کتابخانه تفاسیر
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى
المجلد الاول
المجلد الثانى
المجلد الثالث
المجلد الرابع
المجلد الخامس
المجلد السادس
سورة آل عمران
المجلد السابع
سورة النساء مدينة و آيها مائة و سبعون و خمس آيات
سورة المائدة مائة و عشرون آية
المجلد الثامن
سورة الأنعام مكية و هي مائة و خمس و ستون آية
سورة الأعراف و هي مكية غير ثمان آيات
المجلد العاشر
سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرون آية
سورة يوسف مكية و آيها مائة و إحدى عشر آية قيل إلا ثلاث آيات من أولها
سورة الرعد و هي خمس و أربعون آية
المجلد الحادى عشر
سورة إبراهيم
سورة الحجر مكية و هي تسع و تسعون آية
سورة النحل مكية غير ثلاث آيات في آخرها و هي مائة و ثمان و عشرون آية
سورة الإسراء مكية قيل إلا قوله و إن كادوا إلى آخر ثمان آيات و هي مائة و عشر آيات
المجلد الثانى عشر
سورة الكهف مكية و هي مائة و إحدى عشر آية
سورة مريم مكية إلا آية السجدة و هي ثمان أو تسع و تسعون آية
سورة طه مكية و هي مائة و أربع و ثلاثون آية
سورة الأنبياء
المجلد الثالث عشر
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
المجلد الرابع عشر
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
المجلد الخامس عشر
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
المجلد السادس عشر
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
المجلد السابع عشر
سورة المؤمن و تسمى سورة غافر و سورة الطول مكية
سورة فصلت
سورة الشورى(حم عسق)
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
المجلد الثامن عشر
سورة محمد
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق و القرآن المجيد
سورة و الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
المجلد التاسع عشر
سورة الحشر
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة المنافقين
سورة التغابن
سورة الطلاق
سورة التحريم
سورة الملك
سورة ن
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات
المجلد العشرون
سورة النبا
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانفطار
سورة المطففين
سورة الانشقاق
سورة البروج
سورة الطارق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
سورة الليل
سورة العلق
سورة العاديات
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج7، ص: 274
قوله: (يحتمل الماضي و المضارع و قرىء توفتهم و توفاهم على المضارع من وفيت بمعنى أن اللّه يوفي الملائكة أنفسهم فيتوفونها أي يمكنهم من استيفائها فيستوفونها) يحتمل الماضي و يؤيده قراءة توفتهم فحينئذ يكون إخبارا عن قوم انقرضوا و يحتمل المضارع و يعضده قراءة توفاهم على حكاية الحال الماضية و القصد إلى استحضار صورتها الدالة على شدة حال الظالم و صعوبتها فمآل القراءتين واحد.
قوله: (في حال ظلمهم أنفسهم) أي ظالمي أنفسهم حال إذا الإضافة لفظية لكونه بمعنى الحال فصح وقوعه حالا معمولا للمضارع الوارد على حكاية الحال فقول المصنف في حال ظلمهم إشارة إلى أن الإضافة في حكم الانفصال و إن كان موصولا صوريا.
قوله: (بترك الهجرة و موافقة الكفرة) فإنه تعالى لم يكن يقبل الإسلام بعد هجرة النبي عليه السّلام إلى المدينة إلا بالهجرة إليها ثم نسخ ذلك بعد فتح مكة لقوله عليه السّلام «لا هجرة بعد الفتح» كذا قيل.
قوله: (فإنها نزلت في ناس من مكة أسلموا و لم يهاجروا حين كانت الهجرة واجبة) أي فريضة.
قوله: (قالوا) خبر أن قد أيد بهذا كون المضارع في توفاهم بمعنى حكاية الحال.
قوله: (أي الملائكة) و هي ملك الموت و أعوانه فالجمع لانقسام الآحاد إلى الآحاد.
له: (توبيخا لهم) في إقامة دار الشرك و عدم إقامة دينهم مع عدم عجزهم.
