کتابخانه تفاسیر
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 166
مضمر، و لا يعرف اسم مضمر يتغيّر آخره غيره، و حكي عن بعضهم أنه قال: الكاف و الهاء و الياء هو الاسم المضمر، لكنها لا تقوم بأنفسها، و لا تكون إلا متصلات، فإذا تقدّمت الأفعال جعل «إيّا» عمادا لها، فيقال: إيّاك، و إيّاه، و إيّاي، فإذا تأخرت، اتصلت بالأفعال، و استغني عن «إيّا».
و نَعْبُدُ : معناه: نقيم الشرع و الأوامر مع تذلّل و استكانة، و الطريق المذلّل يقال له معبّد، و كذلك البعير.
و نَسْتَعِينُ ؛ معناه نطلب العون منك في جميع أمورنا، و هذا كله تبرّ من الأصنام.
[سورة الفاتحة (1): الآيات 6 الى 7]
و قوله تعالى: اهْدِنَا : رغبة؛ لأنها من المربوب إلى الرب، و هكذا صيغ الأمر كلها، فإذا كانت من الأعلى، فهي أمر.
و الهداية؛ في اللغة: الإرشاد، لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسّرون بغير لفظ الإرشاد و كلها إذا تأملت راجعة إلى الإرشاد، فالهدى يجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب، و منه قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: 5] و يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* [النور: 46]، و إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص: 56] فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ [الأنعام: 125] الآية، قال أبو المعالي «1» : فهذه الآيات لا يتجه جلها إلا على خلق الإيمان في القلب، و هو محض الإرشاد «2» .
8 أ و قد جاء الهدى بمعنى الدعاء؛ كقوله تعالى: وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ [الرعد: 7] أي: داع/ وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى: 52].
(1) عبد الملك بن عبد اللّه بن يوسف بن عبد اللّه بن يوسف بن محمد، العلامة إمام الحرمين، أبو المعالي بن أبي محمد الجويني، ولد سنة (419)، و تفقه على والده، و قعد للتدريس بعده، و حصل أصول الدين و أصول الفقه على أبي القاسم الأسفراييني الإسكاف، و صار إماما، حضر درسه الأكابر، و تفقه به جماعة من الأئمة. قال السمعاني: كان إمام الأئمة على الإطلاق، و من تصانيفه: النهاية و الغياثي و الإرشاد، و غيرهما. مات سنة (478).
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (1/ 255)، «طبقات السبكي» (3/ 249)، «وفيات الأعيان» (2/ 341)، و «الأنساب» (3/ 430)، «شذرات الذهب» (3/ 358)، «النجوم الزاهرة» (5/ 121)، و «معجم البلدان» (2/ 193)
(2) ينظر: ص 486.
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 167
و قد جاء الهدى بمعنى الإلهام؛ من ذلك قوله تعالى: أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه: 50].
قال المفسّرون: ألهم الحيوانات كلّها إلى منافعها.
و قد جاء الهدى بمعنى البيان؛ من ذلك قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ [فصلت: 17] قال المفسّرون: معناه: بيّنّا لهم.
قال أبو المعالي «1» : معناه: دعوناهم، و قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى [الليل: 12]، أي: علينا أن نبيّن.
و في هذا كله معنى الإرشاد.
قال أبو المعالي: و قد ترد الهداية، و المراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان و الطرق المفضية إليها؛ كقوله تعالى في صفة المجاهدين: فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ [محمد: 4- 5] و منه قوله تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ [الصافات: 23]، معناه: فاسلكوهم إليها.
قال* ع «2» *: و هذه الهداية بعينها هي التي تقال في طرق الدنيا، و هي ضدّ الضلال، و هي الواقعة في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ؛ على صحيح التأويلات، و ذلك بيّن من لفظ «الصّراط» و الصراط؛ في اللغة: الطريق الواضح؛ و من ذلك قول جرير «3» : [الوافر]
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوجّ الموارد مستقيم «4»
(1) ينظر: «الإرشاد» ص (190)، و «المحرر الوجيز» (1/ 73)
(2) ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 73)
(3) جرير بن عطية بن حذيفة الخطفى بن بدر الكلبي، اليربوعي، من تميم أشعر أهل عصره، ولد سنة (28) ه. و مات سنة 110 ه. في «اليمامة». و عاش عمره كله يناضل شعراء زمنه و يساجلهم، و كان هجاءا مرّا، فلم يثبت أمامه غير الفرزدق و الأخطل، و كان عفيفا، و هو من أغزل الناس شعرا.
