کتابخانه تفاسیر
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 160
و الرّحمن «1» : صفة مبالغة من الرحمة، معناها: أنه انتهى إلى غاية الرحمة، و هي صفة تختصّ باللّه تعالى، و لا تطلق على البشر، و هي أبلغ من فعيل، و فعيل أبلغ من فاعل؛ لأن راحما يقال لمن رحم و لو مرة واحدة، و رحيما يقال لمن كثر منه ذلك، و الرحمن النهاية في الرحمة «2» .
(1) ينظر: «الأسنى في شرح أسماء اللّه الحسنى» للإمام القرطبي، (1/ 61: 92)
(2) قال الشيخ أبو حيان: «و كان القياس الترقي كما تقول: عالم نحرير، و شجاع باسل، لكن أردف الرحمن الذي يتناول جلائل النعم و أصولها، ليكون كالتتمة و الرديف؛ ليتناول ما دق منها و ما لطف، و اختاره الزمخشري».
ينظر: «البحر المحيط» (1/ 128)
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 161
قال ابن عبّاس و غيره: إنها مكية «1» ؛ و يؤيد هذا أن في سورة الحجر: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي [الحجر: 87]، و الحجر مكية بإجماع، و في حديث أبي بن كعب أنّها السبع المثاني «2» .
و لا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة، و ما حفظ أنه كانت قط في الإسلام صلاة بغير: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، و روي عن عطاء بن يسار «3» و غيره؛ ...
(1) ذكره السمرقندي في «تفسيره» (1/ 78)، و ابن كثير (1/ 8) عن ابن عباس، و قتادة، و أبي العالية.
و السيوطي في «الدر» (1/ 19- 20) عن علي و قتادة. و قال الحافظ في «الفتح» (8/ 9): إن الفاتحة مكية، و هو قول الجمهور.
(2) أخرجه الترمذي (5/ 297)، كتاب «تفسير القرآن»، باب سورة الحجر، حديث (3125)، (5/ 155)، كتاب «فضائل القرآن»، باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب، حديث (2875)، و النسائي (2/ 139)، كتاب «الافتتاح»، باب تأويل قول اللّه (عز و جل): وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ، حديث (914)، و في «التفسير» (1/ 523- 524)، رقم (225)، و الطبري في «تفسيره» (9/ 142)، و أحمد (2/ 412- 413)، و الدارمي (2/ 446)، و عبد اللّه بن أحمد في «زوائد المسند» (5/ 114)، و عبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص 86)، رقم (165)، و أبو يعلى (11/ 367- 368)، رقم (6482)، و ابن خزيمة (1/ 252)، رقم (500، 501)، و ابن حبان (3/ 53)، رقم (775- الإحسان)، و الحاكم (1/ 557)، و البيهقي (2/ 375- 376)، كلهم من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب به.
و قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
و صححه الحاكم، و وافقه الذهبي.
و صححه ابن خزيمة و ابن حبان.
و الحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 21) و زاد نسبته إلى أبي عبيد، و ابن المنذر، و ابن مردويه، و أبي ذر الهروي في «فضائل القرآن».
(3) عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد المدني، أحد الأعلام. عن مولاته ميمونة، و ابن مسعود، و أبيّ بن كعب، و أبي ذرّ و خلق. و عنه أبو سلمة، و حبيب بن أبي ثابت، و أبو جعفر الباقر، و عمرو بن دينار، و خلق. قال النسائي: ثقة. قال الهيثم بن عديّ: توفي سنة سبع و تسعين. و قال عمرو بن علي: سنة.
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 162
أنها مدنية «1» ، و أما أسماؤها فلا خلاف أنه يقال لها فاتحة الكتاب، و اختلف، هل يقال لها أم الكتاب؟ فكره ذلك الحسن بن أبي الحسن، و أجازه ابن عبّاس و غيره «2» .
و في تسميتها ب «أمّ الكتاب» حديث رواه أبو هريرة «3» ، و اختلف هل يقال لها: «أمّ القرآن»؟ فكره ذلك ابن سيرين «4» ، و جوزه جمهور العلماء.
