کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1003

للمقربين من الأنبياء، و الصديقين، و خواص عباد اللّه الصالحين، و أن الأخريين معدتان لعموم المؤمنين. و في كل من الجنات المذكورات، ما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر، و فيهن ما تشتهيه الأنفس، و تلذ الأعين، و أهلهن في غاية الراحة و الرضا و الطمأنينة و حسن المأوى، حتى إن كلّ واحد منهم، لا يرى أحدا أحسن حالا منه، و لا أعلى من نعيمه الذي هو فيه.

[78] و لما ذكر سعة فضله و إحسانه، قال: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ‏ (78)، أي: تعاظم و كثر خيره، الذي له الجلال الباهر، و المجد الكامل، و الإكرام لأوليائه. تم تفسير سورة الرحمن- و للّه الحمد و الشكر و الثناء الجميل.

سورة الواقعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] يخبر تعالى بحال الواقعة، الّتي لا بد من وقوعها، و هي: القيامة الّتي‏ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2)، أي: لا شك فيها، لأنها قد تظاهرت عليها الأدلة العقلية و السمعية، و دلت عليها حكمته تعالى.

[3] خافِضَةٌ رافِعَةٌ (3)، أي: خافضة لأناس في أسفل سافلين، رافعة لأناس في أعلى عليين، أو خفضت بصوتها فأسمعت القريب، و رفعت، فأسمعت البعيد.

[4] إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4)، أي: حركت و اضطربت.

[5- 6] وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5)، أي: فتتت، فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (6)، فأصبحت ليس عليها جبل و لا معلم، قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا و لا أمتا.

[7] وَ كُنْتُمْ‏ أيها الخلق‏ أَزْواجاً ثَلاثَةً ، أي: انقسمتم ثلاث فرق بحسب أعمالكم الحسنة و السيئة.

[8] ثمّ فصل أحوال الأزواج الثلاثة، فقال: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (8)، تعظيم لشأنهم، و تفخيم لأحوالهم.

[9] وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ، أي: الشمال، ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ، تهويل لحالهم.

[10- 11] وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ‏ (11)، أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات. أولئك الّذين هذا وصفهم، المقربون عند اللّه، في جنات النعيم، في أعلى عليين، في المنازل العاليات، الّتي لا منزلة فوقها.

[13] و هؤلاء المذكورون‏ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ‏ (13)، أي: جماعة كثيرون من المتقدمين من هذه الأمة و غيرهم.

[14] وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ‏ (14) و هذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة، على متأخريها لكون المقربين من الأولين، أكثر من المتأخرين.

[15] و المقربون هم: خواص الخلق‏ عَلى‏ سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)، أي: مرمولة بالذهب و الفضة، و اللؤلؤ و الجوهر، و غير ذلك، من الحليّ، و الزينة، الّتي لا يعلمها إلا اللّه تعالى.

[16] مُتَّكِئِينَ عَلَيْها ، أي: على تلك السرر، جلوس تمكن و طمأنينة، و راحة و استقرار. مُتَقابِلِينَ‏ وجه كلّ منهم إلى وجه صاحبه، من صفاء قلوبهم، و تقابلها بالمحبة و حسن أدبهم.

[17] يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ‏ (17)، أي: يدور على‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1004

أهل الجنة لخدمتهم، و قضاء حوائجهم، ولدان صغار الأسنان، في غاية الحسن و البهاء. كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ‏ ، أي: مستور، لا يناله ما يغيره. مخلوقون للبقاء و الخلد، لا يهرمون و لا يتغيرون، و لا يزيدون على أسنانهم، و يدورون عليهم بآنية شرابهم‏

بِأَكْوابٍ‏ ، و هي الّتي لا عرى لها وَ أَبارِيقَ‏ الأواني الّتي لها عرى. وَ كَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ‏ ، أي:

من خمر لذيذ المشرب، لا آفة فيه.

[19] لا يُصَدَّعُونَ عَنْها ، أي: لا تصدع رؤوسهم، كما تصدع خمرة الدنيا رأس شاربها.

وَ لا يُنْزِفُونَ‏ ، أي: لا تنزف عقولهم، و لا تذهب أحلامهم منها، كما يكون لخمر الدنيا. و الحاصل: أن كلّ ما في الجنة من النعيم الموجود جنسه في الدنيا، لا يوجد في الجنة فيه آفة كما قال تعالى: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى‏ . و ذكر هنا خمر الجنة، و نفى عنها كلّ آفة توجد في الدنيا.

