کتابخانه تفاسیر
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى
المجلد الاول
المجلد الثانى
المجلد الثالث
المجلد الرابع
المجلد الخامس
المجلد السادس
سورة آل عمران
المجلد السابع
سورة النساء مدينة و آيها مائة و سبعون و خمس آيات
سورة المائدة مائة و عشرون آية
المجلد الثامن
سورة الأنعام مكية و هي مائة و خمس و ستون آية
سورة الأعراف و هي مكية غير ثمان آيات
المجلد العاشر
سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرون آية
سورة يوسف مكية و آيها مائة و إحدى عشر آية قيل إلا ثلاث آيات من أولها
سورة الرعد و هي خمس و أربعون آية
المجلد الحادى عشر
سورة إبراهيم
سورة الحجر مكية و هي تسع و تسعون آية
سورة النحل مكية غير ثلاث آيات في آخرها و هي مائة و ثمان و عشرون آية
سورة الإسراء مكية قيل إلا قوله و إن كادوا إلى آخر ثمان آيات و هي مائة و عشر آيات
المجلد الثانى عشر
سورة الكهف مكية و هي مائة و إحدى عشر آية
سورة مريم مكية إلا آية السجدة و هي ثمان أو تسع و تسعون آية
سورة طه مكية و هي مائة و أربع و ثلاثون آية
سورة الأنبياء
المجلد الثالث عشر
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
المجلد الرابع عشر
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
المجلد الخامس عشر
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
المجلد السادس عشر
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
المجلد السابع عشر
سورة المؤمن و تسمى سورة غافر و سورة الطول مكية
سورة فصلت
سورة الشورى(حم عسق)
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
المجلد الثامن عشر
سورة محمد
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق و القرآن المجيد
سورة و الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
المجلد التاسع عشر
سورة الحشر
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة المنافقين
سورة التغابن
سورة الطلاق
سورة التحريم
سورة الملك
سورة ن
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات
المجلد العشرون
سورة النبا
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانفطار
سورة المطففين
سورة الانشقاق
سورة البروج
سورة الطارق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
سورة الليل
سورة العلق
سورة العاديات
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 86
اخترناه فإنه موجود نحو قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها [هود: 41] و قوله عليه السلام:
«باسمك ربي وضعت جنبي» و قوله عليه السلام: «بسم اللّه و لجنا و بسم اللّه خرجنا» فإذا كان في كل ما صرح بالمتعلق فعل مخصوص فتقدير الفعل الخاص فيما لم يصرح المتعلق به مطابق لذلك و قيل إذ ليس ههنا أمر من جنس الابتداء ليطابقه و يدل عليه بخلاف ما اختاره لأن الذي يتلو التسمية و هو المقروء مطابق للمقدر و دليل عليه نعم كون الحال حال الابتداء دليل على تقدير ابدأ لكنه خال عن المطابقة و الأولوية «1» بهما و توضيحه أن ما يتلو التسمية ليس فعلا موصوفا بالابتداء بل هو أمر موصوف بالقراءة أي المقروئية و كذا المأكول و المذبوح غايته أن المقروء مثلا موصوف بالابتداء فيقال بهذا الاعتبار مبدوء قراءته و لا يقال مبدوء على إطلاقه و بهذا القدر لا يتحقق المطابقة و بالجملة إن الذي يتلو التسمية و يجعل التسمية مبدأ له ليس أمرا موصوفا بالابتداء بل هو أمر موصوف بالقراءة مثلا إلى آخره و إن لها حال الابتداء و الانتهاء و التوسط فكما لا يقدر الانتهاء و التوسط فلا يحسن تقدير الابتداء فلا إشكال بأن الذي يتلو التسمية كما أنه مقروء و يطابق تقدير اقرأ و يدل عليه كذلك هو مبدأ يطابق تقدير ابدأ و يدل عليه فيتساوى الوجهان انتهى إذ قد عرفت أنه ليس مبدوء على إطلاقه بل مبدأ قراءته مثلا على أنه إنما يحسن تقدير ابدأ في الزمانيات كالحركة و القراءة و الأكل و أما في الإنبات كالوصول و سائر ما يقع في الآن فلا يحسن تقدير ابدأ و هذه الوجوه أولى من الوجه الأول إذ عدم وجدان الاستعمال لا يعبر بعدم المطابقة في المحاورات و يتضح منه وجه قوله و يدل عليه.