قوله: (أي في أي شيء كنتم من أمر دينكم) أي لم تكونوا في شيء من أمور دينكم فالاستفهام للإنكار و التوبيخ و عن هذا قال المصنف توبيخا لهم و بهذا يظهر موافقة الجواب للسؤال.
قوله: (اعتذروا مما وبخوا به بضعفهم و عجزهم عن الهجرة) لما لم يكن المراد بالاستفهام الاستعلام بل الإنكار و التوبيخ تصدوا بالاعتذار الباطل فاتضح موافقة الجواب للسؤال.
قوله: (أو عن إظهار الدين و إعلاء كلمته) عطف على الهجرة و لا يبعد أن يكون إشارة إلى قوله فيما مر و موافقة الكفرة بعد قوله بترك الهجرة لكن لم يتعرض له في بيان سبب النزول فالأولى التعرض له هناك أو الترك هنا.
قوله: (أي الملائكة تكذيبا لهم) أي استفهام ألم تكن للتكذيب في الماضي أي لم يتحقق ذلك فيه.
قوله: يحتمل الماضي و المضارع احتمال المضارع بأن يكون أصله تتوفاهم حذف احدى التاءين لاجتماع المثلين.
قوله: و توفاهم على البناء للمفعول من التوفية فضمير المفعول للذين و الملائكة مفعول التوفية قائم مقام الفاعل فالمعنى إن الذين يجعل الملائكة ممكنين لتوفية أرواحهم فيتوفونها.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج7، ص: 275
قوله: (أو تبكيتا) كلمة أو لمنع الخلو و لما كان الكلام فيمن ترك الهجرة مع الاستطاعة عليها بقرينة الاستثناء فيكون بيان سعة الأرض تكذيبا في تعليلهم.
قوله: (فتهاجروا إلى قطر آخر كما فعل المهاجرون إلى المدينة و الحبشة) فتهاجروا نصب على جواب الاستفهام فيفيد انتفاء الهجرة و ثبوت سعة الأرض لأن النفي إذا دخل عليه الاستفهام و إن كان يقتضي تقريرا في بعض الكلام هو معامل معاملة النفي المحض في الجواب ألا ترى إلى قوله تعالى: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى [الأعراف: 172] و كذلك في الجواب بالفاء إذا أجيب بها النفي كان على معنيين و كل منهما يقتضي انتفاء الجواب فإذا قلت ما تأتينا فتحدثنا بالنصب فالمعنى ما تأتينا محدثا إنما تأتي و لا تحدث و يجوز أن يكون المعنى إنك لا تأتي فكيف تحدث فالتحديث منتف في الحالين و التقرير بأداة الاستفهام كالنفي المحض في الجواب يثبت ما أدخلته همزة الاستفهام و ينتفي الجواب فهنا يثبت سعة الأرض و ينتفي الهجرة كذا حقق في الحاشية السعدية في قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً [الحج: 63] فتصبح الأرض مخضرة الآية من سورة الحج.
قوله: (لتركهم الواجب و مساعدتهم الكفار) لتركهم الواجب لا لكفر «1» .
قوله: (و هو خبر أن و الفاء فيه لتضمن الاسم معنى الشرط و قالوا فيم كنتم حال من الملائكة بإضمار قد) و قالوا أي لفظة قالوا.
قوله: (أو الخبر قالوا و العائد محذوف أي قالوا لهم و هو جملة معطوفة على الجملة التي قبلها مستنتجة منها) و هو أي فأولئك حين كون الخبر قالوا مستنتجة منه أي مما قبله و هو الجملة الدالة على أن لا عذر لهم أصلا و أشار إلى أن الفاء للتعقيب بقوله مستنتجة.
قوله: (مصيرهم أي جهنم) مصيرهم مخصوص بالدم.
قوله: (و في الآية دليل على وجوب الهجرة) لأنهم وبخوا على ترك الهجرة.