ينظر: «الأعلام» (2/ 19)، «وفيات الأعيان» (1/ 102)، «الشعر و الشعراء» (179)، و «خزانة الأدب» (1/ 36)
(4) البيت في مدح هشام بن عبد الملك، ينظر: ديوانه (507)، «شرح الديوان» لمحمد بن حبيب (1/ 218)، «المحتسب» (1/ 43)، «مجاز القرآن» (1/ 24)، «تفسير الطبري» (1/ 56)، «تفسير القرطبي» (1/ 103)، «اللسان» (سرط)، «الجمهرة» (2/ 330)، «الدر المصون» (1/ 78).
و الموارد: الطرق، واحدها موردة.
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 168
و اختلف المفسّرون في المعنى الذي استعير له «الصّراط» في هذا الموضع: فقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: الصراط المستقيم هنا القرآن «1» ، و قال جابر: هو الإسلام، يعني الحنيفيّة «2» .
و قال محمّد بن الحنفيّة «3» : هو دين اللّه الذي لا يقبل من العباد غيره «4» .
و قال أبو العالية: هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و صاحباه أبو بكر و عمر، أي: الصراط المستقيم طريق محمد صلّى اللّه عليه و سلم و أبي بكر و عمر «5» ، و هذا قويّ في المعنى، إلّا أنّ تسمية أشخاصهم طريقا فيه تجوّز، و يجتمع من هذه الأقوال كلّها أنّ الدعوة هي أن يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيّين و الصّدّيقين و الشهداء و الصالحين في معتقداته، و في التزامه لأحكام شرعه، و ذلك هو مقتضى القرآن و الإسلام؛ و هو حال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و صاحبيه.
و هذا الدعاء إنما أمر به المؤمنون، و عندهم المعتقدات، و عند كل واحد بعض الأعمال، فمعنى قوله: اهْدِنَا فيما هو حاصل عندهم: التثبيت و الدوام، و فيما ليس بحاصل، إما من جهة الجهل به، أو التقصير في المحافظة عليه: طلب الإرشاد إليه، فكلّ
(1) أخرجه ابن جرير (1/ 173) (176)، و ذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 59)، و البغوي في «تفسيره» (1/ 41)، عن علي مرفوعا، و ابن كثير (1/ 27)، عن علي موقوفا عليه.
و قال أحمد شاكر في تحقيقه للطبري: و الإسناد إلى علي بن أبي طالب فيه انهيار.
(2) أخرجه ابن جرير (178)، و صححه الحاكم (2/ 259)، و وافقه الذهبي. و ذكره الماوردي في تفسيره (1/ 59)، و البغوي (1/ 41)، و ابن كثير (1/ 27)، قال: صحيح، و ذكره السيوطي في «الدر» (1/ 40) و عزاه لوكيع، و عبد بن حميد، و ابن المنذر، و ابن جرير، و المحاملي في «أماليه»، و الحاكم. و قال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
(3) محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد، الإمام المعروف ب «ابن الحنفية» أمه خولة بنت جعفر الحنفية، نسب إليها. عن أبيه، و عثمان، و غيرهما. و عنه بنوه: إبراهيم، و عبد اللّه، و الحسن، و عمرو بن دينار، و خلق. قال إبراهيم بن الجنيد: لا نعلم أحدا أسند عن علي أكثر و لا أصح مما أسند محمد بن الحنفية. قال أبو نعيم: مات سنة ثمانين.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 440)، و «تهذيب التهذيب» (9/ 354)، و «الكاشف» (3/ 80)، و «الثقات» (5/ 347)
(4) ذكره الماوردي في «تفسيره» (ص 59)، و ابن كثير (ص 27)، و قال: صحيح.
(5) أخرجه ابن جرير (1/ 105) برقم (184)، و ذكره الماوردي في «تفسيره» (1/ 59)، و البغوي (1/ 41)، و ابن كثير (1/ ص 27، 28)، و قال: صحيح. و ذكره السيوطي في «الدر» (1/ 41)، و عزاه لعبد بن حميد، و ابن جريج، و ابن أبي حاتم، و ابن عدي، و ابن عساكر. و رواه الحاكم في «المستدرك»، عن ابن عباس، و قال: صحيح. و وافقه الذهبي.