قوله: (و ما يدل عليه) و الضمير المرفوع للموصول و المجرور لا بدأ و في نسخة و يدل عليه عطفه على يطابقه و المنفي الدلالة الظاهرة مثل ما يدل على تقدير اقرأ و إلا فكون المقام مقام الابتداء دليل في الجملة على تقدير ابدأ كما أشرنا و يحتمل أن يكون المنفي المجموع من حيث المجموع و لا يلزم منه نفي كل واحد منهما فحينئذ ذكر الدلالة لعدم غناءها لا لانتفائها فلا إشكال بأن التعليل يفيد نفي الجواز و المدعي نفي الأولوية إذ القرينة موجودة إما بالجملة أو بالمرة لكن لما كان خاليا عن المطابقة انتفت الأولوية.
قوله: (أو ابتدائي) عطف على ابدأ أي و ذلك أولى من أن يضمر ابتدائي و هو إضمار المصدر مع فاعله و خبره لما أمكن أن يقال تقدير ابتدائي أولى لكون الجملة حينئذ اسمية و لهذا اختاره الإمام أشار إلى رده صريحا بعد انفهامه ضمنا و ألا يفهم من تعليل عدم أولوية قوله: و ابتدائي لزيادة إضمار فيه أقول يشعر كلامه هذا أن ابتدائي حينئذ متعلق الباء لأن الكلام في بيان المتعلق و ليس كذلك لأن المتعلق حينئذ حصل أو حاصل وجه زيادة الإضمار فيه أن المضمر عند تقدير اقرأ كلمتان و عند تقدير ابتدائي أربع كلمات بل خمس.
(1) مبتدأ قوله بهما خبره أي و الأولوية حاصلة بهما أي بالمطابقة و الدلالة معا لا بالدلالة فقط أو بالمطابقة فقط.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 87
ابدأ عدم أولوية ابتدائي بذلك التعليل فليس لذكره بعده كثير نفع و استفدنا منه أن تقدير قراءتي أيضا مرجوح بعلة زيادة الإضمار فيه و تخصيص التعرض بابتدائي لما ذكرنا و القول بأنه يرجح تقدير ابتدائي موافقة لقوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها [هود: 41] و دلالته على الاستمرار مدفوع بأن تقدير الفعل موافق لقوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] فتعارضا فتساقطا و ما ذكره سالم عن المعارضة قوله و دلالته على الاستمرار إن أراد أن الجملة الاسمية تدل عليه بالوضع فلا نسلم ذلك كما نقله المحقق التفتازاني في شرح التلخيص عن عبد القاهر عدم دلالته على ذلك و إن أراد أنها تدل عليه عقلا كما ذهب إليه بعض توفيقا بين الكلامين فلا نسلم ذلك أيضا هنا إذ الابتداء لكونه أمرا غير ممتد لا يحسن فيه اعتبار الدوام و الاستمرار و الدلالة «1» المذكورة بمعونة المقام و اعتباره بالنسبة إلى جميع الأمور ضعيفة فإن مثل هذا ليس بمتعارف.
قوله: (لزيادة إضمار فيه) ليست في تقدير اقرأ لأن مجرد تقدير ذلك المصدر و جعل الباء متعلقة به لا يكفي بل لا بد من تقدير حاصل أو حصل فزاد الإضمار فيه و القول بأن الزيادة لاعتبار زيادة الحروف قاصر لأن تقدير بدئي أيضا فيه زيادة إضمار لما ذكرنا لا لما ذكره فيندفع الاعتراض فيه أيضا بأن حذف الجملة ليس أقل من حذف المضاف و المضاف إليه فإن فيه حذف الخبر أيضا إما حاصل أو حصل فإذا اعتبر حصل يعادل اقرأ و ما سواه زائد عليه ثم إن جعل الجار متعلقا بابتدائي فالخبر مقدر بعد البسملة و هذا هو المفهوم من السوق و إن جعل متعلقا بالخبر يقدر قبلها و على التقديرين الظرف مستقر لما ذكرنا من أن الابتداء «2» منفهم من المقام.
