کتابخانه تفاسیر
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى
المجلد الاول
المجلد الثانى
المجلد الثالث
المجلد الرابع
المجلد الخامس
المجلد السادس
سورة آل عمران
المجلد السابع
سورة النساء مدينة و آيها مائة و سبعون و خمس آيات
سورة المائدة مائة و عشرون آية
المجلد الثامن
سورة الأنعام مكية و هي مائة و خمس و ستون آية
سورة الأعراف و هي مكية غير ثمان آيات
المجلد العاشر
سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرون آية
سورة يوسف مكية و آيها مائة و إحدى عشر آية قيل إلا ثلاث آيات من أولها
سورة الرعد و هي خمس و أربعون آية
المجلد الحادى عشر
سورة إبراهيم
سورة الحجر مكية و هي تسع و تسعون آية
سورة النحل مكية غير ثلاث آيات في آخرها و هي مائة و ثمان و عشرون آية
سورة الإسراء مكية قيل إلا قوله و إن كادوا إلى آخر ثمان آيات و هي مائة و عشر آيات
المجلد الثانى عشر
سورة الكهف مكية و هي مائة و إحدى عشر آية
سورة مريم مكية إلا آية السجدة و هي ثمان أو تسع و تسعون آية
سورة طه مكية و هي مائة و أربع و ثلاثون آية
سورة الأنبياء
المجلد الثالث عشر
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
المجلد الرابع عشر
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
المجلد الخامس عشر
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
المجلد السادس عشر
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
المجلد السابع عشر
سورة المؤمن و تسمى سورة غافر و سورة الطول مكية
سورة فصلت
سورة الشورى(حم عسق)
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
المجلد الثامن عشر
سورة محمد
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق و القرآن المجيد
سورة و الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
المجلد التاسع عشر
سورة الحشر
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة المنافقين
سورة التغابن
سورة الطلاق
سورة التحريم
سورة الملك
سورة ن
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات
المجلد العشرون
سورة النبا
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانفطار
سورة المطففين
سورة الانشقاق
سورة البروج
سورة الطارق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
سورة الليل
سورة العلق
سورة العاديات
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج8، ص: 364
قوله: (حتى يعلم أن انكشاف العورة أول سوء) أي أول قبح.
قوله: (أصاب الإنسان من الشيطان و أنه أغواهم في ذلك) أي المعهود و هو آدم عليه السّلام أو جنس الإنسان لما ذكر من أن حال الأب حال الأبناء.
قوله: (كما أغوى أبويهم) أي في ذلك الانكشاف حيث أغوى الأبوين في سبب الانكشاف أو أغوى أبويهم في غير ذلك أعني في أكل الشجرة و لقصد هذا التعميم لم يقيده كما قيده أولا.
قوله: (و لباسا تتجملون به) أشار به إلى أن عطفه على لباسا عطف الشيء على غيره لأن المراد بالمعطوف عليه لباس المواراة و المعطوف لباس الزينة فيكون المراد به الجمال و يكون الموصوف محذوفا ذكر هنا أيضا مع أن المقام يقتضي ذكر الأول لبيان كمال النعمة و المنحة عليهم و القول بأنه من عطف الصفات فوصف اللباس بشيئين المواراة و الزينة لا يلائم كلام المصنف و إن صح في نفسه.
قوله: (و الريش «1» الجمال) فإطلاق اللباس الذي يتجمل به مجاز بطريق إطلاق المسبب على السبب.
قوله: (و قيل مالا و منه تريش الرجل تمول) فهو أيضا مجاز لكن المال سبب للباس المتجمل به فذكر اسم السبب و أريد المسبب مرضه لكونه غير متعارف و لهذا أيده بقوله و منه أي و من الريش الذي بمعنى المال تريش الرجل الخ و في الكشاف الريش لباس الزينة استعير من ريش الطائر لأنه لباسه و زينته انتهى و لعل المص لم يتعرض له لأن فيه مجازين الأول كون ريش الطائر لباس الطائر أي مثل لباسه و الثاني كونه مستعارا للباس الإنسان بعد تشبيهه باللباس لكن المشهور في الاستعمال ريش الطائر و إن كان الريش حقيقة في الجمال و المال.
