کتابخانه تفاسیر
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج5، ص: 122
و قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ الآية، تنبيه على الوحدانيّة بالعبرة في ابن آدم و تدريج خلقه.
و قوله سبحانه: وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ عبارة/ تردّد في الأدراج المذكورة، فمن الناس من يموت قبل أن يخرج طفلا و آخرون قبل الأشدّ، و آخرون قبل الشيخوخة، وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى ، أي: ليبلغ كلّ واحد أجلا مسمّى لا يتعدّاه، و لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ الحقائق إذا نظرتم في هذا و تدبّرتم حكمة اللّه تعالى.
[سورة غافر (40): الآيات 69 الى 77]
و قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ ... الآية في الكفّار المجادلين في رسالة نبيّنا محمّد* ع* و يُسْحَبُونَ معناه يجرّون، و السّحب:
الجرّ، و الحميم الذائب الشديد الحرّ من النار، و يُسْجَرُونَ : قال مجاهد «1» : معناه توقد النّار بهم، و العرب تقول؛ سجرت التّنّور: إذا ملأته نارا، و قال السّدّيّ: يسجرون:
يحرقون «2» ، ثم أخبر تعالى؛ أنهم يقال لهم: أين الأصنام التي كنتم تعبدون في الدنيا؟
فيقولون: ضلّوا، أي: تلفوا لنا و غابوا، ثمّ تضطرب أقوالهم و يفزعون إلى الكذب، فيقولون: بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً ثم يقال لهؤلاء الكفّار المعذبين: ذلِكُمْ :
العذاب الذي أنتم فيه بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ في الدنيا بالمعاصي و الكفر، و تَمْرَحُونَ قال مجاهد: معناه: الأشر و البطر «3» .
(1) أخرجه الطبري (11/ 78) برقم: (30401)، و ذكره البغوي» (4/ 105)، و زاد نسبته لمقاتل، و ابن عطية (4/ 569)، و السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 670)، و عزاه للفريابي، و عبد بن حميد، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم.
(2) أخرجه الطبري (11/ 78) برقم: (30402)، و ذكره ابن عطية (4/ 569)
(3) أخرجه الطبري (11/ 79) برقم: (30405)، و ذكره البغوي (4/ 105)، و ابن عطية (4/ 570)،-
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج5، ص: 123
و قوله تعالى: ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ معناه: يقال لهم قبل هذه المحاورة في أول الأمر: ادخلوا؛ لأنّ هذه المخاطبة إنما هي بعد دخولهم، ثم آنس تعالى نبيّه، و وعده بقوله: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ أي: في نصرك و إظهار أمرك؛ فإنّ ذلك أمر إما أن ترى بعضه في حياتك، فتقرّ عينك به، و إما أن تموت قبل ذلك، فإلى أمرنا و تعذيبنا يصيرون و يرجعون.
قال أبو حيّان «1» : و «ما» في «إمّا» زائدة لتأكيد معنى الشرط، انتهى.
[سورة غافر (40): الآيات 78 الى 81]
و قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ هذه الآية ردّ على العرب الذين استبعدوا أن يبعث اللّه بشرا رسولا.
و قوله تعالى: فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ ... الآية، يحتمل أن يريد بأمر اللّه القيامة، فتكون الآية توعّدا لهم بالآخرة، و يحتمل أن يريد بأمر اللّه إرسال رسول و بعثة نبيّ قضى ذلك و أنفذه بالحقّ؛ و خسر كلّ مبطل.* ت*: و الأول أبين.
و قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها ... الآية، هذه آيات فيها عبر و تعديد نعم، و الْأَنْعامَ : الأزواج الثمانية، و مِنْها الأولى للتبعيض، و قال الطبري «2» في هذه الآية: الأنعام تعمّ الإبل و البقر و الغنم و الخيل و البغال و الحمير، و غير ذلك مما ينتفع به من البهائم، ف مِنْها في الموضعين على هذا للتّبعيض.
[سورة غافر (40): الآيات 82 الى 85]
- و السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 670)، و عزاه للفريابي، و عبد بن حميد، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم.
(1) ينظر: «البحر المحيط» (7/ 456)
(2) ينظر: «تفسير الطبري» (11/ 80)
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج5، ص: 124
و قوله تعالى: أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَ أَشَدَّ قُوَّةً وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ... الآية، هذا احتجاج على قريش بما أظهر سبحانه في الأمم السالفة من نقماته في الكفار الذين كانوا أكثر منهم، و أشدّ قوّة قال أبو حيان «1» : فَما أَغْنى «ما» نافية أو استفهامية بمعنى النفي، انتهى.