قوله: (من موضع لا يتمكن الرجل فيه من إظهار دينه و عن النبي صلّى اللّه تعالى عليه و سلم من فر بدينه من أرض إلى أرض و إن كان شبرا من الأرض استوجبت له الجنة) من قوله: و الجملة معطوفة على الجملة قبلها أي جملة فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ [النساء: 97] معطوفة على جملة إِنَّ الَّذِينَ [النساء: 97] الآية مستنتجة منها لأن كون مأواهم جهنم ثمرة ظلمهم أنفسهم بترك ما وجب عليهم و اعتذارهم الباطل الغير المقبول و لذا رتبها على الجملة السابقة بالفاء التفريعية لترتبها عليها ترتب النتيجة على المقدمتين و اللازم على الملزوم و على تقدير أن تكون هذه الجملة خبر أن يفيد الفاء أيضا معنى الاستنتاج لاتبائها عن معنى الجزائية لتضمن الموصول معنى الشرط الذي الجزاء مسبب عنه.
(1) قوله لا لكفر فحينئذ ما مر من قول البعض من أن الإسلام لا يقبل إلا بالهجرة فمؤول بتمام القبول و إلا فمشكل.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج7، ص: 276
موضع لا يتمكن فيه من إظهار دينه و إعلاء كلمته و التوبيخ و الوعيد بالسعير لا يكون إلا بترك الواجب فعلم بدلالة النص ما قرر المصنف استوجبت له أي طلبت له وجوب الجنة بصيغة المجهول و ذلك الاستيجاب يكون بفعل الواجب فحصل التأييد لما ادعاه.
قوله: (و كان رفيق أبيه إبراهيم و نبيه محمد عليهما الصلاة و السّلام) أبيه عبر بالأب لأنه أب رسول اللّه عليه السّلام و هو كالأب لأمته أو لأن أكثر العرب من ذريته فغلبوا على غيرهم.
قوله تعالى:
[سورة النساء (4): آية 98]
قوله: (استثناء منقطع لعدم دخولهم في الموصول و ضميره و الإشارة إليه) لعدم دخولهم الخ الظاهر أن عدم الدخول في الموصول يقتضي عدم دخول ما سواه فالأولى الاكتفاء به.
قوله: (و ذكر الولدان إن أريد به المماليك) جمع مملوك و إما مخصوص بالعبيد كما هو الظاهر فيعلم حكم الجواري بالمقايسة أو عام لهما بطريق التغليب.
قوله: (فظاهر) أي لا سؤال كما إذا أريد بها الصبيان.
قوله: (و إن أن أريد به الصبيان) و هذا هو الظاهر لأنه شائع الاستعمال فيها و إن كان إطلاقه على المماليك على سبيل الحقيقة و لأن الرجال و النساء عامة للمماليك فتخصيصهما بالأحرار خلاف الظاهر.
قوله: (فللمبالغة في الأمر) يعني يريد الإشكال بأن الصبيان كيف أدخلت في جملة المستثنيين من أهل الوعيد مع أنها دخولها في الحكم و هو كونهم من أصحاب الجحيم غير متوهم و لا بد من التوهم في الاستثناء المنقطع و حاصل الجواب أن في ذكرها فائدة و هي المبالغة المذكورة قوله فللمبالغة في الأمر أي في أمر التحذير و تحقق التوهم بالنسبة إلى الرجال و النساء كاف في الاستثناء.
قوله: (و الإشعار بأنهم على صدد وجوب الهجرة فإنهم إذا بلغوا و قدروا على الهجرة فلا محيص لهم عنها) و الإشعار الخ فإذا كانوا في صدد وجوب الهجرة يتوهم دخولهم في الحكم قوله: لعدم دخولهم في الموصول فإن قوله عز و جل: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ [النساء: 98] استثناء من الضمير في مأواهم الراجع إلى الموصول المقدم استثناء منقطعا لا متصلا لأن المستثنى و هم المستضعفون الغير القادرين على الهجرة ليس بداخل في المستثنى منه و هم المستضعفون القادرون عليها.
