فعلم من هذا، أن العول في الفرائض، قد بينه اللّه في كتابه.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 178

بيان أحكام الرد على أصحاب الفرائض‏

و بعكس هذه الطريقة بعينها، يعلم (الرد). فإن أهل الفروض- إذا لم تستغرق فروضهم التركة، و بقي شي‏ء ليس له مستحق، من عاصب قريب و لا بعيد، فإن رده على أحدهم، ترجيح بغير مرجح، و إعطاؤه غيرهم، ممن ليس بقريب للميت، جنف و ميل، و معارضة لقوله: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* . فتعين أن يرد على أهل الفروض، بقدر فروضهم.

حكم الرد على الزوجين في الميراث: و ما كان الزوجان، ليسا من القرابة، لم يستحقا الزيادة على فرضهم المقدر عند القائلين، بعدم الرد عليهما. و أما على القول الصحيح أن حكم الزوجين، حكم باقي الورثة في الرد، فالدليل المذكور، شامل للجميع، كما شملهم دليل العول.

حكم ذوي الأرحام في الميراث: و بهذا يعلم أيضا ميراث ذوي الأرحام. فإن الميت إذا لم يخلف صاحب فرض، و لا عاصبا، و بقي الأمر دائرا بين كون ماله يكون لبيت المال، لمنافع الأجانب، و بين كون ماله يرجع إلى أقربائه المدلين بالورثة، المجمع عليهم، تعين الثاني. و يدل على ذلك قوله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* . فصرفه لغيرهم، ترك لمن هو أولى من غيره، فتعين توريث ذوي الأرحام. و إذا تعين توريثهم، فقد علم أنه ليس لهم نصيب مقدّر بأعيانهم في كتاب اللّه. و أن بينهم و بين الميت و سائط، صاروا- بسببها- من الأقارب.

فينزلون منزلة من أدلوا به من تلك الوسائط. و اللّه أعلم.

بيان من هم عصبة الميت و حكمهم في الميراث: و أما (ميراث بقية العصبة) كالبنوة و الإخوة و بنيهم و الأعمام و بنيهم إلخ فإن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر». و قال تعالى: وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ‏ . فإذا الحقنا الفروض بأهلها، و لم يبق شي‏ء، لم يستحق العاصب شيئا. و إن بقي شي‏ء، أخذه أولي العصبة، بحسب جهاتهم، و درجاتهم.

جهات العصبة: فإن جهات العصوبة خمس: البنوة، ثم الأبوة، ثم الأخوة و بنوهم، ثم العمومة و بنوهم، ثم الولاء، و يقدّم منهم الأقرب جهة. فإن كانوا في جهة واحدة، فالأقرب منزلة. فإن كانوا بمنزلة واحدة، فالأقوى، و هو الشقيق. فإن تساووا من كل وجه، اشتركوا. و اللّه أعلم. و أما كون الأخوات لغير أم، مع البنات، أو بنات الابن عصبات، يأخذن ما فضل عن فروضهن، فلأنه ليس في القرآن، ما يدل على أن الأخوات يسقطن بالبنات.

فإذا كان الأمر كذلك، و بقي شي‏ء بعد أخذ البنات فرضهن، فإنه يعطى للأخوات، و لا يعدل عنهن إلى عصبة أبعد منهن، كابن الأخ و العم، و من هو أبعد منهم. و اللّه أعلم.

[13] أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث، حدود اللّه، التي يجب الوقوف معها، و عدم مجاوزتها، و لا القصور عنها. و في ذلك دليل، على أن الوصية للوارث منسوخة، بتقديره تعالى أنصباء الوارثين. ثم قوله تعالى:

تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها فالوصية للوارث، بزيادة على حقه، يدخل في هذا التعدي، مع قوله صلى اللّه عليه و سلم: «لا وصية لوارث». ثم ذكر طاعة اللّه و رسوله، و معصيتهما، عموما، ليدخل في العموم، لزوم حدوده في الفرائض، أو ترك ذلك فقال: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ بامتثال أمرهما، الذي أعظمه، طاعتهما في التوحيد، ثم الأوامر على اختلاف درجاتها، و اجتناب نهيهما، الذي أعظمه الشرك باللّه، ثم المعاصي على اختلاف طبقاتها يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها . فمن أدى الأوامر، و اجتنب النواهي، فلا بد له من دخول الجنة، و النجاة من النار. وَ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏ الذي حصل به النجاة، من سخطه و عذابه، و الفوز بثوابه و رضوانه، بالنعيم المقيم، الذي لا يصفه الواصفون.