و سميت «المثاني»؛ لأنها تثنّى في كل ركعة «5» ؛ و قيل: لأنها استثنيت لهذه الأمة.
و أما فضل هذه السورة، فقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في حديث أبيّ بن كعب؛ أنّها لم ينزل في التوراة، و لا في الإنجيل، و لا في الفرقان مثلها «6» ، و روي أنها تعدل ثلثي القرآن، و هذا العدل إما أن يكون في المعاني، و إما أن يكون تفضيلا من اللّه تعالى لا يعلل؛ و كذلك يجيء عدل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1] و عدل: إِذا زُلْزِلَتِ [الزلزلة: 1] و غيره.
- ثلاث و مائة.
ينظر: «تهذيب الكمال» (2/ 938)، و «تهذيب التهذيب» (7/ 317)، و «تقريب التهذيب» (2/ 23)، و «سير الأعلام» (4/ 448)
(1) ذكره البغوي في «تفسيره» (1/ 37)، و الماوردي في «تفسيره» (1/ 45)، و السيوطي في «الدر» (1/ 20)، و عزاه لوكيع في «تفسيره». كلهم عن مجاهد. و ابن كثير (1/ 8) عن أبي هريرة، و مجاهد، و عطاء بن يسار، و الزهري. و قال ابن كثير: و الأولى أشبه «أي أنها مكية»، لقوله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي و اللّه تعالى أعلم.
(2) أخرجه البخاري معلقا (8/ 6). و ذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 46)، و ابن كثير (1/ 8). و قال الحافظ في «الفتح» (8/ 6): و يأتي في تفسير «الحجر» حديث أبي هريرة مرفوعا: «أم القرآن هي السبع المثاني» و لا فرق بين تسميتها بأم القرآن، و أم الكتاب، و لعل الذي كره ذلك وقف عند لفظ «الأم».
(3) أخرجه الترمذي (5/ 297)، كتاب «التفسير»، باب و من سورة الحجر، حديث (3124)، و أبو داود (1/ 461)، كتاب «الصلاة»، باب فاتحة الكتاب، حديث (1457) من طريق ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: «الحمد للّه أم القرآن، و أم الكتاب و السبع المثاني».
و أخرجه البخاري (8/ 232) بلفظ: «أم القرآن هي السبع، و القرآن العظيم».
و أخرجه البغوي في «شرح السنة» (3/ 13- بتحقيقنا)، و قال: هذا حديث صحيح، و أراد بأم القرآن فاتحة الكتاب، و سميت بأم القرآن؛ لأنها أصل القرآن، و أم كل شيء أصله، و سميت مكة أم القرى كأنها أصلها و معظمها، و قيل: سميت أم القرآن، لأنها تتقدم القرآن، و كل من تقدم شيئا فقد أمه».
(4) ينظر: الماوردي في «تفسيره» (1/ 46)، و ابن كثير (1/ 8)، و الحافظ في «الفتح» (8/ 6)، و السيوطي في «الدر» (1/ 20)، و عزاه لابن ضريس في «فضائل القرآن».
(5) ينظر: «تفسير الطبري» (1/ 103) طبعة أحمد شاكر.
(6) تقدم تخريجه قريبا.
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 163
* ت*: و نحو حديث أبيّ حديث أبي سعيد بن المعلّى «1» ؛ إذ قال له صلّى اللّه عليه و سلم: «ألا أعلّمك أعظم سورة في القرآن الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ؛ هي السّبع المثاني، و القرآن العظيم الّذي أوتيته». رواه البخاري، و أبو داود، و النسائيّ، و ابن ماجة. انتهى من «سلاح المؤمن» تأليف الشيخ المحدّث أبي الفتح تقي الدّين محمّد بن علي بن همام «2» - رحمه اللّه-.
[سورة الفاتحة (1): الآيات 2 الى 3]
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3)
الحمد: معناه الثناء الكامل، و الألف و اللام فيه لاستغراق الجنس من المحامد، و هو أعم من الشكر؛ لأنّ الشكر إنما يكون على فعل جميل يسدى إلى الشاكر، و الحمد المجرّد هو ثناء بصفات المحمود.