قوله: (و تقديم المعمول) أوقع لما أثبت كون تقدير فعل خاص أولى حاول بيان موقع تقديره و مقتضى السوق و تأخير العامل ههنا أوقع لكون الكلام فيه لكن راعى ما هو المتداول فقال و تقديم المعمول الخ قوله ههنا أي في البسملة الواقعة في أوائل السور لا في أول الفاتحة فقط فإنه احتراز عن مثل قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] على ما اختاره صاحب الكشاف من أن باسم ربك متعلق باقرأ المقدم و رضي به المصنف و أما على ما اختاره صاحب المفتاح فهو متعلق بالمؤخر فلا يكون احترازا و وجهه على ما اختاره أن قوله: و تقديم المعمول ههنا أوقع قوله ههنا تعريض بأن الأوقع في اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] تقديم القراءة لأنها أول سورة نزلت فكانت القراءة هناك أوقع فإن قيل الأكثر على أن أول منزل من القرآن هو الفاتحة أجيب بأنه قد ثبت بالأحاديث الصحيحة أن أول منزل هو اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله: ما لَمْ يَعْلَمْ [العلق: 5] فاختلاف الروايتين محمول على السورة بتمامها فالمراد أن أول سورة نزلت بتمامها هي الفاتحة و لا يضره تقدم نزول بعض من سورة أخرى على الفاتحة.
(1) أي دلالة الجملة الاسمية عقلا على الدوام و الاستمرار إنما هي بمعونة المقام و هذا المقام لا يلائم الدوام.
(2) و لا يضر كونه فعلا خاصا.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 88
القراءة هناك أهم لأنه أول ما نزل فكم من شيء يكون أهم لعارض قال العلامة هنا لأنها أول سورة نزلت «1» و قال السيد السند قد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن أول ما نزل سورة اقرأ إلى قوله ما لم يعلم كما قرره الأئمة في مسألة تأخير البيان فليحمل عليه قوله لأنها أول سورة نزلت و لا ينافي ذلك قول الأكثرين أول سورة نزلت هي الفاتحة و لا قول بعضهم إنها سورة المدثر لأن الخلاف في نزول السورة بتمامها قوله إلى ما لم يعلم دليل واضح على أن مراده أن أول ما نزل بعض آية من سورة اقرأ و لم ينزل قبلها آية فكان الأهم القراءة لأمر عارض و إن كان اسم الرب أهم في ذاته من كل مهم و أما سورة الفاتحة أول سورة نزلت بتمامها فالأولية في الموضعين حقيقة الأولى بالنسبة إلى الآيات و الثانية بالنسبة إلى السورة أما سورة المدثر فأول سورة نزلت بتمامها بعد تأخر الوحي بمدة متطاولة فأولية حقيقة أيضا بالنسبة إليه فلا إشكال «2» أصلا على أن المقام مقام خطابي لا يطلب له برهان يقيني حتى يضر به احتمال و همي أو ظني قوله (أوقع) أي أثبت و أمكن من وقع الحق إذا ثبت و ثباتها باعتبار وقوعها في محل يقتضيها الحال هنا و حاصله أنه أحسن وقعا و أزيد وقوعا في قلب السامع من تقديم العامل قوله (كما في قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها ) [هود: 41] استشهاد بما هو نظير له لا تمثيل إذا جعل الجملة اسمية من مبتدأ أو خبر مقدم عليه فقدم هذا الظرف المستقر لكون اسمه تعالى أهم و فيما نحن فيه ظرف لغو قدم على عامله المحذوف و بهذا الاعتبار صار نظيرا له من حيث إن في كل منهما تقديم ما حقه التأخير مع قطع النظر عن كونه معمولا أو لا يكون أو تمثيل على تقدير أن يكون مجريها عاملا في بسم اللّه بناء على جواز تقدم عامل المصدر عليه لا سيما إذا كان جارا و مجرورا لأنه مصدر ميمي «3» و المعنى ح إجراؤها و إرساؤها باسم اللّه فقط لا بهبوب الرياح في الأول و إلقاء المرساة بكسر الميم في الثاني قوله: كما في بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها [هود: 41] و قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة: 5] و في ضمن التمثيل بأول هذين المثالين استدلال بما صرح به على ما لم يصرح فإن القرآن يفسر بعضه بعضا و المثال الأول ليس من باب تقديم المعمول على عامله لأنه لا يتقدم معمول المصدر عليه بل هو من باب تقديم الخبر على المبتدأ فالتمثيل في مجرد إفادة التقديم الاختصاص و أما ما نحن فيه فمن باب تقديم المعمول على العامل.