[20] وَ فاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ‏ (20)، أي: مهما تخيروا، وراق في أعينهم، و اشتهته نفوسهم، من أنواع الفواكه الشهية، و الجنى اللذيذ، حصل لهم على أكمل وجه و أحسنه.

[21] وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ‏ (21)، أي: من كل صنف من الطيور يشتهونه، و من أي جنس من لحمه أرادوا، إن شاءوا مشويا، أو طبيخا، أو غير ذلك.

[22] وَ حُورٌ عِينٌ‏ (22)، أي: و لهم حور عين، و الحوراء: الّتي في عينها كحل و ملاحة، و حسن و بهاء، و العين: واسعات الأعين حسانها، و حسن عين الأنثى، من أعظم الأدلة على حسنها و جمالها.

[23] كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ‏ (23)، أي: كأنهن اللؤلؤ الرطب الصافي البهي، المستور عن الأعين و الريح و الشمس، الذي يكون لونه من أحسن الألوان، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه، فكذلك الحور العين، لا عيب فيهن بوجه من الوجوه، بل هن كاملات الأوصاف، جميلات النعوت. فكل ما تأملته منها، لم تجد فيه إلا ما يسر القلب و يروق الناظر،

[24] و ذلك النعيم المعد لهم‏ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ (24)، فكما حسنت منهم الأعمال، أحسن اللّه لهم الجزاء، و وفر لهم الفوز و النعيم.

[25] لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا تَأْثِيماً (25)، أي: لا يسمعون في جنات النعيم، كلاما يلغى، و لا يكون فيه فائدة، و لا كلاما يؤثمّ صاحبه.

[26] إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً (26) أي: إلا كلاما طيبا، و ذلك لأنها دار الطيبين، و لا يكون فيها إلا كلّ طيب. و هذا دليل على حسن أدب أهل الجنة في خطابهم فيما بينهم، و أنه أطيب كلام، و أسره للقلوب، و أسلمه من كلّ لغو و إثم، نسأل اللّه من فضله: «أن يجعلنا من أهل الجنة».

[27] ثمّ ذكر ما أعد لأصحاب اليمين، فقال: وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ‏ (27)، أي: شأنهم عظيم، و حالهم جسيم.

[28] فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)، أي: مقطوع ما فيه من الشوك و الأغصان الرديئة المضرة، مجعول مكان ذلك الثمر الطيب. و للسدر من الخواص، الظل الظليل، و راحة الجسم فيه.

[29] وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)، و الطلح معروف، و هو شجر كبار، يكون بالبادية، تنضد أغصانه من الثمر اللذيذ الشهي.

[31] وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ‏ (31)، أي: كثير من العيون و الأنهار السارحة، و المياه المتدفقة.

[32- 33] وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ (33)، أي: ليست بمنزلة فاكهة الدنيا تنقطع في وقت من الأوقات، و تكون ممتنعة، أي: متعسرة على‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1005

مبتغيها، بل هي على الدوام موجودة، و جناها قريب يتناوله العبد على أي حال يكون.

[34] وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)، أي:

مرفوعة فوق الأسرة، ارتفاعا عظيما، و تلك الفرش من الحرير و الذهب و اللؤلؤ، و ما لا يعلمه إلا اللّه.

[35] إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35)، أي: إنا أنشأنا نساء أهل الجنة، نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا، نشأة كاملة لا تقبل الفناء.

[36] فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36) صغارهن و كبارهن.

[37] و عموم ذلك يشمل الحور العين، و نساء أهل الدنيا، و أن هذا الوصف- و هو البكارة- ملازم لهن في جميع الأحوال، كما أن كونهن‏ عُرُباً أَتْراباً (37) ملازم لهن في كل حال. و العروب: هي المرأة المتحببة إلى بعلها، و حسن هيئتها و دلالها، و جمالها و محبتها، فهي الّتي إن تكلمت سبت العقول، و ود السامع أن كلامها لا ينقضي، خصوصا عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة، و النغمات المطربة، و إن نظر إلى أدبها و سمتها و دلها ملأت قلب بعلها فرحا و سرورا، و إن انتقلت من محل إلى آخر، امتلأ ذلك الموضع منها ريحا طيبا و نورا. و يدخل في ذلك، الغنجة عند الجماع. و الأتراب اللاتي على سن واحدة، ثلاث و ثلاثين سنة، الّتي هي غاية ما يتمنى أكمل سن الشباب. فنساؤهم عرب أتراب، متفقات مؤتلفات، راضيات مرضيات، لا يحزنّ و لا يحزنّ، بل هن أفراح النفوس، و قرة العيون، و جلاء الأبصار. [38] لِأَصْحابِ الْيَمِينِ‏ (38)، أي: معدات لهم مهيئات.

