کتابخانه تفاسیر
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى
المجلد الاول
المجلد الثانى
المجلد الثالث
المجلد الرابع
المجلد الخامس
المجلد السادس
سورة آل عمران
المجلد السابع
سورة النساء مدينة و آيها مائة و سبعون و خمس آيات
سورة المائدة مائة و عشرون آية
المجلد الثامن
سورة الأنعام مكية و هي مائة و خمس و ستون آية
سورة الأعراف و هي مكية غير ثمان آيات
المجلد العاشر
سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرون آية
سورة يوسف مكية و آيها مائة و إحدى عشر آية قيل إلا ثلاث آيات من أولها
سورة الرعد و هي خمس و أربعون آية
المجلد الحادى عشر
سورة إبراهيم
سورة الحجر مكية و هي تسع و تسعون آية
سورة النحل مكية غير ثلاث آيات في آخرها و هي مائة و ثمان و عشرون آية
سورة الإسراء مكية قيل إلا قوله و إن كادوا إلى آخر ثمان آيات و هي مائة و عشر آيات
المجلد الثانى عشر
سورة الكهف مكية و هي مائة و إحدى عشر آية
سورة مريم مكية إلا آية السجدة و هي ثمان أو تسع و تسعون آية
سورة طه مكية و هي مائة و أربع و ثلاثون آية
سورة الأنبياء
المجلد الثالث عشر
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
المجلد الرابع عشر
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
المجلد الخامس عشر
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
المجلد السادس عشر
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
المجلد السابع عشر
سورة المؤمن و تسمى سورة غافر و سورة الطول مكية
سورة فصلت
سورة الشورى(حم عسق)
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
المجلد الثامن عشر
سورة محمد
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق و القرآن المجيد
سورة و الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
المجلد التاسع عشر
سورة الحشر
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة المنافقين
سورة التغابن
سورة الطلاق
سورة التحريم
سورة الملك
سورة ن
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات
المجلد العشرون
سورة النبا
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانفطار
سورة المطففين
سورة الانشقاق
سورة البروج
سورة الطارق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
سورة الليل
سورة العلق
سورة العاديات
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج16، ص: 345
من الكشاف حيث قال مثل العذاب النازل بهم بعدما أنذروا فأنكروه بجيش أنذر بهجومه قومه بعض نصاحهم فلم يلتفتوا إلى إنذاره حتى أناخ بفنائهم و قطع دابرهم و مراده مثل الهيئة المنتزعة من العذاب و ظهوره الخ بالهيئة المأخوذة من أمور عديدة الخ لكنه تسامح في العبارة و الاستعارة المكنية و التخييلية بأن يجعل مرجع الضمير مكنية و النزول تخييلية خلاف الظاهر.
قوله: (بغتة و قيل الرسول) بغتة أخذها من التبادر و العادة و قيل إشارة إلى أن إذا فجائية و لا يخفى ما فيه لأنه يلزم أن يكون ما بعدها مبتدأ فهو شرطية جوابه محذوف و هو حاق بهم سوء الحال قوله تعالى: فَساءَ صَباحُ [الصافات: 177] علة الجزاء أقيمت مقامه كما هو الظاهر قيل و في قوله فأناخ استعارة مكنية أو تمثيلية لتشبيه الجيش النازل بحمل برك في ساحته كذا قيل و فيه نظر بل الظاهر أن المجموع استعارة تمثيلية و مفرداتها باقية على حالها حقيقة أو مجازا مرض كون ضمير نزل للرسول عليه السّلام لعدم ملائمته لما بعده و أيضا الظاهر فإذا نزلت و الالتفات في مثله غير ملفت إليه.
قوله: (و قرىء نزل على إسناده إلى الجار و المجرور و نزل أي العذاب) و قرىء نزل مبني للمفعول من الثلاثي هو لازم و لذا قال على إسناده الخ قوله و نزل من التفعيل على صيغة المجهول و إلى هذا أشار بقوله أي نزل العذاب لكونه متعديا بنفسه و التشديد للمبالغة في الوعيد لا للتكثير فإذا كان المراد الرسول عليه السّلام فالساحة لبدر مأولة بقربه و كون المراد يوم الفتح لم يرض به المص و كذا كون المراد خبير بعيد لأنه لم يتعرض له فيما مر قط.