قوله: (و قرىء رياشا و هو جمع ريش كشعب و شعاب) و قيل هما واحد كلباس و لبس و لم يرض به المص لعدم شهرته.
قوله: (خشية اللّه) الظاهر أنه ح من قبيل لجين الماء أي التقوى الذي كلباس.
قوله: (و قيل الإيمان) فح المراد من التقوى الصيانة عن الشرك المخلد فهي مرتبة أولى من مراتب التقوى و المتبادر هو المرتبة الوسطى و هي الاجتناب عن المنكرات المسبب عن خشية اللّه تعالى كأن الخشية نفسها هي التقوى و المص فسرها بها تنبيها على قوة سببها و كمالها.
قوله: (و قيل السمت الحسن) أي الخلق الحسن هذا محصول التقوى لا نفسها و عن هذا مرضه كما مرض الثاني.
قوله: (و قيل لباس الحرب) من الدروع و الجواشن و المغافر و غيرهما مما يتقى به في في تلك النعم الفائتة للحصر و دلالة على أن انكشاف العورة أول سوء أصاب للإنسان من الشيطان.
(1) و الريش مشترك بين الاسم و هو اللباس و بين المصدر و هو الجمال.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج8، ص: 365
الحروب فح إضافة اللباس من قبيل إضافة السبب إلى المسبب إذ به يقدم على المحاربة غالبا و ذلك الإقدام سبب للتقوى مرضه لأنه ليس فيه كثير فائدة إذ الظاهر أنه ترغيب و مدح للتقوى نفسها لا مدح لسببها.
قوله: (و رفعه بالابتداء و خبره ذلك خير) أي هذه الجملة و العائد اسم الإشارة لأنه في حكم الضمير.
قوله: (أو خير و ذلك صفته كأنه قيل و لباس التقوى المشار إليه خير) فيكون ذلك صفة بذلك التأويل فيكون دالا على معنى في متبوعه ثم إنه لا يخلو الإشارة من أن يراد بها التعظيم للباس التقوى أي التقوى الذي كاللباس أو أن تكون إشارة إلى اللباس المواري للسوأة لأنه مما يفيد التقوى تفضيلا على لباس الزينة فاختير صيغة البعد للتنبيه على ذلك و لا مانع من إفادة التعظيم أيضا.
قوله: (و قرأ نافع و ابن عامر و الكسائي و لباس بالنصب عطفا على لباسا) فالمعنى و أنزلنا لباس التقوى إن أريد لباس الحرب أو اللباس المواري للسوأة فتوجيه الإنزال مثل ما مر و إن أريد التقوى الذي كاللباس فالإنزال إما أن يراد به مثل ما مر إذ التقوى أيضا مما قضى و كتب أو أن يراد به إنزال الآية الآمرة بالتقوى (أي أنزل اللباس).
قوله: (الدالة على فضله و رحمته) هذا القيد من مقتضيات المقام (فيعرفون نعمته أو يتعظون و يتورعون عن القبائح).
قوله تعالى:
[سورة الأعراف (7): آية 27]
قوله: (لا يمتحننكم بأن يمنعكم دخول الجنة بإغوائكم) أي بطريق السببية كما أخرج أبويكم إسناد مجازي.
قوله: و خبره ذلك خير فحينئذ يكون لفظ ذلك في الربط إلى المبتدأ بمنزلة الضمير كأنه قيل و لباس التقوى هو خير فإن في الإشارة إعادة ذكر الشيء كما في الاضمار فإنك إذا اضمرت اعدت ما ذكرته فكذلك في الإشارة كأنك تشير إلى ما ذكرته أولا.