[14] وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ . إلخ و يدخل في اسم المعصية، الكفر فما دونه من المعاصي. فلا يكون فيها

تيسير الكريم الرحمن، ص: 179

شبهة للخوارج، القائلين بكفر أهل المعاصي. فإن اللّه تعالى رتب دخول الجنة، على طاعته، و طاعة رسوله. و رتب دخول النار، على معصيته و معصية رسوله. فمن أطاعه طاعة تامة، دخل الجنة بلا عذاب. و من عصى اللّه و رسوله، معصية تامة، يدخل فيها الشرك، فما دونه، دخل النار و خلّد فيها. و من اجتمع فيه معصية و طاعة، كان فيه من موجب الثواب و العقاب بحسب ما فيه من الطاعة و المعصية. و قد دلت النصوص المتواترة، على أن الموحدين، الذين معهم طاعة التوحيد، غير مخلدين في النار. فما معهم من التوحيد، مانع لهم من الخلود فيها.

[15] أي: النساء وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ أي:

الزنا. فوصفها بالفاحشة، لشناعتها و قبحها. فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ‏ أي: من رجالكم المؤمنين العدول.

فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ‏ احبسوهن عن الخروج الموجب للريبة. و أيضا، فإن الحبس، من جملة العقوبات.

حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ‏ أي: هذا منتهى الحبس. أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أي: طريقا غير الحبس في البيوت. فهذه الآية ليست منسوخة، فإنما هي مغياة إلى ذلك الوقت.

فكان الأمر في أول الإسلام كذلك، حتى جعل اللّه لهن سبيلا، و هو رجم المحصن و المحصنة و جلد غير المحصن و المحصنة.

[16] وَ كذلك‏ الَّذانِ يَأْتِيانِها أي: الفاحشة مِنْكُمْ‏ من الرجال و النساء فَآذُوهُما بالقول و التوبيخ و التعيير، و الضرب الرادع عن هذه الفاحشة. فعلى هذا كان الرجال إذا فعلوا الفاحشة يؤذون، و النساء يحبسن و يؤذين. فالحبس غايته للموت، و الأذية نهايتها إلى التوبة و الإصلاح. و لهذا قال: فَإِنْ تابا أي: رجعا عن الذنب الذي فعلاه، و ندما عليه، و عزما أن لا يعودا وَ أَصْلَحا العمل الدال على صدق التوبة فَأَعْرِضُوا عَنْهُما أي: عن أذاهما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً أي: كثير التوبة على المذنبين الخطائين، عظيم الرحمة و الإحسان، الذي- من إحسانه- وفقهم للتوبة، و قبلها منهم، و سامحهم على ما صدر منهم. و يؤخذ من هاتين الآيتين، أن بينة الزنا، أن تكون أربعة رجال مؤمنين. و من باب أولى و أحرى، اشتراط عدالتهم. لأن اللّه تعالى، شدد في أمر هذه الفاحشة، سترا لعباده. حتى إنه، لا يقبل فيها النساء منفردات، و لا مع الرجال، و لا مع دون أربعة. و لا بد من التصريح بالشهادة، كما دلت على ذلك، الأحاديث الصحيحة و تومى‏ء إليه هذه الآية لما قال:

فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ‏ . لم يكتف بذلك حتى قال: فَإِنْ شَهِدُوا أي: لا بد من شهادة صريحة عن أمر يشاهد عيانا، من غير تعريض، و لا كناية. و يؤخذ منهما، أن الأذية بالقول و الفعل، و الحبس، قد شرعه اللّه، تعزيرا لجنس المعصية، الذي يحصل به الزجر.