قوله: (فبئس صباح المنذرين صباحهم) فبئس أي ساء من أفعال الذم و المخصوص بالذم محذوف و هو صباحهم و كون صباحهم سوءا لكونه وقت نزول العذاب و فيه مبالغة في بيان سوء أحوالهم و هو المقصود فإن فيه بيان أن سوء حالهم حين نزول العذاب بلغ إلى مرتبة بحيث يتعدى إلى وقتهم فأفسده و جعله سوء.
قوله: (و اللام للجنس) لأن أفعال المدح و الذم تقتضي الشيوع فيما بعدها ليكون التفسير بالمخصوص بعد الإبهام و التفصيل بعد الإجمال و فيه تقرير الحكم و لذا لم يحمل ساء على معنى قبح لانتفاء المبالغة و لو حمل عليه لكان اللام للعهد فالمراد بالجنس الاستغراق إذ السوء من أحوال الأفراد دون الماهية من حيث هي هي و لو حمل عليه لم يبعد و هكذا في كل موضع ذكر فيه أفعال المدح و الذم و مثل نعم الرجل و بئس الرجل مأول.
قوله: (و الصباح مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب و لما كثرت التي تحسن بها و يروقك موردها على نفسك و طبعك إلا لمجيئها على طريقة التمثيل.
قوله: نزل أي العذاب نزل على البناء للمفعول من التنزيل و القائم مقام الفاعل ضمير العذاب.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج16، ص: 346
فيهم منهم الهجوم و الغارة في الصباح) المبيت اسم الفاعل المشددة من بيت العدو إذا سار ليلا ليهجم عليهم و هم في غفلتهم في الصباح كقوله تعالى: بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ [النساء: 81] الآية قوله لوقت نزول العذاب متعلق بالمستعار وجه الاستعارة ما أشير إليه بقوله و لما كثرت الخ الأولى نسخة و لما كثر لأن فاعله الهجوم فلا وجه لنسخة كثرت إلا إذا أول الهجوم بالجملة و الصولة و هو التزام ما لا يلزم.
قوله: (سموا الغارة صباحا و إن وقعت في وقت آخر) الغارة كالإغارة إحداث القتل و النهب بالعدو أصلها السير السريع قال تعالى: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً [العاديات: 3] أي يغير أهل الخيل وقت صبيحة تخصيص وقت الصبح لما ذكر هنا و تسمية الغارة صباحا مجاز تجوز بالزمان عما يقع فيه كما هو المشهور في العرب للوقائع فيه.
قوله تعالى:
[سورة الصافات (37): الآيات 178 الى 179]
وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179)
قوله: (تأكيد إلى تأكيد) أي مع تأكيد فإلى بمعنى مع أو متضمنا إلى تأكيد فإن قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ [الصافات: 174] الآية تأكيد للوعيد السابق بقوله وَ لَقَدْ سَبَقَتْ [الصافات: 171] الآية.
قوله: (و إطلاق بعد تقييد) حيث لم يقل و أبصرهم مع أنه مذكور في الأول فقوله: قوله: مستعارة من صباح الجيش المبيت أي من صباح الجيش الذي أقبل عليهم العدو بيانا أي من الليل و أغارهم صباحا لوقت نزول العذب أي وقت كان من أوقات الليل و النهار.