قوله: أو خير أي خبره خير و لفظ ذلك صفته أي صفة لباس التقوى الذي هو المبتدأ فلفظ ذلك صفة للمبتدأ إشارة إلى لباس التقوى المبتدأ أو إشارة إلى اللباس المواري للسوأة قيل فيه نظر لأن حق الموصوف أن يكون أخص و أشهر من الصفة أو مساويا لأن المقصود بالنسبة و لا يجوز جعل المقصود أقل رتبة من غير المقصود و اسم الإشارة أخص أي أشهر من المعرف باللام فبالأولى أن يكون أخص من المضاف إلى المعرف باللام فكيف يكون صفة له فالأولى أن يكون بدلا أو عطف بيان لوجوب كون البدل و عطف البيان أعرف و أشهر من المبدل منه و المعطوف عليه و اسم الإشارة لكونه أعرف من المعرف باللام يناسب أن يقع بدلا منه أو عطف بيان له.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج8، ص: 366
قوله: (كما محن أبويكم بأن أخرجهما منها) أشار إلى أن المشبه به محذوف أقيم سببه و هو الإخراج مقامه و أصل الفتون عرض الذهب على النار و تخليصه من الغش ثم استعمل في القرآن بمعنى المحنة و أشار المص بقوله كما محن و قوله لا يمحننكم إشارة إلى هذا البيان.
قوله: (و النهي في اللفظ للشيطان و المعنى نهيهم عن اتباعه و الافتنان به) أي بطريق الكناية.
قوله: (حال من أبويكم) إذ النزع و إن كان فعل الشيطان بطريق التسبب لكن منزوعية اللباس عنهما صفة لأبوين.
قوله: (أو من فاعل أخرج و إسناد النزع إليه للتسبب) هذا واضح و لعله أخره لبعده لفظا و اختير صيغة المضارع لاستحضار الصورة البديعة (إنه يريكم هو و قبيله) القبيلة الجماعة يكونون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتى و جمعه قبل و القبيلة بنو أب واحد و المراد بقبيلته هنا أصحابه و جنده كما أشار إليه المص بقوله و قبيلته و جنوده الظاهر أنها مستعارة لهما لأنها في التعاون كالقبيلة.
قوله: (تعليل للنهي و تأكيد للتحذير من فتنته و قبيله جنوده) أي تعليل للخبر اللازم للنهي.
قوله: (و رؤيتهم إيانا من حيث لا نراهم في الجملة) فيه رد على الزمخشري و غيره من المعتزلة المنكرين لرؤية الجن لرقة أجسامهم و لطافتهم و إن كانوا يروننا لكثافة أجسامنا قوله: كما محن أبويكم تقدير لفظ المحن في المشبه به لتناسب المشبه فإن ظاهره تشبيه الفتنة بالإخراج و المعنى على تشبيه الفتنة بالفتنة فلفظ اخرج كناية عن الفتنة.
قوله: النهي في اللفظ للشيطان و المعنى نهيهم عن الاتباع و الافتتان به فالعدول عن الأصل للمبالغة الحاصلة فيه بسلوك طريق الكناية كما في قوله تعالى: فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها [طه: 16] و أمثاله فإن ظاهره نهي الكافر أن يصد موسى عنها و المراد نهي موسى أن ينصد عنها و كقوله: لا أريتك ههنا.
قوله: حال من أبويكم فهو حكاية حال ماضية كما في قوله تعالى: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ [البقرة: 127] القواعد قوله تعليل للنهي و تأكيد للتحذير معنى التعليل و التأكيد مستفاد من وقوع هذه الجملة استئنافا واقعا جواب سؤال عند علة النهي فكأنه قيل لا تتبعوا الشيطان و لا تفتتنوا بكيده لأنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم فإذا علل النهي بعلة كان ذلك آكد في التحذير.