[39- 40] ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ‏ (40)، أي: هذا القسم، و هم أصحاب اليمين، عدد كثير من الأولين، و عدد كثير من الآخرين.

[41] المراد بأصحاب الشمال، هم أصحاب النار، و الأعمال المشئومة.

[42] فذكر اللّه لهم من العقاب، ما هم حقيقون به، فأخبر أنهم‏ فِي سَمُومٍ‏ ، أي: ريح حارة من حر نار جهنم، تأخذ بأنفاسهم، و تقلقهم أشد القلق.

وَ حَمِيمٍ‏ ، أي: ماء حار يقطع أمعاءهم.

[43] وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ‏ (43)، أي: لهب نار، يختلط بدخان.

[44] لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ‏ (44)، أي: لا برد فيه و لا كرم. و المقصود: أن هناك الهم و الغم، و الحزن و الشر الذي لا خير فيه، لأن نفي الضد إثبات لضده.

[45] ثمّ ذكر أعمالهم الّتي أوصلتهم إلى هذا الجزاء، فقال: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ‏ (45)، أي: قد ألهتهم دنياهم، و عملوا لها، و تنعموا، و تمتعوا بها، فألهاهم الأمل عن إحسان العمل، فهذا هو الترف الذي ذمهم اللّه عليه.

[46] وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ‏ (46)، أي: و كانوا يفعلون الذنوب الكبار، و لا يتوبون منها، و لا يندمون عليها، بل يصرون على ما يسخط مولاهم، فقدموا عليه بأوزار كثيرة، غير مغفورة.

[47- 48] و كانوا ينكرون البعث، فيقولون استبعادا لوقوعه: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَ وَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ‏ (48)، أي:

كيف نبعث بعد موتنا و قد بلينا، فكنا ترابا و عظاما؟ هذا من المحال.

[49] قال تعالى في جوابهم: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ‏ ، إلى: يَوْمٍ مَعْلُومٍ‏ . أي: قل إن متقدم الخلق و متأخرهم، الجميع سيبعثهم اللّه و يجمعهم لميقات يوم معلوم، قدّره اللّه لعباده، حين تنقضي الخليقة، و يريد اللّه جزاءهم على‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1006

أعمالهم الّتي عملوها في دار التكليف.

[51] ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ‏ عن طريق الهدى، التابعون لطريق الردى.

الْمُكَذِّبُونَ‏ بالرسول صلّى اللّه عليه و سلّم و ما جاء به من الحقّ و الوعد و الوعيد،

لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ‏ (52) و هو أقبح الأشجار، و أخسها، و أنتنها ريحا، و أبشعها منظرا،

فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ‏ (53). و الذي أوجب لهم أكلها- مع ما هي عليه من الشناعة- الجوع المفرط، الذي يلتهب في أكبادهم و تكاد تتقطع منه أفئدتهم. هذا الطعام، هو الذي يدفعون به الجوع، و هو لا يسمن و لا يغني من جوع.

[55] و أما شرابهم، فهو بئس الشراب، و هو أنهم يشربون على هذا الطعام من الماء الحميم الذي يغلي في البطون‏ شُرْبَ الْهِيمِ‏ ، و هي الإبل العطاش، الّتي قد اشتد عطشها، أو أن الهيم: داء يصيب الإبل، لا تروى معه من شراب الماء.

[56] هذا الطعام و الشراب‏ نُزُلُهُمْ‏ ، أي: ضيافتهم‏ يَوْمَ الدِّينِ‏ و هي الضيافة الّتي قدموها لأنفسهم، و آثروها على ضيافة اللّه لأوليائه. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا (108).

[57] ثمّ ذكر الدليل العقلي على البعث، فقال: نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ‏ (57)، أي: نحن الّذين أوجدناكم، بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا، من غير عجز و لا تعب، أ فليس القادر على ذلك، بقادر على أن يحيي الموتى؟ بلى إنه على كلّ شي‏ء قدير، و لهذا وبّخهم على عدم تصديقهم بالبعث، و هم يشاهدون ما هو أعظم منه و أبلغ.