و قوله سبحانه: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ الآية، الضمير في (جاءتهم) عائد على الأمم المذكورة، و اختلف المفسّرون في الضمير في فَرِحُوا على من يعود؟ فقال مجاهد و غيره: هو عائد على الأمم المذكورين «2» ، أي: فرحوا بما عندهم من العلم في ظنّهم و معتقدهم من أنهم لا يبعثون و لا يحاسبون، قال ابن زيد: و اغترّوا بعلمهم بالدنيا و المعاش، و ظنوا أنه لا آخرة؛ ففرحوا «3» و هذا كقوله تعالى: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا [الروم: 7] و قالت فرقة: الضمير في فَرِحُوا عائد على الرسل، و في هذا التأويل حذف و تقديره: فلما جاءتهم رسلهم بالبينات، كذّبوهم ففرح الرسل بما عندهم من العلم باللّه و الثقة به، و بأنه سينصرهم، و الضمير في بِهِمْ عائد على الكفار بلا خلاف، ثم حكى سبحانه حالة بعضهم ممّن آمن بعد تلبّس العذاب بهم، فلم ينفعهم ذلك؛ و في ذكر هذا حضّ على المبادرة.
و سُنَّتَ نصب على المصدر،* ت*: و قيل: المعنى: احذروا سنّة اللّه؛ كقوله: ناقَةُ اللَّهِ* [الشمس: 13] قال الفخر، و قوله: هُنالِكَ : اسم مكان مستعار للزّمان، أي: و خسروا وقت رؤية البأس، انتهى، و صلّى اللّه على سيدنا محمّد و على آله و صحبه، و سلّم تسليما.
(1) ينظر: «البحر المحيط» (7/ 457)
(2) أخرجه الطبري (11/ 82) برقم: (30413)، و ذكره البغوي (4/ 106)، و ابن عطية (4/ 571)، و ابن كثير في «تفسيره» (4/ 89)، و السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 670)، و عزاه لعبد بن حميد، و ابن المنذر عن مجاهد.
(3) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (4/ 571)
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج5، ص: 125
تفسير سورة فصلت
و هي مكّيّة
[سورة فصلت (41): الآيات 1 الى 11]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
روي أنّ عتبة بن ربيعة ذهب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم؛ ليحتجّ عليه، و يبيّن له أمر مخالفته لقومه، فلمّا فرغ عتبة من كلامه، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «بسم اللّه الرحمن الرحيم»:
حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ إلى قوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ [السجدة: 13] فأرعد الشيخ، و قفّ شعره، و أمسك على فم النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم، و ناشده بالرّحم أن يمسك «1» ، و قال حين فارقة: و اللّه، لقد سمعت شيئا ما هو بالشّعر، و لا هو بالكهانة، و لا هو بالسّحر، و لقد ظننت أنّ صاعقة العذاب على رأسي، و الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : صفتا رجاء و رحمة للّه عزّ و جلّ، و فُصِّلَتْ معناه بيّنت آياتُهُ أي: فسّرت معانيه،/ ففصّل بين حلاله و حرامه، و وعده و وعيده، و قيل: فصّلت في التنزيل، أي: نزل نجوما، و لم ينزل مرة واحدة، و قيل: فصّلت بالمواقف و أنواع أواخر الآي، و لم يكن يرجع إلى قافية و نحوها؛ كالسّجع و الشعر.
و قوله تعالى: لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قالت فرقة: يعلمون الأشياء، و يعقلون الدلائل، فكأنّ القرآن فصّلت آياته لهؤلاء؛ إذ هم أهل الانتفاع بها، فخصّوا بالذكر؛ تشريفا، و قالت فرقة:
(1) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 673)، و عزاه إلى ابن إسحاق، و ابن المنذر، و البيهقي في «الدلائل»، و ابن عساكر.
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج5، ص: 126
يَعْلَمُونَ : متعلّق في المعنى بقوله: عَرَبِيًّا : أي: لقوم يعلمون ألفاظه، و يتحقّقون أنّها لم يخرج شيء منها عن كلام العرب، و كأنّ الآية على هذا التأويل رادّة على من زعم أنّ في كتاب اللّه ما ليس في كلام العرب، و التأويل الأوّل أبين و أشرف معنى و بيّن أنّه ليس في القرآن إلّا ما هو من كلام العرب، إمّا من أصل لغتها، و إمّا ممّا عرّبته من لغة غيرها، ثم ذكر في القرآن و هو معرّب مستعمل.