[17] توبة اللّه على عباده نوعان: توفيق منه للتوبة، و قبول لها، بعد وجودها من العبد. فأخبر هنا- أن التوبة المستحقة على اللّه، حق أحقه على نفسه، كرما منه وجودا، لمن عمل السوء أي: المعاصي‏ بِجَهالَةٍ أي: جهالة منه لعاقبتها، و إيجابها لسخط اللّه و عقابه، و جهل منه، لنظر اللّه و مراقبته له، و جهل منه، بما تؤول إليه من نقص الإيمان‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 180

أو إعدامه. فكل عاص للّه، فهو جاهل بهذا الاعتبار، و إن كان عالما بالتحريم. بل العلم بالتحريم، شرط لكونها معصية، معاقبا عليها. ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ‏ يحتمل أن يكون المعنى: ثم يتوبون قبل معاينة الموت. فإن اللّه يقبل توبة العبد، إذا تاب قبل معاينة الموت و العذاب، قطعا. و أما بعد حضور الموت، فلا يقبل من العاصين توبتهم، و لا من الكفار رجوع، كما قال تعالى عن فرعون: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏ الآية. و قال تعالى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ‏ .

[18] و قال هنا: وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ‏ أي: المعاصي فيما دون الكفر. حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً . و ذلك، أن التوبة في هذه الحال توبة اضطرار، لا تنفع صاحبها. إنما تنفع توبة الاختيار. و يحتمل أن يكون معنى قوله: مِنْ قَرِيبٍ‏ أي: قريب من فعلهم الذنب، الموجب للتوبة. فيكون المعنى: من بادر إلى الإقلاع من حين صدور الذنب، و أناب إلى اللّه، و ندم عليه فإن اللّه يتوب عليه. بخلاف من استمر على ذنبه، و أصر على عيوبه، حتى صارت فيه صفات راسخة، فإنه يعسر عليه إيجاد التوبة التامة. و الغالب أنه لا يوفق للتوبة، و لا ييسر لأسبابها. كالذي يعمل السوء على علم قائم و يقين، متهاون بنظر اللّه إليه، فإنه يسد على نفسه باب الرحمة. نعم قد يوفق اللّه عبده المصر على الذنوب، على عمد و يقين، للتوبة النافعة، التي يمحو بها ما سلف من سيئاته، و ما تقدم من جناياته و لكن الرحمة و التوفيق للأول، أقرب. و لهذا ختم الآية الأولى بقوله:

وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً . فمن علمه أنه يعلم صادق التوبة و كاذبها، فيجازي كلا منهما، بحسب ما استحق بحكمته. و من حكمته، أن يوفق من اقتضت حكمته و رحمته، توفيقه للتوبة. و يخذل من اقتضت حكمته و عدله، عدم توفيقه. و اللّه أعلم.

[19] كانوا في الجاهلية إذا مات أحدهم عن زوجته، رأى قريبه، كأخيه، و ابن عمه و نحوهما، أنه أحق بزوجته من كل أحد، و حماها عن غيره، أحبت أو كرهت. فإن أحبها، تزوجها على صداق، يحبه دونها. و إن لم يرضها، عضلها، فلا يزوجها إلّا من يختاره هو. و ربما امتنع من تزويجها، حتى تبذل له شيئا من ميراث قريبه، أو من صداقها. و كان الرجل أيضا، يعضل زوجته التي يكون يكرهها ليذهب ببعض ما آتاها، فنهى اللّه المؤمنين عن جميع هذه الأحوال إلا حالتين: إذا رضيت، و اختارت نكاح قريب زوجها الأول، كما هو مفهوم قوله: كَرْهاً . و إذا أتين بفاحشة مبينة، كالزنا، و الكلام الفاحش، و أذيتها لزوجها، فإنه في هذه الحال، يجوز له أن يعضلها، عقوبة لها على فعلها، لتفتدي منه إذا كان عضلا بالعدل. ثم قال: وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏ و هذا يشمل المعاشرة القولية و الفعلية. فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، و كف الأذى، و بذل الإحسان، و حسن المعاملة، و يدخل في ذلك النفقة، و الكسوة و نحوهما. فيجب على الزوج لزوجته، المعروف، من مثله لمثلها، في‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 181

ذلك الزمان و المكان. و هذا يتفاوت بتفاوت الأحوال. فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً . أي: ينبغي لكم- أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك، خيرا كثيرا. من ذلك، امتثال أمر اللّه، و قبول وصيته التي فيها سعادة الدنيا و الآخرة. و منها أن إجباره نفسه- مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، و التخلق بالأخلاق الجميلة. و ربما أن الكراهة تزول، و تخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك.