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 169
داع به إنما يريد الصراط بكماله في أقواله، و أفعاله، و معتقداته؛ و اختلف في المشار إليهم بأنه سبحانه أنعم عليهم، و قول ابن عبّاس، و جمهور من المفسّرين: أنه أراد صراط النبيّين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين، و انتزعوا ذلك من قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ... الآية [النساء: 66] إلى قوله: رَفِيقاً «1» .
و قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ ، اعلم أنّ حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة، و إنما تنكّرت «غير» و «مثل» «2» مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، و ذلك إذا قلت: رأيت غيرك، فكلّ شيء سوى المخاطب، فهو غيره؛ و كذلك إن قلت: رأيت مثلك، فما هو مثله لا يحصى؛ لكثرة وجوه المماثلة.
و الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ : اليهود، و الضالّون: النصارى؛ قاله ابن مسعود، و ابن عبّاس، مجاهد، و السّدّيّ، و ابن زيد «3» .
و روى ذلك عديّ بن حاتم «4» عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم «5» ، و ذلك بيّن من كتاب اللّه؛ لأنّ ذكر
(1) أخرجه ابن جرير (1/ 106) برقم (188)، و قال أحمد شاكر في تحقيقه للطبري (1/ 178) (188): في إسناده ضعف. و ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 75)، و السيوطي في «الدر» (1/ 42)
(2) هذا يكون في الإضافة المحضة المعنوية لا الإضافة غير المحضة اللفظية.
(3) أخرجه الطبري (1/ 111- 114) بأرقام (200- 201- 202- 205- 214- 219) عن ابن زيد، و مجاهد، عن ابن عباس، و ابن مسعود، و عن ناس من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلم. و ذكره ابن عطية الأندلسي في تفسيره (1/ 77)، و السيوطي في «الدر» (1/ 42- 43).
و ابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم المدني روى عن أبيه، و عن وكيع و ابن وهب، و قتيبة، و خلق. ضعّفه أحمد، و ابن المديني، و النسائي، و غيرهم. توفي سنة (182) ه.
ينظر: «الخلاصة» (2/ 133) (4094)، «الجرح و التعديل» (2/ 232- 233)، و «المغني» (2/ 380)
(4) هو: عدي بن حاتم بن عبد اللّه بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعلب بن عمرو بن عوث بن طيّ ... و قيل في نسبه غير ذلك، أبو الطريف. و قيل: أبو وهب، الطائي.
و هو ابن حاتم الطائي الذي يضرب بكرمه وجوده المثل، و كان هو أيضا كريما جوادا، و قد أسلم بعد أن كان نصرانيا. و روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أحاديث كثيرة، و ثبت هو و قومه بعد موت النبي صلّى اللّه عليه و سلم وردت كثير من العرب، فجاء إلى أبي بكر بصدقة قومه. و أخباره في الكلام كثيرة، و سيرته بين الصحابة شهيرة. توفي سنة (67) و قيل غير ذلك.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (4/ 8)، «الإصابة» (4/ 228)، «الثقات» (1/ 316)، «الاستيعاب» (1057)، «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 376)، «الطبقات الكبرى» (1/ 322)، «التاريخ الكبير» (7/ 43)، «التاريخ الصغير» (1/ 148)، «الجرح و التعديل» (7/ 2)
(5) أخرجه الترمذي (5/ 204)، كتاب «تفسير القرآن»، باب و من سورة فاتحة الكتاب، حديث (2954).-
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 170
8 ب غضب اللّه على اليهود متكرّر فيه؛ كقوله: وَ باؤُ بِغَضَبٍ/ مِنَ اللَّهِ* [آل عمران: 112] قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ ... الآية [المائدة: 60] و غضب اللّه تعالى، عبارة عن إظهاره عليهم محنا و عقوبات و ذلّة، و نحو ذلك ممّا يدلّ على أنه قد أبعدهم عن رحمته بعدا مؤكّدا مبالغا فيه، و النصارى كان محقّقوهم على شرعة قبل ورود شرع محمّد صلّى اللّه عليه و سلم، فلما ورد، ضلّوا، و أما غير متحقّقيهم، فضلالتهم متقرّرة منذ تفرّقت أقوالهم في عيسى عليه السلام، و قد قال اللّه تعالى فيهم: وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [المائدة: 77].