و قوله تعالى: فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ نفي لسماعهم النافع الذي يعتدّ به، ثم حكى عنهم مقالتهم التي باعدوا فيها كلّ المباعدة، و أرادوا أن يؤيسوه من قبولهم ما جاء به، و هي:
قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ و أكنّة: جمع كنان، و الوقر: الثّقل في الأذن الذي يمنع السمع.
و قوله تعالى: وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ... الآية: قال الحسن:
المراد بالزكاة: زكاة المال «1» ، و قال ابن عبّاس و الجمهور: الزكاة في هذه الآية: لا إله إلّا اللّه التّوحيد «2» ؛ كما قال موسى لفرعون: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى [النازعات: 18] و يرجّح هذا التأويل أنّ الآية مكّيّة، و زكاة المال إنما نزلت بالمدينة؛ و إنّما هذه زكاة القلب و البدن، أي: تطهيره من المعاصي؛ و قاله مجاهد و الربيع «3» ، و قال الضّحّاك و مقاتل: معنى الزكاة هنا: النفقة في الطاعة «4» ، و غَيْرُ مَمْنُونٍ قال ابن عبّاس: معناه: غير منقوص «5» ، و قالت فرقة: معناه: غير مقطوع؛ يقال: مننت الحبل: إذا قطعته، و قال مجاهد: معناه:
غير محسوب «6» ، قال* ع «7» *: و يظهر في الآية أنّه وصفه بعدم المنّ و الأذى من حيث هو من جهة اللّه تعالى، فهو شريف لا منّ فيه، و أعطيات البشر هي التي يدخلها المنّ، و الأنداد: الأشباه و الأمثال، و هي إشارة إلى كلّ ما عبد من دون اللّه.
(1) أخرجه الطبري (11/ 86) برقم: (30424) عن قتادة، و ذكره البغوي (4/ 107) آية رقم: (7)، و ذكره ابن عطية (5/ 4)
(2) أخرجه الطبري (11/ 86) برقم: (30422)، و ذكره البغوي (4/ 107)، و ابن عطية (5/ 5)، و ابن كثير (4/ 92) ط الحلبي، و السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 675)، و عزاه إلى ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و البيهقي في «الأسماء و الصفات».
(3) ذكره ابن عطية (5/ 5)
(4) ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 108)، و ابن عطية (5/ 5)
(5) أخرجه الطبري (11/ 86) برقم: (30427)، و ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 108)، و ابن عطية (5/ 5)
(6) أخرجه الطبري (11/ 86) برقم: (30428)، و ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 108) آية رقم: (8)، و ابن عطية (5/ 5)
(7) ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 5)
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج5، ص: 127
و قوله تعالى: وَ بارَكَ فِيها أي: جعلها منبتّة للطّيّبات و الأطعمة، و جعلها طهورا إلى غير ذلك من وجوه البركة، و في قراءة ابن مسعود: «و قسّم فيها أقواتها» «1» و اختلف في معنى قوله: أَقْواتَها فقال السّدّيّ: هي أقوات البشر و أرزاقهم، و أضافها إلى الأرض، من حيث هي فيها و عنها «2» ، و قال قتادة: هي أقوات الأرض: من الجبال، و الأنهار، و الأشجار، و الصخور، و المعادن، و الأشياء التي بها قوام الأرض و مصالحها «3» ، و روى ابن عبّاس في هذا حديثا مرفوعا، فشبّهها بالقوت الذي به قوام الحيوان، و قال مجاهد أراد أقواتها من المطر و المياه، و قال الضّحّاك و غيره: أراد بقوله: أَقْواتَها : خصائصها التي قسّمها في البلاد من الملبوس و المطعوم «4» ، فجعل في بلد و في قطر ما ليس في الآخر، ليحتاج بعضهم إلى بعض، و يتقوّت من هذه في هذه، و هذا قريب من الأوّل.