قال* ص «3» *: و هل الحمد بمعنى الشكر أو الحمد أعمّ، أو الشكر ثناء على اللّه بأفعاله، و الحمد ثناء عليه بأوصافه؟ ثلاثة أقوال. انتهى.
قال الطبريّ «4» : الحمد للّه: ثناء أثنى به على نفسه تعالى، و في ضمنه أمر عباده أن يثنوا به عليه؛ فكأنه قال: قولوا: الحمد للّه/، و على هذا يجيء: قولوا: إِيَّاكَ ، و اهْدِنَا .
(1) أبو سعيد بن المعلّى بن لوذان بن حبيب بن عدي بن زيد بن ثعلبة بن مالك بن زيد مناة الأنصاري، اسمه رافع، له أحاديث، انفرد له البخاري بحديث. و عنه حفص بن عاصم. قال الزيادي: مات سنة ثلاث و سبعين.
ينظر: «الخلاصة» (3/ 219)، و «تهذيب التهذيب» (12/ 107)، و «التاريخ الكبير» (9/ 34)
(2) «سلاح المؤمن» لتقي الدين أبي الفتح محمد بن محمد بن علي بن همام، المصري، الشافعي، المتوفى سنة خمس و أربعين و سبعمائة. اشتهر في حياته بالغرناطي. أوله: الحمد للّه المنعم على خلقه بجميع آلائه. إلخ، بوبه على واحد و عشرين بابا، و قد اختصره الذهبي محمد بن أحمد الحافظ المتوفى سنة ثمان و أربعين و سبعمائة. ينظر: «كشف الظنون» (2/ 994، 995)
(3) «المجيد» ص 50.
(4) «تفسير الطبري» (1/ 139- 140)، و قد استدل أبو جعفر على حذف ما تعرفه العرب في أحاديثها بقول الشاعر: [الوافر]
و اعلم أنني سأكون رمسا
إذا سار النواعج لا يسير
فقال السائلون لمن حفرتم؟
فقال المخبرون لهم: وزير
ثم قال: يريد بذلك، فقال المخبرون لهم: الميت وزير، فأسقط الميت؛ إذ كان قد أتى من الكلام بما دل على ذلك ...».
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 164
قال: و هذا من حذف العرب ما يدلّ ظاهر الكلام عليه، و هو كثير.
و الرب؛ في اللغة: المعبود، و السيد المالك، و القائم بالأمور المصلح لما يفسد منها، فالرب على الإطلاق هو ربّ الأرباب على كل جهة، و هو اللّه تعالى.
و العالمون: جمع عالم، و هو كل موجود سوى اللّه تعالى، يقال لجملته: عالم، و لأجزائه من الإنس و الجن و غير ذلك عالم، عالم، و بحسب ذلك يجمع على العالمين، و من حيث عالم الزمان متبدّل في زمان آخر، حسن جمعها، و لفظة العالم جمع لا واحد له من لفظه، و هو مأخوذ من العلم و العلامة؛ لأنه يدل على موجده؛ كذا قال الزّجّاج «1» ، قال أبو حيّان «2» : الألف و اللام في العالمين للاستغراق، و هو جمع سلامة، مفرده عالم، اسم جمع، و قياسه ألا يجمع، و شذّ جمعه أيضا جمع سلامة؛ لأنه ليس بعلم و لا صفة.
* م*: و ذهب ابن مالك «3» في «شرح التّسهيل» إلى أن «عالمين» اسم جمع لمن يعقل، و ليس جمع عالم؛ لأن العالم عامّ، و «عالمين» خاصّ، قلت: و فيه نظر. انتهى.
و قد تقدّم القول في الرحمن الرحيم.
[سورة الفاتحة (1): الآيات 4 الى 5]
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ : الدّين في كلام العرب على أنحاء، و هو هنا الجزاء يوم الدين، أي: يوم الجزاء على الأعمال و الحساب بها؛ قاله ابن عباس «4» و غيره؛ مدينين:
محاسبين «5» ، و حكى أهل اللغة: دنته بفعله دينا؛ بفتح الدال، و دينا؛ بكسرها: جزيته؛
(1) «معاني القرآن و إعرابه» لأبي إسحاق الزجاج (1/ 46)
(2) «البحر المحيط» (1/ 132)، و ينظر «المجيد» ص (53)
(3) محمد بن عبد اللّه بن مالك الطائي الجيّاني، أبو عبد اللّه، جمال الدين، أحد الأئمة في علوم العربية.