قوله: و إطلاق بعد تقييد أي إطلاق الفعلين و هما أبصر و يبصرون فإنهما عند ذكرهما أولا مقيدان بمفعول تقديره على ما فسره رحمه اللّه يبصرون ما قضينا لك من التأييد و النصرة و الثواب في الآخرة و ههنا مطلقان عن التقييد بالمفعول لأن المعنى أنه يبصر و أنهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من صنوف المسرة و أنواع المساءة أي إنه عليه السّلام يبصر من صنوف المسرة و أنهم يبصرون أنواع المساءة فالمفعول في الأول محذوف مقدر و في الثاني متروك لقصد التعميم و إن الفعل ليس مخصوصا بشيء دون شيء و هذا أحد أنواع سحر الكلام حيث يتوصل بتقليل اللفظ إلى تكثير المعنى كقولهم في باب المبالغة فلأن يعطي و يمنع و يصل و يقطع و إنما حمل الأول على التقييد و الثاني على الإطلاق و لم يعكس لأن في الأول قرينة على خصوص المفعول و هو قوله تعالى: إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ [الصافات: 172، 173] فإن قلت هب إن في الثاني تأكيدا لأنه تكرير للأول فما معنى التأكيد في الأول حتى قال تأكيد على تأكيد قلنا وجه التأكيد في الأول تعلقه بمضمون إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ [الصافات: 172، 173] فإن قيل قد ذكرت أن الأول مقيد و الثاني مطلق فكيف يكون المطلق تأكيدا للمقيد و هما مختلفان تقييدا و إطلاقا أجيب بأن الإطلاق إنما هو لأجل تعميم التعلق بالمفعول ليفيد أمرا عاما داخلا فيه متعلق الأول و غيره فمن حيث إنه عبر بلفظ عام بعد التعبير عنه تقديرا بلفظ خاص تكرر ذكره فجاء به التأكيد لأن معنى التأكيد ذكر الشيء مرة بعد أخرى قوله عما قاله المشركون فيه أي في حق اللّه تعالى على ما حكى في السورة في قوله: لَيَقُولُنَّ اللَّهُ*
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج16، ص: 347
يُبْصِرُونَ [الصافات: 175] لا يقدر له مفعول للموافقة في الإطلاق فح كونه تأكيدا لدخول ما سبق تحت العموم فلا يكون المراد التأكيد المصطلح و مثل هذا كثيرا ما يقال إنه مقيد بقرينة ما سبق فلو قيل هذا هنا لم يبعد.
قوله: (للإشعار بأنه يبصر و أنهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من أصناف المسرة و أنواع المساءة) ما لا يحيط به الذكر قدر المفعول لعام مع أنه في الأول كان خاصا قيل و بهذا ظهر الإطلاق و التقييد و فيه خفاء أما أولا فلأن الإطلاق و التقييد ناظران إلى ذكرهم في الأول دون الثاني و هو عبارة عن ذوات قريش إلا أن يقال المراد إبصار حالهم و يرد ح أن المستفاد من قوله على ما ينالهم أنواع المساءة كما هنا نعم في يُبْصِرُونَ [الصافات: 175] التخصيص و التعميم و أما ثانيا فلأن ذكر المفعول العام لا يطلق عليه الإطلاق.
قوله: (أو الأول لعذاب الدنيا و الثاني لعذاب الآخرة) فيكون هذا أيضا مقيدا فيكون أو الأول عطفا على إطلاق الخ و العطف على ما لا يحيط الخ بعيد.
قوله تعالى:
[سورة الصافات (37): آية 180]
سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)
قوله: (عما قاله المشركون فيه على ما حكي في السورة) و للتنبيه على العموم قيل عما يصفون و لم يجىء عما يشركون و المشركون عام لجميع الكفرة أو ما حكي مقال المشركين و اعتقادهم فلا يضره عدم تناول اليهود و النصارى و غيرهم.
قوله: (و إضافة الرب إلى العزة لاختصاصها به إذ لا عزة «1» إلا له و لمن أعزه) فرب العزة معناه موصوف بالعزة و معطى العزة لمن أراد عزته و هو الرسول عليه السّلام و المؤمنون الكرام فهو مشترك بين المعنيين اشتراكا معنويا لأنه يصدق على كلا المعنيين رب العزة و التنوع بالإضافة كما هو شأن المشترك المعنوي.