قوله: و رؤيتهم إيانا هذا جواب للمعتزلة من طرف أهل الحق فإن مذهب الاهتزال في هذه المسألة أن الجن لا يرون كما قال الزمخشري و فيه دليل بين أن الجن لا يرون و لا يظهرون للإنس و أن زعم من يدعي رؤيتهم زور و مخرفة تمسكت المعتزلة بأن الجن لرقة أجسامهم و لطافتها لا يرون و الوجه في رؤية الجن الإنس و قالت الأشاعرة إنهم يرون الإنس لأنه تعالى خلق في عيونهم إدراكا و الإنس لا يرونهم لأنهم لم يخلق هذا الإدراك في عيونهم كذا قاله الإمام هذا بالنظر على أصل خلقة الجن و ذلك لا تنافي أن يراهم الإنسان عند تمثلهم بمثال يمكن أن يدركهم الإنس في ذلك المثال على ما روى صاحب الكشاف في تفسير سورة الاحقاف عن ابن مسعود رضي اللّه عنه
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج8، ص: 367
و قد ثبت بالأحاديث الصحيحة المشهورة رؤيتهم و هي لا تعارض نص القرآن هنا كما قالوا لأن المنفي رؤيتهم إذ لم يتمثلوا لنا.
قوله: (لا يقتضي امتناع رؤيتهم) هذا و إن لم يمتنع لكن بقي الكلام في وقوعه قال بعض العلماء و لو قدر الجن على تغيير صور أنفسهم بأي صورة شاؤوا لوجب أن يرتفع الثقة عن معرفة الناس فلعل هذا الذي أشاهده و أحكم عليه بأنه ولدي و زوجتي جني صور نفسه بصورة ولدي أو زوجتي و على هذا التقدير فيرتفع الوثوق كذا في التفسير الكبير و لعل لهذا قال المص لا يقتضي الخ و لم يقل لا يقتضي عدم وقوعه بالجملة.
قوله: (و تمثلهم لنا) إشارة إلى ما ذكر و المثبت رؤيتهم إذا تمثلوا فلا تناقض لعدم اتحاد الشرط و نظيره الملائكة فإنهم مع كونهم أجساما لطيفة رآهم الأنبياء عليهم السّلام بالتمثل و الإنكار يؤدي إلى خطر عظيم مع أنه لا يدل على عموم الأشخاص سلمنا ذلك لكن لائم عموم الأوقات فالقضية مطلقة عامة لا دائمة كما مر.
قوله: (مما أوجدنا بينهم من التناسب) أشار إلى أن الأولياء بمعنى الأحباب.
قوله: (أو بإرسالهم عليهم و تمكينهم من خذلانهم و حملهم على ما سولوا لهم) أي أولياء من الولاية بمعنى التصرف.
قوله: (و الآية مقصود القصة) إذ المقصود بها التحذير عن متابعة إبليس ببيان أنه بإغوائه إلى أب البشر وقع ما وقع فاحذروا أي أولاد آدم عن وسوسته من حيث لا تشعرون.
قوله: (و فذلكة الحكاية) مصدر مصنوع كالبسملة مأخوذ من قوله فذلك كذا و كذا حاصله إجمال الحساب بعد التفصيل بأن يذكر تفاصيله ثم تجمل تلك التفاصيل و تكتب في آخر الحساب فكذلك كذا و كذا و إطلاق الفذلكة على مثل هذا ليس على حقيقته بل على التشبيه و ذكر قوله مقصود القصة لعله إشارة إليه.
قوله تعالى:
[سورة الأعراف (7): آية 28]
قوله: (فعلة) أشار إلى أن تأنيث فاحشة لكون موصوفها مؤنثا.
قوله: (متناهية في القبح كعبادة الأصنام و كشف العورة في الطواف) التخصيص من مقتضيات المقام و إلا فالفاحشة شائعة في الزنا بحسب العرف.