و قوله تعالى: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يريد: باليومين الأولين، و قرأ الجمهور: «سواء» بالنصب على الحال «5» ، أي: سواء هي و ما انقضى فيها، و قرأ أبو جعفر بن القعقاع:
«سواء» «6» - بالرفع-، أي: هي سواء، و قرأ الحسن «7» : «سواء» بالخفض على نعت الأيّام، و اختلف في معنى: «للسائلين»: فقال قتادة معناه: سوآء لمن سأل و استفهم/ عن الأمر و حقيقة وقوعه، و أراد العبرة فيه، فإنّه يجده «8» ، كما قال تعالى، و قال ابن زيد و جماعة:
معناه: مستو مهيّأ أمر هذه المخلوقات و نفعها للمحتاجين إليها من البشر، فعبّر عنهم ب السَّائِلِينَ بمعنى «الطالبين»؛ لأنّه من شأنهم، و لا بدّ طلب ما ينتفعون به، فهم في حكم من سأل هذه الأشياء، إذ هم أهل حاجة إليها، و لفظة «سواء» تجري مجرى عدل و زور، في أن ترد على المفرد و الجمع و المذكر و المؤنث.
(1) ينظر: «الكشاف» (4/ 188)، و «المحرر الوجيز» (5/ 6)
(2) أخرجه الطبري (11/ 89) برقم: (30436)، و ذكره ابن عطية (5/ 6)
(3) أخرجه الطبري (11/ 89) برقم: (30438- 30439)، و ذكره ابن عطية (5/ 6)
(4) أخرجه الطبري (11/ 90) برقم: (30446)، و ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 108) آية رقم: (10)، و ابن عطية (5/ 6)
(5) ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 6)، و «البحر المحيط» (7/ 465)، و «الدر المصون» (6/ 57)
(6) و ذكرت عن يعقوب.
ينظر: «مختصر الشواذ» ص: (134)، و «المحرر الوجيز» (5/ 6)، و «البحر المحيط» (7/ 465)
(7) و قرأ بها عيسى، و ابن أبي إسحاق، و عمرو بن عبيد، و زيد بن علي، و يعقوب.
ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 6)، و «البحر المحيط» (7/ 465)، و «الدر المصون» (6/ 75)
(8) أخرجه الطبري (11/ 91) برقم: (30448- 30449)، و ذكره ابن عطية (5/ 6)، و السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 677)، و عزاه إلى عبد الرزاق، و عبد بن حميد.
جواهر الحسان فى تفسير القرآن، ج5، ص: 128
و قوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ معناه: بقدرته و اختراعه إلى خلق السماء و إيجادها.
و قوله تعالى: وَ هِيَ دُخانٌ روي: أنّها كانت جسما رخوا؛ كالدّخان أو البخار، و روي: أنّه ممّا أمره اللّه تعالى أن يصعد من الماء، و هنا محذوف، تقديره: فأوجدها، و أتقنها، و أكمل أمرها، و حينئذ قال لها و للأرض ائتيا بمعنى ائتيا أمري و إرادتي فيكما، و قرأ ابن عبّاس: «آتيا» «1» بمعنى: أعطيا من أنفسكما من الطاعة ما أردته منكما «2» ، و الإشارة بهذا كلّه إلى تسخيرهما و ما قدّره اللّه من أعمالهما.
و قوله: أَوْ كَرْهاً فيه محذوف تقديره ائتيا طوعا و إلّا أتيتما كرها.
و قوله سبحانه: قالَتا أراد الفرقتين جعل السموات سماء و الأرضين أرضا، و اختلف في هذه المقالة من السّموات و الأرض، هل هو نطق حقيقة أو هو مجاز؟ لما ظهر عليها من التذلّل و الخضوع و الانقياد الذي يتنزل منزلة النطق، قال- عليه السلام «3» : و القول الأوّل: أنّه نطق حقيقة- أحسن؛ لأنه لا شيء يدفعه-، و أنّ العبرة به أتمّ و القدرة فيه أظهر.
[سورة فصلت (41): الآيات 12 الى 15]
و قوله تعالى: فَقَضاهُنَ معناه: فصنعهنّ و أوجدهنّ، و منه قول أبي ذؤيب:
[الكامل]
و عليهما/ مسرودتان قضاهما
داوود أو صنع السّوابغ تبّع «4»
(1) و قرأ بها سعيد بن جبير، و مجاهد.
ينظر: «المحتسب» (2/ 245)، و «المحرر الوجيز» (5/ 7)، و «البحر المحيط» (7/ 466)، و «الدر المصون» (6/ 58)
(2) أخرجه الطبري (11/ 92) برقم: (30452)، و ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 109) آية رقم (11)، و ابن عطية (5/ 7)
(3) ينظر: «المحرر الوجيز» (5/ 7)