قوله: (و قد أدرج «2» فيه جملة صفاته السلبية و الثبوتية مع الإشعار بالتوحيد) أما [الصافات: 151، 152] و قوله: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً [الصافات: 158].
قوله: لاختصاصها به كما يقال ولد صدق لاختصاصه بالصدق قال صاحب الكشاف في قوله تعالى: عَذابَ الْهُونِ [الأنعام: 93] أضاف العذاب إليه كقوله: رجل سوء يريد العراقة في الهون و التمكن منه و هو من إضافة الموصوف إلى الصفة و هي مصدر نحو رجل عدل فإذا تجسم من الصدق فلا يكون شيئا غيره فيستلزم أن يكون مختصا به و هذا هو معنى قوله لاختصاصها به و يجوز أن يكون الإضافة بمعنى اللام كقوله تعالى رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [الصافات: 5] و قوله: رَبُّ الْعَرْشِ [التوبة: 129] و التعريف في العزة للجنس فإذا كان مالك جنس العزة هو اللّه فلا يكون أحد معتزا إلا به.
قوله: و قد أدرج فيه جملة صفاته السلبية و الثبوتية معنى الصفات السلبية مستفاد من سُبْحانَ
(1) إشارة إلى أن لام العزة للاستغراق كما قال إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً فيفيد القصر.
(2) فيكون هذا من جوامع الكلم فيكون غاية في البلاغة و البراعة.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج16، ص: 348
السلبية فمستفادة من سبحان فإنه تنزيه عما لا يليق و التخصيص بما قاله المشركون لملاحظة الارتباط بما قبله و التنزيه عن سائر ما لا يليق يعلم بدلالة النص أو بالقياس و لما كان التنزيه عن السلبية شاملا للتنزيه عن الشريك حصل الإشعار بالتوحيد و لذا قال مع الإشعار و لم يقل أدرج لكن أشار بإدخال مع على الإشعار إلى أن المقصد الأقصى التوحيد و الثبوتية منفهمة من لفظ العزة فإن صفات الكمال كلها لها عزة أو مستفادة من الرب مع العزة و عن هذا قال المص و قد أدرج فيه سواء كان بالتصريح أو بالالتزام و سواء كان بعبارة النص أو باقتضاء النص فإن الرب أي المالك أو الخالق أو السيد يقتضي أن يكون حيا عالما سميعا بصيرا إلى غير ذلك فمن توقف فيه فقد ذهل عن الإشارة الرشيقة.
قوله تعالى:
[سورة الصافات (37): آية 181]
وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181)
قوله: (تعميم للرسل بالتسليم بعد تخصيص بعضهم).
قوله تعالى:
[سورة الصافات (37): آية 182]
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (182)
(على ما أفاض عليهم و على من اتبعهم من النعم و حسن العاقبة و لذلك أخره عن رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات: 180] و معنى الصفات الثبوتية مستفاد من أسلوب النقائض فإن سلب النقائض مستلزم لإثبات النقائض و نقائض النقائض صفات ثبوتية عالية فإن سلب العجز عنه تعالى إثبات للقدرة و سلب الجهل إثبات للعلم و كذا بواقي السلوب و يمكن أن يستقاد معاني الصفات الثبوتية من لفظ الرب لأن من جملة تربية اللّه تعالى أنه خلق العالم و أخرجه من العدم الصرف إلى الوجود على هذا النظام المتقن المرعى فيه صنوف الحكم و هذا الخلق المتقن دال على أن فاعله متصف بالقدرة النامية و الإرادة و الحياة و العلم فتأخير ذكر الثبوتية عن السلبية لتأخر الدال عليها و هو لفظ الرب عن الدال على السلبية و هو لفظ سبحان لفظ الجملة في قوله جملة الصفات بمعنى الإجمال لا بمعنى الكلية.
قوله: مع الإشعار بالتوحيد معنى الإشعار مستفاد من قوله: عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات: 80] فإن الشرك مما يصفونه تعالى به حيث يقولون إن مع اللّه إلها فتنزيه اللّه تعالى عن الشرك عين التوحيد و لكون انفهام الصفات الثبوتية من التنزيه بطريق اللزوم و الاستلزام أخر رحمه اللّه ذكر الثبوتية عن السلبية لتأخر اللوازم عن الملزومات عقلا.