و ربما رزق منها ولدا صالحا، نفع والديه في الدنيا و الآخرة.

و هذا كله، مع الإمكان في الإمساك، و عدم المحذور.

[20] فإذا كان لا بد من الفراق، و ليس للإمساك محل، فليس الإمساك بلازم. بل متى‏ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ‏ أي: تطليق زوجة، و تزوج أخرى. أي:

فلا جناح عليكم في ذلك و لا حرج. و لكن إذا آتَيْتُمْ إِحْداهُنَ‏ أي: المفارقة، أو التي تزوجها قِنْطاراً أي:

مالا كثيرا. فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً بل، و فروه لهن، و لا تمطلوا بهن. و في هذه الآية، دلالة على عدم تحريم كثرة المهر، مع أن الأفضل و اللائق، الاقتداء بالنبي صلى اللّه عليه و سلم في تخفيف المهر. و وجه الدلالة، أن اللّه أخبر عن أمر يقع منهم، و لم ينكره عليهم. فدل على عدم تحريمه. لكن قد ينهى عن كثرة الصداق، إذا تضمن مفسدة دينية، و عدم مصلحة تقاوم. ثم قال: أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً فإن هذا لا يحل، و لو تحيلتم عليه بأنواع الحيل، فإن إثمه واضح.

[21] و قد بيّن تعالى حكمة ذلك بقوله: وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى‏ بَعْضُكُمْ إِلى‏ بَعْضٍ وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (21). و بيان ذلك: أن الزوجة قبل عقد النكاح، محرمة على الزوج، و لم ترض بحلها له إلا بذلك المهر، الذي يدفعه لها. فإذا دخل بها، و أفضى إليها، و باشرها المباشرة التي كانت حراما قبل ذلك، و التي لم ترض ببذلها إلا بذلك العوض، فإنه قد استوفى المعوض، فثبت عليه العوض. فكيف يستوفي المعوض، ثم بعد ذلك يرجع في العوض؟ هذا من أعظم الظلم و الجور. و كذلك أخذ اللّه على الأزواج، ميثاقا غليظا، بالعقد، و القيام بحقوقها.

[22] أي: لا تتزوجوا من النساء، ما تزوجهن آباؤكم، أي: الأب و إن علا. إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً أي: أمرا قبيحا يفحش و يعظم قبحه‏ وَ مَقْتاً من اللّه لكم و من الخلق، بل يمقت بسبب ذلك الابن أباه، و الأب ابنه، مع الأمر ببره. وَ ساءَ سَبِيلًا أي: بئس الطريق طريق لمن سلكه، لأن هذا من عوائد الجاهلية، التي جاء الإسلام بالتنزه عنها، و البراءة منها.

[23] هذه الآيات الكريمات، مشتملات على المحرمات بالنسب، و المحرمات بالصهر، و المحرمات بالجمع، و على المحللات من النساء. فأما المحرمات في النسب، فهنّ السبع اللاتي ذكر هن اللّه: الأم، يدخل فيها، كل من لها عليك ولادة، و إن بعدت. و يدخل في البنت كل من لك عليها ولادة، و الأخوات الشقيقات، أو لأب أو لأم.

و العمة: كل أخت لأبيك، أو لجدك، و إن علا. و الخالة: كل أخت لأمك، أو جدتك و إن علت، وارثة أم لا.