(1) و هنا إشكال و هو أن القراءة و إن كانت أهم لعارض فاسم اللّه تعالى أهم لعارض أيضا و هو كونه نصب عين الموحد بحيث لا يخطر بباله شيء إلا و هو سبحانه و تعالى يخطر قبله فتعارض المقتضيان فيتساقطا فتبقى الأهمية الذاتية سالمة عن المعارضة فينبغي تقديم المعمول هنا أيضا و لعل لهذا ذهب إليه صاحب المفتاح تأمل ثم تدبر على أن الدليل لا يشفي العليل إذ كون القراءة أهم يقتضي تقديم القراءة في الذكر و لا يقتضي تعلق باسم به لجواز أن يكون معنى اقرأ أوجد القراءة و باسم ربك متعلقا بالمؤخر و لو اسقط لفظة هنا و قال و تقديم المعمول أوقع اختيارا لمسلك السكاكي لكان أبلغ و احسن كما لا يخفى.
(2) كذا حققه القسطلاني في شرح البخاري في التوفيق بين الأحاديث و الأقاويل.
(3) لأنه إن جعل اسم زمان أو مكان كما في غير هذا الوجه فلا يعمل.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 89
حاصل أو كائن إذ الخبر محذوف كذا قرره المص في تفسير الآية «1» المذكورة و جوز فيه غير هذا الوجه فلا يكون فيه تنظير و لا تمثيل و المحتمل يصلح مثالا و تنظيرا و إن لم يصلح دليلا و لا يضره أن لا يكون الوجه راجحا على سائر وجوه إعرابه فإن غير هذا الوجه قدمه المص هناك و رجحه لكن لا يخل بمقصوده قوله (و قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة: 5]) استشهاد و توضيح بما هو الأشهر و سيجيء بيانه و إنما أورد مثالين نظيرين لأن أحدهما و هو بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها [هود: 41] عين ما نحن فيه على تقدير تعلق بسم اللّه بمجريها و هذا أحد محتملاته كما نقلناه عن المص و نظير ما نحن فيه على تقدير أن تكون الجملة جملة اسمية من مبتدأ و خبر مقدم عليه و على تقدير غير هذا الوجه لا يكون مما نحن فيه و لهذا أورد نظيرا لا يحتمل غيره و هو إياك نعبد و لم يكتف به لأن المثال الأول يصلح أن يكون دليلا على وجوب تقديره مقدما كما اختاره صاحب الكشاف لكن لما كان هذا على وجه واحد من وجوه إعرابه غير المصنف عبارة الكشاف و ترك قوله و الدليل عليه قوله: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها [هود: 41] لكن قدمه عكس ما في الكشاف إشارة إلى كمال مساسه لما نحن فيه و لو على وجه واحد.
قوله: (لأنه أهم) أي المعمول أهم صغرى و كبراها مطوية و هي كل ما هو أهم تقديمه واجب في نظر البليغ و هذا معنى أوقع فتقديم المعمول أوقع أما بيان الصغرى فلأنه لاشتماله على اسم الذات المقدس المعبود بحق المحمود على المطلق كان أهم بحسب اعتناء المتكلم الموحد به فإن اسم اللّه تعالى نصب عين الموحد بحيث لا يخطر بقلبه شيء إلا و قد خطر هو معه بل إلا و قد خطر هو قبله «2» فالمراد بالأهمية الأهمية الناشئة من هذا الوجه لا الأهمية الذاتية و إن كانت متحققة لكن الأهمية المقتضية للتقديم الأهمية العارضة بالأسباب الطارئة و لظهوره لم يتعرض له و أما صاحب الكشاف لما لم ينظر إلى هذه النكتة علل الأهمية بالدلالة على الاختصاص و لكل وجهة و نظر المص أدق لأنه جعل الدلالة على الاختصاص وجها مستقلا للتقديم لا بيانا للأهمية بقرينة عطفه عليه و جعله عطف تفسير مع كونه نادرا قليلا بالنظر إلى خلافه تكلف مستغنى عنه بما ذكرناه.