[58] أي: أ فرأيتم ابتداء خلقكم من المني الذي تمنون، فهل أنتم خالقون ذلك المني و ما ينشأ منه؟ أم اللّه تعالى الخالق الذي خلق فيكم الشهوة في الذكر و الأنثى، و هدى كلا منهما لما هنالك، و حبب بين الزوجين، و جعل بينهما من المودة و الرحمة ما هو سبب التناسل.

[62] و لهذا أحالهم اللّه تعالى بالاستدلال بالنشأة الأولى، على النشأة الأخرى، فقال: وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى‏ فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ‏ (62) أن القادر على ابتداء خلقكم، قادر على إعادتكم. و هذا امتنان منه على عباده، يدعوهم به، إلى توحيده و عبادته، و الإنابة إليه، حيث أنعم عليهم بما يسره لهم من الحرث للزروع و الثمار، فتخرج من ذلك، من الأقوات و الأرزاق، و الفواكه، ما هو من ضروراتهم، و حاجاتهم و مصالحهم الّتي لا يقدرون أن يحصوها، فضلا عن شكرها، و أداء حقها، فقررهم بمنته، فقال:

[64] أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ‏ (64)، أي: أنتم أخرجتموه نباتا من الأرض؟ أم أنتم الّذين نميتموه؟ أم أنتم الّذين أخرجتم سنبله و ثمره، حتى صار حبا حصيدا و ثمرا نضيجا؟ أم اللّه الذي انفرد بذلك وحده، و أنعم به عليكم؟ و أنتم غاية ما تفعلون أن تحرثوا الأرض و تشقوها، و تلقوا فيها البذر. ثمّ لا علم عندكم بما يكون بعد ذلك، و لا قدرة لكم على أكثر من ذلك، و مع ذلك، فنبههم على أن ذلك الحرث معرض للأخطار، لو لا حفظ اللّه و إبقاؤه بلغة لكم، و متاعا إلى حين.

[65] لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ‏ ، أي: الزرع المحروث، و ما فيه من الثمار حُطاماً ، أي: فتاتا متحطما، لا نفع فيه و لا رزق. فَظَلْتُمْ‏ ، أي: فصرتم بسبب جعله حطاما، بعد أن تعبتم فيه، و أنفقتم النفقات الكثيرة. تَفَكَّهُونَ‏ ، أي: تندمون و تتحسرون على ما أصابكم، و يزول بذلك فرحكم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1007

و سروركم، و تفكهكم فتقولون:

[66] إِنَّا لَمُغْرَمُونَ‏ (66)، أي: إنا قد نقصنا و أصابتنا مصيبة اجتاحتنا.

[67] ثمّ تعرفون بعد ذلك، من أين أتيتم، و بأي سبب دهيتم، فتقولون: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ‏ (67). فاحمدوا اللّه تعالى حيث زرعه لكم، ثمّ أبقاه و كمله لكم، و لم يرسل عليه من الآفات ما به تحرمون نفعه و خيره.

[68- 70] لما ذكر تعالى نعمته على عباده بالطعام، ذكر نعمته عليهم بالشراب العذب الذي منه يشربون، و أنه لو لا أن اللّه يسره و سهله، لما كان لكم إليه سبيل، و أنه الذي أنزله من المزن، و هو السحاب و المطر، الذي ينزله اللّه تعالى، فتكون منه الأنهار الجارية على وجه الأرض، و في بطنها، و تكون منه الغدران المتدفقة. و من نعمته تعالى أن جعله عذبا فراتا، تسيغه النفوس، و لو شاء لجعله ملحا أجاجا، لا ينتفع به. فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ‏ اللّه تعالى على ما أنعم به عليكم.

[71- 72] و هذه نعمة تدخل في الضروريات، الّتي لا غنى للخلق عنها، فإن الناس محتاجون إليها في كثير من أمورهم و حوائجهم، فقررهم تعالى بالنار الّتي أوجدها في الأشجار، و أن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، و إنما اللّه تعالى قد أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد، بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفأوها و أخمدوها.

[73] نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً للعباد بنعمة ربهم، و تذكرة بنار جهنم، الّتي أعدها اللّه للعاصين، و جعلها سوطا، يسوق به عباده إلى دار النعيم. وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ‏ ، أي: المنتفعين أو المسافرين، و خص اللّه المسافرين لأن نفع المسافر أعظم من غيره، و لعل السبب في ذلك؛ لأن الدنيا كلها دار سفر، و العبد من حين ولد، فهو مسافر إلى ربه، فهذه النار، جعلها اللّه متاعا للمسافرين في هذه الدار، و تذكرة لهم بدار القرار.