قوله: و ذكر الولدان إن أريد به المماليك فظاهر يعني إن أريد بهم المماليك العاقلون البالغون فالأمر ظاهر لدخولهم في الحكم المستفاد من الاستثناء و هو عدم لحوق العذاب لعذر فإنهم و إن تركوا الواجب عليهم و هو الهجرة إلا أن تركهم لها لكونه لعذر مقبول لا تبعة لهم على ذلك كالمستضعفين من الرجال و النساء و إن أريد بهم الصبيان فللمبالغة في أمر وجوب الهجرة حتى كانت كأنها واجبة على الصبيان أيضا لكن رفعت عنهم العقوبة على تركها لعذرهم.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج7، ص: 277
المذكور هذا مراده و إلا فلا حاصل لهذا الكلام و لعل لهذا لم يتعرض له صاحب الكشاف.
قوله: (و إن قوامهم) أي أولياءهم أو أوصياءهم.
قوله: (يجب عليهم أن يهاجروا بهم متى أمكنت) فكان هذا منشأ التوهم.
قوله: (صفة للمستضعفين) صفة للمستضعفين أو للرجال و النساء و الولدان كأنه قصد الاختصار «1» .
قوله: (إذ لا توقيت فيه) أي لا تعيين فيكون في حكم النكرة.
قوله: (أو حال منه أو من المستكن فيه) أو حال منه لأنه معرفة من وجه أو المستكن فيه و هو الظاهر.
قوله: (و استطاعة الحيلة و وجدان أسباب الهجرة) كالزاد و الراحلة.
قوله: (و ما تتوقف عليه) و لعل الصحة و سلامة الآلات داخلة فيه فيدخل فيه المريض و الأعمى و الزمن و غير ذلك.
قوله: (و اهتداء السبيل معرفة الطريق بنفسه أو بدليل) و هي من جملة ما تتوقف عليه فالظاهر أن عطف لا يهتدون عطف الخاص على العام و النكتة الواجبة فيه متحققة.
قوله تعالى:
[سورة النساء (4): آية 99]
فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99)
قوله: (ذكر بكلمة الأطماع) و إن كان الكريم إذا أطمع أنجز فيكون بمنزلة الإيجاب و لعل هذا مراده بقوله في سورة القصص و عسى تحقيق في عادة الكرماء أو عسى ترجي من المستضعفين بمعنى فليتوقعوا أن يعفى عنهم كما نبه عليه في تلك السورة.
قوله: (أمر عظيم) مما يجب الاحتراز عنه إذ العفو إنما هو من المحظورات.
قوله: (و لفظ العفو إيذانا بأن ترك الهجرة أمر خطير) أي إلى المدينة أو إلى يتمكن الرجل فيه إقامة دينه.
قوله: إذ لا توقيت فيه تعليل لوقوع النكرة صفة للمعرف باللام كوقوع غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة: 7] صفة للذين انعمت عليهم و قد ذكر ثمة أن الموصول لم يقصد به معهود كالمحلى باللام في قوله:
و لقد أمر على اللئيم يسبني
و قوله إني لأمر على الرجل مثلك فيكرمني.
قوله: ايذانا بأن ترك الهجرة أمر خطير وجه الإيذان بذلك المعنى أن العفو إنما يكون في
(1) في الكشاف و إن كان فيه حرف التعريف قال المحقق التفتازاني كلامه يشعر بأن اللام في المستضعفين حرف لا اسم موصول على ما في الصفات التي يكون القصد بها إلى الحدوث انتهى فعنده ليس للمستضعفين بمعنى الحدوث أو اختيار مذهب المازني و لعل لهذا لم يتعرض المصنف لكون اللام حرفا أو اسما.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج7، ص: 278
قوله: (حتى أن المضطر) بضعفه مالا أو بدنا.
قوله: (من حقه أن لا يأمن و يترصد الفرصة و يعلق بها قلبه) أن لا يأمن من المؤاخذة بل يقول عسى اللّه أن يعفو عني فكيف بغيره كذا في الكشاف ففيه إشارة إلى أن عسى ترجي من المخاطبين كما أشرنا آنفا.
قوله: وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً [النساء: 99] جملة تذييلية تقرر ما قبلها.
قوله تعالى:
[سورة النساء (4): آية 100]
قوله: ( وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) تحريض على المهاجرة ببيان سببيتها خير الدارين.
قوله: (متحولا) أي موضع تحول و انتقال.