قوله: (و أدل على الاختصاص) ألظ أن صيغة التفضيل في المواضع الأربعة بمعنى قوله: و أدل على الاختصاص و أدخل في التعظيم و أوفق للوجود بيان لوجه أهمية التقديم ههنا فالعطف من باب عطف التفسير وجه كون التقديم للاختصاص أهم أن المشركين كانوا يبتدؤون بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات و باسم العزى فوجب على الموحد أن يقصد معنى اختصاص اسم اللّه عز و جل بالابتداء ذلك إنما يكون بتقديم اسمه تعالى و تأخير الفعل كما قصد
(1) و الجملة على التقديرين حال بدون الواو لأنها في تأويل المفرد كقوله تعالى: بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ.*
(2) أدام اللّه سبحانه و تعالى أستاذنا المحقق فخر الملة و الدين و أفضل المعاصرين من وجوه حيث جاء بعبارة تتضمن اقصى مطالب المجاهدين إذ ما من شيء إلا و اللّه سبحانه و تعالى خالقه فعلى المؤمن أن يكون نظره دائما إلى الخالق دون المخلوق.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 90
اسم الفاعل أو الصفة المشبهة عبر عنه للمبالغة في ذلك بالتعبير بصيغة التفضيل فيندفع المحذوران معا و قد يتكلف بأن دلالة «1» تلك الصيغ على معانيها الأصلية و المفضل عليه محذوف لظهوره مثل اللّه أكبر و المعنى أهم و أدل من تأخير المعمول و في صورة تأخيره أصل التعظيم و الموافقة في الوجود حاصل بجعل اسم اللّه تعالى صدر الفعل المشروع فيه و إذا قيل اقرأ باسم اللّه يستفاد منه صدارة اسم اللّه تعالى لكون معناه افتتح القراءة باسم اللّه تعالى فيتحقق أصل التعظيم و الموافقة في الوجود حيث يستفاد منه أن اسمه تعالى لكونه موقوفا عليه لتمامية الفعل مقدم على القراءة و بمعونة ذلك يحصل تعظيم اسمه تعالى و كذا يفهم منه أصل الاهتمام ففي صورة التقديم تتحقق الزيادة و التفضيل على ذلك و أما الاختصاص في صورة التأخير بمعنى الحصر «2» فمن مذاق الكلام فإن الشارع في أمر ذي بال إذا شرع مستعينا باسمه تعالى أو مصاحبا متبركا به لا سيما القائل إذا كان موحدا يفهم منه أنه لم يستعن بغيره و لم يتبرك بما سواه فيحصل القصر لكن التقديم أدل على ذلك نظيره قوله تعالى: وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ [الأنعام: 3] الآية قال المص و المعنى هو المستحق للعبادة فيهما لا غير انتهى و كذا في الكشاف و كم من موضع صرح المص و الزمخشري بحصول الاختصاص القصري مع عدم تحقق أدوات القصر بمعونة المقام و مساق الكلام فدلالة استعانة الموحد باسمه تعالى على نفي ما عداه أظهر من أن يخفى و وجه دلالة التقديم على الاختصاص على ما بينه قدس سره هو أن المشركين كانوا يبدؤون في أفعالهم بأسماء آلهتهم فيقولون عند الشروع باسم اللات و العزى و كان هذا بتقديم الاسم الدال على ذاته تعالى على الفعل في إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة: 5]. معنى الاختصاص و تقديم المشركين أسماء آلهتهم لمجرد الاهتمام الناشىء من قصد التبرك و التعظيم لا لقصد الاختصاص الدال على تفهم التبرك باسمه تعالى فإنهم كانوا يتبركون به أيضا لقوله تعالى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ* وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا فيجب على الموحد أن يعبر بطريق القصر القاطع لشركة الأصنام نفيا لوهم تجويز الابتداء بأسماء آلهتهم فالقصر المؤدي بهذه العبارة هو قصر الإفراد لا قصر القلب و هذا هو الوجه لا ما يقال إن المعنى اختص اسم اللّه بالافتتاح للتبرك و أخالفهم في اختصاص أسماء آلهتهم به لذلك لأن هذا معنى التخصيص بالذكر لا معنى التخصيص المفيد للقصر و معنى كون التقديم أوفق للوجود أن اسمه تعالى كان موجودا قبل وجود القراءة و القراءة كيف لا يكون مقدما عليها و قد جعل آلة لها و آلة الشيء متقدمة عليه لتوقفه عليها.
(1) اسم أن خبره على معانيها.