[74] فلما بين من نعمه ما يوجب الثناء عليه من عباده، و شكره، و عبادته، أمر بتسبيحه و تعظيمه، فقال: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ‏ (74)، أي: نزه ربك العظيم، كامل الأسماء و الصفات، كثير الإحسان و الخيرات. و احمده بقلبك، و لسانك، و جوارحك، لأنه أهل لذلك، و هو المستحق لأن يشكر فلا يكفر، و يذكر فلا ينسى، و يطاع فلا يعصى.

[75] أقسم تعالى بالنجوم و مواقعها، أي: مساقطها في مغاربها، و ما يحدث اللّه في تلك الأوقات، من الحوادث الدالة على عظمته و كبريائه و توحيده.

[76- 77] ثمّ عظم هذا المقسم به، فقال: وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ‏ (76). و إنما كان القسم عظيما، لأن في النجوم و جريانها، و سقوطها عند مغاربها، آيات و عبرا، لا يمكن حصرها. و أما المقسم عليه، فهو إثبات القرآن، و أنه حق لا ريب فيه، و لا شك يعتريه. و أنه كريم، أي: كثير الخير، غزير العلم، و كلّ خير و علم، فإنما يستفاد من كتاب اللّه و يستنبط منه.

[78] فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ‏ (78)، أي: مستور عن أعين الخلق، و هذا الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ، أي: إن هذا القرآن، مكتوب في اللوح المحفوظ، و معظم عند اللّه، و عند ملائكته في الملأ الأعلى. و يحتمل أن المراد بالكتاب المكنون هو الكتاب الذي بأيدي الملائكة الّذين ينزلهم اللّه لوحيه و رسالته، و أن المراد بذلك أنه مستور عن الشياطين، لا قدرة لهم على تغييره، و لا الزيادة و النقص منه و استراقه.

[79] لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‏ (79)، أي: لا يمس القرآن إلا الملائكة الكرام،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1008

الّذين طهرهم اللّه تعالى من الآفات، و الذنوب، و العيوب.

و إذا كان لا يمسه إلا المطهرون، و أن أهل الخبث و الشياطين، لا استطاعة لهم، و لا يدان إلى مسه، دلت الآية- تنبيها- على أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر.

[80] تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ (80)، أي: إن هذا القرآن الموصوف بتلك الصفات الجليلة، هو تنزيل رب العالمين، الذي يربي عباده، بنعمه الدينية و الدنيوية. و أجل تربية ربى بها عباده، إنزاله هذا القرآن، الذي قد اشتمل على مصالح الدارين، و رحم اللّه به العباد رحمة، لا يقدرون لها شكورا.

[81] و مما يجب عليهم أن يقوموا به و يعلنوه، و يدعوا إليه و يصدعوا به، و لهذا قال: أَ فَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ‏ (81)، أي: أ فبهذا الكتاب العظيم و الذكر الحكيم‏ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ‏ ، أي: تختفون، و تدلون خوفا من الخلق و عارهم و ألسنتهم؟ هذا لا ينبغي و لا يليق، إنما يليق أن يداهن بالحديث الذي لا يثق صاحبه منه. و أما القرآن الكريم فهو الحقّ الذي لا يغالب به مغالب، إلا غلب، و لا يصول به صائل إلا كان العالي على غيره، و هو الذي لا يداهن به و يختفى، بل يصدع به و يعلن.

[82] و قوله: وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ‏ (82)، أي: تجعلون مقابلة منة اللّه عليكم بالرزق بالتكذيب و الكفر لنعمة اللّه، فتقولون: مطرنا بنوء كذا و كذا، و تضيفون النعمة لغير مسديها و موليها. فهلا شكرتم اللّه على إحسانه، إذ أنزله إليكم، ليزيدكم من فضله، فإن التكذيب و الكفر، داع لرفع النعم، و حلول النقم.

[83- 85] فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ‏ (85)، أي: فهلا إذا بلغت الروح الحلقوم، و أنتم تنظرون المحتضر في هذه الحالة. و الحال أنا نحن أقرب إليه منكم، بعلمنا و ملائكتنا، و لكن لا تبصرون.

[86] فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ‏ (86)، أي: فهلا إذ كنتم تزعمون، أنكم غير مبعوثين و لا محاسبين و مجزيين‏

تَرْجِعُونَها ، أي: إلى بدنها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ و أنتم تقرون أنكم عاجزون عن ردها إلى موضعها. فحينئذ إما أن تقروا بالحق الذي جاء به محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و إما أن تعاندوا فتعلم حالكم و سوء مآلكم.