و بنات الأخ، و بنات الأخت، أي: و إن نزلت. فهؤلاء هن المحرمات من النسب، بإجماع العلماء، كما هو نص‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 182

الآية الكريمة، و ما عداهن فيدخل في قوله: وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ‏ ، و ذلك كبنت العمة و العم، و بنت الخال و الخالة. و أما المحرمات بالرضاع، فقد ذكر اللّه منهن، الأم، و الأخت. و في ذلك تحريم الأم مع أن اللبن ليس لها، إنما هو لصاحب اللبن. دل بتنبيهه على أن صاحب اللبن، يكون أبا للمرتضع. فإذا ثبتت الأبوة و الأمومة، ثبت ما هو فرع عنهما، كإخوتهما، و أصولهما، و فروعهما. و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «يحرم من الرضاع، ما يحرم من النسب».

فينتشر التحريم من جهة المرضعة، و من له اللبن، كما ينتشر في الأقارب، و في الطفل المرتضع، إلى ذريته فقط.

لكن بشرط أن يكون الرضاع، خمس رضعات في الحولين، كما بينت السنّة. و أما المحرمات بالصهر، فهن أربع:

حلائل الآباء و إن علوا، و حلائل الأبناء، و إن نزلوا، وارثين، أو محجوبين. و أمهات الزوجة، و إن علون. فهؤلاء الثلاث يحرمن بمجرد العقد. و الرابعة: الربيبة، و هي بنت زوجته و إن نزلت، فهذه لا تحرم حتى يدخل بزوجته كما قال هنا: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ‏ الآية. و قد قال الجمهور: إن قوله: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ‏ قيد خرج بمخرج الغالب، لا مفهوم له. فإن الربيبة تحرم، و لو لم تكن في حجره، و لكن للتقييد بذلك فائدتان: إحداهما: التنبيه على الحكمة في تحريم الربيبة، و أنها كانت بمنزلة البنت، فمن المستقبح إباحتها.

و الثانية: فيه دلالة على جواز الخلوة بالربيبة، و أنها بمنزلة من هي في حجره من بناته و نحوهن. و اللّه أعلم. و أما المحرمات بالجمع، فقد ذكر اللّه، الجمع بين الأختين، و حرمه. و حرّم النبي صلى اللّه عليه و سلم الجمع بين المرأة و عمتها، أو خالتها. فكل امرأتين بينهما رحم محرم، لو قدر إحداهما ذكرا، و الأخرى أنثى، حرمت عليه، فإنه يحرم الجمع بينهما، و ذلك لما في ذلك من أسباب التقاطع بين الأرحام.

[24] و من المحرمات في النكاح‏ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ أي: ذوات الأزواج. فإنه يحرم نكاحهن ما دمن في ذمة الزوج، حتى تطلق، و تنقضي عدتها. و إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ‏ أي: بالسبي. فإذا سبيت الكافرة ذات الزوج، حلت للمسلمين، بعد أن تستبرأ. و أما إذا بيعت الأمة المزوجة، أو وهبت، فإنه لا ينفسخ نكاحها لأن المالك الثاني، نزل منزلة الأول، و لقصة بريرة، حين خيّرها النبي صلى اللّه عليه و سلم. و قوله: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏ أي: الزموه و اهتدوا به، فإن فيه الشفاء و النور، و فيه تفصيل الحلال من الحرام. و دخل في قوله: وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ‏ كل ما لم يذكر في هذه الآية، فإنه حلال طيب. فالحرام محصور، و الحلال ليس له حد و لا حصر، لطفا من اللّه و رحمة، و تيسيرا للعباد. و قوله: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ‏ أي: تطلبوا من وقع عليه نظركم و اختياركم، من اللاتي أباحهن اللّه لكم حالة كونكم‏ مُحْصِنِينَ‏ أي: مستعفين عن الزنا، و معفين نساءكم. غَيْرَ مُسافِحِينَ‏ و السفح:

سفح الماء في الحلال و الحرام، فإن الفاعل لذلك، لا يحصن زوجته، لكونه وضع شهوته في الحرام، فتضعف داعيته للحلال، فلا يبقى محصنا لزوجته. و فيها دلالة على أنه لا يزوج غير العفيف، لقوله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ‏ . فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ‏ أي: من تزوجتموها فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ‏ أي:

الأجور، في مقابلة الاستمتاع. و لهذا إذا دخل الزوج بزوجته، تقرر عليه صداقها. فَرِيضَةً أي: إتيانكم إياهن أجورهن، فرض فرضه اللّه عليكم، ليس بمنزلة التبرع، الذي إن شاء أمضاه، و إن شاء رده. أو معنى قوله فريضة:

أي مقدرة قد قدرتموها، فوجبت عليكم، فلا تنقصوا منها شيئا. وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ أي: بزيادة من الزوج، أو إسقاط من الزوجة عن رضا و طيب نفس، هذا قول كثير من المفسرين. و قال كثير منهم: إنها نزلت في متعة النساء التي كانت حلالا في أول الإسلام، ثم حرمها النبي صلى اللّه عليه و سلم، و أنه يؤمر بتوقيتها، و أجرها، ثم إذا انقضى الأمد الذي بينهما، فتراضيا بعد الفريضة، فلا حرج عليهما، و اللّه أعلم. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً أي: كامل العلم واسعه، كامل الحكمة. فمن علمه و حكمته، شرع لكم هذه الشرائع، و حدّ لكم هذه الحدود الفاصلة بين الحلال و الحرام.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 183

[25] ثم قال تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا الآية. أي: و من لم يستطع الطول الذي هو المهر لنكاح المحصنات، أي: الحرائر المؤمنات، و خاف على نفسه العنت، أي: الزنا و المشقة الكثيرة، فيجوز له نكاح الإماء المملوكات المؤمنات. و هذا بحسب ما يظهر، و إلا، فاللّه أعلم بالمؤمن الصادق من غيره. فأمور الدنيا مبنية على ظواهر الأمور، و أحكام الآخرة مبنية على ما في البواطن.

فَانْكِحُوهُنَ‏ أي: المملوكات‏ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ‏ أي:

سيدهن، واحدا، أو متعددا. وَ آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏ أي: و لو كن إماء، فإنه كما يجب المهر للحرة، فكذلك يجب للأمة. و لكن لا يجوز نكاح الإماء، إلا إذا كن‏ مُحْصَناتٍ‏ أي: عفيفات عن الزنا. غَيْرَ مُسافِحاتٍ‏ أي: زانيات علانية. وَ لا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ‏ أي: أخلاء في السر. فالحاصل، أنه لا يجوز للحر المسلم، نكاح أمة، إلا بأربعة شروط ذكرها اللّه: إيمانهن، و العفة ظاهرا، و باطنا، و عدم استطاعة طول الحرة، و خوف العنت. فإذا تمت هذه الشروط، جاز له نكاحهن. و مع هذا، فالصبر عن نكاحهن أفضل، لما فيه من تعريض الأولاد للرق، و لما فيه من الدناءة و العيب. و هذا إذا أمكن الصبر، فإن لم يمكن الصبر عن الحرام، إلا بنكاحهن، وجب ذلك. و لهذا قال: وَ أَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ . و قوله: فَإِذا أُحْصِنَ‏ أي: تزوجن أو أسلمن، أي: الإماء فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ‏ أي: الحرائر مِنَ الْعَذابِ‏ . و ذلك الذي يمكن تنصيفه، و هو:

الجلد، فيكون عليهن خمسون جلدة. و أما الرجم، فليس على الإماء رجم، لأنه لا يتنصف. فعلى القول الأول، إذا لم يتزوجن، فليس عليهن حد، إنما عليهن تعزير يردعهن عن فعل الفاحشة. و على القول الثاني: إن الإماء غير المسلمات. إذا فعلن فاحشة أيضا عزرن. و ختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين «الغفور الرحيم» لكون هذه الأحكام، رحمة بالعباد، و كرما، و إحسانا إليهم، فلم يضيق عليهم، بل وسع غاية السعة. و لعل في ذكر المغفرة بعد ذكر الحد، إشارة إلى أن الحدود كفارات، يغفر اللّه بها ذنوب عباده، كما ورد بذلك الحديث. و حكم العبد الذكر في الحد المذكور، حكم الأمة، لعدم الفارق بينهما.

صفحه بعد