في قصة الجن من قوله صلّى اللّه عليه و سلّم هل رأيت شيئا فقال نعم رجالا شهودا مستثفري ثياب بيض فالخلاف بيننا و بينهم لفظي فإن من قال بعدم رؤيتهم نظر إلى أصل خلقتهم و من قال بجوازها نظر إلى جواز تمثلهم بمثل و هذا هو المراد من قول المص و رؤيتهم ايانا من حيث لا نراهم لا يقتضي امتناع رؤيتهم و تمثلهم لنا.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج8، ص: 368
قوله: (اعتذروا و احتجوا بأمرين تقليد الآباء و الافتراء على اللّه فأعرض عن الأول) أي أعرض عن التصريح برده و إن فهم رده من قوله إن اللّه لا يأمر بالفحشاء لأن عدم أمره بها يتضمن رد التقليد فيما هو قبيح عقلا و لذا قال فيما سيأتي و على الوجهين يمنع التقليد إذ التقليد واقع في الأديان المتناقضة الباطلة فلو كان التقليد حقا لزم القول بحقيقة الأديان المتناقضة الباطلة فلما كان فساده ظاهرا لم يذكر اللّه تعالى كما قال الإمام.
قوله: (لطهور فساده) إذ التقليد حاصل في الأديان الباطلة و معلوم أن كل واحد من أصحاب الأديان الباطلة يضلل صاحبه و يحكم بخذلانه (ورد الثاني بقوله قل إن اللّه لا يأمر بالفحشاء) كيف و أنه تعالى نهى عنها اعلم أن المراد بالفحشاء المعاصي في نفس الأمر لكن أرباب الضلال يزعمون أنها طاعات و لهذا قالوا و اللّه أمرنا بها فرد اللّه تعالى بأنها مع كونها كريهة مستقذرة عند الطبع السليم ثبت على لسان الرسل كون هذه الأفعال منكرة قبيحة فكيف القول بأنه تعالى أمرنا بها.
قوله: (لأن عادته تعالى جرت على الأمر) أي إن اللّه تعالى أمر بمحاسن الأفعال دائما على ما دل عليه الاستقراء التام و كما نطق به الكتب الإلهية و كل من أمر بمحاسن الأفعال على الدوام لا يأمر بالفحشاء أما الصغرى فلأن منشأ الدوام مراعاة المصلحة لطفا بحيث لا يتخلف أصلا أما الكبرى فلأن الأمر بالفحشاء مخل للحكمة فينتج الدليل فاللّه لا يأمر بالفحشاء و هو المطلوب مع أن تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي المنفي يفيد الحصر فلا وجه لما قيل من أنه لا يستلزم نفي أمره بالفحشاء.
قوله: (بمحاسن الأفعال و الحث على مكارم الخصال و لا دلالة فيه على أن قبح الفعل قوله: اعتذروا قال الإمام إن اللّه حكى عنهم أنهم كانوا يحتجون على اقدامهم على الفواحش بأمرين أحدهما أنا وجدنا عليها آباءنا و الثاني أن اللّه أمرنا بها و اللّه تعالى لم يذكر جوابا عن حجتهم الأولى لأنها إشارة إلى محض التقليد و قد تقرر في المعقول أنه طريقة فاسدة لأن التقليد حاصل في الأديان المتناقضة فلو كان التقليد طريقا حقا لزم القول بحقيقة الأديان المتناقضة و أنه محال فلما كان فساد هذا الطريق ظاهرا لم يذكر اللّه جوابا عنه و أجاب عن الحجة الثانية بقوله: قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ [الأعراف: 28] و المعنى أنه لما كان هذه الأفعال منكرة قبيحة فكيف يمكن القول بأن اللّه يأمر بها.