[88] ذكر اللّه تعالى أحوال الطوائف الثلاث: المقربين، و أصحاب اليمين، و المكذبين الضالين في أول السورة في دار القرار. ثمّ ذكر أحوالهم في آخرها، عند الاحتضار و الموت، فقال: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ‏ (88)، أي:

إن كان الميت من المقربين إلى اللّه، المتقربين إليه بأداء الواجبات و المستحبات، و ترك المحرمات و المكروهات، و فضول المباحات.

[89] فلهم روح، أي: راحة و طمأنينة، و سرور و بهجة، و نعيم القلب و الروح. وَ رَيْحانٌ‏ و هو أسم جامع لكل لذة بدنية، من أنواع المآكل و المشارب و غيرها، و قيل: الريحان هو: الطيب المعروف، فيكون من باب التعبير بنوع الشي‏ء عن جنسه العام. وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ‏ جامعة للأمرين كليهما، فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر، فيبشر المقربون عند الاحتضار بهذه البشارة، الّتي تكاد تطير منها الأرواح، فرحا و سرورا. كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1009

تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ‏ (32). و قد فسر قوله تعالى: لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ أن هذه البشارة المذكورة، هي البشرى في الحياة الدنيا.

[90] و قوله: وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ‏ (90)، و هم الّذين أدوا الواجبات و تركوا المحرمات، و إن حصل منهم بعض التقصير في بعض الحقوق، الّتي لا تخل بإيمانهم و توحيدهم، فيقال لأحدهم: سلام‏ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ‏ (91)، أي: سلام حاصل لك من إخوانك أصحاب اليمين، أي: يسلمون عليه و يحيونه عند وصوله إليهم، و لقائهم له، أو يقال له: سلام لك من الآفات و البليات و العذاب، لأنك من أصحاب اليمين، الّذين سلموا من الموبقات.

[92] وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ‏ (92)، أي: الّذين كذبوا بالحق، و ضلوا عن الهدى.

[93- 94] فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ‏ (94)، أي: ضيافتهم يوم قدومهم على ربهم تصلية الجحيم، الّتي تحيط بهم، و تصل إلى أفئدتهم. و إذا استغاثوا من شدة العطش و الظمأ يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً .

[95] إِنَّ هذا الذي ذكره اللّه تعالى، من جزاء العباد بأعمالهم، خيرها و شرها، و تفاصيل ذلك‏ لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ‏ ، أي: الذي لا شك فيه و لا مرية. بل هو الحقّ الثابت، الذي لا بد من وقوعه. و قد أشهد اللّه عباده، الأدلة القواطع على ذلك، حتى صار عند أولي الألباب كأنهم ذائقون له، مشاهدون لحقيقته، فحمدوا اللّه تعالى على ما خصهم من هذه النعمة العظيمة، و المنحة الجسيمة. و لهذا قال تعالى:

[96] فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ‏ (96) فسبحان ربنا العظيم، و تعالى و تنزه عما يقول الظالمون و الجاحدون علوا كبيرا. و الحمد للّه رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. تم تفسير سورة الواقعة.

تفسير سورة الحديد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] يخبر تعالى عن عظمته و جلاله، و سعة سلطانه أن جميع ما في السماوات و الأرض، من الحيوانات الناطقة و غيرها، و الجوامد، تسبّح بحمد ربها، و تنزهه عما لا يليق بجلاله. و أنها قانتة لربها، منقادة لعزته، قد ظهرت فيها آثار حكمته، و لهذا قال: وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ ، فهذا فيه بيان عموم افتقار المخلوقات العلوية و السفلية لربها، في جميع أحوالها، و عموم عزته و قهره للأشياء كلها، و عموم حكمته في خلقه و أمره.

[2] ثمّ أخبر عن عموم ملكه، فقال: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ‏ . أي: هو الخالق للمخلوقات، الرازق المدبر لها، بقدرته‏ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

[3] هُوَ الْأَوَّلُ‏ الذي ليس قبله شي‏ء، وَ الْآخِرُ الذي ليس بعده شي‏ء. وَ الظَّاهِرُ الذي ليس فوقه شي‏ء، وَ الْباطِنُ‏ الذي ليس دونه شي‏ء. وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏ قد أحاط علمه بالظواهر و البواطن، و السرائر و الخفايا، و الأمور المتقدمة و المتأخرة.

صفحه بعد