و أجمع الناس على أنّ عدد آي سورة الحمد سبع آيات؛ العالمين آية، الرحيم آية، الدين آية، نستعين آية، المستقيم آية، أنعمت عليهم آية، و لا الضالين آية، و قد ذكرنا عند تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ؛ أن ما ورد من خلاف في ذلك ضعيف.
(القول في «آمين»)
روى أبو هريرة و غيره عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال: «إذا قال الإمام: وَ لَا الضَّالِّينَ ؛ فقولوا «آمين»، فإنّ الملائكة في السّماء تقول: «آمين»، فمن وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدّم من ذنبه» «1» .
- و أحمد (4/ 378- 379)، و ابن حبان (1715- موارد)، و الطبراني في «الكبير» (17/ 99- 100)، رقم (237)، و الطبري في «تفسيره» (1/ 193- شاكر)، رقم (208) و البيهقي في «دلائل النبوة» (5/ 340)، كلهم من طريق سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم به مرفوعا.
و قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، و روى شعبة، عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم الحديث بطوله.
و صححه ابن حبان.
و ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 43)، و زاد نسبته إلى عبد بن حميد، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم. و قد ورد هذا الحديث مرسلا.
أخرجه سعيد بن منصور (179) ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال لعدي بن حاتم: «المغضوب عليهم: اليهود، و النصارى هم الضالون».
و ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 43)، و زاد نسبته إلى سفيان بن عيينة في «تفسيره». و للحديث طرق أخرى ضعيفة أخرجها الطبري في «تفسيره» (1/ 193).
و للحديث أيضا شاهد من حديث أبي ذر، أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» (1/ 30). و حسنه الحافظ في «الفتح» (8/ 9) فقال: و أخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر.
(1) أخرجه مالك (1/ 88)، كتاب «الصلاة»، باب التأمين خلف الإمام، الحديث (47)، و أحمد (2/ 440)، و البخاري (2/ 266)، كتاب «الأذان»، باب جهر المأموم بالتأمين، الحديث (782)، و مسلم-
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 171
* ت*: و خرج مسلم و أبو داود و النسائيّ من طريق أبي موسى رضي اللّه عنه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم قال: «إذا صلّيتم فأقيموا صفوفكم، ثمّ ليؤمّكم أحدكم، فإذا كبّر فكبّروا، و إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ فقولوا: «آمين»، يجبكم اللّه ...» الحديث «1» . انتهى.
و معنى «آمين»؛ عند أكثر أهل العلم: اللّهمّ، استجب، أو أجب «2» يا ربّ.
و مقتضى الآثار أنّ كل داع ينبغي له في آخر دعائه أن يقول: «آمين»، و كذلك كل
- (1/ 310)، كتاب «الصلاة»، باب النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير، الحديث (87/ 415)، و أبو داود (1/ 575)، كتاب «الصلاة»، باب التأمين وراء الإمام، الحديث (935)، و النسائي (2/ 144)، كتاب «الافتتاح»، باب الأمر بالتأمين خلف الإمام، من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة به بزيادة: «فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
و أخرجه عبد الرزاق (2/ 97)، كتاب «الصلاة»، باب آمين، الحديث (2644) بزيادة، فقال: ثنا معمر، عن الزهري، عن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ ، فقولوا: آمين، فإن الملائكة يقولون: آمين، و إن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
و أخرجه أحمد (2/ 233)، و النسائي (2/ 144)، كتاب «الافتتاح»، باب جهر الإمام بآمين، من طريق معمر به.
(1) أخرجه مسلم (2/ 283: 286- الأبي)، كتاب «الصلاة»، باب التشهد في الصلاة، حديث (62/ 404)، و أبو داود (1/ 319- 320)، كتاب «الصلاة»، باب التشهد، حديث (972)، و النسائي (2/ 196)، كتاب «التطبيق»، باب قوله، ربنا لك الحمد، حديث (1064). و ابن ماجة (1/ 276)، كتاب «الصلاة»، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا، حديث (847)، و أحمد (4/ 393، 394، 401، 405، 415)، و ابن خزيمة (1584، 1593)، و البيهقي (2/ 96)، كلهم من طريق حطان بن عبد اللّه الرقاشي، عن أبي موسى الأشعري مرفوعا.