(2) أي قصر الموصوف على الصفة إذ المعنى قراءتي مقصورة على الاتصاف بكونه باسم اللّه تعالى لا يتجاوز إلى الاتصاف بكونه بغير اسم اللّه تعالى لا يتجاوز إلى الاتصاف بكونه بغير اسم اللّه تعالى فالمقصور هو القراءة المسندة إلى الفاعل و المقصور عليه هو الاتصاف المذكور و المطلوب كون المقصور عليه الاستعانة باسم اللّه تعالى أو المصاحبة و التبرك به لكن ذلك يستلزم هذا فاتضح من هذا البيان أن القصر إضافي لا حقيقي إذ قصر الموصوف على الصفة لا يكاد أن يوجد حقيقيا فيكون قصر إفراد كما هو الصواب أو قصر قلب كما ذهب إليه البعض فيندفع البحث المذكور.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 91
التقديم منهم لمجرد الاهتمام الناشىء من قصد التبرك و التعظيم لا للاختصاص إذ لم يكونوا ينفون التبرك باسم اللّه تعالى فوجب على الموحد أن يقصد بعبادته قطع شركة الأصنام كما يقصد بفؤاده الواحد العلام فيجب أن يأتي بعبارة أدل على الاختصاص و القصر و هذا لا يحصل إلا بتقديم المعمول فعلم منه أن القصر هنا قصر إفراد لا قصر قلب «1» كذا فهم من كلامهم و لا يخفى ما فيه إذ قصر الإفراد و القلب و التعيين إنما يجري في القصر الإضافي بخلاف القصر الحقيقي فإنه لا تجري فيه الأقسام الثلاثة و ما نحن فيه من قبيل القصر الحقيقي و إلى ذلك أشار بعض المحشين في حاشية شرح التلخيص قوله و أدل على الاختصاص و التقديم يستلزم التخصيص غالبا لا كليا فالمراد بالدلالة الدلالة الظنية بمعنى الإمارة و المعنى و تقديم المعمول أقوى إمارة على الاختصاص من كون مساق الكلام إمارة عليه قيل هذا مع ما عطف عليه معطوف على قوله أوقع فيكون تقديم المعمول معللا بوجوه أربعة و لا يحسن عطفه على أهم لأن ضمير لأنه راجع إلى المعمول لأنه هو الأهم لا التقديم فإذا عطف عليه يكون المعنى و لأنه أي المعمول أدل على الاختصاص و لا يخفى سقامته إلا أن يتكلف و يقال إن المراد تقديمه أدل بحذف المضاف و إقامة المضاف إليه مقامه فحينئذ يجوز عطفه على أهم من قبيل علفتها تبنا و ماء باردا فتكون الأوقعية معللة بوجوه أربعة و الاحتمال الأول هو المعول عليه.
قوله: (و أدخل) أي أشد مدخلية (في التعظيم) و أدخل في التعظيم من قولهم هو أحسن الدخلة و المدخل أي المذهب في أموره من دخل بمعنى جاز أي تجاوز كما هو الظاهر و دخل بمعنى جاز حقيقة أو مجاز و المعنى أن له دلالة و تسببا في تعظيمه و حاصله و أقوى في التعظيم و صيغة التفضيل قد مرّ توضيحها.
قوله: (و أوفق في الوجود) من وفق أمره أي وجده موافقا لا من وافقه حتى يكون اسم التفضيل على خلاف القياس لكونه من المزيد أو من وافقه على مذهب الكوفيين كما قيل في أبلغ أنه من المبالغة.
قوله: (فإن اسمه تعالى) سواء أريد به جميع الأسماء الحسنى أو لفظ الجلالة (مقدم على القراءة) سابق في الوجود فتقديمه على عامله المقدر أوفق من تأخره تقدير أو المراد بالوجود الوجود في نفس الأمر فاسمه تعالى مقدم وجوده في نفس الأمر على وجود القراءة في نفس الأمر لكون مسماه مقدما على جميع الممكنات و القراءة من جملة الممكنات و اسم السابق سابق و إنما اعتبرنا الوجود في نفس الأمر دون الوجود الخارجي لأن الاسم ليس له وجود خارجي ما لم يتلفظ به فتقدم تلفظه و تأخره منوط باعتبار التكلم به فينبغي أن يراد الوجود في نفس الأمر و أيضا وجود القراءة في الخارج بالمعنى النسبي غير ثابت و بالمعنى الحاصل بالمصدر لا يساعده كلام المص و كذا الكلام في سائر تقادير الأفعال من الذبح و الأكل و الشرب.