ولد في حيان ب «الأندلس» سنة 600 ه. و انتقل إلى دمشق، فتوفي فيها سنة (672) ه. من كتبه:
«الألفية» و هو أشهرها في النحو، و «تسهيل الفوائد» في النحو أيضا، و كذلك «الكافية الشافية» أرجوزة في نحو ثلاثة آلاف بيت، و «إيجاز التعريف» في الصرف، و «العروض».
ينظر: «الأعلام» (6/ 233)، «بغية الوعاة» (53)، «آداب اللغة» (3/ 140)، و «طبقات السبكي» (5/ 28)
(4) أخرجه ابن جرير (9/ 292) (25889)، و ذكره السيوطي في «الدر» (5/ 65) عن ابن عباس، و القرطبي (1/ 125)
(5) أخرجه ابن جرير (10/ 491) برقم (29383)، عن قتادة، و (10/ 491) رقم (29384)، عن السدي.
و ذكره السيوطي في «الدر» (5/ 519)، و القرطبي (1/ 125)
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 165
و منه قول الشاعر: [الكامل]
و اعلم يقينا أنّ ملكك زائل
و اعلم بأنّ كما تدين تدان «1»
إِيَّاكَ نَعْبُدُ : نطق المؤمن به إقرار بالربوبية، و تذلّل و تحقيق لعبادة اللّه؛ و قدّم «إيّاك» على الفعل اهتماما، و شأن العرب تقديم الأهمّ، و اختلف النحويّون في «إياك» «2» ، فقال الخليل «3» : «إيّا»: اسم مضمر أضيف إلى ما بعده؛ للبيان لا للتعريف، و حكى عن العرب: «إذا بلغ الرّجل السّتّين، فإيّاه و إيّا الشّوابّ»، و قال المبرّد: إيّا: اسم مبهم أضيف للتخصيص لا للتعريف، و حكى ابن كيسان «4» عن بعض الكوفيّين أنّ «إيّاك» بكماله اسم
(1) ينظر: «مجاز القرآن» (1/ 23)، «الكامل» (1/ 426)، «إعراب ثلاثين سورة» لابن خالويه (241)، «الجمهرة» (2/ 306)، «الخزانة» (4/ 230)، «جمهرة الأمثال» للعسكري (169)، «المخصص» (17/ 155)، «تفسير الطبري» (1/ 155)، «القرطبي» (1/ 101)، «الدر المصون» (1/ 72)، «اللسان و التاج» (دين)
(2) اختلف النحويون في «ايا» هل هو من قبيل الأسماء الظاهرة أو المضمرة؟ فالجمهور على أنه مضمر، و قال الزجاج: هو اسم ظاهر. و قال ابن درستويه. إنه بين الظاهر و المضمر. و قال الكوفيون: مجموع «ايا» و لواحقها هو الضمير. و القائلون بأنه ضمير اختلفوا فيه على أربعة أقوال:
أحدها: أنه كله ضمير.
و الثاني: أن «ايا» وحده ضميره، و ما بعده اسم مضاف إليه يبين ما يراد به من تكلم، و غيبة، و خطاب.
و الثالث: أن «ايا» عماد، و ما بعده هو الضمير، و شذت إضافته إلى الظاهر في قولهم: «إذا بلغ الرجل الستين، فإياه و ايا الشواب» بإضافة «ايا» إلى الشواب. و هذا يؤيد قول من جعل الكاف و الهاء و الياء في محل جر إذا قلت: إياك، إياه، إياي.