(2) «آمين» ليست من القرآن إجماعا، و معناها: استجب، فهي اسم فعل مبني على الفتح. و قيل: ليس اسم فعل، بل هو من أسماء الباري تعالى، و التقدير: يا آمين، و قد ضعف أبو البقاء هذا القول بوجهين:
أحدهما: أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن يبنى على الضم؛ لأنه منادى مفرد معرفة.
و الثاني: أن أسماء اللّه تعالى توقيفية.
و في «آمين» لغتان: المد و القصر، تقول العرب: آمين، و أمين، قال الشاعر: [الطويل]
تباعد عنّي فطحلّ إذ دعوته
أمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا
و قال المجنون: [البسيط]
يا ربّ لا تسلبنّي حبّها أبدا
و يرحم اللّه عبدا قال آمينا
ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (1/ 54)، و «الوسيط» (1/ 70)، و «الدر المصون» (1/ 86)، و «الزاهر» (1/ 161)، و «غرائب النيسابوري» (1/ 75)، و ابن كثير (1/ 31)
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج1، ص: 172
قارئ للحمد في غير صلاة، و أما في الصلاة، فيقولها المأموم و الفذّ، و في الإمام في الجهر اختلاف «1» .
و اختلف في معنى قوله صلّى اللّه عليه و سلم: «فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة»، فقيل: في الإجابة، و قيل: في خلوص النية، و قيل: في الوقت، و الذي يترجّح أنّ المعنى: فمن وافق في الوقت مع خلوص النية و الإقبال على الرغبة إلى اللّه بقلب سليم فالإجابة تتبع حينئذ؛ لأنّ من هذه حاله، فهو على الصراط المستقيم.
و في «صحيح مسلم» و غيره عن أبي هريرة قال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم يقول: «قال اللّه عزّ و جلّ: قسمت الصّلاة بيني و بين عبدي نصفين، فنصفها لي، و نصفها لعبدي، و لعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد للّه ربّ العالمين، قال اللّه؛ حمدني عبدي، فإذا قال:
الرّحمن الرّحيم، قال اللّه: أثنى عليّ عبدي، و إذا قال: مالك يوم الدّين، قال: مجّدني عبدي، فإذا قال: إيّاك نعبد و إيّاك نستعين، قال: هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصّراط المستقيم صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضّالّين، قال: هذا لعبدي و لعبدي ما سأل» «2» انتهى، و عند مالك: «فهؤلاء لعبدي».
و أسند أبو بكر بن الخطيب «3» عن نافع «4» عن ابن عمر «5» قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم: «من
(1) ذهب جماعة من الصحابة و التابعين فمن بعدهم إلى الجهر بالتأمين، و به يقول الشافعي، و أحمد، و إسحاق، قال عطاء: كنت أسمع الأئمة- و ذكر ابن الزّبير و من بعده- يقولون: آمين، و يقول من خلفه:
آمين، حتى إنّ للمسجد للجّة.
ينظر: «شرح السنة» (2/ 208)
(2) تقدم تخريجه.
(3) أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي، أحد حفاظ الحديث و ضابطيه المتقنين. ولد سنة (392)، و تفقه على القاضي أبي الطيب الطبري، و أبي إسحاق الشيرازي و أبي نصر ابن الصباغ، و شهرته في الحديث تغني عن الإطناب. قال ابن ماكولا: و لم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله.
و قال الشيرازي: كان أبو بكر يشبه بالدارقطني و نظرائه في معرفة الحديث و حفظه. مات (463).
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (1/ 240)، «طبقات السبكي» (3/ 12)، «وفيات الأعيان» (1/ 76)
(4) نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو سهيل المدني عن ابن عمر، و أنس. و عنه ابن أخيه مالك بن أنس، و الزهري. وثقه أبو حاتم و غيره. قال الواقدي: هلك في إمارة أبي العباس.
ينظر: «تاريخ الإسلام» (5/ 307)، «الثقات» (5/ 471)، «تراجم الأحبار» (4/ 139)، «تاريخ أسماء الثقات» (1473)، «سير الأعلام» (5/ 283)، «تهذيب الكمال» (3/ 1404)، «تهذيب التهذيب» (10/ 409) (737)، «خلاصة تهذيب الكمال» (3/ 89)، «الكاشف» (3/ 197)