(1) قيل يحتمل أن يكون قصر قلب لأن ابتداءهم بأسماء آلهتهم لما كثر وقوعه منهم على الانفراد قلبه الموحد انتهى و لا يخفى ما عليه.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 92
قوله: (كيف لا) و لفظة لا سقطت من بعض النسخ فقدرها بعضهم أي كيف لا يكون اسمه تعالى مقدما على القراءة و نحوها (و قد جعل) أي الاسم (آلة لها) و هذه الجملة الحالية إشارة إلى بعد ذلك لأن عدم كون اسمه تعالى مقدما على القراءة مع جعله آلة لها مستبعد جدا مستنكر قطعا إذ شأن الآلة التقدم لكونه موقوفا عليها فمثل هذه الجملة الحالية كالتعليل لما قبلها و مراده بيان أن اسمه تعالى حين التلفظ واجب التقديم على قراءة المقر و لهذا التعليل و إلا فاسمه تعالى مقدم على كل ممكن لما ذكرنا سواء جعل آلة أو لا كما يشعر به قوله و أوفق في الوجود فذكر هذا بعد ذلك للتنبيه على ما ذكرنا و للإشارة أيضا على أن المختار عنده كون الباء للآلة و للتمهيد أيضا إلى رواية الخبر الشريف.
قوله: (من حيث إن الفعل لا يتم و لا يعتد به) الحيثية هنا للتقييد و يحتمل أن تكون للتعليل فهو احتراز عن حيثية كونه آلة غير مقصود بالذات بل تابع للقراءة حتى يلزم ترك تعظيم اسمه تعالى فإن هذا من لوازم الآلة الحقيقية و المراد هنا كونه مشابها بالآلة من حيث توقف كمال الفعل عليه شرعا و لعل هذا مراد من قال فإن للآلة جهتين جهة تبعية و جهة توقف نفس الفعل و كماله عليه و قد لوحظ ههنا الثانية دون الأولى انتهى و ينشكف منه وجه الشبه كما لا يخفى فالباء مستعارة لهذا استعارة تبعية فتأمل و كن على بصيرة و المراد بالفعل الحاصل «1» بالمصدر لا المعنى النسبي فإنه لكونه معدوما لا يوصف بالتمام و نحوه و لم يقل من حيث إن القراءة كما يقتضيه السوق للتعميم و لدخول القراءة دخولا أوليا كأنه قيل من حيث إن القراءة و نحوها من الفعل فلا اختلال في الانتظام.
قوله: (شرعا) أي و لو كان تاما حسا أو عقلا لكن الاعتبار بالتمام شرعا.
قوله: (ما لم يصدر باسمه تعالى) أي ما لم تذكر في أوله البسملة إذ الصدر استعير للأول استعارة مشهورة حتى صار كأنه حقيقة فيه الأولى أن يقال ما لم يصدر بالبسملة إذ التصدير باسمه تعالى أعم من البسملة و غيرها و الكلام في البسملة و الحديث الشريف ناطق به و أما الاعتراض بأنه لا يصح جعل اسم اللّه تعالى آلة لقراءة الفاتحة عند من يجعل اسم اللّه جزءا من الفاتحة فمدفوع بما أوضحناه سابقا و قد يجاب أيضا بما أشرنا إليه آنفا من أن المراد بالآلة ليست بآلة حقيقية لإيجادها بل مشابه بها من حيث توقف اعتداد الفعل شرعا عليها فلا منافاة بين كونها جزءا داخلا في الفعل حقيقة و كونها شبه آلة خارجة عنه اعتبار انتهى و يرد عليه أن البسملة من حيث الاعتداد بها شرعا تتوقف على نفسها فالإشكال باق بعد فالوجه ما قدمنا سابقا.
قوله: (لقوله عليه الصلاة و السلام) تعليل لقوله لا يتم الفعل بدونه و لا يعتد به شرعا بيان له لأن المراد ليس آلة حقيقية حتى لا يتم بدونها في نفسه بل ما يشبه الآلة فالمراد ما قوله: كيف و قد جعل آلة لها بيان الأظهر بالظاهر و كان ينبغي أن يعكس.