قوله: و لذلك أخره عن التسليم أي و لكون المراد بقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الفاتحة: 2] الحمد المقيد و هو الحمد على النعم الواصلة إلى المرسلين و متبعيهم لا مطلق الحمد أخر الحمد عن التسليم و لو قدم لكان المفهوم مطلق الحمد و لو لا هذه النكتة لكان الأنسب أن يقدم ذكر الحمد للّه على تسليم المرسلين على ما هو الدأب في الخطب و غيرها يقال الحمد للّه و الصلاة و السّلام على نبيه. هذا آخر ما تيسر لي من حل معضلات ما في تفسير سورة الصافات الحمد لك يا مستعان على توفيقك لي إلى ما أنا فيه من حل الإلغازات الرامزة في هذا التفسير إلى مكنونات دقائق المعاني التنزيلية فاستعين بك إلى حل ما في سورة ص لا حول إلا بك و لا قوة إلا منك اللهم ارزقنا التوفيق للعمل بما في كتابك الكريم كما ترضاه و وفقنا بكرمك الجسيم إلى الاطلاع على أسراره إنك أنت البر الرحيم فأقول مستعينا بك.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج16، ص: 349
التسليم) جواب عن اشكال يظهر على الخواطر من أن حمد اللّه تعالى أجل من كل شيء و من السّلام على الرسل فأشار إلى الجواب بأن الحمد هنا ما هو متحقق في ضمن الشكر العرفي و الباعث عليه النعم مطلقا و من أجلها إرسال الرسل إذ به ينتظم المعاش و المعاد وجه اختيار الحمد من شعب الشكر قد مر في أوائل سورة الفاتحة قوله على ما أفاض الخ للإشارة إلى ما ذكرنا.
قوله: (و المراد تعليم المؤمنين كيف يحمدونه و يسلمون على رسله) كما أوضحه في تفسير البسملة و الحاصل أن قوله: سُبْحانَ رَبِّكَ [الصافات: 180] الخ مقول على ألسنة العباد.
قوله: (و عن علي رضي اللّه تعالى عنه من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه سبحان ربك إلى آخر السورة و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قرأ و الصافات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل جن و شيطان و تباعدت عنه مردة الجن و الشياطين و برىء من الشرك و شهد له حافظاه يوم القيامة أن كان مؤمنا بالمرسلين») و عن علي رضي اللّه تعالى عنه أخرجه ابن حاتم و غيره قوله أن يكتال الخ استعارة لطيفة إما تمثيلية أو تبعية في أن يكتال و الظاهر الأول بأن شبه الهيئة المأخوذة من المسبح و ما حصل له الأجر العظيم و إحراز المسبح له بالمجاهدة و صدق النية بالهيئة المنتزعة من الكائل و البر مثلا و الكيل بما غذاء محض و قوله من قرأ و الصافات موضوع كما مر مرارا الحمد للّه على ما أفاض علينا من سوابغ النعم و الكرم و من أجلها التوفيق على إتمام ما يتعلق بهذه السورة الشريفة. في يوم عرفة. بعد العصر الذي وقت مبارك وقف فيه الحجاج من المؤمنين و المؤمنات في جبل عرفات و هذا منحة أخرى من أفضل الكرامات.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون. و سلام على المرسلين. و الحمد للّه رب العالمين.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج16، ص: 350
سورة ص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله: (سورة ص مكية و آيها ثمان و ثمانون) أشار بقوله مكية إلى رد من قال إنها مدنية نقله الداني في كتاب العدد و آيها خمس و ثمانون آية و قيل ست أو ثمان و اختار المصنف الأخير و لم يقل أحد إن ص وحدها آية قال المصنف في سورة البقرة و البواقي ليست بآيات و ص و ن و ق من البواقي و هذا توقيف لا مجال للقياس فيه فلا يحسن الوقف عليه و هذا غير مختص بلفظ ص كما قيل.