قوله: (من الرغام و هو التراب) أي مأخوذ منه و الأخذ يجري في الجوامد.
قوله: (و قيل طريقا) لما كان المتبادر موضع الهجرة قدم كون المراد به ذلك الموضع و رجحه.
قوله: (يراغم قومه بسلوكه) إشارة إلى وجه تعبيره بالمراغم و كذا الكلام إن أريد به المتحول و المهاجر كما أوضحناه و إن جعل بيانا لكلام الوجهين كما في الكشاف و لم يبعد.
قوله: (أي يفارقهم على رغم أنوفهم و هو أيضا من الإرغام) على رغم أنوفهم كناية عن ذلهم و هو أنهم فاته إذا استقام حاله في الموضع الذي هاجر إليه و عرف قومه بذلك خجلوا من سوء معاشرتهم معه و رغمت أنوفهم بذلك.
الذنب و المستضعفون المذكورون لا ذنب لهم في ترك الهجرة لعذرهم فيه فاشعر لفظ العفو أن ترك الهجرة لا يسع في حال و إن كان حال الاضطرار و اشعر لفظ الإطماع و هو كلمة لعل أن العفو عن المضطر غير مقطوع به بعد و إن كان تركه الهجرة لا يعد ذنبا قوله على أنه خبر محذوف تقديره ثم هو يدركه الموت.
قوله:
و الحق بالحجاز فأستريحا
أوله:
سأترك منزلي لبني تميم
فقوله و الحق بالنصب عطف بحسب المعنى على سأترك فالمعنى سيقع مني ترك منزلي لبني تميم و لحوق بالحجاز و استراحة و إنما قلنا عطف بحسب المعنى إذ لا يجوز عطف المفرد على الجملة بحسب اللفظ فإن أن جعل الفعل في معنى المصدر و هذا كالعطف في قوله تعالى:
فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ [المنافقون: 10] لكن العطف فيه من باب عطف الجملة على المفرد و فيما نحن فيه عكسه.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج7، ص: 279
قوله: (في الرزق و إظهار الدين) في الرزق قدمه لأن استعمال السفه فيه أشهر و ميل النفس إليه بحسب الطبع أكثر.
قوله: (و قرىء يدركه بالرفع) أي برفع يستحقه المضارع المجرد عن الناصب و الجازم.
قوله: (على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ثم هو يدركه) على أنه أي يدركه مع فاعله خبر مبتدأ فيكون مرفوع المحل.
قوله: (و بالنصب على إضمار إن) بعد ثم كإضمارها بعد الفاء في الشعر لكنه خلاف المشهور عند النحاة.
قوله: (كقوله:
و ألحق بالحجاز فأستريحا )
و الحق متكلم من اللحوق فاستريحا صفة متكلم أيضا و الألف للإشباع أوله:
سأترك منزلي لبني تميم
و فيه مخالفة للمشهور أما أولا إضمار إن بعد ثم مع أن إضماره بعد الأحرف الستة من حتى و لام كي و غيرهما و أما ثانيا نصب استريح فإنه و إن وقع بعد الفاء لكنه مشروط نصبه بكون ما قبلها أمرا أو نهيا أو استفهاما أو نفيا أو تمنيا أو عرضا.
قوله: (الوقوع و الوجوب متقاربان و المعنى ثبت أجره عند اللّه تعالى كثبوت الأمر الواجب و الآية الكريمة نزلت في جندب بن ضمرة) و هذا أصح الأقاويل لما سمع قوله تعالى: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ [النساء: 98] قال و اللّه إني لأجد حيلة و إني لأهتدي الطريق و اللّه لا أبيت الليل بمكة أخرجوني منها إلى المدينة.
قوله: (حمله بنوه على سرير متوجها إلى المدينة) لأنه شيخ كبير لا يستطيع أن يركب الراحلة.
قوله: (فلما بلغ التنعيم) موضع قريب من مكة.
قوله: (أشرف على الموت فصفق يمينه على شماله) فصفق أي ضرب و وضع.
قوله: (و قال اللهم هذه لك و هذه لرسولك) هذه أشار إلى اليمين لك أي معدة لرضائك و هذه إشارة إلى الشمال.