ينظر: «الدر المصون» (1/ 73)، و «همع الهوامع» (1/ 61)، و «الكتاب» (2/ 355)، و «شرح الكافية» (2/ 12)، و «سر صناعة الإعراب» (1/ 311)، و «شرح المفصل» (3/ 98)، و «الإنصاف» (2/ 695)
(3) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم، الفراهيدي، الأزدي، اليحمدي، أبو عبد الرحمن، ولد سنة (100) ه. في البصرة. من أئمة اللغة و الأدب، و واضع علم العروض، و هو أستاذ سيبويه النحوي، عاش فقيرا صابرا. قال النضر بن شميل: ما رأى الراءون مثل الخليل، و لا رأى الخليل مثل نفسه. فكر في ابتكار طريقة في الحساب تسهله على العامة؛ فدخل المسجد و هو يعمل فكره؛ فصدمته سارية و هو غافل، فكانت سبب موته سنة (170) ه. ب «البصرة». من كتبه «العين»، و «معاني الحروف»، و «العروض»، و «النغم».
ينظر: «وفيات الأعيان» (1/ 172)، «إنباه الرواة» (1/ 341)، «نزهة الجليس» (1/ 80)، «الأعلام» (2/ 314)
(4) محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو الحسن المعروف ب «ابن كيسان»: عالم بالعربية من أهل «بغداد»، أخذ عن المبرد و ثعلب، من كتبه «المهذب» في النحو، «غريب الحديث»، «معاني القرآن»، «المختار في علل النحو» توفي من (299) ه.
ينظر: «إرشاد الأريب» (6/ 280)، «معجم المطبوعات» (229). «نزهة الألباء» (301)، «شذرات الذهب» (2/ 232)، «كشف الظنون» (1703)، «مصابيح الكتاب»، «الأعلام» (5/ 308)
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 166
مضمر، و لا يعرف اسم مضمر يتغيّر آخره غيره، و حكي عن بعضهم أنه قال: الكاف و الهاء و الياء هو الاسم المضمر، لكنها لا تقوم بأنفسها، و لا تكون إلا متصلات، فإذا تقدّمت الأفعال جعل «إيّا» عمادا لها، فيقال: إيّاك، و إيّاه، و إيّاي، فإذا تأخرت، اتصلت بالأفعال، و استغني عن «إيّا».
و نَعْبُدُ : معناه: نقيم الشرع و الأوامر مع تذلّل و استكانة، و الطريق المذلّل يقال له معبّد، و كذلك البعير.
و نَسْتَعِينُ ؛ معناه نطلب العون منك في جميع أمورنا، و هذا كله تبرّ من الأصنام.
[سورة الفاتحة (1): الآيات 6 الى 7]
و قوله تعالى: اهْدِنَا : رغبة؛ لأنها من المربوب إلى الرب، و هكذا صيغ الأمر كلها، فإذا كانت من الأعلى، فهي أمر.
و الهداية؛ في اللغة: الإرشاد، لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسّرون بغير لفظ الإرشاد و كلها إذا تأملت راجعة إلى الإرشاد، فالهدى يجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب، و منه قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: 5] و يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* [النور: 46]، و إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص: 56] فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ [الأنعام: 125] الآية، قال أبو المعالي «1» : فهذه الآيات لا يتجه جلها إلا على خلق الإيمان في القلب، و هو محض الإرشاد «2» .
8 أ و قد جاء الهدى بمعنى الدعاء؛ كقوله تعالى: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ [الرعد: 7] أي: داع/ وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى: 52].
(1) عبد الملك بن عبد اللّه بن يوسف بن عبد اللّه بن يوسف بن محمد، العلامة إمام الحرمين، أبو المعالي بن أبي محمد الجويني، ولد سنة (419)، و تفقه على والده، و قعد للتدريس بعده، و حصل أصول الدين و أصول الفقه على أبي القاسم الأسفراييني الإسكاف، و صار إماما، حضر درسه الأكابر، و تفقه به جماعة من الأئمة. قال السمعاني: كان إمام الأئمة على الإطلاق، و من تصانيفه: النهاية و الغياثي و الإرشاد، و غيرهما. مات سنة (478).
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (1/ 255)، «طبقات السبكي» (3/ 249)، «وفيات الأعيان» (2/ 341)، و «الأنساب» (3/ 430)، «شذرات الذهب» (3/ 358)، «النجوم الزاهرة» (5/ 121)، و «معجم البلدان» (2/ 193)