قوله تعالى:
[سورة ص (38): آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)
قوله: (و قرىء بالكسر لالتقاء الساكنين) أي قرىء في المتواترة ص بالساكنين في الوصل لأنها موقوفة خالية عن الإعراب لفقد موجبه كما مر في أوائل البقرة تفصيله و قرىء بالكسر لأنه الأصل في دفع اجتماع الساكنين.
قوله: (و قيل لأنه أمر من المصاداة) أي من باب المفاعلة مرضه لأنه يخالف ما تقرر من أن ما وقع في أوائل السور من الألفاظ التي يتهجأ بها و أنه مخالف للقراءة المشهورة.
قوله: (بمعنى المعارضة و منه الصدى فإنه يعارض الصوت الأول أي عارض القرآن بعملك) فإنه يعارض الصوت الأول المراد المعارضة اللغوية أي يقابله بمثله في الأجرام الصلبة العالية قوله أي عارض القرآن بعملك أي قابله و وافقه فإنه إذا ذكر فيه أمرا و نهى فأت بما أمر و أنه عما نهى و العمل عام للنهي لأنه بمعنى كف النفس و هذا معنى المعارضة هنا و إن كان فيه نوع بعد.
قوله: (و بالفتح لذلك) أي و قرىء بالفتح لذلك أي للتخلص من الساكنين لأن سورة ص مكية و آيها ست و ثمانون
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم قوله: و قرىء بالكسر لالتقاء الساكنين لأن الكسر أصل في تحريك التقاء الساكن و إنما كان أصلا فيه لأن حركة الساكن لا تكون إلا حركة بناء فالأنسب أن يحرك بحركة هي أبعد من المعربات و هي الكسرة لأنها لا تدخل في بعض المعربات كالفعل المضارع و غير المنصرف.
قوله: و بالفتح لذلك أي قرىء بالفتح لالتقاء الساكنين و إنما فتح مع أن الكسر أصل فيه
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج16، ص: 351
الفتحة أخف الحركات أخره لما عرفت أن الكسر هو الأصل.
قوله: (أو الحذف حرف القسم و إيصال فعله إليه أو إضماره و الفتح في موضع الجر فإنها غير مصروفة لأنها علم السورة و بالجر و التنوين على تأويل الكتاب الواو للقسم إن جعل ص اسما للحرف) أو لحذف حرف القسم فتكون الفتحة حركة إعرابية فيكون منصوبا بفعل القسم نحو اللّه لأفعلن كذا بالفتح قوله أو إضماره و الفرق أن في الحذف منسيا و في الإضمار منوي يبقى أثره و لذا قال و الفتح استئناف بأنه لما كان الجار منويا مرادا فلم لم يكن مجرورا فأجاب بأنه مجرور لكن وضع الفتح موضع الكسر لكونه غير منصرف لأنه علم السورة فإحدى العلة العلمية و الأخرى التأنيث و كونه علما مع أنه جزء من السورة قد مر توجيهه في أوائل سورة البقرة و دفع توهم الدور قوله و بالجر أي و قرىء بالجر على أنه منصرف لتأويل السورة بالكتاب أو القرآن فإنهما يطلقان على البعض كما يطلق على الكل و على هذا يكون منونا و إنما احتيج إلى التأويل مع أن الثلاثي الساكن الوسط يجوز صرفه كهند لأنه يجب صرفه ح.
قوله: (و مذكورا للتحدي) هكذا في أكثر النسخ و وقع في بعض النسخ أو مذكورا بأو فح لا يظهر المقابلة فالأولى طرحها كما في أكثر النسخ لأن ذكره على كونه علما اسما لحرف إنما هو للتحدي لا غير كما أوضحه المص في البقرة.
قوله: (أو للرمز بكلام مثل صدق محمد صلّى اللّه عليه و سلّم) و هذا قول ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما أي للإشارة إلى كلمات هي منه اقتصرت عليها كما مر تفصيله هناك.