قوله: و لا دلالة فيه على أن قبح الفعل بمعنى ترتب الذم عليه آجلا عقلي اعلم أن الحسن و القبيح يطلقان على ثلاثة أمور الأول أن الحسن ما يكون صفة كمال و القبيح ما يكون صفة نقص و الثاني الحسن ملائما للطبع و القبيح ما يكون منافرا له و هذان المعنيان لا خلاف في أنهما عقليان لأن الفعل مستبد بدركهما و الثالث أن الحسن ما يتعلق به الثواب آجلا و القبيح ما يتعلق به العقاب آجلا و هذا القسم لا يستقل العقل بإدراكه فلا مجال للعقل فيه حتى يقال إنه حسن عقلا أو قبيح عقلا بل حسنه و قبحه مستفادان من قبل الشرع بمعنى أن ما يأمره الشرع بفعله فهو حسن شرعا و ما نهاه الشرع فهو قبيح شرعا فالفاحشة من باب القبيح العقلي لكن لا بمعنى ترتب الذم عليه بل بمعنى أنها منافرة للطبع و لا دلالة في الآية على أنها قبيحة عقلا بمعنى ترتب الذم عليها.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج8، ص: 369
بمعنى ترتب الذم عليه آجلا عقلي فإن المراد بالفاحشة ما ينفر عنه الطبع السليم و يستنقصه العقل المستقيم) أي بالأفعال الحسنة و المراد بالحسن هنا ما يستطيبه الطبع المستقيم و لا يستكرهه فإنه بهذا المعنى عقلي اتفاقا فالحسن بمعنى ترتب المدح عاجلا و الثواب آجلا فيكون بعد الأمر عند الشافعي فيظهر بعد الأمر عندنا أشار إليه المص في قوله فإن المراد بالفاحشة.
قوله: (و قيل هما جوابا سؤالين مترتبين كأنه قيل لهم لما فعلوها لم فعلتم فقالوا وجدنا عليه آباءنا فقيل و من أين أخذ آباؤكم فقالوا اللّه أمرنا بها) عطف في المعنى على قوله اعتذروا و احتجوا و عديل له أي هذا ليس اعتذارا منهم و احتجاجا على مدعاهم بل جواب سؤالين كما قرره مرضه لأن كون ذلك جوابا لسؤال غير موافق لنظائره مع أن قوله و اللّه أمرنا بها كونه قول آبائهم غير ظاهر و محتاج إلى التمحل.
قوله: (و على الوجهين) أي على تقدير كونه جوابا أو جوابين أما على الأول فلأنهم قلدوهم فيما أمر اللّه بخلافه و كذا الثاني كما قيل.
قوله: (يمتنع التقليد) إلى قوله لا مطلقا كما أوضحناه و لا دلالة على عدم صحة إيمان المقلد بالمحق حيث لم يقم الدليل على خلافه فإن إيمانه صحيح عندنا و إن كان آثما بترك الاستدلال و كذا عند الشافعي صحيح و ما نقل عنه من عدم صحة إيمانه فافتراء عليه كذا صرح به علي القاري في شرح بدأ الأمالي نقلا عن بعض الكبار و لا دلالة في قوله تعالى: أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ [الأعراف: 28] الخ على نفي القياس كما زعم من نفى القياس لأنه و إن كان مظنونا لا معلوما لكن لما انعقد الإجماع على عمل ما ثبت به كان معلوما من هذه الحيثية أو المراد بالعلم في الآية الكريمة ما يعم الظن المطابق أو هذا عام خص منه البعض و هو ما ثبت بالقياس فإنه بمنزلة الاستثناء من هذا الحكم و المخصص هو الإجماع و الجواب الأول هو المعول.
قوله: (إذا قام الدليل على خلافه) سواء كان الدليل عقليا أو نقليا.
قوله: (لا مطلقا) فلا منع من التقليد في الفروع إذا لم يقم الدليل على خلافه على أنه ليس بتقليد حقيقة قال المص في سورة البقرة و أما اتباع الغير في الدين إذا علم بدليل ما أنه محق كالأنبياء و المجتهدين في الأحكام فهو في الحقيقة ليس بتقليد بل اتباع لما أنزل اللّه تعالى انتهى. فهنا جرى على ظاهره فأثبت التقليد.