قوله: الوقوع و الوجوب متقاربان قالت المعتزلة هذه الآية تدل على أن العمل يوجب الثواب على اللّه لأنه تعالى قال فقد وقع أجره على اللّه و ذلك يدل على قولنا من ثلاثة أوجه الوجه الأول أنه ذكر لفظ الوقوع و حقيقة الوجوب هي الوقوع و السقوط قال تعالى: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها [الحج: 36] أي وقعت و سقطت و ثانيها أنه ذكره بلفظ الأجر و الأجر عبارة عن المنفعة المستحقة فأما الذي لا يكون مستحقا لذلك لا يسمى أجرا بل هبة و ثالثها قوله: عَلَى اللَّهِ [النساء: 100] و كلمة على للوجوب قال اللّه تعالى: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران: 97] و الجواب أنا لا ننازع في الوجوب لكن بحكم الوعد و العلم و التفضل و الكرم لا بحكم الاستحقاق الذي لو لم يفعل يخرج عن الإلهية كذا قال الإمام قوله فلما بلغ التنعيم في المغرب التنعيم موضع قريب من مكة عند مسجد عائشة رضي اللّه عنها.
قوله: هذه لك و هذه لرسولك إشارة إلى الصفقة و البيعة.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج7، ص: 280
قوله: (أبايعك على ما بايع عليه رسولك) أبايعك التزم امتثال أمرك.
قوله: (فمات حميدا) أي محمودا أو حامدا أو صار سعيدا و ما صدر منه عليه دليلا.
قوله تعالى:
[سورة النساء (4): آية 101]
قوله: ( وَ إِذا ضَرَبْتُمْ) شروع في بيان الرخصة في الصلاة وقت السفر حين المجاهدة و المهاجرة و غيرهما تسهيلا لهم و بهذا ظهر اتصال الآية بما قبلها.
قوله: (سافرتم) تعريف لفظي لضرب حين تعديته بلفظة في فقط على ما نطق به الاستعمال السفر خروج مديد أي انتقال من الداخل إلى مسيرة ثلاثة أيام سيجيء البيان.
قوله: (أن تقصروا من الصلاة بتنصيف ركعاتها) أن تقصروا شيئا من الصلاة أو أن تقصروا الصلاة بتنصيف ركعاتها أشار إلى أن المراد بالصلاة الرباعيات و لا يبعد أيضا كونه إشارة إلى اختيار مذهب الأخفش.
قوله: (و نفي الحرج فيه يدل على جوازه دون وجوبه) قال في تفسير قوله تعالى:
فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [البقرة: 158] الآية فعن أحمد أنه سنة لقوله: فَلا جُناحَ عَلَيْهِ [البقرة: 158] فإنه يدل على التخيير و هو ضعيف لأن نفي الجناح يدل على الجواز الداخل في معنى الوجوب فلا يدفعه انتهى فحصل جواب ما ادعاه هنا.
قوله: (و يؤيده أنه صلّى اللّه عليه و سلّم أتم في السفر) يحتمل أن يكون قبل نزول هذه الآية أو يحمل الإتمام على موضع الإقامة في السفر.
قوله: (و إن عائشة رضي اللّه تعالى عنها اعتمرت مع رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه و سلم و قالت يا رسول اللّه قصرت و أتممت و صمت و أفطرت فقال أحسنت يا عائشة) أي فعلت فعلا جائزا و لا يحسن حمله على الإحسان إذ القصر أفضل بالإجماع و بهذا يحصل التوفيق بين هذا و بين ما روي عنها «أول ما فرضت الصلاة فرضت ركعتين ركعتين» الحديث.
قوله: (و أوجبه أبو حنيفة لقول عمر رضي اللّه عنه صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلّى اللّه تعالى عليه و سلم) تمام أي تمام المفروض غير قصر أي غير نقصان عن أصل الفرض فالقصر في الآية إما مجاز أو إضافي و هذا الآخر هو أولى و قيل تام أي ثوابا و لا يلائم بيان عدد الركعات.