قوله: (إنكار) أي إنكار الواقع على وجه المبالغة فإن الإنكار هنا توجه إلى القول على اللّه تعالى ما لا يعلمون صدوره مع أن الظاهر إنكار القول على اللّه تعالى ما يعلمون عدم صدوره و عدم اتصافه فبين القولين بون بعيد فإذا أنكر الأول فإنكار الثاني بطريق الأولى.
قوله: (يتضمن النهي عن الافتراء على اللّه) دليل على ما ذكرنا من أن الظاهر توجه الإنكار إلى القول على اللّه ما يعلمون عدم صدوره لأن الافتراء هو الكذب عن عمد.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج8، ص: 370
قوله تعالى:
[سورة الأعراف (7): آية 29]
قوله: (بالعدل و هو الوسط من كل أمر) أي الاعتقاد و الأخلاق و العمل.
قوله: (المتجافي عن طرفي الإفراط و التفريط) صفة موضحة أو كاشفة إن اعتبر أن المتجافي أي المتباعد تفسير له.
قوله: (و أقيموا وجوهكم) أي و قل أقيموا وجوهكم كما في الكشاف.
قوله: (و توجهوا إلى عبادته) أشار إلى أن الوجوه مجاز في الذوات قوله إلى عبادته مستفاد من قوله عند كل مسجد و لم يقل إلى صلاة إذ موضع الصلاة أعم.
قوله: (مستقيمين) إشارة إلى معنى مادة أقيموا كان أن توجهوا إشارة إلى صيغة أقيموا.
قوله: (غير عادلين إلى غيرها) من العدول لأنه العدل و هذا معنى الاستقامة هنا ففي أقيموا استعارة تبعية قد مر تفصيله في أوائل سورة البقرة.
قوله: (أو أقيموها نحو القبلة) فالوجوه ح في معناها ليست بمجاز في الذات إذ استقبال القبلة بالوجوه فمعنى أقيموا ح وجهوا وجوهكم حافظين عن الانحراف فهو مستعار أيضا أخره لاختصاص الصلاة ح و العموم أهم.
قوله: (في كل وقت سجود) و كون مراده أن المسجد مصدر ميمي و الوقت مقدر أولى من كون مراده أنه اسم زمان لأنه يكون ح شاذا إذ القياس مسجد بفتح الجيم.
قوله: (أو مكانه و هو الصلاة) مرجع الضمير السجود أريد به الصلاة مجازا لكونه جزئه الأقوى لكن موضع الصلاة أعم منها كما أشرنا آنفا.
قوله: (أو في أي مسجد حضرتكم الصلاة) أي معنى الكل هنا الإفراد على سبيل البدل و إن المراد بالمسجد ما يبنى للصلاة خاصة و هو معنى اصطلاحي بخلاف الأول فإنه معنى لغوي بخلاف الاحتمال الأول فإن المسجد فيه أعم مما يبنى للصلاة و من غيره أو المراد به اسم الزمان و لو سلم عدم عمومه فلا يعتبر عدم جواز العدول من مسجد إلى مسجد قوله أو في أي مسجد عطف على قوله في كل وقت سجود الأمر ح للندب و في الأولين للوجوب كما قيل و لعل لهذا قدمهما.
قوله: و توجهوا إلى عبادته مستقيمين أو اقيموها نحو القبلة الأول على أن يكون المراد بالوجه الذات و بالإقامة الاستقامة و الثاني على أن المراد بالوجه و توجيهه نحو القبلة قالوا قوله تعالى: وَ أَقِيمُوا [الأعراف: 29] عطف على قل أمر ربي بتقدير قل أي و قل اقيموا لا على أمر ربي لامتناع عطف الإنشاء على الخبر.